الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك كل الاختلاف كما هو
مشاهد ومعلوم من تباين قدراتهم وطبائعهم، فبعضهم الأيسر له أن يصوم مع الناس
، ولا يقضي حين يكونون مفطرين، وبعضهم لا يهمه ذلك فيفطر ترخصا ثم يقضي،
فصلى الله على النبي الأمي الذي أنزل عليه: * (يريد الله بكم اليسر ولا يريد
بكم العسر) *.
2885
- " إن شر الرعاء الحطمة ".
أخرجه مسلم (6 / 9 - 10) وأبو عوانة (4 / 424) وابن حبان (7 / 22 / 4494
) والبيهقي في " السنن الكبرى "(8 / 161) وأحمد (5 / 64) والروياني في
" مسنده "(ق 153 / 2) والطبراني في " المعجم الكبير "(18 / 17 / 26)
والدولابي في " الكنى "(1 / 93) من طرق عن جرير بن حازم: حدثنا الحسن أن
عائذ بن عمرو - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبيد
الله بن زياد فقال: أي بني! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (
فذكره) فإياك أن تكون منهم، فقال له: اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم! فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم،
وفي غيرهم! وتابعه شعبة عن يونس عن الحسن: أن عائذ بن عمرو قال لزياد: كان
يقال لنا: " شر الرعاء الحطمة ".. إلخ. قلت: لكن الحسن - وهو البصري -
كثير الإرسال والتدليس، وقوله:" أن عائذ ابن عمرو.. " صورته صورة المرسل
، وما وجدت له سماعا منه ولو في غير هذا الحديث، ولو ثبت له ذلك، فذلك مما
لا يستلزم ثبوت اتصال هذا لكون الحسن مدلسا، ومثله لا يقبل حديثه إلا إذا صرح
بالتحديث، وهذا ما لم نجده كما تقدم.
بل رأيت علي بن المديني - شيخ البخاري
- ينفي في رسالته " علل الحديث ومعرفة الرجال "(ص 69) سماعه منه، فقال:
" ما أراه سمع منه شيئا ". ونقله عنه العلائي في " مراسيله "(ص 197)
وأقره. لكني وجدت للحديث شاهدا من رواية إسحاق بن سعيد: حدثنا عبد الكريم عن
الحسن عن أنس مرفوعا بلفظ: " إن شر الولاة الحطمة ". أخرجه البزار (2 / 238
/ 1604) وقال: " لا نعلم رواه بهذا اللفظ إلا عبد الكريم، وهو بصري،
وروي عن غير أنس، رواه أبو برزة وعائذ بن عمرو ". قلت: وعبد الكريم هذا
يحتمل أنه ابن أبي أمية، وبه جزم الهيثمي (5 / 239 - 240) وقال: " وهو
ضعيف ". ويحتمل أنه غيره، فإن ابن أبي حاتم في " الجرح " بعد أن ذكر في
ترجمة ابن أبي أمية الحسن البصري قال (3 / 1 / 61) : " عبد الكريم، روى عن
الحسن، سمع منه محمد بن سلام. قال أبي: مجهول "، وكذا في " الميزان " و "
اللسان ". فالله أعلم أيهما هو؟ فإنه لم يذكر في ترجمتهما راوي الحديث عنه
هنا: إسحاق ابن سعيد، وهو القرشي الأموي الكوفي، يحتمل أنهما واحد.
وأي
ذلك كان، فالحسن هو البصري المذكور في حديث عائذ، وقد عرفت آنفا أنه يرسل
ويدلس، لكنهم قد صرحوا بصحة سماعه من أنس بن مالك، لو أنه صرح هنا بالتحديث،
وصح السند إليه. لكن يبدو أن الحديث كان معروفا عند السلف، فقد جزم البزار -
كما رأيت آنفا - أنه رواه أبو برزة أيضا. ويؤيده أن الإمام الأوزاعي جزم
بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قصة سلامه على أبي جعفر العباسي
بالخلافة، ووعظه إياه، في قصة طويلة رواها محمد بن مصعب القرقساني عنه.
أخرجها أبو نعيم في " الحلية "(6 / 136 - 140) . وبالجملة، فالحديث بهذه
الشواهد اطمأنت النفس لثبوته، مع تصحيح الأئمة الثلاثة إياه: مسلم، وأبو
عوانة، وابن حبان. واعلم أن الحديث أورده النووي في " رياض الصالحين " في
موضعين منه، ذكره في الأول منهما (رقم 197) بتمامه معزوا لمسلم، وفي الآخر
(661)
دون قول ابن زياد: " اجلس.. " إلخ، وقال:" متفق عليه ". وهو
وهم لا ندري من الناسخ هو أو من المؤلف. وقد نبه عليه صاحب المكتب الإسلامي
في طبعته الجديدة لـ " الرياض " لسنة (1412) التي زينها بتصديرها بصفحتين
مصورتين من مخطوطتين للكتاب زعم أنه رجع إليهما، يعني للتحقيق، ولا أثر لذلك
في طبعته هذه، وإلا فهذا هو المكان المناسب ليثبت للقراء زعمه المذكور بأن
يبين ما في المخطوطتين حول هذا الوهم. وتلك شنشنة نعرفها من أخزم فهو كثيرا
ما يزين مطبوعاته ببعض الصفحات المصورة من مخطوطات يدعي أنها في مكتبته 0 وقد
تكون مصورات - يوهم القراء بأنه رجع إليها في التحقيق، وليس الأمر كذلك،
وأوضح مثال على ذلك طبعه أخيرا السنن الأربعة التي كنت ميزت صحيحها من ضعيفها
فقدمت إليه فطبعها طبعات تجارية ظاهرة، وقسم كل كتاب