المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌2979 - " إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد - سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها - جـ ٦

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌2501

- ‌2502

- ‌2503

- ‌2504

- ‌2505

- ‌2506

- ‌2507

- ‌2508

- ‌2509

- ‌2510

- ‌2511

- ‌2512

- ‌2513

- ‌2514

- ‌2515

- ‌2516

- ‌2517

- ‌2518

- ‌2519

- ‌2520

- ‌2521

- ‌2522

- ‌2523

- ‌2524

- ‌2525

- ‌2526

- ‌2527

- ‌2528

- ‌2529

- ‌2530

- ‌2531

- ‌2532

- ‌2533

- ‌2534

- ‌2535

- ‌2536

- ‌2537

- ‌2538

- ‌2539

- ‌2540

- ‌2541

- ‌2542

- ‌2543

- ‌2544

- ‌2545

- ‌2546

- ‌2547

- ‌2548

- ‌2549

- ‌2550

- ‌2551

- ‌2552

- ‌2553

- ‌2554

- ‌2555

- ‌2556

- ‌2557

- ‌2558

- ‌2559

- ‌2560

- ‌2561

- ‌2562

- ‌2563

- ‌2564

- ‌2565

- ‌2566

- ‌2567

- ‌2568

- ‌2569

- ‌2570

- ‌2571

- ‌2572

- ‌2573

- ‌2574

- ‌2575

- ‌2576

- ‌2577

- ‌2578

- ‌2579

- ‌2580

- ‌2581

- ‌2582

- ‌2583

- ‌2584

- ‌2585

- ‌2586

- ‌2587

- ‌2588

- ‌2589

- ‌2590

- ‌2591

- ‌2592

- ‌2593

- ‌2594

- ‌2595

- ‌2596

- ‌2597

- ‌2598

- ‌2599

- ‌2600

- ‌2601

- ‌2602

- ‌2603

- ‌2604

- ‌2605

- ‌2606

- ‌2607

- ‌2608

- ‌2609

- ‌2610

- ‌2611

- ‌2612

- ‌2613

- ‌2614

- ‌2615

- ‌2616

- ‌2617

- ‌2618

- ‌2619

- ‌2620

- ‌2621

- ‌2622

- ‌2623

- ‌2624

- ‌2625

- ‌2626

- ‌2627

- ‌2628

- ‌2629

- ‌2630

- ‌2631

- ‌2632

- ‌2633

- ‌2634

- ‌2635

- ‌2636

- ‌2637

- ‌2638

- ‌2639

- ‌2640

- ‌2641

- ‌2642

- ‌2643

- ‌2644

- ‌2645

- ‌2646

- ‌2647

- ‌2648

- ‌2649

- ‌2650

- ‌2651

- ‌2652

- ‌2653

- ‌2654

- ‌2655

- ‌2656

- ‌2657

- ‌2658

- ‌2659

- ‌2660

- ‌2661

- ‌2662

- ‌2663

- ‌2664

- ‌2665

- ‌2666

- ‌2667

- ‌2668

- ‌2669

- ‌2670

- ‌2671

- ‌2672

- ‌2673

- ‌2674

- ‌2675

- ‌2676

- ‌2677

- ‌2678

- ‌2679

- ‌2680

- ‌2681

- ‌2682

- ‌2683

- ‌2684

- ‌2685

- ‌2686

- ‌2687

- ‌2688

- ‌2689

- ‌2690

- ‌2691

- ‌2692

- ‌2693

- ‌2694

- ‌2695

- ‌2696

- ‌2697

- ‌2698

- ‌2699

- ‌2700

- ‌2701

- ‌2702

- ‌2703

- ‌2704

- ‌2705

- ‌2706

- ‌2707

- ‌2708

- ‌2709

- ‌2710

- ‌2711

- ‌2712

- ‌2713

- ‌2714

- ‌2715

- ‌2716

- ‌2717

- ‌2718

- ‌2719

- ‌2720

- ‌2721

- ‌2722

- ‌2723

- ‌2724

- ‌2725

- ‌2726

- ‌2727

- ‌2728

- ‌2729

- ‌2730

- ‌2731

- ‌2732

- ‌2733

- ‌2734

- ‌2735

- ‌2736

- ‌2737

- ‌2738

- ‌2739

- ‌2740

- ‌2741

- ‌2742

- ‌2743

- ‌2744

- ‌2745

- ‌2746

- ‌2747

- ‌2748

- ‌2749

- ‌2750

- ‌2751

