المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ولعله لما ذكرنا من التحقيق تتابع العلماء على إيراد الحديث - سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها - جـ ٦

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌2501

- ‌2502

- ‌2503

- ‌2504

- ‌2505

- ‌2506

- ‌2507

- ‌2508

- ‌2509

- ‌2510

- ‌2511

- ‌2512

- ‌2513

- ‌2514

- ‌2515

- ‌2516

- ‌2517

- ‌2518

- ‌2519

- ‌2520

- ‌2521

- ‌2522

- ‌2523

- ‌2524

- ‌2525

- ‌2526

- ‌2527

- ‌2528

- ‌2529

- ‌2530

- ‌2531

- ‌2532

- ‌2533

- ‌2534

- ‌2535

- ‌2536

- ‌2537

- ‌2538

- ‌2539

- ‌2540

- ‌2541

- ‌2542

- ‌2543

- ‌2544

- ‌2545

- ‌2546

- ‌2547

- ‌2548

- ‌2549

- ‌2550

- ‌2551

- ‌2552

- ‌2553

- ‌2554

- ‌2555

- ‌2556

- ‌2557

- ‌2558

- ‌2559

- ‌2560

- ‌2561

- ‌2562

- ‌2563

- ‌2564

- ‌2565

- ‌2566

- ‌2567

- ‌2568

- ‌2569

- ‌2570

- ‌2571

- ‌2572

- ‌2573

- ‌2574

- ‌2575

- ‌2576

- ‌2577

- ‌2578

- ‌2579

- ‌2580

- ‌2581

- ‌2582

- ‌2583

- ‌2584

- ‌2585

- ‌2586

- ‌2587

- ‌2588

- ‌2589

- ‌2590

- ‌2591

- ‌2592

- ‌2593

- ‌2594

- ‌2595

- ‌2596

- ‌2597

- ‌2598

- ‌2599

- ‌2600

- ‌2601

- ‌2602

- ‌2603

- ‌2604

- ‌2605

- ‌2606

- ‌2607

- ‌2608

- ‌2609

- ‌2610

- ‌2611

- ‌2612

- ‌2613

- ‌2614

- ‌2615

- ‌2616

- ‌2617

- ‌2618

- ‌2619

- ‌2620

- ‌2621

- ‌2622

- ‌2623

- ‌2624

- ‌2625

- ‌2626

- ‌2627

- ‌2628

- ‌2629

- ‌2630

- ‌2631

- ‌2632

- ‌2633

- ‌2634

- ‌2635

- ‌2636

- ‌2637

- ‌2638

- ‌2639

- ‌2640

- ‌2641

- ‌2642

- ‌2643

- ‌2644

- ‌2645

- ‌2646

- ‌2647

- ‌2648

- ‌2649

- ‌2650

- ‌2651

- ‌2652

- ‌2653

- ‌2654

- ‌2655

- ‌2656

- ‌2657

- ‌2658

- ‌2659

- ‌2660

- ‌2661

- ‌2662

- ‌2663

- ‌2664

- ‌2665

- ‌2666

- ‌2667

- ‌2668

- ‌2669

- ‌2670

