الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليلة القدر يكتنفها السلام:
والليلة المباركة التي أنزل الله عز وجل فيها القرآن الكريم ليلة يكتنفها السلام من أولها إلى آخرها:
إنها ليلة عظيمة باختيار الله لها لبدء تنزيل القرآن، (1) وإفاضة النور على الوجود كله، وإسباغ السلام الذي فاض على الضمير البشري والحياة الإنسانيّة، وبما تضمنّه هذا القرآن من عقيدة وتصوّر وشريعة وآداب تشيع السلام في الأرض والضمير، وتنزيل الملائكة وجبريل خاصة بإذن ربّهم .. وانتشارهم فيما بين السماء والأرض!
وحين ننظر اليوم من وراء الأجيال المتطاولة إلى تلك الليلة المباركة السعيدة، ونتصوّر ذلك الموكب العجيب الذي شهدته الأرض في هذه الليلة، ونتدبّر حقيقة الأمر الذي تمّ فيها، ونتملّى آثاره المتطاولة في مراحل الزمان، وفي واقع الأرض، وفي تصوّرات القلوب والعقول .. نرى أمرًا عظيمًا حقًا، وندرك طرفًا من الإشارة إلى تلك الليلة، ونحن نقرأ:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} !
(1) في ظلال القرآن: 6: 3945.
ولقد تغفل البشريّة -لجهالتها- عن قدر ليلة القدر، وعن حقيقة وعظمة هذا الأمر .. وهي منذ جهلت هذا وأغفلته فقدت أسعد وأجمل آلاء الله عليها، وخسرت السعادة والسلام!
سلام الضمير!
وسلام البيت!
وسلام المجتمع!
وسلام الإنسانية!
ولم يعوّضها عمّا فقدت ما فتح عليها من أبواب كل شيء من الحضارة الماديّة والعمارة .. فهي شقيّة على الرغم من فيض الإنتاج وتوافر وسائل المعاش!
لقد انطفأ النور الجميل الذي أشرق في روحها مرّة، وانطمست الفرحة الوضيئة التي رفت بها وانطلقت إلى الملأ الأعلى، وغاب السلام الذي أفاض على الأرواح والقلوب، فلم يعوّضها شيء عن فرحة الرّوح ونور السماء، وطلاقة الرفرفة إلى علّيّين!
وفي موقف من مواقف الكافرين الجاحدين يشكو الرسول صلى الله عليه وسلم كفر هؤلاء وعدم إيمانهم: {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88)} [الزخرف]!
ويطالعنا عقب ذلك مباشرة توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصفح والإعراض، وعدم الاحتفال والمبالاة، والشعور بالطمأنينة، ومواجهة الأمر بالسلام في القلب والسماحة:
{فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)} [الزخرف]!
ونبصر الجنّة التي أعدّت للمتقين دار السلام:
{لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127)} [الأنعام]!
والمؤمن حين ينظر إلى هذا الثواب يعيش دنياه في سلام حقيقيّ مع ضميره والناس من حوله .. ينتظر هذا الفضل من الله عز وجل:
والمؤمنون حين يدخلون الجنّة يكتنفهم السلام والأمان:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46)} [الحجر]!
وتحيّة الملائكة لأهل الجنّة هي السلام:
وأهل الجنّة حين يتزاورون تحيّتهم هي السلام:
وتحية المؤمنين حين يلقون ربّهم السلام:
{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)} [الأحزاب: 44]!
ونبصر المؤمنين مشغولين بما هم فيه من النعيم، في ظلال مستطابة يستروحون نسيمها .. على أرائك متّكئين، في راحة ونعيم، هم وأزواجهم، لهم فيها فاكهة ولهم كل ما يشاءون، ولهم كل ما يدعون .. وفوق ذلك سلام يتلقونه من ربّهم الكريم: