الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فينبغي
الانتباه لهذا، فقد علمت أن كثيرا ممن ابتلوا بهذه المهنة هم من الغافلين عن
هذه الحقيقة، فأنصحهم - إن استمروا في مهنتهم - أن لا يزيدوا في مخاطبتهم على
قول النبي صلى الله عليه وسلم: " اخرج عدو الله "، مذكرا لهم بقوله تعالى * (
فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) *. والله
المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
2919
- " خفف الصلاة على الناس، حتى وقت * (سبح اسم ربك الأعلى) * و * (اقرأ باسم ربك
الذي خلق) *، وأشباهها من القرآن ".
أخرجه أحمد (4 / 218) والطبراني في " المعجم الكبير "(9 / 38 - 39) من
طريق ابن خثيم: أنبأنا داود بن أبي عاصم الثقفي عن عثمان بن أبي العاص قال
: آخر كلام كلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ استعملني على الطائف، قال:
فذكره. قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات. وإنما أخرجته لتوقيت السور
المذكورة، وإلا فأصل الحديث في " صحيح مسلم " وغيره، وبأتم منه، وهو
مخرج في " صحيح أبي داود " تحت الحديث (541) .
2920
- " كان لا يدع ركعتين قبل الفجر، وركعتين بعد العصر ".
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف "(2 / 352) : حدثنا عفان قال: أخبرنا أبو
عوانة قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه: أنه كان يصلي بعد
العصر ركعتين، فقيل له؟ فقال: لو لم أصلهما إلا أني رأيت مسروقا يصليهما
لكان ثقة، ولكني سألت عائشة؟ فقالت: فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح
غاية على شرط الشيخين، وأبو عوانة اسمه الوضاح اليشكري، وهو ثقة ثبت كما
قال الحافظ في " التقريب ". وقد خالفه شعبة في متنه فرواه عن إبراهيم به،
إلا أنه قال: ".. أربعا قبل الظهر "، مكان الركعتين بعد العصر. أخرجه
البخاري وغيره، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " رقم (1139) . ويظهر لي -
والله أعلم - أن كلا من الروايتين محفوظ لثقة رواتهما وحفظهما، ولأن للركعتين
طرقا كثيرة عن عائشة يأتي ذكر بعضها بإذن الله تعالى. وقد أخرجه الطحاوي في "
شرح المعاني " (1 / 177) من طريق هلال بن يحيى قال: حدثنا أبو عوانة به،
إلا أنه أدخل بين محمد بن المنتشر وعائشة - مسروقا. وهلال هذا ضعيف. قال
ابن حبان في " الضعفاء "(3 / 88) : " كان يخطىء كثيرا على قلة روايته ".
نعم لحديث مسروق أصل صحيح برواية أخرى، فكأنها اختلطت عليه بهذه، فقال الإمام
أحمد (6 / 241) : حدثنا إسحاق بن يوسف قال: حدثنا مسعر عن عمرو بن مرة عن
أبي الضحى عن مسروق قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد العصر. وهذا إسناد صحيح
أيضا على شرط الشيخين، وقد أخرجاه من طريق أخرى عن مسروق مقرونا مع الأسود
بلفظ: " ما من يوم يأتي علي النبي صلى الله عليه وسلم إلا صلى بعد العصر
ركعتين ". وفي رواية بلفظ:
" ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم
يدعهما سرا ولا علانية: ركعتان قبل صلاة الصبح، وركعتان بعد العصر ". وهو
مخرج في " الإرواء "(2 / 188 - 189) والذي قبله في " صحيح أبي داود " (
1160) وقد تابع إسحاق بن يوسف - وهو الأزرق - جعفر بن عون، إلا أنه خالفه
في إسناده فقال: عن مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الضحى به. أخرجه ابن أبي
شيبة (2 / 353) وأبو العباس السراج في " مسنده "(ق 132 / 1) وجعفر بن
عون صدوق من رجال الشيخين، فإن كان حفظه فيكون لمسعر فيه شيخان، وإلا فرواية
الأزرق أصح. هذا وقد روى ابن أبي شيبة عن جماعة من السلف أنهم كانوا يصلون
هاتين الركعتين بعد العصر، منهم أبو بردة بن أبي موسى وأبو الشعثاء وعمرو بن
ميمون والأسود ابن يزيد وأبو وائل، رواه بالسند الصحيح عنهم، ومنهم محمد
بن المنتشر ومسروق كما تقدم آنفا. وأما ضرب عمر من يصليهما، فهو من
اجتهاداته القائمة على باب سد الذريعة، كما يشعر بذلك روايتان ذكرهما الحافظ
في " الفتح "(2 / 65) : إحداهما في " مصنف عبد الرزاق "(2 / 431 - 432)
و" مسند أحمد "(4 / 155) والطبراني (5 / 260) وحسنه الهيثمي (2 / 223)
. والأخرى عند أحمد (4 / 102) أيضا، والطبراني في " المعجم الكبير " (2 /
58 -
59) ، و " الأوسط "(8848 - بترقيمي) .
وقد وقفت على رواية ثالثة تشد
من عضدهما، وهي من رواية إسرائيل عن المقدام ابن شريح عن أبيه قال: سألت
عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يصلي؟ [قالت:] " كان
يصلي الهجير ثم يصلي بعدها ركعتين، ثم يصلي العصر ثم يصلي بعدها ركعتين. فقلت
: فقد كان [عمر] يضرب عليهما وينهى عنهما؟ فقالت: قد كان عمر يصليهما،
وقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [كان] يصليهما، ولكن قومك أهل
الدين قوم طغام، يصلون الظهر، ثم يصلون ما بين الظهر والعصر، ويصلون العصر
ثم يصلون ما بين العصر والمغرب، فضربهم عمر، وقد أحسن ". أخرجه أبو العباس
السراج في " مسنده "(ق 132 / 1) . قلت: وإسناده صحيح، وهو شاهد قوي
للأثرين المشار إليهما آنفا، وهو نص صريح أن نهي عمر رضي الله عنه عن
الركعتين ليس لذاتهما كما يتوهم الكثيرون، وإنما هو خشية الاستمرار في الصلاة
بعدهما، أو تأخيرهما إلى وقت الكراهة وهو اصفرار الشمس، وهذا الوقت هو
المراد بالنهي عن الصلاة بعد العصر الذي صح في أحاديث كما سبق بيانه تحت
الحديثين المتقدمين برقم (200 و 314) . ويتلخص مما سبق أن الركعتين بعد
العصر سنة إذا صليت العصر معها قبل اصفرار الشمس، وأن ضرب عمر عليها إنما هو
اجتهاد منه وافقه عليه بعض الصحابة، وخالفه آخرون، وعلى رأسهم أم المؤمنين
رضي الله عنها، ولكل من الفريقين موافقون، فوجب الرجوع إلى السنة، وهي
ثابتة صحيحة برواية أم المؤمنين، دون دليل يعارضه إلا العموم المخصص بحديث علي
وأنس المشار إلى أرقامهما آنفا. ويبدو أن هذا هو مذهب ابن عمر أيضا، فقد
روى البخاري (589) عنه قال: