الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عباس، قال فيما أحسب -الشك في الحديث- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكّة، وذكر القصة!
قال أبو بكر البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل يجوز ذكره إلا هذا، ولم يسنده عند شعبة إلا أميّة بن خالد، وغيره يرسله عن سعيد بن جبير، وإنما يعرف عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، فقد بيّن أبو بكر رحمه الله أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره إلا هذا!
وفيه من الضعف ما نبّه عليه، مع وقوع الشكّ فيه، كما ذكرناه، الذي لا يوثق به، ولا حقيقة معه!
وأما حديث الكلبي فممّا لا تجوز الرواية عنه ولا ذكره، لضعفه الشديد وكذِبه، كما أشار إليه البزار رحمه الله!
قول الحافظ ابن حجر:
وقال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر بعض مصادر القصّة وأسانيدها وطرقها (1): وكلها سوى طريق سعيد بن جبير، إمّا ضعيف، وإمّا منقطع، ولكن كثرة الطرق تدلّ على أن للقصة أصلاً، مع أن لها طريقين آخرين مرسلين، رجالهما على شرط الصحيحين: أحدهما: ما أخرجه الطبري من طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب
…
والثاني: ما أخرجه أيضاً من طريق المعتمر بن سليمان وحماد بن سلمة
…
(1) فتح الباري: 8: 439.
وسبق أن ذكرنا أن للألباني رسالة في هذا المقام خرّج فيها أحاديث هذه القصة وحكم عليها بالبطلان، مشيراً إلى أن هناك عدّة روايات مرسلة أسانيدها صحيحة إلى مرسليها، ومن ثمَّ يتّفق في هذا مع ابن حجر، ولكنه يختلف معه في النتيجة، فقد ذهب ابن حجر إلى تقوية تلك الأحاديث الرسلة، حيث قال: فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دلَّ ذلك على أن لها أصلاً، وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتجّ بمثلها من يحتجّ بالرسل، وكذا من لا يحتجّ به لاعتضاد بعضها ببعض! (1)
أما الألباني فإنه يرى أن تقوية الحديث بكثرة الطرق ليست على إطلاقها، وله منطقه وحجته في هذا، وخلص إلى ردّ تلك الآثار المرسلة لكونها لا تعتضد عنده (2).
وهنا قال الدكتور الأعظمي (3): ونقل الألباني (4) عن ابن تيمية في مسألة الاحتجاج بالمرسل ما مفاده (.. وإن جاء المرسل من وجهين، كل من الروايين أخذ العلم عن غير شيوخ الآخر، فهذا يدل على صدقه، فإن مثل ذلك لا يتصور في العادة تماثل الخطأ وتعمّد الكذب
…
).
وهنا نذكر ما قاله السيوطي (5): فإن صحّ مخرج المرسل بمجيئه أو نحوه من وجه آخر، مسنداً أو مرسلاً أرسله من أخذ العلم عن غير رجال المرسل
(1) السابق.
(2)
نصب المجانيق: 20 وما بعدها.
(3)
حاشية مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم لعروة بن الزبير: 107.
(4)
نصب المجانيق: 23.
(5)
تدريب الراوي: 1: 198 - 199، دار الكتب العلمية.