- ‌2671

- ‌2672

- ‌2673

- ‌2674

- ‌2675

- ‌2676

- ‌2677

- ‌2678

- ‌2679

- ‌2680

- ‌2681

- ‌2682

- ‌2683

- ‌2684

- ‌2685

- ‌2686

- ‌2687

- ‌2688

- ‌2689

- ‌2690

- ‌2691

- ‌2692

- ‌2693

- ‌2694

- ‌2695

- ‌2696

- ‌2697

- ‌2698

- ‌2699

- ‌2700

- ‌2701

- ‌2702

- ‌2703

- ‌2704

- ‌2705

- ‌2706

- ‌2707

- ‌2708

- ‌2709

- ‌2710

- ‌2711

- ‌2712

- ‌2713

- ‌2714

- ‌2715

- ‌2716

- ‌2717

- ‌2718

- ‌2719

- ‌2720

- ‌2721

- ‌2722

- ‌2723

- ‌2724

- ‌2725

- ‌2726

- ‌2727

- ‌2728

- ‌2729

- ‌2730

- ‌2731

- ‌2732

- ‌2733

- ‌2734

- ‌2735

- ‌2736

- ‌2737

- ‌2738

- ‌2739

- ‌2740

- ‌2741

- ‌2742

- ‌2743

- ‌2744

- ‌2745

- ‌2746

- ‌2747

- ‌2748

- ‌2749

- ‌2750

- ‌2751

- ‌2752

- ‌2753

- ‌2754

- ‌2755

- ‌2756

- ‌2757

- ‌2758

- ‌2759

- ‌2760

- ‌2761

- ‌2762

- ‌2763

- ‌2764

- ‌2765

- ‌2766

- ‌2767

- ‌2768

- ‌2769

- ‌2770

- ‌2771

- ‌2772

- ‌2773

- ‌2774

- ‌2775

- ‌2776

- ‌2777

- ‌2778

- ‌2779

- ‌2780

- ‌2781

- ‌2782

- ‌2783

- ‌2784

- ‌2785

- ‌2786

- ‌2787

- ‌2788

- ‌2789

- ‌2790

- ‌2791

- ‌2792

- ‌2793

- ‌2794

- ‌2795

- ‌2796

- ‌2797

- ‌2798

- ‌2799

- ‌2800

- ‌2801

- ‌2802

- ‌2803

- ‌2804

- ‌2805

- ‌2806

- ‌2807

- ‌2808

- ‌2809

- ‌2810

- ‌2811

- ‌2812

- ‌2813

- ‌2814

- ‌2815

- ‌2816

- ‌2817

- ‌2818

- ‌2819

- ‌2820

- ‌2821

- ‌2822

- ‌2823

- ‌2824

- ‌2825

- ‌2826

- ‌2827

- ‌2828

- ‌2829

- ‌2830

- ‌2831

- ‌2832

- ‌2833

- ‌2834

- ‌2835

- ‌2836

- ‌2837

- ‌2838

- ‌2839

- ‌2840

- ‌2841

- ‌2842

- ‌2843

- ‌2844

- ‌2845

- ‌2846

- ‌2847

- ‌2848

- ‌2849

- ‌2850

- ‌2851

- ‌2852

- ‌2853

- ‌2854

- ‌2855

- ‌2856

- ‌2857

- ‌2858

- ‌2859

- ‌2860

- ‌2861

- ‌2862

- ‌2863

- ‌2864

- ‌(2865)

