الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه أصح من الأولى،
ولكنها لا تصح أيضا لإرسالها، وقد عزاها ابن تيمية في " الكلم الطيب " (رقم
121) لأبي داود، وهو وهم تبعه عليه ابن القيم في " الوابل الصيب "، ولم
يتنبه لذلك محققه الشيخ عبد القادر (ص 148 - 149) على الرغم من أنني كنت نبهت
عليها في تعليقي على " الكلم الطيب "، فذكرت يومئذ أنني لم أرها، وأنه لعلها
محرفة أو سهو من رواية (ثلاث) ، فقد خرجها الطبراني في " الدعاء " له.
والآن وقد من الله علي بالحصول على الكتاب، فقد ظهر أن كلا من الروايتين
ضعيفتان، ورواية الثلاث أشد ضعفا من الأخرى. والله ولي التوفيق.
2756
- " لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه
الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما
أمرت به ".
حديث صحيح، يرويه حبيب بن أبي ثابت عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن
أبيه عن أبي بن كعب مرفوعا. وقد اختلف عليه في رفعه، وفي ذكر (ذر) في
إسناده. أما الرفع، فرواه الأعمش عنه به. أخرجه الترمذي (2253) والنسائي
في " عمل اليوم "(521 / 934) قالا - والسياق للترمذي -: حدثنا إسحاق بن
إبراهيم بن حبيب بن الشهيد البصري حدثنا محمد بن فضيل حدثنا الأعمش عن حبيب بن
أبي ثابت به. وقال: " حديث حسن صحيح ". قلت: وإسناده صحيح رجاله ثقات
رجال الشيخين غير إسحاق هذا، وهو
ثقة، وابن أبي ثابت وإن كان مدلسا، فقد
صرح بالتحديث في رواية شعبة الآتية عنه، وذر هو ابن عبد الله المرهبي.
وبهذا الإسناد رواه ابن السني (293) من وجه آخر عن إسحاق به إلا أنه لم يذكر (
ذرا) في إسناده، فلا أدري إذا كان ذلك من الناسخ أو الطابع، أو هكذا الرواية
عنده، فإنه رواها عن شيخه محمد بن علي بن بحر عن إسحاق، وقد ترجم الخطيب
لابن بحر هذا وقال: توفي سنة تسع وتسعين ومائتين، ولم يذكر فيه جرحا ولا
تعديلا، فإن كان هو الذي أسقطه، فهو دليل على أنه لم يحفظه، فتكون روايته
على كل حال شاذة، بل منكرة.
ويؤكد ذلك أن إسحاق قد توبع على ذكره لذر في الإسناد من غير واحد.
1 -
عياش بن الوليد الرقام - وهو ثقة من شيوخ البخاري - عن ابن فضيل به.
أخرجه النسائي (251 / 934) . 2 - محمد بن يزيد الكوفي: حدثنا ابن فضيل به،
وزاد: " فإنها من روح الله تبارك وتعالى ". أخرجه عبد الله بن أحمد في "
المسند " (5 / 123) قال: حدثنا أبي حدثنا محمد ابن يزيد الكوفي.. قلت:
هكذا وقع فيه: " حدثنا أبي، وأظنه مقحما من بعض النساخ أو الطابع، وأن
الحديث من رواية عبد الله عن محمد بن يزيد، فهو من زياداته على " مسند أبيه "
. ثم رأيت ابن كثير عزاه إليه في " جامع المسانيد "(1 / 115 / 86) والحافظ
في " أطراف المسند "(1 / 215 / 53) وكذلك صنع السيوطي في " الجامع الكبير "
.
ومحمد بن يزيد هذا هو أبو هشام الرفاعي، وهو ضعيف عند البخاري وغيره.