- ‌2752

- ‌2753

- ‌2754

- ‌2755

- ‌2756

- ‌2757

- ‌2758

- ‌2759

- ‌2760

- ‌2761

- ‌2762

- ‌2763

- ‌2764

- ‌2765

- ‌2766

- ‌2767

- ‌2768

- ‌2769

- ‌2770

- ‌2771

- ‌2772

- ‌2773

- ‌2774

- ‌2775

- ‌2776

- ‌2777

- ‌2778

- ‌2779

- ‌2780

- ‌2781

- ‌2782

- ‌2783

- ‌2784

- ‌2785

- ‌2786

- ‌2787

- ‌2788

- ‌2789

- ‌2790

- ‌2791

- ‌2792

- ‌2793

- ‌2794

- ‌2795

- ‌2796

- ‌2797

- ‌2798

- ‌2799

- ‌2800

- ‌2801

- ‌2802

- ‌2803

- ‌2804

- ‌2805

- ‌2806

- ‌2807

- ‌2808

- ‌2809

- ‌2810

- ‌2811

- ‌2812

- ‌2813

- ‌2814

- ‌2815

- ‌2816

- ‌2817

- ‌2818

- ‌2819

- ‌2820

- ‌2821

- ‌2822

- ‌2823

- ‌2824

- ‌2825

- ‌2826

- ‌2827

- ‌2828

- ‌2829

- ‌2830

- ‌2831

- ‌2832

- ‌2833

- ‌2834

- ‌2835

- ‌2836

- ‌2837

- ‌2838

- ‌2839

- ‌2840

- ‌2841

- ‌2842

- ‌2843

- ‌2844

- ‌2845

- ‌2846

- ‌2847

- ‌2848

- ‌2849

- ‌2850

- ‌2851

- ‌2852

- ‌2853

- ‌2854

- ‌2855

- ‌2856

- ‌2857

- ‌2858

- ‌2859

- ‌2860

- ‌2861

- ‌2862

- ‌2863

- ‌2864

- ‌(2865)

- ‌2866

- ‌2867

- ‌2868

- ‌2869

- ‌2870

- ‌2871

- ‌2872

- ‌2873

- ‌2874

- ‌2875

- ‌2876

- ‌2877

- ‌2878

- ‌2879

- ‌2880

- ‌2881

- ‌2882

- ‌2883

- ‌2884

- ‌2885

- ‌2886

- ‌2887

- ‌2888

- ‌2889

- ‌2890

- ‌2891

- ‌2892

- ‌2893

- ‌2894

- ‌2895

- ‌2896

- ‌2897

- ‌2898

- ‌2899

- ‌2900

- ‌2901

- ‌2902

- ‌2903

- ‌2904

- ‌2905

- ‌2906

- ‌2907

- ‌2908

- ‌2909

- ‌2910

- ‌2911

- ‌2912

- ‌2913

- ‌2914

- ‌2915

- ‌2916

- ‌2917

- ‌2918

- ‌2919

- ‌2920

- ‌2921

- ‌2922

- ‌2923

- ‌2924

- ‌2925

- ‌2926

- ‌2927

- ‌2928

- ‌2929

- ‌2930

- ‌2931

- ‌2932

- ‌2933

- ‌2934

- ‌2935

- ‌2936

- ‌2937

- ‌2938

- ‌2939

- ‌2940

- ‌2941

- ‌2942

- ‌2943

- ‌2944

- ‌2945

- ‌2946

- ‌2947

- ‌2948

- ‌2949

- ‌2950

- ‌2951

- ‌2952

- ‌2953

- ‌2954

- ‌2955

- ‌2956

- ‌2957

- ‌2958

- ‌2959

- ‌2960

- ‌2961

- ‌2962

- ‌2963

- ‌2964

- ‌2965

- ‌2966

- ‌2967

- ‌2968

- ‌2969

- ‌2970

- ‌2971

- ‌2972

- ‌2973

- ‌2974

- ‌2975

- ‌2976

- ‌2977

- ‌2978

- ‌2979

- ‌2980

- ‌2981

- ‌2982

- ‌2983

- ‌2984

- ‌2985

- ‌2986

- ‌2987

- ‌2988

- ‌2989

- ‌2990

- ‌2991

- ‌2992

- ‌2993

- ‌2994

- ‌2995

- ‌2996

- ‌2997

- ‌2998

- ‌2999

- ‌‌‌3000

- ‌3000

الفصل: ‌ ‌2979 - " إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد

‌2979

- " إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال: تسلم وتذر

دينك ودين آبائك وآباء أبيك؟! فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة، فقال