- ‌2866

- ‌2867

- ‌2868

- ‌2869

- ‌2870

- ‌2871

- ‌2872

- ‌2873

- ‌2874

- ‌2875

- ‌2876

- ‌2877

- ‌2878

- ‌2879

- ‌2880

- ‌2881

- ‌2882

- ‌2883

- ‌2884

- ‌2885

- ‌2886

- ‌2887

- ‌2888

- ‌2889

- ‌2890

- ‌2891

- ‌2892

- ‌2893

- ‌2894

- ‌2895

- ‌2896

- ‌2897

- ‌2898

- ‌2899

- ‌2900

- ‌2901

- ‌2902

- ‌2903

- ‌2904

- ‌2905

- ‌2906

- ‌2907

- ‌2908

- ‌2909

- ‌2910

- ‌2911

- ‌2912

- ‌2913

- ‌2914

- ‌2915

- ‌2916

- ‌2917

- ‌2918

- ‌2919

- ‌2920

- ‌2921

- ‌2922

- ‌2923

- ‌2924

- ‌2925

- ‌2926

- ‌2927

- ‌2928

- ‌2929

- ‌2930

- ‌2931

- ‌2932

- ‌2933

- ‌2934

- ‌2935

- ‌2936

- ‌2937

- ‌2938

- ‌2939

- ‌2940

- ‌2941

- ‌2942

- ‌2943

- ‌2944

- ‌2945

- ‌2946

- ‌2947

- ‌2948

- ‌2949

- ‌2950

- ‌2951

- ‌2952

- ‌2953

- ‌2954

- ‌2955

- ‌2956

- ‌2957

- ‌2958

- ‌2959

- ‌2960

- ‌2961

- ‌2962

- ‌2963

- ‌2964

- ‌2965

- ‌2966

- ‌2967

- ‌2968

- ‌2969

- ‌2970

- ‌2971

- ‌2972

- ‌2973

- ‌2974

- ‌2975

- ‌2976

- ‌2977

- ‌2978

- ‌2979

- ‌2980

- ‌2981

- ‌2982

- ‌2983

- ‌2984

- ‌2985

- ‌2986

- ‌2987

- ‌2988

- ‌2989

- ‌2990

- ‌2991

- ‌2992

- ‌2993

- ‌2994

- ‌2995

- ‌2996

- ‌2997

- ‌2998

- ‌2999

- ‌‌‌3000

- ‌3000

الفصل: ولعله لما ذكرنا من التحقيق تتابع العلماء على إيراد الحديث

ولعله لما ذكرنا من التحقيق تتابع العلماء على إيراد الحديث بهذا اللفظ

المحفوظ (الكبر) ، فذكره البغوي في " شرح السنة " تعليقا (11 / 118)

والمنذري في " الترغيب "(2 / 188 و 3 / 32 و 4 / 15) وقال: " وقد ضبطه بعض

الحفاظ (الكنز) بالنون والزاي، وليس بمشهور ". وكذلك هو في " المشكاة "

(2921)

و " الزيادة على الجامع الصغير "(صحيح الجامع 6287) و " الجامع

الكبير " وغيرهم.

‌2786

- " لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ".

أخرجه الإسماعيلي في " المعجم "(112 / 2) عن شيخه العباس بن أحمد الوشا:

حدثنا محمد بن الفرج، والبيهقي في " السنن "(4 / 316) من طريق محمد بن آدم

المروزي، كلاهما عن سفيان بن عيينة عن جامع بن أبي شداد عن أبي وائل قال: قال

حذيفة لعبد الله [يعني ابن مسعود رضي الله عنه] : [قوم] عكوف بين دارك

ودار أبي موسى لا تغير (وفي رواية: لا تنهاهم) ؟! وقد علمت أن رسول الله

صلى الله عليه وسلم قال: فذكره؟! فقال عبد الله: لعلك نسيت وحفظوا، أو

أخطأت وأصابوا. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقول ابن مسعود

ليس نصا في تخطئته لحذيفة في روايته للفظ الحديث، بل لعله خطأه في استدلاله به

على العكوف الذي أنكره حذيفة، لاحتمال أن يكون معنى الحديث عند ابن مسعود: لا

اعتكاف كاملا، كقوله صلى الله عليه وسلم: " لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا

دين لمن لا عهد له " والله أعلم. ثم رأيت الطحاوي قد أخرج الحديث في " المشكل

" (4 / 20) من الوجه

ص: 667

المذكور، وادعى نسخه! وكذلك رواه عبد الرزاق في "

المصنف " (4 / 348 / 8016) وعنه الطبراني (9 / 350 / 9511) عن ابن عيينة

به إلا أنه لم يصرح برفعه. ورواه سعيد ابن منصور: أخبرنا سفيان بن عيينة به

، إلا أنه شك في رفعه واختصره فقال:.. عن شقيق بن سلمة قال: قال حذيفة لعبد

الله بن مسعود: قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا اعتكاف

إلا في المساجد الثلاثة، أو قال: مسجد جماعة ". ذكره عنه ابن حزم في "

