الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأقول: أيوب بن عتبة وإن كان ضعيفا،
فإن المقصود إنما هو الاستشهاد بروايته عن طيسلة بن علي أن هذا هو طيسلة بن
مياس الذي روى عنه زياد بن مخراق هذا الحديث نفسه، إلا أنه أوقفه، وهو أصح،
فدل ذلك على أن طيسلة بن علي هو نفسه طيسلة بن مياس، ولاسيما وقد ذكر
البرديجي في " الأفراد ": " طيسلة بن مياس، ومياس لقب، واسمه علي ".
ولذلك قال الحافظ في " التقريب " عقب ترجمة (طيسلة بن علي) في ترجمة ابن مياس
هذا: " هو الذي قبله، فرقهما المزي فوهم، وقد بينت ذلك في الأصل ". فأقول
: نعم، ولكن هذا التحقيق والتوحيد يباينه قولك فيه:" مقبول "، ما دام أنه
روى عنه جمع من الثقات: يحيى بن أبي كثير، وعكرمة بن عمار، وأبو معشر
البراء، وزياد بن مخراق. زد على ذلك توثيق ابن معين الذي فاته، وابن حبان
(4 / 398 و 399) ، وقد ذكره هو، وأشار شيخه الهيثمي إلى اعتماده، فقال
عقب الشاهد المتقدم (5 / 266) : " رواه الطبراني، ورجاله ثقات ".
2899
- " كان يخمر وجهه وهو محرم ".
أخرجه الدارقطني في " العلل "(3 / 13) قال: حدثنا أبو بكر الشافعي قال:
حدثنا موسى بن الحسن قال: حدثنا القعنبي: حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن
أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان: فذكره. وقال: " هكذا كان في كتاب أبي
بكر مرفوعا، والصواب موقوف "! كذا قال! ثم ساق عقبه بسنده الصحيح عن عبد
الله بن عامر بن ربيعة أنه
رأى عثمان بن عفان بـ (العرج) مخمرا وجهه بقطيفة
أرجوان في يوم صائف وهو محرم. وأقول: لا تعارض بين المرفوع، وهذا الموقوف
، ولاسيما وإسنادهما مختلف، والأول صحيح أيضا رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين
غير شيخ أبي بكر الشافعي موسى بن الحسن، ولم يعرفه المعلق على كتاب " العلل "
، وهو محدث ثقة يعرف بـ (الجلاجلي) لحسن صوته، وثقه محمد بن أبي الفوارس،
وتبعه الخطيب، وروى عن الدارقطني أنه قال:" لا بأس به ". وهو مترجم في "
تاريخ بغداد " (13 / 49) و " تاريخ دمشق " (17 / 264 - 265) و " سير
النبلاء " (13 / 378) . فالإسناد على شرط الضياء في " الأحاديث المختارة "،
ولم يخرجه! وهو أقوى بكثير من بعض أحاديثه، فالظاهر أنه لم يقع له مرويا
بسنده إلى الشافعي أو الدارقطني. وإذا عرفت صحة إسناده، فلا تعارض بينه
وبين الموقوف على عثمان كما هو ظاهر، إذ لا شيء يمنع من القول بجواز أن عثمان
فعل ما يمكن أن يكون صلى الله عليه وسلم فعله. هذا خير من نسبة الخطأ إلى
الثقة لمجرد فعل عثمان بما رواه عن النبي عليه الصلاة والسلام. ألا ترى معي
أنه لا فرق بين تصويب الدارقطني رحمه الله للموقوف على المرفوع، وبين من لو
عكس عليه الأمر، فصوب المرفوع على الموقوف. فالحق أن كلا منهما صحيح، فلا
يعارض أحدهما بالآخر. وقد جاءت آثار كثيرة عن الصحابة والتابعين والأئمة
المجتهدين بجواز تغطية المحرم لوجهه للحاجة، وبها استدل ابن حزم في " المحلى
" (7 / 91 - 93) مؤيدا بها الأصل، وخرج بعضها للبيهقي (5 / 54) . ولا
يخالف ذلك قوله صلى الله عليه وسلم فيمن مات محرما: " اغسلوه بماء وسدر،
وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا وجهه ورأسه ".