: تهاجر وتدع أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول؟! فعصاه

فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد، فقال: تجاهد فهو جهد النفس والمال، فتقاتل

فتقتل، فتنكح المرأة، ويقسم المال؟! فعصاه فجاهد. فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم: فمن فعل ذلك كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة. ومن قتل

كان حقا على الله أن يدخله الجنة. وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة،

أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة ".

أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير "(2 / 2 / 187 - 188) والنسائي (2 / 58

) وابن حبان (385 / 1601 - الموارد) والبيهقي في " شعب الإيمان " (4 / 21

/ 4246) وابن أبي شيبة في " المصنف "(5 / 293) ومن طريقه الطبراني في "

المعجم الكبير " (7 / 138) وأحمد (3 / 483) من طريق أبي عقيل عبد الله بن

عقيل قال: حدثنا موسى بن المسيب عن سالم بن أبي الجعد عن سبرة بن أبي فاكه

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد جيد

رجاله كلهم ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر، ولذلك قال الحافظ العراقي في "

تخريج الإحياء " (3 / 29) : " أخرجه النسائي من حديث سبرة بن أبي فاكه بإسناد

صحيح ".

ص: 1186

وأقره الزبيدي في شرحه على " الإحياء "(7 / 270) كما أقر المنذري

في " الترغيب "(2 / 173) ابن حبان على تصحيحه، وكذلك قواه الحافظ، ولكنه

أشار إلى أن فيه علة، ولكنها غير قادحة، فقال في ترجمة (سبرة) من "

الإصابة ": " له حديث عند النسائي بإسناد حسن، إلا أن في إسناده اختلافا ".

قلت: هو اختلاف مرجوح لا يؤثر، وقد أشار إليه الحافظ المزي في ترجمة (سبرة

) من " التهذيب "، فإنه ساقه من طريق أحمد، وقال عقبه: " تابعه محمد بن

فضيل عن موسى بن المسيب. ورواه طارق بن عبد العزيز عن محمد ابن عجلان عن موسى

بن المسيب عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن أبي سبرة عن النبي صلى الله عليه

وسلم ". وذكر مثله في " تحفة الأشراف " (3 / 264) . قلت آنفا: إن هذا

الخلاف لا يؤثر، وذلك لأن محمد بن عجلان لا يعارض به الثقتان عبد الله بن

عقيل ومتابعة محمد بن فضيل، لاسيما وابن عجلان فيه كلام معروف، وهذا يقال

لو صحت المخالفة عنه، فإن الراوي عنه طارق بن عبد العزيز فيه كلام أيضا، وهو

طارق بن عبد العزيز بن طارق الربعي، هكذا نسبه في " الجرح "، وقال عن أبيه:

" ما رأيت بحديثه بأسا في مقدار ما رأيت من حديثه ". ونسبه في " الثقات "(8 / 327) إلى جده، فقال:" طارق بن طارق المكي "، وقال: " ربما خالف

الأثبات في الروايات ". وكذا في " ترتيب الثقات " لابن قطلوبغا (1 / 303 / 2

) وفي " لسان

ص: 1187

الميزان " أيضا، لكن تحرف فيه اسم الأب إلى (بارق) وهو من

الطابع فيما أظن. والله أعلم. وقد وصله عنه البيهقي في " الشعب " (رقم

4247) من طريق أبي عبد الله، وهو الحاكم، وليس هو في " المستدرك "،

فالظاهر أنه في كتابه: " التاريخ "، وقال البيهقي عقبه: " هكذا في كتابي (

جابر بن [أبي] سبرة) ، وكذلك رواه أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري عن أبيه

عن ابن عجلان

وهو في الثاني والسبعين من (التاريخ) ". وكأنه يعني

تاريخ شيخه الحاكم. ووالد أحمد بن أبي بكر اسمه (القاسم بن الحارث بن زرارة

..) كما في ترجمة (أحمد) ، ولم أجد له ترجمة، ولا ذكروه في ترجمة ابنه.