وأما الإسناد، فقد خالفهم علي بن المديني فقال: حدثنا محمد بن فضيل: حدثنا
الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن عبد الرحمن به مرفوعا. فلم يذكر في
إسناده (ذرا) . أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار "(1 / 398) . وابن
المديني ثقة ثبت من شيوخ البخاري، فالظاهر أن ابن أبي ثابت هو الذي أسقط (ذرا
) ودلسه، بدليل رواية شعبة الآتية، وقد رواه غير ابن فضيل مدلسا، فقال ابن
أبي شيبة في " المصنف "(10 / 217) : حدثنا أسباط عن الأعمش عن حبيب ابن أبي
ثابت عن سعيد به إلا أنه أوقفه على أبي ولم يرفعه. وكذلك رواه البخاري في "
الأدب المفرد " (رقم 719) عن ابن أبي شيبة. وقد خولف في وقفه، فقال عبد
الله بن أحمد في " زوائده "(5 / 123) : حدثني أبو موسى محمد بن المثنى:
حدثنا أسباط بن محمد القرشي به إلا أنه رفعه فقال: عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: فذكره. وبهذا الإسناد رواه النسائي أيضا (520 / 933) . وأسباط
ثقة من رجال الشيخين، فالسند صحيح مرفوعا وموقوفا لولا تدليس ابن أبي ثابت
وإسقاطه لذر. لكن قد أثبته جرير فقال: عن الأعمش عن حبيب عن ذر عن سعيد به،
إلا أنه لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ووقفه على أبي. أخرجه
النسائي (521 / 936) ومن طريقه الطحاوي. وجملة القول أنه قد اختلف الرواة
في حديث الأعمش هذا عن حبيب، فمنهم من رفعه، ومنهم من أوقفه، ومنهم من ذكر
فيه (ذرا) ، ومنهم من لم يذكره. ولكن من تأمل في تخريجنا هذا تبين له أن
أكثرهم رفعه وذكر (ذرا) ،
فيكون هذا أرجح، ولاسيما ومعهم زيادة، وزيادة
الثقة مقبولة كما هو مشروح في " علم المصطلح ". ومما يرجح زيادة (ذر) في
الإسناد أن شعبة قد تابع الأعمش عليها، فرواه النسائي رقم (938 و 939) من
طريق ابن أبي عدي، والنضر بن شميل، وأحمد في " مسائل ابنه صالح "(ص 58)
عن يحيى بن سعيد، ثلاثتهم عن شعبة عن حبيب عن ذر عن سعيد عن أبيه عن أبي،
ولم يرفعاه. ومن طريق النسائي أخرجه الطحاوي، وقال: " قال النسائي: وهو
الصواب ". يعني الوقف. قلت: لكن قد رواه الثقة عن شعبة به مرفوعا، فقال عبد
بن حميد في " المنتخب من المسند "(ق 27 / 1) : حدثنا مسلم بن إبراهيم -
وتابعه سهل بن حماد عند النسائي (937) قالا -: حدثنا شعبة به عن أبي بن كعب:
أن الريح هاجت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسبها رجل، فقال: " لا
تسبها فإنها مأمورة، ولكن قل.. " فذكر الدعاء. قلت: وهذا إسناد صحيح على
شرط الشيخين، ومسلم بن إبراهيم - وهو الأزدي الفراهيدي - ثقة مأمون كما قال
الحافظ في " التقريب ". ولا يضره وقف النضر وابن أبي عدي إياه لأنه لا يقال
من قبل الرأي، فهو في حكم المرفوع، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فقد رفعه
الأعمش في رواية الأكثرين عنه كما تقدم. أضف إلى ذلك أن له شاهدا من حديث أبي
هريرة مرفوعا، من طريقين عنه صحح أحدهما ابن حبان والحاكم والذهبي وغيرهم،
وهو مخرج في " الروض النضير " برقم (1107) ورواه أحمد أيضا في " المسائل "
(ص 59) . وفي الحديث دلالة واضحة على أن الريح قد تأتي بالرحمة، وقد تأتي