الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمر مخصوص، وليست مطلقة، واحتمل أن يكون المعنى قبل أن يوحى إليه في شأن الإسراء والمعراج مثلًا، أي أن ذلك وقع بغتةً قبل أن ينذر به، ويؤيّده في حديث الزهري:"فرج عن سقف بيتي"(1).
الشبهة الثانية وردّها:
زاد ابن حزم على قوله السابق: الآفة من شريك، من ذلك قوله:(قبل أن يوحى إليه)، قال: وأنه حينئذ فرض عليه الصلاة، قال: وهذا لا خلاف بين أهل العلم إنما كان قبل الهجرة بسنة، وبعد أن أوحي إليه بنحو اثنتي عشرة سنة! (2)
قلت: وتلك أيضًا شبهة مردودة، حيث اختلفوا في تاريخ الإسراء والمعراج -كما سبق- اختلافًا كثيرًا!
ومردودة أيضًا، حيث ذهب بعض العلماء إلى أن ذلك وقع مرّتين: مرَّة في المنام، توطئة وتمهيدًا أو تسهيلًا عليه، كما كان بدء نبوّته الرؤيا الصادقة -كما أسلفنا- ليسهل عليه أمر النبوّة!
ومرّة ثانية في اليقظة .. قالوا: وبذلك يجمع بين الأحاديث. وممن اختار هذا القول أبو نصر القشيري، وابن العربي، والسهيلي!
وجوّز بعض أصحاب هذا القول أن تكون قصّة المنام وقعت قبل البعث، لأجل ما في رواية شريك (وذلك قبل أن يوحى إليه)!
(1) السابق: 485.
(2)
السابق.
قال السهيلي: (1) وهذا القول هو الذي يصحّ، وبه تتفق معاني الأخبار!
قلت: سبق أن عرفنا أن الجمهور من المفسّرين والمحدّثين والفقهاء والمتكلّمين قد ذهبوا إلى أنهما وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه بعد المبعث، فكيف يقول السهيلي عن القول بأن ذلك وقع مرّتين (هو الذي يصح؟!) وعلى كل فهو قول محتمل للجمع بين الأحاديث!
وقال ابن كثير: (2) تنبيه: ونحن لا ننكر وقوع منام قبل الإسراء، طبق ما وقع بعد ذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وقد تقدّم مثل ذلك في حديث بدء الوحي (3) أنه رأى مثل ما وقع له يقظةً منامًا قلبه، ليكون ذلك من باب الإرهاص والتوطئة والتثبت والإيناس!
قال ابن حجر: (4) وقوع التعدّد في قصّة المعراج التي فيها سؤاله عن كل نبيّ، وسؤال أهل كل باب: هل بعث إليه؟ وفرض الصلوات الخمس، وغير ذلك، فإن تعدّد ذلك في اليقظة لا يتّجه، فيتعيّن ردّ بعض الروايات المختلفة إلى بعض، أو الترجيح، إلا أنه لا
(1) الروض الأنف: 2: 149.
(2)
البداية: 3: 114.
(3)
سبق ذكر ذلك، وانظر: البخاري 1 - بدء الوحي (3)، ومسلم (160).
(4)
فتح الباري: 7: 198.