الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يذكروا في هذا الثاني توثيقا، خلافا لابن
حبان، فإنه لم يذكر في " ثقاته "(4 / 291) سوى الأول. وكلاهما روى عنه
أبو إسحاق السبيعي. والله أعلم. على أن السبيعي مدلس، وقد عنعنه. وسفيان
هو الثوري، وقد خالفه في إسناده شعبة، فقال: عن أبي إسحاق عن زيد ابن وهب
عن عبد الله قال: " كفى بالمرء إثما إذا قيل له: (اتق الله) غضب "! أخرجه
الطبراني (8588) . وقال الهيثمي في كل من الروايتين (7 / 271) : " ورجاله
رجال الصحيح ". فأنت ترى أن شعبة قال: " زيد بن وهب "، مكان " سعيد بن وهب "
، فلا أدري الراجح منهما. (تنبيه) : تقدم هذا الحديث برقم (2598) من رواية
ابن منده والأصبهاني في " الترغيب "، ووقع هنا بزيادة كبيرة في التخريج
والتحقيق فاحتفظت به، والله ولي التوفيق.
2940
- " لا بأس بذلك. يعني المسح على الخفين ".
أخرجه ابن حبان في " صحيحه "(172 - موارد) من طريق فضيل بن سليمان: حدثنا
موسى بن عقبة عن أبي حازم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
سئل فقيل: يا رسول الله! أرأيت الرجل يحدث فيتوضأ ويمسح على خفيه، أيصلي؟
قال: فذكره.
قلت: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال الشيخين، لولا ضعف في
الفضيل هذا من قبل حفظه، وقد أورده الحافظ في " مقدمة الفتح "(ص 435) ،
وقال ما خلاصته: " كان صدوقا، وعنده مناكير، روى له الجماعة، وليس له في "
البخاري " سوى أحاديث توبع عليها ". فأقول: ولحديثه شاهد يدل على أنه حديث
محفوظ غير منكر، يرويه أبو سلمة عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم في المسح على الخفين أنه لا بأس به. أخرجه النسائي (1 / 31)
وأحمد (1 / 169 و 169 - 170) وابن عساكر في " تاريخ دمشق "(7 / 168) من
طريق موسى بن عقبة عن أبي النضر عنه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين
، وأخرجه البيهقي (1 / 269 - 270) ولكنه أدخل عبد الله بن عمر بين أبي سلمة
وسعد، وزاد في متنه قصة ابن عمر مع أبيه وسعد، وهي عند البخاري (202)
من طريق عمرو (وهو ابن الحارث) : حدثني أبو النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن عبد الله بن عمر عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح
على الخفين، وأن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك؟ فقال: نعم، إذا حدثك
شيئا سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تسأل عنه غيره. وقال موسى بن عقبة
: أخبرني أبو النضر أن أبا سلمة أخبره أن سعدا.. فقال عمر لعبد الله.. نحوه.
كذا علقه البخاري عن موسى ولم يسق لفظه، وكذلك فعل الحافظ في " شرحه " (1 /
305) ولم يوصله خلافا لعادته! ولما وصله وخرجه في " تغليق التعليق "
(2 /
132 -
133) وعزاه للنسائي لم يسق لفظه!! وكذلك فعل المعلق على " الإحسان "
(4 / 163 - طبع المؤسسة) بحديث الترجمة، فإنه لم يزد فيه على تضعيفه لفضيل
ابن سليمان وقوله: " وهو صحيح بشواهده "! ويعني غير حديث سعد مما صح عنه
صلى الله عليه وسلم فعلا وقولا في المسح على الخفين! وكان عليه أن يخرجه
وأن يتوسع في تخريجه كما هي عادته، ولكن الفهارس لم تساعده على ذلك!! واعلم
أن الأحاديث في المسح على الخفين متواترة، كما صرح بذلك غير ما واحد من أئمة
الحديث والسنة، والآثار بعمل الصحابة والسلف بها كثيرة جدا مشهورة، وما
روي عن بعضهم من الإنكار، فذلك قبل أن تصل بذلك إليهم الأخبار، كما هو شأن
كثير من المسائل الفقهية، ولذلك عادوا إلى القول والعمل بها لما وصلتهم،
وذلك مطابق لقراءة الجر في قوله تعالى في آية الوضوء: * (وأرجلكم إلى الكعبين
) *. فبقاء بعض الفرق الإسلامية على إنكار هذه السنة كالرافضة والخوارج ومنهم
الإباضية مما يؤكد أنهم من أهل الأهواء المتوعدين بقوله تعالى: * (ومن يشاقق
الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله
جهنم وساءت مصيرا) *. وإن تعجب فالعجب من الشيخ عبد الله بن حميد السالمي
الإباضي أن يصر إصرار هؤلاء على المشاققة للرسول واتباع غير سبيل المؤمنين،
ويتمسك في ذلك بالآثار الواهية رواية ودراية التي ذكرها إمامهم المزعوم الربيع
بن حبيب في " المسند " المنسوب إليه! (1 / 35 - 36) ومدارها على شيخه أبي
عبيدة المجهول عنده، وغير معروف عندهم في الرواية بالضبط والحفظ والإتقان!
ثم يعرض في شرحه إياه (1 / 177 - 179) عن تلك الأحاديث الصحيحة المتواترة،
والآثار الكثيرة الثابتة المشهورة، ويضعفها تعصبا لإباضيته بشطبة قلم، فيقول
:
" وقد عرفت أن السنة لم تثبت في ذلك "!! وهو غير صادق فيما قال لوجهين:
الأول: أنه جحد التواتر، فصدق في مثله قوله تعالى: * (وجحدوا بها
واستيقنتها أنفسهم) *. والآخر: قوله: " قد عرفت.. "، إذ لا يمكن معرفة
صحة الدعوى إلا بتقديم الحجة والبرهان كما هو مستقر بداهة في الأذهان، وهو
لم يفعل شيئا من ذلك مطلقا إلا مجرد الدعوى، وهذا شأن عالمهم الذي زعم بعض
الكتاب أنه معتدل غير متعصب، وايم الحق إن من بلغ به التعصب من أهل الأهواء
إلى رد أخبار التواتر التي عني بها أهل الحديث عناية لا قبل لأهل الأهواء
بمثلها، لحري به أن يعجز عن إقامة البرهان على صحة مذهبهم الذي شذوا فيه عن
أهل السنة والحديث. فهذا الحق ليس به خفاء فدعني من بنيات الطريق. وقبل أن
أمسك القلم أقول: لقد اعتاد الرجل السالمي أن يسوق كلامه على عواهنه مؤيدا به
مذهبه وهواه، من ذلك أنه قرن مع الشيعة والخوارج بعض علماء السنة من
الظاهرية، فقال (ص 178) عطفا على المذكورين:" وأبو بكر بن داود الظاهري "
. فأقول: أبو بكر هذا هو محمد بن داود بن علي الظاهري، ترجمه الحافظ الذهبي
في " السير "(13 / 109) : " حدث عن أبيه، وعباس الدوري.. وله بصر تام
بالحديث وبأقوال الصحابة، وكان يجتهد ولا يقلد أحدا ".