والله سبحانه وتعالى أعلم. ثم رأيت أبا نعيم قد وصله أيضا في " معرفة

الصحابة " (1 / 125 / 1) من طرق عن طارق بن عبد العزيز بن طارق به. وقال:

" وهذا مما وهم فيه طارق، تفرد بذكر جابر. ورواه ابن فضيل عن موسى أبي جعفر

عن سالم عن سبرة بن أبي فاكه، و [هو] المشهور ". ورواية ابن فضيل هذه

وصلها أبو نعيم في ترجمة (سبرة بن الفاكه) من طرق عنه. وذكر الحافظ في

ترجمة (جابر) حديثه هذا، وقال: " قال ابن منده: غريب تفرد به (طارق) ،

والمحفوظ في هذا عن سالم بن أبي الجعد عن سبرة بن أبي فاكه ".

ص: 1188

وجملة القول

أن الحديث صحيح من رواية سالم عن سبرة رضي الله عنه، وقد صححه من تقدم ذكرهم

، واحتج به ابن كثير في " التفسير "(2 / 204) وساقه ابن القيم في " إغاثة

اللهفان " مساق المسلمات. وأما المعلق عليه (ابن عبد المنان) ، المتخصص في

تضعيف الأحاديث الصحيحة، فقد جزم في تعليقه عليه (1 / 134) بأن إسناده ضعيف

مخالفا في ذلك كل من ذكرنا من المصححين له والمحتجين به، معللا إياه بأن سالم

بن أبي الجعد لم يصرح بالسماع من سبرة. متشبثا في ذلك بما ذهب إليه البخاري

وغيره أنه لا يكفي في الحديث أو الإسناد المعنعن لإثبات اتصاله المعاصرة، بل

لابد من ثبوت اللقاء ولو مرة، خلافا لمسلم وغيره ممن يكتفي بالمعاصرة.

والحقيقة أن هذه المسألة من المعضلات، ولذلك تضاربت فيها أقوال العلماء، بل

العالم الواحد، فبعضهم مع البخاري، وبعضهم مع مسلم. وقد أبان هذا عن وجهة

نظره، وبسط الكلام بسطا وافيا مع الرد على مخالفه، بحيث لا يدع مجالا للشك

في صحة مذهبه، وذلك في مقدمة كتابه " الصحيح "، وكما اختلف هو مع شيخه في

المسألة، اختلف العلماء فيها من بعدهما، فمن مؤيد ومعارض، كما تراه مشروحا

في كتب علم المصطلح، في بحث (الإسناد المعنعن) . ولدقة المسألة رأيت الإمام

النووي الذي انتصر في مقدمة شرحه على " مسلم " لرأي الإمام البخاري، قد تبنى

مذهب الإمام مسلم في بعض كتبه في " المصطلح "، فقال في بيان الإسناد المعنعن

في كتابه " التقريب ": ".. وهو فلان عن فلان، قيل: إنه مرسل. والصحيح

الذي عليه العمل، وقاله الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول أنه متصل

بشرط أن لا يكون المعنعن مدلسا، وبشرط إمكان لقاء بعضهم بعضا، وفي اشتراط

ثبوت اللقاء، وطول الصحبة ومعرفته بالرواية عنه خلاف.. ".

ص: 1189

ونحوه في كتابه

" إرشاد طلاب الحقائق "(1 / 185 - 189) . 1 - وهذا الذي صححه النووي في

كتابيه المذكورين، هو الذي تبناه جمع من الحفاظ والمؤلفين في الأصول

والمصطلح، فمنهم: الطيبي في كتابه " الخلاصة في أصول الحديث "(ص 47) ،

والعلائي في " التحصيل "(ص 210) . 2 - والذهبي في رسالته اللطيفة المفيدة:

" الموقظة "، فإنه وإن كان ذكر فيها القولين: اللقاء والمعاصرة، فإنه أقر

مسلما على رده على مخالفه، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فقد أشار في ترجمته في

