الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سمعت بأمر سراقة سألته وسأله الذين آمنوا به عن آية ذلك، فإنهم لم يسمعوا بشيء من مثله، فوصف لهم عيراً مرّ بها في الطريق، فضلّت دابّة من العير فدلهّم عليها، وأنه شرب من عير أخرى وغطّى الإناء بعد أن شرب منه، فسألت قريش في ذلك فصدّقت العير ما روى محمَّد عنهما!
وأحسبك لو سألت الذين يقولون بالإسراء بالرُّوح في هذا لما رأوا فيه عجباً بعد الذي عرف العلم في وقتنا الحاضر من إمكان التنويم المغناطيسي للتحدّث عن أشياء واقعة في جهات نائية، ما بالك بروح يجمع وحدة الحياة الرّوحيّة في الكون كله، ويستطيع بما حباه الله من قوّة يتّصل بسرّ الحياة من أزل الكون إلى أبده!
إبطال وحدة الوجود:
هذا، والقول بـ (وحدة الوجود) قول شيطاني قديم، أبان بطلانه كثير من المحققين، كما أبان إبطاله والردّ على القائلين به، شيخ الإِسلام ابن تيميّة رحمه الله تعالى! (1)
وحسبنا أن نذكر قول شيخنا الأستاذ الدكتور محمَّد أبو شهبة رحمه الله (2):
إن فكرة (وحدة الوجود) فكرة خاطئة وافدة إلى الإِسلام فيما وقد إليه
(1) انظر: إبطال وحدة الوجود والرد على القائلين بها، تحقيق محمَّد بن حمود النجدي، ط: مكتبة الذهبي.
(2)
السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة: 1: 414 وما بعدها بتصرف.
من آراء فاسدة، لا يشهد لها عقل ولا نقل، وهي من مخلّفات الفلسفات القديمة، وفيها ما فيها من أخطاء وأباطيل، وقد انتصر لها وتشيّع بعض المتصوفة الذين ينتسبون إلى الإِسلام، وكتبوا فيها فكان عاقبتهم الإلحاد في الله وصفاته!
وقد أبان بطلانها كثير من علماء الأمة الراسخين في العلم، المتثبّتين في العقيدة، والقول بها يؤدّي إلى القول بالطبيعة، وقدم العالم، وإنكار الألوهيّة، وهدم الشرائع السماويّة التي قامت على أساس التفرقة بين الخالق والمخلوق، وبين وجود الربّ، ووجود العبد، وتكليف الخالق للخلق بما يحقّق لهم السعادة!
ومقتضى هذا المذهب أن الوجود واحد، فليس هناك خالق ومخلوق، ولا عابد ومعبود، ولا قديم وحادث، وعابدو الأصنام والكواكب والحيوانات حين عبدوها إنّما عبدوا الحق؛ لأن وجودها الحق .. إلى آخر خرافاتهم التي ضلّوا بسببها، وأضلّوا غيرهم، والتي أضرّت بالمسلمين، وجعلتهم شيعاً وأحزاباً .. ولقد بلغ من بعضهم أنه قال: إن النصارى ضلّوا لأنّهم اقتصروا على عبادة ثلاثة، ولو أنهم عبدوا الوجود كله لكانوا راشدين، وقال بعض المعتنقين لهذه الفكرة:
العبد حق والرّبّ حق
…
يا ليت شعري من المكلّف؟
إِن قلت عبدٌ فذاك ربّ
…
أو قلت ربٌّ أنّى يكلّف؟
قال الإِمام تقيّ الدين أحمد بن تيمية الحراني في بعض كتبه، بعد أن ذكر الفناء المحمود، والفناء المذموم:
ولهذا لمَّا سلك ابن عربي، وابن سبعين، وغيرهما هذه الطرق الفاسدة أورثهم ذلك (الفناء) عن وجود السويّ، فجعلوا الوجود واحداً، ووجود كل مخلوق هو عين وجود الحق، وحقيقة الفناء عندهم أن لا يرى إلا الحق، وهو الرائي والمرئي، والعابد والمعبود، والذاكر والمذكور، والناكح والمنكوح، والأمر الخالق هو الأمر المخلوق، وهو المتّصف بكل ما يوصف به الوجود من مدح وذم، وعبّاد الأصنام ما عبدوا غيره، وما ثمّ موجود مغاير له البتة عندهم، وهذا منتهى سلوك هؤلاء الملحدين!!
وأكثر هؤلاء الملاحدة القائلين بوحدة الوجود يقولون: فرعون أكمل من موسى، وإن فرعون صادق في قوله:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} لأن الوجود فاضل ومفضول، والفاضل يستحق أن يكون ربّ المفضول، ومنهم من يقول:(إنه مات مؤمناً، وأن تغريقه كان ليغتسل غسل الإِسلام)(1)!!
فالحق أن فكرة (وحدة الوجود) فكرة زائفة، تصادم نصوص الدّين القطعية، ولا يدل عليها شيء، من قرآن أو سنّة، وأن العقيدة الإِسلاميّة السمحة براء من مذهب (وحدة الوجود)!
(1) الرد على المنطقيِّين: 521 ط الهند.