المحلى " (5 / 195) ، ثم رد الحديث بهذا الشك. وهو معذور لأنه لم يقف على

رواية الجماعة عن ابن عيينة مرفوعا دون أي شك، وهم: 1 - محمد بن الفرج، عند

الإسماعيلي. 2 - محمود بن آدم المروزي، عند البيهقي. 3 - هشام بن عمار، عند

الطحاوي. وكلهم ثقات، وهذه تراجمهم نقلا من " التقريب ": 1 - وهو القرشي

مولاهم البغدادي، صدوق من شيوخ مسلم. 2 - صدوق من شيوخ البخاري فيما ذكر ابن

عدي. 3 - صدوق مقرىء كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح، من شيوخ البخاري

أيضا. قلت: فموافقته للثقتين اللذين قبله دليل على أنه قد حفظه، فلا يضرهم

من تردد في رفعه أو أوقفه، لأن الرفع زيادة من ثقات يجب قبولها. ثم رأيت

الفاكهي قد أخرجه في " أخبار مكة "(2 / 149 / 1334) : حدثنا

ص: 668

سعيد بن عبد

الرحمن ومحمد بن أبي عمر قالا: حدثنا سفيان به. إلا أنهما لم يشكا، وهذه

فائدة هامة. وهما ثقتان أيضا. وبالجملة، فاتفاق هؤلاء الثقات الخمسة على

رفع الحديث دون أي تردد فيه لبرهان قاطع على أن الحديث من قوله صلى الله عليه

وسلم، وأن تردد سعيد بن منصور في رفعه لا يؤثر في صحته، ولاسيما أن سياق

القصة يؤكد ذلك عند إمعان النظر فيها، ذلك لأن حذيفة رضي الله عنه ما كان

لينكر بمجرد رأيه على ابن مسعود رضي الله عنه سكوته عن أولئك المعتكفين في

المساجد بين الدور، وهو يعلم فضله وفقهه رضي الله عنهما، فلولا أن الحديث

عنده مرفوع لما تجرأ على الإنكار عليه بما لا تقوم الحجة به عليه، حتى رواية

عبد الرزاق الموقوفة تؤيد ما ذكرته، فإنها بلفظ: " قوم عكوف بين دارك ودار

أبي موسى لا تنهاهم! فقال به عبد الله: فلعلهم أصابوا وأخطأت، وحفظوا

ونسيت! فقال: حذيفة: لا اعتكاف إلا في هذه المساجد الثلاثة.. " فذكرها.

ومثلها رواية إبراهيم قال: " جاء حذيفة إلى عبد الله فقال: ألا أعجبك من قومك

عكوف بين دارك ودار الأشعري، يعني المسجد! قال عبد الله: ولعلهم أصابوا

وأخطأت، فقال حذيفة: أما علمت أنه: لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد. (فذكرها

) ، وما أبالي أعتكف فيه أو في سوقكم هذه [وكان الذين اعتكفوا - وعاب عليهم

حذيفة - في مسجد الكوفة الأكبر] ". أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (3 /

91) والسياق له، وكذا عبد الرزاق (4 / 347 - 348) والزيادة له، وعنه

الطبراني (9510) ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أن إبراهيم - وهو النخعي -

لم يدرك حذيفة.

ص: 669

فاحتجاج حذيفة على ابن مسعود بهذه الجملة " لا اعتكاف " يشعر

بأنها في موضع الحجة عنده، وإلا لم يقل له:" أما علمت.. " إلخ. والله

أعلم. واعلم أن العلماء اختلفوا في شرطية المسجد للاعتكاف وصفته كما تراه

مبسوطا في " المصنفين " المذكورين و " المحلى " وغيرهما، وليس في ذلك ما يصح

الاحتجاج به سوى قوله تعالى: * (وأنتم عاكفون في المساجد) *، وهذا الحديث

الصحيح، والآية عامة، والحديث خاص، ومقتضى الأصول أن يحمل العام على

الخاص، وعليه فالحديث مخصص للآية ومبين لها، وعليه يدل كلام حذيفة وحديثه

، والآثار في ذلك مختلفة أيضا، فالأولى الأخذ بما وافق الحديث منها كقول سعيد

بن المسيب: لا اعتكاف إلا في مسجد نبي. أخرجه ابن أبي شيبة وابن حزم بسند

صحيح عنه. ثم رأيت الذهبي قد روى الحديث في " سير أعلام النبلاء "(15 / 80)