" سير النبلاء "(12 / 573) إلى صواب مذهبه وقوته، في الوقت الذي صرح بأن

مذهب البخاري أقوى، فهذا شيء، وكونه شرط صحة شيء آخر كما هو ظاهر بأدنى نظر

. 3 - والحافظ ابن كثير في " اختصار علوم الحديث ". 4 - وابن الملقن في "

المقنع في علم الحديث " (1 / 148) وفي رسالته اللطيفة " التذكرة " (16 / 11

) . 5 - والحافظ ابن حجر، فإنه رجح شرط البخاري على نحو ما تقدم عن الذهبي،

فإنه سلم بصحة مذهب مسلم، فقال في " النكت على ابن الصلاح "(1 / 289) مدللا

على الترجيح: " لأنا وإن سلمنا ما ذكره مسلم من الحكم بالاتصال، فلا يخفى أن

شرط البخاري أوضح في الاتصال ". وكذا قال في " مقدمة فتح الباري " (ص 12)

ونحوه في رسالته " نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر " (ص 171 / 61 - بنكت الأخ

الحلبي عليه) . قلت: وكونه أوضح مما لا شك فيه، وكذلك كونه أقوى، كما نص

على ذلك

ص: 1190

الإمام الذهبي كما تقدم، فهو كسائر الصفات التي تميز بها " صحيح

البخاري " على " صحيح مسلم " كما هو مسلم به عند جمهور العلماء، فهو شرط كمال

وليس شرط صحة عندهم. 6 - الإمام الصنعاني، فإنه ناقش الحافظ ابن حجر فيما

استدل به لشرط البخاري في بحوث ثلاثة ذكرها في كتابه " توضيح الأفكار "،

وألزمه القول بصحة مذهب مسلم، وإن كان شرط البخاري أقوى. وقد كنت ألزمته

بذلك في تعليق لي موجز، كنت علقته على " نزهته "، نقله عني الأخ الحلبي في "

النكت عليه " (ص 88) ، فليراجعه من شاء. ولقوة الإلزام المذكور، فقد

التزمه الحافظ رحمه الله كما تقدم نقله عنه آنفا، والحمد لله. ثم قال

الصنعاني رحمه الله تعالى (1 / 234) : " وإذا عرفت هذا فمذهب مسلم لا يخلو

عن القوة لمن أنصف، وقد قال أبو محمد بن حزم في " كتاب " الإحكام ":(1)

7 -

اعلم أن العدل إذا روى عمن أدركه من العدول فهو على اللقاء والسماع سواء

قال: " أخبرنا " أو " حدثنا "، أو " عن فلان " أو " قال فلان "، فكل ذلك

محمول على السماع منه. انتهى. قلت: ولا يخفى أنا قد قدمنا عنه خلاف هذا في

حديث (المعازف) فتذكره ".

(1) قلت: ذكر ذلك في بحث له في المدلس (1 / 141 - 142) وهو من حجتنا على

ابن حزم ومن قلده من الغابرين والمعاصرين في إعلال حديث (المعازف) الذي

رواه البخاري معلقا على هشام بن عمار بالانقطاع بينهما. وقد فصلت القول في

الرد عليه تفصيلا في كتاب خاص سيصدر قريبا إن شاء الله تعالى.

