الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهم، دعوى كاذبة لأنهم مما لا يمكن - عادة - مخالطتهم ومعاشرتهم،
التي تكشف عن صلاحهم أو طلاحهم، ونحن نعلم بالتجربة أن كثيرا ممن تصاحبهم أشد
المصاحبة من الإنس، يتبين لك أنهم لا يصلحون، قال تعالى: * (يا أيها الذين
آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) * هذا في الإنس الظاهر، فما
بالك بالجن الذين قال الله تعالى فيهم: * (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا
ترونهم) *.
2761
- " كان رجل [من اليهود] يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم، [وكان يأمنه]
، فعقد له عقدا، فوضعه في بئر رجل من الأنصار، [فاشتكى لذلك أياما، (وفي
حديث عائشة: ستة أشهر) ] ، فأتاه ملكان يعودانه، فقعد أحدهما عند رأسه،
والآخر عند رجليه، فقال أحدهما: أتدري ما وجعه؟ قال: فلان الذي [كان] يدخل
عليه عقد له عقدا، فألقاه في بئر فلان الأنصاري، فلو أرسل [إليه] رجلا،
وأخذ [منه] العقد لوجد الماء قد اصفر. [فأتاه جبريل فنزل عليه بـ (
المعوذتين) ، وقال: إن رجلا من اليهود سحرك، والسحر في بئر فلان، قال:]
فبعث رجلا (وفي طريق أخرى: فبعث عليا رضي الله عنه [فوجد الماء قد اصفر]
فأخذ العقد [فجاء بها] ، [فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية] ، فحلها، [فجعل
يقرأ ويحل] ، [فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة] فبرأ، (وفي الطريق
الأخرى: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال) ، وكان الرجل
بعد ذلك يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فلم
يذكر له شيئا منه، ولم يعاتبه
[قط حتى مات] ".
قلت: هذا من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، وله عنه طريقان مدارهما على
الأعمش رحمه الله تعالى. الأول: عنه عن ثمامة بن عقبة عن زيد رضي الله عنه.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير "(5 / 201 / 5011) والسياق له،
والحاكم (4 / 360 - 361) والزيادة الرابعة والخامسة والسادسة له، كلاهما
من طريق جرير عن الأعمش به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ورده
الذهبي بقوله: " قلت: لم يخرجا لثمامة شيئا، وهو صدوق ". قلت: بل هو ثقة
كما قال الذهبي نفسه في " الكاشف "، تبعا لابن معين والنسائي، وكذا قال
الحافظ في " التقريب "، فالسند صحيح. وقد تابعه شيبان عن الأعمش به. أخرجه
الطبراني (5012) وقال: " خالفهما أبو معاوية في إسناده ". قلت: يشير إلى
الطريق الآتي. وقد تابعهما سفيان الثوري عن الأعمش به. أخرجه ابن سعد في "
الطبقات " (2 / 199) والزيادة الثانية له. الطريق الثاني: يرويه أبو
معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حبان عن زيد بن
أرقم به أخرجه النسائي في " السنن
" (2 / 172) وابن أبي شيبة في " المصنف " (8 / 29 - 30 / 3569) وأحمد (4
/ 367) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند "(ق 40 / 1 - 2) والطبراني
أيضا (5 / 202 / 5013 و 5016) . قلت: وهذا إسناد صحيح كما قال الحافظ
العراقي في " تخريج الإحياء "(2 / 336) وهو على شرط مسلم، فإن رجاله رجال
الشيخين غير يزيد بن حبان فهو من رجال مسلم. وأبو معاوية هو محمد بن خازم
الضرير، قال الحافظ في " التقريب ":" ثقة، أحفظ الناس لحديث الأعمش ". قلت
: وهذا مما يمنعنا من الحكم على إسناده بالشذوذ لمخالفته للثقات الثلاثة
المتقدمين، فالظاهر أن للأعمش فيه شيخين عن زيد بن أرقم. والله أعلم. ثم إن
سائر الزيادات لابن أبي شيبة وأحمد، إلا زيادة قراءة آية فهي لعبد بن حميد،
وكذا زيادة نزول جبريل بـ (المعوذتين) ، وسندها صحيح أيضا. ولها شاهد من
حديث عمرة عن عائشة قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلام يهودي يخدمه
يقال له: لبيد بن أعصم، وكانت تعجبه خدمته، فلم تزل به يهود حتى سحر النبي
صلى الله عليه وسلم، فكان صلى الله عليه وسلم يذوب ولا يدري ما وجعه، فبينما
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة نائم إذ أتاه ملكان، فجلس أحدهما عند
رأسه، والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رأسه للذي عند رجليه: ما وجعه؟ قال
: مطبوب. فقال: من طبه؟ قال: لبيد بن أعصم. قال: بم طبه؟ قال: بمشط
ومشاطة وجف طلعة ذكر بـ (ذي أروى) ، وهي تحت راعوفة البئر.