من طريق محمود بن آدم المروزي: حدثنا سفيان به مرفوعا، وقال: " صحيح غريب

عال ". وعلق عليه الشيخ شعيب بعد ما عزاه للبيهقي وسعيد بن منصور بقوله: "

وقد انفرد حذيفة بتخصيص الاعتكاف في المساجد الثلاثة "! وهذا يبطله قول ابن

المسيب المذكور، فتنبه. على أن قوله هذا يوهم أن الحديث موقوف على حذيفة،

وليس كذلك كما سبق تحقيقه، فلا تغتر بمن لا غيرة له على حديث رسول الله صلى

الله عليه وسلم أن يخالف، والله عز وجل يقول: * (فليحذر الذين يخالفون عن

أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) *.

ص: 670

هذا، وقد كنت أوردت هذا الحديث

في رسالتي " قيام رمضان "(36) وخرجته باختصار، مصرحا بصحة إسناده عن حذيفة

رضي الله عنه، وأحلت في تفصيل ذلك إلى هذا الموضع من هذه السلسلة. ثم جاءني

بعد سنين تحرير بتاريخ (13 / 7 / 1413 هـ) - وهذا المجلد تحت الطبع - من أحد

إخواننا المحبين في الله وفي الغيب المشتغلين بهذا العلم الشريف كما بدا لي من

خطابه، وفيه نقد منه لثلاثة أحاديث كنت صححتها في بعض مؤلفاتي منها هذا

الحديث، فاهتبلتها فرصة لبيان أنه لم يصب كبد الحقيقة في إعلاله إياه من جميع

طرقه، معترفا بأنه كان أديبا في كتابته، لطيفا في نقده، زد على ذلك أنه صرح

في آخر رسالته أنه فعل ذلك للاستفادة مني ومن بعض إخواني فجزاه الله خيرا على

تواضعه، وإحسانه الظن بإخوانه. لقد تتبع الأخ - جزاه الله خيرا - طرق الحديث

من مصادر كثيرة طالتها يده، وبين عللها، وسبق أن أشرت إلى بعضها، ولذلك

فلن أطيل الكلام إلا في بعض النقاط الأساسية، لم يوفق هو للصواب في معالجتها،

فكانت النتيجة - مع الأسف - تضعيف الحديث الصحيح، فأقول: النقطة الأولى: ضعف

طريق البيهقي بمحمود بن آدم المروزي بقوله: " لم يوثقه غير ابن حبان، وما

ذكر أن البخاري أخرج له، فقد رده الحافظ في " هدي الساري "(ص 239) ".

والرد على هذا من وجهين: الأول: أن رد تفرد ابن حبان بتوثيق راو ما، لا يعني

أنه رد مقبول، خلافا لما يظنه أخونا هذا وغيره من الناشئين، وإنما ذلك إذا

وثق مجهولا عند غيره، أو أنه لم يرو عنه إلا واحد أو اثنان، ففي هذه الحالة

يتوقف عن قبول توثيقه، وإلا فهو في

ص: 671

كثير من الأحيان يوثق شيوخا له يعرفهم

مباشرة، أو شيخا من شيوخهم، فهو في هذه الحالة أو التي قبلها إنما يوثق على

معرفة منه به، أو بواسطة شيوخه كما هو ظاهر، ومحمود المروزي من هذا القبيل،

فإن ابن حبان لما أورده في " الثقات "(9 / 202 - 203) قال: " حدثنا عنه

المراوزة ". فقد روى عنه جمع، فإذا رجع الباحث إلى " التهذيب " وجد فيه أسماء

عشرة من الذين رووا عن محمود هذا، أكثرهم من كبار الحفاظ الثقات طبعا،

كالإمام البخاري كما تقدم وأحمد بن حمدون الأعمشي، ومحمد بن حمدويه، ومحمد

بن عبد الرحمن الدغولي، ولما ترجمه أبو يعلى الخليلي القزويني في كتابه "