ص: 1191

هذا وإن مما يسترعي الانتباه ويلفت النظر - أن

المذكورين من الحفاظ والعلماء جروا فيما كتبوا في " علم المصطلح " على نحو مما

جرى عليه سلفهم في التأليف، أعني به ابن الصلاح في " مقدمته "، وقلما

يخالفونه، وإنما هم ما بين مختصر وملخص ومقيد وشارح، كما يعلم ذلك الدارس

لمؤلفاتهم فيه، وهذه المسألة مما خالفوه فيها، فإن عبارة النووي المتقدمة في

الاكتفاء بالمعاصرة وإمكانية اللقاء هي منه تعديل لعبارة ابن الصلاح المصرحة

بشرطية ثبوت اللقاء، وعلى هذا التعديل جرى المذكورون آنفا، وأكدوا ذلك

علميا في تصحيحهم للأحاديث المروية بأسانيد لا يمكن التحقق من ثبوت التلاقي بين

الرواة في كل الطبقات، هذا يكاد يكون مستحيلا، يعرف ذلك من مارس فن التخريج،

ولم يكن من أهل الأهواء، وها هو المثال بين يديك، فهذا الحديث من رواية

سالم بن أبي الجعد عن سبرة رضي الله عنه، فقد صححه من تقدم ذكرهم، ومنهم

الحافظ العراقي الذي أقر في شرحه على " المقدمة " ابن الصلاح على شرطية اللقاء

، ولم أجد له قولا يوافق الذين اكتفوا بالمعاصرة، ومع ذلك فقد وافقهم عمليا

حين صحح إسناد هذا الحديث، فإن سالما هذا لم نر من صرح بلقائه لسبرة، ولكنه

مقطوع بتابعيته ومعاصرته للصحابة، بل وروايته عن جمع منهم، ونصوا أنه لم

سمع من بعضهم، وليس منهم (سبرة) ، هذا، ومع ذلك فقد تشبث مضعف الأحاديث

الصحيحة، ومخرب كتب الأئمة بالتعليق عليها - بشرطية اللقاء، فقال في تعليقه

على كتاب ابن القيم " إغاثة اللهفان "(1 / 134) : " إسناده ضعيف، فإن سالما

لم يرو عن سبرة غير هذا الحديث، ولم يصرح بالسماع منه، وهو معروف بالإرسال

عن جمع من الصحابة، فلا يثبت له الحديث إلا إذا صرح بالسماع منه.. "! فيقال

له: أثبت العرش ثم انقش! فإن الشرط المذكور ليس لك عليه دليل إلا

ص: 1192

التقليد،

وأنت تتظاهر بأنك لا تقلد، وهذا أمر واجب لو كنت من أهل العلم بالكتاب والسنة

، وأصول الحديث والفقه، ولا نرى أثرا لذلك في كل ما تكتب، إلا التحويش دون

أي تحقيق أو تفتيش، ولذلك فالواجب عليك إنما هو الاتباع، فهو خير لك بلا شك

من التخريب والتضعيف لمئات الأحاديث الصحيحة عند العلماء، وقد تبلغ الألوف

إذا مضيت في مخالفتك لـ * (سبيل المؤمنين) *. وأنا على مثل اليقين أن الرجل

صاحب هوى وغرض - الله أعلم به - دلنا على ذلك أسلوبه في تخريج الأحاديث، فإنه

ينشط جدا، ويتوسع ما وسعه التوسع في التضعيف المذكور، ويتتبع الأقوال

المرجوحة التي تساعده على ذلك، مع التمويه على القراء بإعراضه عن ذكر الأقوال

المعارضة له، وبالإحالة إلى بعض البحوث التي تخالف قوله!! وأما إذا كان

الحديث قويا، ولا يجد سبيلا إلى تضعيفه ونسفه، انقلب ذلك النشاط إلى فتور

وخمول، واختصر الكلام عليه في بيان مرتبته اختصارا مخلا دون بيان السبب،

كقوله مثلا (1 / 130) : " حديث حسن إن شاء الله "! ثم يسود خمسة أسطر في

تخريجه دون فائدة تذكر، موهما قراءه بأنه بحاثة محقق! مع أنهم لا يدرون ما

مقصوده من تعليق التحسين بالمشيئة الإلهية، أهو للتشكيك أم التحقيق؟! والأول

هو اللائق بالمضعف للصحيحة! وله أحاديث أخرى من هذا النوع (ص 220 و 292

و294) وانظر (ص 183 و 212 و 224 و 272 و 277 و 297) ثم إن قوله عن سالم بن

أبي الجعد أنه أرسل عن جمع من الصحابة، فهو لا يفيد انقطاعا هنا، لأنهم نصوا

على أنه لم يدركهم، أو لم يسمع منهم، وليس سالم منهم، وحينئذ وجب حمله على

الاتصال على مذهب الجمهور، وهو الراجح كما سبق تحقيقه.