فاستيقظ رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فدعا عائشة فقال: يا عائشة! أشعرت أن الله قد
أفتاني بوجعي، فلما أصبح غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغدا أصحابه معه
إلى البئر، وإذا ماؤها كأنه نقيع الحناء، وإذا نخلها الذي يشرب من مائها قد
التوى سيفه كأنه رؤوس الشياطين، قال: فنزل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت
الراعوفة، فإذا فيها مشط رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن مشاطة رأسه،
وإذا تمثال من شمع تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإذا فيها إبر مغروزة
، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة، فأتاه جبريل بـ (المعوذتين) فقال: يا محمد
* (قل أعوذ برب الفلق) * وحل عقدة، * (من شر ما خلق) * وحل عقدة حتى فرغ
منها، وحل العقد كلها، وجعل لا ينزع إبرة إلا وجد لها ألما ثم يجد بعد ذلك
راحة. فقيل: يا رسول الله! لو قتلت اليهودي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: قد عافاني الله عز وجل، وما وراءه من عذاب الله أشد، قال: فأخرجه.
رواه البيهقي في " دلائل النبوة "(2 / 2 / 226 / 1 - 2 و 7 / 92 - 94 ط) من
طريق سلمة ابن حبان: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن عبيد الله عن أبي بكر
بن محمد عن عمرة به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، محمد بن عبيد الله هو
العرزمي، وهو متروك. وسلمة بن حبان - وهو بفتح الحاء (1) - روى عنه جمع من
الثقات، وذكره ابن حبان في " ثقاته "(8 / 287) فالعلة من العرزمي. وإن
مما يوهن حديثه هذا أنه قد جاء مختصرا من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
مرفوعا نحوه دون ذكر التمثال وما بعده.
(1) كما في " التبصير "، وذكر أنه من شيوخ أبي يعلى وعبد الله بن أحمد
ويوسف القاضي. اهـ.
أخرجه البخاري (3268 و 5763 و 5765
و5766 و 6391) ومسلم (7 / 14) وابن أبي شيبة (8 / 30 / 3570) ومن طريقه
ابن ماجه (3590 - الأعظمي) وأحمد (6 / 50 و 57 و 63 و 96) والحميدي (259
) وابن سعد (2 / 196) وأبو يعلى (3 / 194) والبيهقي (2 / 2 / 157 / 2)
من طرق عن هشام به. وزيادة ستة أشهر المذكورة في حديث الترجمة، هي عند أحمد
في رواية، وسندها صحيح، وصححها الحافظ في " الفتح "(10 / 226) .
وبالجملة، فحديث العرزمي وما فيه من الزيادات منكر جدا، إلا ما وافق حديث
هشام عن عروة، وحديث الترجمة، ومن ذلك نزول (المعوذتين) ، فقد ذكره
الرافعي في كتابه، فقال الحافظ في " تلخيصه " (4 / 40) : " وهذا ذكره
الثعلبي في " تفسيره " من حديث ابن عباس تعليقا، ومن حديث عائشة أيضا تعليقا
، طريق عائشة صحيح، أخرجه سفيان بن عيينة في " تفسيره " رواية أبي عبيد الله
عنه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - فذكر الحديث - وفيه: ونزلت * (قل
أعوذ برب الفلق) * ". وهذه فائدة هامة من الحافظ رحمه الله تعالى، لم ترد في
كتابه " فتح الباري "، وهي شاهد قوي لحديث الترجمة. والله أعلم. ومن
المفيد أن نذكر أن بعض المبتدعة قديما وحديثا قد أنكروا هذا الحديث الصحيح،
بشبهات هي أوهى من بيت العنكبوت، وقد رد عليهم العلماء في شروحهم، فليرجع
إليها من شاء. وقد أخطأ المعلق على " الدلائل " خطأ فاحشا في عزوه رواية
البيهقي إلى الشيخين وغيرهما، دون أن ينبه إلى ما فيه من المنكرات المخالفة
لروايتيهما!