الإرشاد في معرفة علماء الحديث " قال (3 / 900) : سمع منه أبو داود السجستاني

وابنه عبد الله، وآخر من روى عنه محمد بن حمدويه المروزي.. ". قلت: فهو

إذن من علماء الحديث، ومن شيوخ كبار الحفاظ، أفيقال في مثله: " لم يوثقه

غير ابن حبان "؟! زاد على ذلك أن ابن أبي حاتم قال (4 / 1 / 291) : " كان

ثقة صدوقا ". وإن مما يؤكد ما تقدم، وأنه ثقة يحتج به أمران اثنان: أحدهما

: أن الحافظ الخليلي نفسه احتج لإثبات أن حديث " قبض العلم " المروي في "

الصحيحين "، والمخرج عندي في " الروض " (579) من طرق عن هشام بن عروة عن

أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا، احتج الحافظ على أن له

ص: 672

أصلا محفوظا صحيحا من

رواية هشام أيضا عن أبيه عن عائشة، ساقه من طريق المروزي هذا عن ابن عيينة عن

هشام به. ثم قال الحافظ عقبه: " كلاهما محفوظان ". ذكره للحاكم أبي عبد الله

بطلب منه، قال الخليلي:" فاستجاد الحاكم واستحسن ". وفي ذلك دليل قوي على

أن المروزي عندهما ثقة يحتج به، ولولا ذلك لنسباه إلى الوهم لأنه خالف الطرق

بروايته هو عن ابن عيينة بسنده عن عروة عن عائشة رضي الله عنها. وإن مما يؤكد

ذلك أنه قد جاء من طرق أخرى عن عروة عنها عند مسلم (8 / 60 - 61) والطحاوي

في " المشكل "(1 / 127) والبزار (1 / 123 / 233) والخطيب في " التاريخ "

(5 / 313) . هذا هو الأمر الأول الدال على أن المروزي هذا ثقة حجة. وأما

الأمر الآخر: فهو أنني كنت ذكرت في خاتمة هذا التخريج أن الذهبي رحمه الله صحح

إسناد الحديث من طريق المروزي هذا، وأخونا الذي أنا في صدد الرد عليه على علم

بذلك، لأنه عزا الحديث إلى الذهبي في " السير " في نفس المجلد والصفحة التي

سبقت الإشارة إليها. فليت شعري ما الذي يحمل هؤلاء الشباب الناشئين والباحثين

على عدم الاعتداد بأحكام الحفاظ المخالفة لهم، طبعا لا أريد من هذا أن يقلدوهم

، وإنما أن يقدروا جهودهم وعلمهم وتمكنهم فيه، بحيث أنهم على الأقل لا

يتسرعون في إصدار الأحكام المخالفة لهم. وهذه ذكرى و * (الذكرى تنفع المؤمنين) *. وهنا سؤال يطرح نفسه - كما يقولون اليوم -: لماذا كتم الأخ الفاضل تصحيح

ص: 673

الذهبي المذكور؟! وهو يعلم من هو الذهبي حفظا ومعرفة بالرجال، والجرح

والتعديل؟ الوجه الآخر: قوله المتقدم: " وما ذكر أن البخاري أخرج له فقد رده

الحافظ.. " إلخ، ففيه نظر لأن الحافظ لم يتعرض في " هدي الساري " لذكر قول

ابن عدي إطلاقا، فلا يجوز القول بأنه رده. وإنما قال الأخ ما قال لظنه

التعارض بينهما ولا تعارض، لأن المثبت غير المنفي، فالذي أثبته ابن عدي يصدق

على شيوخ البخاري خارج " الصحيح "، وما نفاه الحافظ إنما هو فيما يتعلق بـ "

الصحيح "، فلا تعارض ولا رد. هذا آخر ما يتعلق بالنقطة الأولى، وخلاصتها

أن توثيق ابن حبان راوي حديث الترجمة توثيق صحيح لا وجه لرده، وأن حديثه صحيح

كما قال الحافظ النقاد: الإمام الذهبي. النقطة الثانية: أن الأخ لم يكن

دقيقا في نقده للحديث وبعض رواته، فقد عرفت من النقطة الأولى أنه لم يذكر

تصحيح الذهبي للحديث، وأقول الآن: وكذلك لم يذكر قول الحافظ في راويه (

المروزي) " صدوق "! وعلى خلاف ذلك تبنى قول الحافظ هذا في متابعه محمد بن

الفرج وهو القرشي الهاشمي مولاهم، وهو أقل ما قيل فيه، وإلا فقد وثقه

الحضرمي وابن أبي حاتم، والسراج وابن حبان، واحتج به مسلم، ولذلك قال

الذهبي في " الكاشف ": " ثقة ". ومن الواضح جدا أن تجاهله لأقوال هؤلاء

الأئمة، وتصحيح الذهبي لحديث المروزي، وعدم معرفته بكونه حجة عند الحافظ

الخليلي وغيره، إنما هو توطئة منه

ص: 674

لتوهين طريق المروزي بالجهالة، وطريق

محمد بن الفرج بأنها حسنة فقط، ولم يقف عند هذا فقط، بل شكك في حسنه أيضا

فقال: " لكن بقي النظر في السند من الإسماعيلي إليه، فإن كان منهم من تكلم

فيه، وإلا فهو صدوق، وسنده حسن في الظاهر "! فهذا منه صريح بأنه لم يقف

على إسناد الإسماعيلي وإلا لنظر فيه، ولما تصور خلاف الواقع فيه، فظن أن

بينه وبين محمد بن فرج جمع من الرواة، والحقيقة أنه ليس بينهما إلا شيخه

العباس بن أحمد الوشاء، وهو من الشيوخ الصالحين الدارسين للقرآن، روى عنه

ثلاثة من الثقات الحفاظ الإسماعيلي هذا، والخطبي، وأبو علي الصواف، كما في

" تاريخ بغداد "(12 / 151)(1) . فالسند إذن صحيح، لأن رجاله كلهم ثقات كما

هو مصرح في كتب القوم إلا الوشاء، وقد عرفت صلاحه ورواية الحفاظ عنه، ثم هو

متابع فلا يتعلق به إلا من يجهل هذه الصناعة. النقطة الثالثة: وهي أغربها

وأبعدها عن العلم، وذلك لأنه رجح رواية سعيد ابن منصور مع شكه وتردده بين "

المساجد الثلاثة " و " مسجد جماعة "، بحجة أن سعيدا أقوى من الثلاثة الذين

جزموا بـ " المساجد الثلاثة " ولم يشكوا، يعني المروزي وابن الفرج وهشام بن

عمار (2) . ولم ينتبه أخونا المشار إليه أن الشك ليس علما، وأنه يجب أن يؤخذ

من كلام الشاك ما وافق الثقات، لا أن يرد جزم الثقات بشك الأوثق، فيقال:

وافق سعيد الثقات في طرف من طرفي الشك: " المساجد الثلاثة " فيؤخذ بموافقته،

ويعرض عن شكه وهو قوله: " أو مسجد جماعة "،

(1) ولم يقف عليه الدكتور زياد محمد منصور المعلق على " المعجم "(2 / 721) .

(2)

وخفي عليه الثقتان الآخران (سعيد بن عبد الرحمن) وهو المخزومي، و (

محمد بن أبي عمر) وهو الحافظ العدني. اهـ.

ص: 675