الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" غمزه عبد الرزاق، وقال هشام بن يوسف: هو صدوق ". وعن
ابن معين أنه ثقة. ثم ساق له أحاديث أخرى، وقال: " وله أحاديث حسان غير ما
ذكرت، وأرجو أنه لا بأس به ". قلت: ووثقه مسلم أيضا، ولما حكى أبو زرعة
تكذيب عبد الرزاق إياه تعقبه بقوله: " وأنا أقول هو أوثق من عبد الرزاق ".
ولذلك قال الذهبي والحافظ فيه: " صدوق ". زاد الحافظ: " تحامل عليه عبد
الرزاق ". قلت: ومن فوقه ثقات على ضعف يسير في (يعقوب) ، وهو ابن حميد بن
كاسب، فالإسناد حسن كما أشار إلى ذلك ابن عدي، بل هو صحيح فقد توبع كما تقدم
برقم (2883) ، وقدر إعادة تخريجه هنا لفائدة ظاهرة.
2995
- " جاءت الشياطين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية، وتحدرت عليه
من الجبال، وفيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها رسول الله صلى الله
عليه وسلم، قال: فرعب، قال جعفر: أحسبه قال: جعل يتأخر. قال: وجاء
جبريل عليه السلام فقال: يا محمد قل. قال: ما أقول؟ قال: قل: " أعوذ
بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ
، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج
فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض
، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا
طارقا يطرق بخير يا رحمن! " فطفئت نار الشياطين، وهزمهم الله عز وجل ".
أخرجه أحمد (3 / 419) وأبو يعلى (12 / 237) وعنه ابن السني (631) وأبو
نعيم في " الدلائل "(ص 148) و " المعرفة "(2 / 49 / 2) والبيهقي في "
دلائل النبوة " (7 / 95) من طرق عن جعفر بن سليمان: حدثنا أبو التياح قال:
سأل رجل عبد الرحمن بن خنبش: كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
كادته الشياطين؟ قال: فذكره. وفي رواية لأحمد، ومن طريقه أبو نعيم في "
المعرفة ": حدثنا سيار بن حاتم أبو سلمة العنزي قال: حدثنا جعفر: قال:
حدثنا أبو التياح قال: قلت لعبد الرحمن بن خنبش التميمي - وكان كبيرا -:
أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: قلت: كيف صنع رسول
الله صلى الله عليه وسلم.. الحديث. قلت: وهذا إسناد حسن من هذا الوجه،
سيار هذا صدوق كما قال الذهبي، وفيه كلام يسير، أشار إليه الحافظ بقوله: "
صدوق له أوهام " (1) . والحديث من الطرق الأخرى عن جعفر صحيح، لولا أن قول
أبي التياح فيها: " سأل رجل عبد الرحمن بن خنبش.. "، فهذا صورته في نقدي
صورة المرسل، بخلاف قول سيار، فهو متصل، ولعله لذلك قال البخاري بعد أن
ذكره في " الصحابة ":
(1) وأما قول الهدام: " متهم بالكذب "! فمن اختلاقه في تعليقه على " الإغاثة
"، وبينته في " الرد عليه " رقم (27) . اهـ.
" في إسناده نظر ". كما في " الإصابة " لابن حجر،
ولذلك فإنه لم يحسن حين ساق إسناد (سيار) قارنا إليه (جعفرا) موهما أن
إسنادهما واحد، والواقع خلافه، ذاك إسناده مسند، وهذا إسناده مرسل، كما
بينت. ومن هنا يتضح خطأ قول المعلق على " مسند أبي يعلى "(12 / 238) : "
إسناده صحيح إلى عبد الرحمن بن خنبش، وهو موقوف عليه "! والصواب في إسناد
أبي التياح أنه مرسل كما سبق بيانه. وقوله: " وهو موقوف عليه ". من أدلة
حداثته في هذا العلم، فالقضية من أولها إلى آخرها تتعلق بالنبي صلى الله عليه
وسلم، من محاولة الشيطان حرقه صلى الله عليه وسلم، وصرف الله ذلك عنه، بعد
أن أصابه شيء من الرعب، وجعل يتأخر، وقوله لجبريل:" ما أقول؟ ". كيف
يقال في مثل هذا: " موقوف "؟!! وقلده في التصحيح المعلق على " المقصد العلي
" (4 / 338 - 339) ، وهو ممن لا علم عنده، بل هو له في الغالب إمعة!
ولذلك فقد أعجبني منه أنه لم يقلده في الوقف! وكذلك صحح إسناده المعلق على "
مجمع البحرين " (8 / 55) وزاد في الدلالة على الحداثة أن أتبع ذلك بقوله: "
وعزاه الهيثمي في " المجمع "(10 / 127) إلى " الكبير " أيضا، وصححه "!
والواقع أنه لم يصححه لأنه لم يقل كما قال هؤلاء المحدثون: إسناده صحيح،
وإنما قال: " رجاله رجال الصحيح ". وشتان ما بينهما، كما لا يخفى على أهل
العلم، وقد نبهت على ذلك مرارا. وللحديث شاهد من حديث ابن مسعود، فقال
الطبراني: حدثنا أحمد بن
محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي: حدثني أبي عن أبيه عن
أبي عمرو الأوزاعي عن إبراهيم بن طريف عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن أبي
يعلى عنه به نحوه. أخرجه الطبراني في " الدعاء "(2 / 1293 / 1058) ، وفي "
المعجم الأوسط " (1 / 4 / 1 / 43) وعنه أبو نعيم في " دلائل النبوة " (ص
149) وقال الطبراني: " لم يروه عن الأوزاعي إلا يحيى بن حمزة، تفرد به ولده
عنه ". وقال الهيثمي في " المجمع " (10 / 128) : " رواه الطبراني في "
الصغير "، وفيه من لم أعرفه "! كذا وقع فيه " الصغير " وهو خطأ مطبعي،
صوابه " الأوسط "، وقد تجاهل هذا الخطأ أحد الأحداث المشار إليهم، فأوهم أن
لا خطأ في المطبوعة، لأنه لم يذكر إلا قوله:" وفيه من لم أعرفه "! وأقره
! والظاهر أن الهيثمي يعني شيخ الطبراني (أحمد بن محمد بن يحيى الدمشقي)
وأباه. وهذه غفلة عجيبة منه، فإن أباه (محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي) قد
ترجمه ابن حبان في " الثقات "(9 / 74) ، وغمز فيها ابنه أحمد هذا، فقال
فيها: " يروي عن أبيه، روى عنه أهل الشام، ثقة في نفسه يتقى ما روى عنه (
أحمد بن محمد بن حمزة) وأخوه (عبيد) ، فإنهما كان يدخلان عليه كل شيء ".
ومن المعروف عند المشتغلين بهذا العلم أن الهيثمي كان له الفضل الأول في
تيسير
الانتفاع بـ " ثقات ابن حبان " بترتيبه على الحروف، وهذه الترجمة فيه،
فسبحان الله * (لا يضل ربي ولا ينسى) *. وقد نقلها الحافظ في " اللسان " (5
/ 422 - 423) ، لكنه قال عقبها: " وقد تقدم في ترجمة (أحمد) أن (محمدا)
هذا كان قد اختلط "! والذي في ترجمة (أحمد) قوله: " وقال الحاكم أبو أحمد
: الغالب علي أنني سمعت أبا الجهم، وسألته عن حال (أحمد بن محمد) ؟ فقال:
قد كان كبر فكان يلقن ما ليس من حديثه فيتلقن. مات سنة تسع وثمانين ومائتين
". قلت: فالظاهر أن الحافظ سبقه القلم، فكتب (محمد) مكان (أحمد) .
والله أعلم. ثم إن (أحمد) هذا مترجم في " الميزان " للذهبي، فقال: " له
مناكير، قال أبو أحمد الحاكم: فيه نظر، وحدث عنه أبو الجهم الشعراني
ببواطيل.. ". ثم ذكر له حديثين. فالعجب أيضا كيف خفي هذا على الهيثمي؟!
وسائر الرواة ثقات رجال الشيخين غير (إبراهيم بن طريف) ، فهو مجهول كما قال
الحافظ، وانظر " تيسير الانتفاع ". (تنبيه) : تقدم هذا الحديث في المجلد
الثاني برقم (840) باختصار في التخريج والتحقيق، ودون الفوائد المذكورة
هنا، وهذا هو المعتمد.