الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كذا قال: " عن عائشة "، فوصله عنها، وأظن أنه من محمد بن
يوسف، وهو الفريابي. وهو ثقة فاضل ملازم لسفيان، وهو الثوري، ومع ذلك
فقد تكلم ابن عدي وغيره في بعض حديثه عنه، فأخشى أن يكون وصله لهذا الإسناد
مما تكلموا فيه، فيكون شاذا لمخالفته لتلك الطرق التي أرسلته، أو يكون الخطأ
ممن دونه، فإنهم دونه في الرواية. بعد هذا البيان والتحقيق لا أرى من الصواب
قول ابن عبد البر في " التمهيد "(5 / 278) جازما بنسبته إلى الصديق: " وقد
جاء عن أبي بكر الصديق كراهية الرقية بغير كتاب الله، وعلى ذلك العلماء،
وأباح لليهودية أن ترقي عائشة بكتاب الله "! ثم إنه من غير المعقول أن يطلب
الصديق من يهودية أن ترقي عائشة، كما لا يعقل أن يطلب منها الدعاء لها،
والرقية من الدعاء بلا شك، فإن الله عز وجل يقول: * (وما دعاء الكافرين إلا
في ضلال) *. ويزداد الأمر نكارة إذا لوحظ أن المقصود بـ " كتاب الله " القرآن
الكريم، فإنها لا تؤمن به ولا بأدعيته. وإن كان المقصود التوراة، فذلك مما
لا يصدر من الصديق، لأنه يعلم يقينا أن اليهود قد حرفوا فيه، وغيروا وبدلوا.
2973
- " كان إذا أراد أن يزوج بنتا من بناته جلس إلى خدرها، فقال: إن فلانا يذكر
فلانة - يسميها، ويسمي الرجل الذي يذكرها - فإن هي سكتت، زوجها، أو كرهت
نقرت الستر، فإذا نقرته لم يزوجها ".
روي من حديث عائشة وأبي هريرة وأنس بن مالك.
1 -
أما حديث عائشة، فله
عنها طريقان: الأول: عن أيوب بن عتبة عن يحيى عن أبي سلمة عنها قالت: فذكره
. أخرجه أحمد (6 / 78) . قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أيوب بن عتبة،
فإنه ضعيف كما في " التقريب ". والآخر: يرويه فضيل أبو معاذ عن أبي حريز عن
الشعبي عن عائشة به مختصرا دون قوله: " فإن هي سكتت.. " إلخ. أخرجه ابن عدي
في " الكامل "(4 / 160) وأبي يعلى (8 / 4883) وعلقه البيهقي (7 / 123)
. قلت: وإسناده حسن ولاسيما في المتابعات، رجاله كلهم ثقات غير أن أبا حريز
، واسمه عبد الله بن حسين البصري كان يخطىء كما في " التقريب ". 2 - وأما
حديث أبي هريرة، فله طريقان أيضا: الأولى: عن أبي الأسباط عن يحيى بن أبي
كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه، وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله
عنه قالا: فذكره نحو حديث الترجمة أخرجه البيهقي في " السنن "(7 / 123)
وقال: " كذا رواه أبو الأسباط الحارثي، وليس بمحفوظ، والمحفوظ من حديث يحيى
مرسل ". ثم ساقه هو وعبد الرزاق في " المصنف " (6 / 141 - 142) من طريقين
عن يحيى بن أبي كثير عن المهاجر بن عكرمة المخزومي قال: فذكره.
وهذا بلا شك
أصح مرسلا، والمهاجر مجهول الحال. لكن قد جاء مسندا عن أبي هريرة بطريق أخرى
خير من هذه، فإن أبا الأسباط الحارثي - واسمه بشر بن رافع - ضعيف. ومن
طريقه أخرجه الطبراني أيضا كما سيأتي قريبا بإذن الله تعالى. والأخرى: قال
البزار في " مسنده "(2 / 160 / 1421 - كشف الأستار) : حدثنا زكريا بن يحيى
حدثنا شبابة حدثنا المغيرة بن مسلم عن هشام عن محمد بن سيرين عنه به مثل حديث
الترجمة دون جملة النقر. وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب "
غير زكريا بن يحيى، وهو ابن أيوب، أبو علي الضرير، له ترجمة في " تاريخ
بغداد " (8 / 457) برواية جمع من الثقات الحفاظ غير البزار، فمثله يمشي
الحفاظ النقاد حديثه، وبخاصة في الشواهد والمتابعات، ولعله لذلك قال
الهيثمي في " المجمع "(4 / 278) : " رواه البزار، ورجاله ثقات ". وأقره
الحافظ في " مختصر زوائد مسند البزار "(1 / 575 / 1019) . 3 - وأما حديث
ابن عباس، فله أيضا طريقان: أما الأول، فيرويه أبو الأسباط عن يحيى بن أبي
كثير عن عكرمة عنه. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير "(11 / 355 / 11999)
من طريق يحيى الحماني: حدثنا حاتم بن إسماعيل عنه. وقال الهيثمي (4 / 278)
: " رواه الطبراني، وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني، وقد وثق، وفيه ضعف
". قلت: قد تابعه هشام بن بهرام، وهو ثقة عند البيهقي في حديث أبي هريرة
المتقدم / الطريق الأول، وإنما علة هذا الإسناد ضعف أبي الأسباط هذا كما تقدم
هناك.
والطريق الآخر، يرويه بقية بن الوليد: أخبرنا إبراهيم بن أدهم حدثني
أبي أدهم ابن منصور عن سعيد بن جبير عنه به مختصرا نحوه دون قوله: " يسميها..
" إلخ. أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (4 / 574) . وأدهم بن منصور لم
أجد من ترجمه، وسائر رواته موثقون. 4 - وأما حديث أنس، فيرويه عثمان بن
عبد الرحمن الطرائفي عن عبد العزيز بن الحصين عن ثابت البناني عنه نحوه. أخرجه
الطبراني في " المعجم الأوسط "(2 / 146 / 1 / 7255) وقال: " لم يروه عن
ثابت إلا عبد العزيز بن الحصين، تفرد به عثمان بن عبد الرحمن ". قلت: قال
الحافظ: " صدوق، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل فضعف بسبب ذلك، حتى
نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين ". وعبد العزيز بن الحصين من
أولئك الضعفاء المشار إليهم، وقد أجمعوا على تضعيفه. وخالف الحاكم فأخرج له
في " المستدرك "، وقال:" إنه ثقة "، وكذلك تعجب منه الحافظ في " اللسان "
. وقال الهيثمي: " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عبد العزيز بن الحصين
، وهو ضعيف ". والخلاصة: إن الحديث صحيح بمجموع طرقه، وبخاصة أن الطريق
الثاني لحديث أبي هريرة حسن لذاته كما تقدم فهو بها صحيح. والله أعلم.