الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مناجاة في ليلة القدر:
ويطيب لي أن أقدّم هذه المناجاة للأخ العلاّمة الدكتور يوسف القرضاوي، الذي عرفته منذ منتصف الأربعينيات من القرن الماضي وصحبته في أشدّ المحن في السجن الحربي عام 1954 - 1956 م، كما صحبته في المحاكمة الظالمة عام 1955 م. وقد نظم هذه القصيدة ليلة 27 رمضان عام 1369 هـ - 1949 م بمعتقل الطور!
وكان ختامها دعوات ومناجاة إلى الله سبحانه .. وفرّج الله الكرب .. وسقطت وزارة إبراهيم عبد الهادي، وجاء العيد حاملاً معه البشرى، وبدأ الإفراج عن الدعاة المعتقلين!
والقصيدة طويلة .. منها ما يحفظه الأخ الداعية القرضاوي، وهي:(1)
عشقتها فاسترقّت قلبي العاني
…
فقمت أعزف فيها عذب ألحاني
سمّوه شعراً وإِنّي لا أراه سوى
…
آهات قلبي وإِحساسات وجداني
* * *
يا ليلة زانها ربّي وشرّفها
…
تنزيله في دجاها نور قرآنِ
(1) نفحات ولفحات: 38 - 40.
دستورُ حق وتشريع وتربية
…
يبقى وإِن زال هذا العالم الفاني
ربَّى رجالاً مغاوير اهتدوا وغزوا
…
إِن الرجولة من نور ونيرانِ
أمسى بلال به من ذلّة ملكاً
…
وصار سلمان شيئاً غير سلمانِ!
لله فتيان حق لو رأيت فتىً
…
منهم ترى ملكاً في زيّ إِنسانِ!
فمن يداني أبا حفصٍ وصاحبه؟
…
ومن يداني عليًّا وأين عفّانِ؟!
هذا الكتاب غدا في الشرق وا أسفاً
…
شمساً تضيء ولكن بين عُميانِ!
يحاط بالطفل حرزاً من أذىً وردىً
…
وفيه حرز الورى من كل خسرانِ!
يُتلى على ميِّتٍ في جوف مقبَرةٍ
…
وليس يحكم في حيٍّ بديوانِ!
فكيف نرقى ومعراج الرّقِيِّ لنا
…
أمسى يُجَرُّ عليه ذيل نسيانِ؟!
* * *
يا ليلة السِّلم والإِسلام معذرة
…
فالسِّلم في مصر والإِسلامُ لفظانِ
أين السلام؟ أروني أين موضعه
…
قد ضاع ضيعة يُتْمٍ بيبن خُوَّانِ!
أين الدساتير فانظرها معلّقة
…
مثل التمائم في أحضان صبيانِ!
أين الحقوق ولم نلمح لها صوراً
…
إِلا سياطاً كأذناب لثيرانِ!
* * *
نحن النجوم تزين الكونَ طلعتُنا
…
ويهتدي بسنانا كل حيرانِ
نحن النجوم فلا تعجب إِذا انطلقت
…
منّا رجومٌ أخافتْ كل شيطانِ
قالوا اسجنوا واغمروا الأقسام واعتقلوا
…
فجمّعونا على حبٍّ وإِيمانِ
وصادروا ما لنا من جهلهم ونسوا
…
أن يحجروا رزق رزّاق ورحمانِ
وأسرفوا وعَلوْا في الأرض واضطهدوا
…
وعُكِّر النّيلُ من هاماته الثاني
وعذّبوا كي يُذِلوا أنفساً طَمحتْ
…
وعزَّت النفس أن تعنو لسلطانِ
والليث لن تحني الأقفاص هامته
…
وإِن تحكّم فيه ألف سجّانِ
* * *
يا ربِّ إِن الطّغاة استكبروا وبَغَوْا
…
بَغْيَ الذِّئاب على قطعان حُملانِ
يا ربِّ كم يوسفٍ فينا تَقِيِّ يدٍ
…
دانوه بالسّجن والقاضي هو الجاني!
يا ربِّ كم صبيٍّ صفّدوا فمضى
…
يبكي كضفدعة في ناب ثعبانِ!
يا ربِّ كم أسرةٍ باتت مشرّدة
…
تشكو تَجَبُّر فرعون وهامانِ!
يا ربِّ رُحْمَاك انجزْ ما وعدت به
…
وانصر فنصرك من أهل الهُدى دانِ!
* * *