الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهم الأحاديث:
والأحاديث في الإسراء والمعراج كثيرة، يطالعنا منها ما يلي:
الحديث الأول:
ونجد أنفسنا أمام الحديث الأول، وهو أجود أحاديث الإسراء والمعراج وأتقنها -كما يقول السيوطي (1) - وهو حديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، فإنه أجود وأتقن، وقد سلم ممَّا في غيره من التعارض -كما سيأتي:
قال مسلم: حدّثنا شيبان بن فرّوخ. حدّثنا حمّاد بن سلمة. حدّثنا ثابت البُنَاني، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"أُتيتُ بالبُراق (وهو دابةٌ أبيض طويلٌ فوق الحمار ودون البَغْل، يضع حافره عند فنتَهى طَرفه) قال: فركبتُه حتى أتيتُ بيت المقدس، قال: فربطته بالحلقة التي يَربِطُ به (2) الأنبياء، قال: ثم دخلت المسجد فصلّيت فيه ركعتين، ثم خرجت، فجاءني جُبريل عليه السلام بإِناء من خمر وإِناء من لَبنٍ، فاخترت اللّبن، فقال جبريل صلى الله عليه وسلم: اخترت الفطرة!
ثم عرج بنا إِلى السماء، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال:
(1) الآية الكبرى: 45.
(2)
قال النووي: كذا هو في الأصول (به) بضمير المذكر، أعاده على معنى الحلقة، وهو الشيء، قال صاحب التحرير: المراد حلقة باب مسجد بيت المقدس: مسلم بشرح النووي: 2: 211.
جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمَّد، قيل: وقد بُعِت إِليه؟ قال: قد بُعث إِليه، فَفُتِحَ لنا، فإذا أنا بآدم، فرحّب بي ودعا لي بخير.
ثم عرج بنا إِلى السماء الثانية، فاستفتح جبريلُ عليه السلام، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمَّد، قيل: وقد بُعِثَ إِليه؟ قال: قد بُعِثَ إِليه، فَفُتِحَ لنا، فإِذا أنا بابني الخالة عيسى ابن مريم، ويحيى بن ذكريَّاءَ صلوات الله عليهما، فرحَّبَا ودعَوَا لِي بخير.
ثم عَرَج بِي إِلى السماء الثالثة، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمَّد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد بُعِثَ إِليه؟ قال: قد بُعِثَ إِليه، فَفُتِحَ لنا، فإِذا أنا بيوسف صلى الله عليه وسلم، إِذا هو قد أُعطي شَطر الحُسْن، فرحّب ودعا لي بخير.
ثم عرج بنا إِلى السماء الرابعة، فاستفتح جبريل عليه السلام؟ قيل: مَنْ هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمَّد، قال: وقد بُعِثَ إِليه؟ قال: قد بُعثَ إِليه، فَفُتِح لنا، فإِذا أنا بإِدريس، فرحّب ودعا لي بخير، قال الله عز وجل:{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)} (مريم)!
ثم عرج بنا إِلى السماء الخامسة، فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمَّد. قيل: وقد بُعِثَ إِليه؟ قال: قد بُعِث إِليه، ففتح لنا، فإِذا أنا بهارون صلى الله عليه وسلم، فرحّب ودعا لي بخير.
ثم عرج بنا إِلى السماء السادسة، فاستفتح جبريل عليه السلام، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمَّد، قيل: وقد بُعِثَ إِليه؟ قال: قد بُعِثَ إِليه، فَفُتِحَ لنا، فإِذا أنا بموسى صلى الله عليه وسلم، فرحَّب ودعا لي بخير!
ثم عرج (1) إِلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمَّد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد بُعِثَ إِليه؟ قال: قد بُعِثَ إِليه، فَفُتِحَ لنا، فإِذا أنا بإِبراهيم صلى الله عليه وسلم، مسنداً ظهره إِلى البيت المعمور، وإِذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إِليه!
ثم ذهب بي إِلى السِّدرة المنتهى (2)، وإِذا ورقُها كآذان الفِيَلَةِ، وإِذا ثمرها كالقِلال (3)، قال: فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيّرت، فما أحدٌ من خلق الله يستطيع أن يَنْعتها من حُسْنها، فأوحى الله إِليَّ ما أوحى، ففرض عليَّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فنزلت إِلى موسى صلى الله عليه وسلم، فقال: ما فرض ربك على أمّتك؟ قلت: خمسين صلاة، قال:
(1) في مسلم بشرح النووي: 2: 213 (بنا).
(2)
هكذا وقع في الأصول، السدرة: بالألف والسلام، وفي الروايات بعد هذا (سدرة المنتهى)، قال ابن عباس والمفسرون وغيرهم: سميت سدرة المنتهى؛ لأن علم الملائكة ينتهي إليها، ولم يجاوزها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكي عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه: أنها سمّيت كذلك لكونها ينتهي إليها ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها من أمر الله تعالى!
(3)
جمع قلة، وهي جرة كبيرة تسع قربتين أو أكثر!
ارجع إِلى ربّك، فاسأله التخفيف، فإِن أمّتك لا يطيقون ذلك، فإِنّي قد بَلَوْت بني إِسرائيل وخَبَرْتُهُم!
قال: فرجعت إِلى ربّي فقلت: يا ربِّ! خَفِّف على أمّتي، فحطَّ عنِّي خمساً، فرجعتُ إِلى موسى فقلت: حطّ عَنِّي خمساً!
قال: إِن أمّتك لا يطيقون ذلك، فارجع إِلى ربّك فاسأله التخفيف، قال: فلم أزل أرجع بين ربّي تبارك وتعالى وبين موسى عليه السلام، حتى قال: يا محمَّد! إِنّهن خمسُ صلوات كل يوم وليلة، لكل صلاة عشر، فذلك خمسون صلاة، ومَن هَمَّ بحسنة فلم يعْملها كُتِبَتْ له حسنة، فإِن عملها كُتِبَتْ عشراً، وَمَن هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فلم يعملها لم تكتب شيئاً، فإِن عملها كُتِبَتْ سَيِّئَةً واحدة!
قال: فنزلت حتى انتَهَيتُ إِلى موسى صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ارجع إِلى ربِّك فاسأله التخفيف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: قد رجَعْت إِلى ربِّي حتى استَحيَيْتُ منه! " (1)
(1) مسلم: 1 - الإيمان (162)، وأحمد: 3: 148 - 149، وأبو يعلى (3375، 3450، 3451، 3499)، وأبو عوانة: 1: 126 - 128، والبيهقي: الدلائل: 2: 382 - 384، والبغوي (3753) من طرق عن حماد بن سلمة، وعند أبي يعلى منقطع، وأبو عوانة: 1: 125 - 126 من طريق شريك عن أنس، وانظر: أحمد: 3: 153، وعبد بن حميد:(1210)، والنسائي: الكبرى (11530)، وأبو يعلى (3447)، والطبري: التفسير: 27: 17، والحاكم: 2: 468 من طرق، وأحمد: 5: 392 بسند حسن عن حذيفة، وفيه عاصم ابن بهدلة، وباقي رجاله ثقات، والطيالسي (411)، والبيهقي: الدلائل: 2: 364، والطحاوي: شرح المشكل (5014)، وانظر: الفتح الرباني: 20: 251 أو ما بعدها.