ص: 1193

ومثال ثان لما ذكرت

آنفا، كان الإمام مسلم قد ضربه مثلا في أنواع أخرى لما نحن فيه، واحتج بها

أهل العلم وصححوها، حديثان من رواية ربعي بن حراش عن عمران، أحدهما في إسلام

حصين والد عمران، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له قبل أن يسلم وبعد

أن أسلم: " قل: اللهم قني شر نفسي، واعزم لي على أرشد أمري ". قال النووي

عقبه في شرحه لمقدمة مسلم: " إسناده صحيح ". وكذا قال الحافظ في " الإصابة /

ترجمة (حصين) ". ويبدو للناظر المنصف أهمية هذا المثال، وخاصة بالنسبة

للنووي، فإنه كان قبل هذا التصحيح بصفحات قد رد على الإمام مسلم مذهبه، فإذا

به يجد نفسه لا يسعه إلا أن يوافقه، وما ذلك إلا لقوته في واقع الأمر. وهذا

عين ما أصاب مضعف الأحاديث الصحيحة، فإنه لما جاء إلى هذا الحديث (1 / 107)

وخرجه، جود إسناده! فلا أدري أهو من الغفلة وقلة التحقيق، أم هو اللعب على

الحبلين، أو الهوى، وإلا لزمه أن يضعفه كما فعل بحديث الترجمة لاشتراكهما في

العلة عنده، وهي عدم تحقق شرط اللقاء، أو أن يصححهما معا، اكتفاء بالمعاصرة

، وهو الصواب. وقد أشار الحافظ إلى هذا الاكتفاء في آخر ترجمة (ربعي) ،

فإنه لما نقل عن ابن عساكر أن ربعيا لم يسمع من أبي ذر تعقبه بقوله: " وإذا

ثبت سماعه من عمر، فلا يمتنع سماعه من أبي ذر ". فهذا مما يؤكد أنه يتبنى

الاكتفاء بالمعاصرة. ويحضرني مثال ثالث، وهو حديث محمد بن عبد الله بن

الحسن العلوي، المعروف بـ (النفس الزكية) ، رواه عن أبي الزناد عن الأعرج عن

أبي هريرة مرفوعا:

ص: 1194

" إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه

قبل ركبتيه " (1) . لقد صحح هذا الحديث جمع من الحفاظ، منهم عبد الحق الإشبيلي

، والشيخ النووي، وقواه الحافظ في " الفتح "(2 / 291) وفي " بلوغ المرام

"، وهم يعلمون أن اللقاء بين النفس الزكية وأبي الزناد غير معروف، كما أشار

إلى ذلك الإمام البخاري بقوله في ترجمة (النفس الزكية) من " التاريخ الكبير "

(1 / 1 / 139) : " لا أدري سمع من أبي الزناد أم لا؟ ". قلت: وهكذا يجد

الباحث في كتب تخريج الأحاديث عشرات بل مئات الأحاديث قد صححها الحفاظ

والعلماء مكتفين في ذلك بالمعاصرة، غير ملتزمين فيها شرط اللقاء، وما ذاك إلا

عن قناعة منهم بأن هذا الشرط إنما هو شرط الكمال، وليس شرط صحة، فإن تحقق

فبها ونعمت، وإلا ففي المعاصرة بركة وكفاية، على هذا جرى السلف، كما شرح

ذلك الإمام مسلم في " مقدمته "، وتبعهم على ذلك الخلف من الحفاظ الذين سمينا

بعضهم، واشتد إنكار مسلم على مخالفيهم غيرة منه على السنة المطهرة، وخوفا

منه أن يهدر منها شيء، وما قدمنا من الأمثلة يؤيد ما ذهب إليه رحمه الله.

وبالله التوفيق.

(1) تنبيه: لقد وقفت على رسالة لأحد متعصبة الحنابلة المعاصرين في تضعيف هذا

الحديث الصحيح، جاء فيها تجاهلات ومكابرات عجيبة، أذكر ما تيسر منها:

1 -

جعل قول البخاري الآتي معارضا لمن وثق النفس الزكية!

2 -

تجاهل بروك الجمل على ركبتيه اللتين في مقدمتيه كما هو الثابت في كتب اللغة، وفي أثر عمر الذي

ذكره (ص 42) محتجا به وهو عليه: أنه كان يخر في صلاته بعد الركوع على

ركبتيه كما يخر البعير: يضع ركبتيه قبل يديه! هذا هو بروك البعير أن يضع

ركبتيه قبل يديه. وبذلك يكون قد هدم كل ما بنى، على أنه كان على شفا جرف هار

! . اهـ.

ص: 1195