الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا ساكِنَ الدّارَ تَبْنِيها وَتَعْمُرُها
…
وَالدّارُ دارُ مَنِياتٍ وَأسْقامِ
لا تَلْعَبَنَّ بِكَ الدُّنْيا وَخُدْعَتُها
…
فَكَمْ تَلاعَبَتِ الدُّنْيا بِأقْوامِ
يا رُبَّ مُقْتَصِدٍ عَنْ غَيْر تَجْرِبَةٍ
…
ومُعْتَدٍ بَعدَ تَجْريبٍ وإحْكامِ
وَرُبَّ مُكْتَسِبٍ بِالْحِلْمِ واقِيَةً
…
وَرُبَّ مُسْتَهْدِفٍ بِالْبَغْيِ لِلرّامي
وقال رحمه الله:
أيا عَجَبَ الدُّنْيا لِعَيْنٍ تَعَجَّبَتْ
…
وَيا زَهْرَةَ الأيَامِ كَيْفَ تَقَلَّبَتْ
تُقَلِّبُني الأَيّامُ عَوْدًا وَبَدْأةً
…
تَصَعَّدَتِ الأَيامُ لِيْ وَتَصَوَّبَتْ
وَعاتَبتُ أيْامِي عَلى مَا تَروعِني
…
فَلَمْ أَرَ أيّامِي مِنَ الرَّوْعِ أَعْتَبتْ
سَأَنْعي إلى الناسِ الشَّبابَ الَّذي مَضى
…
تَخَرَّمَتِ الدُّنْيا الشَّبابَ وشَيِّبَت
ولِيْ غايَةٌ يَجْري إلَيْها تَنَفُّسي
…
إذا ما انْقَضَتْ تَنْفيسَةٌ لِيْ تَقَرَّبَتْ
وتُضْرَبُ لِي الأَمْثالُ في كُلِّ نَظْرَةِ
…
وَقَدْ حَنَّكَتْنِي الحادِثاتُ وَجَرَّبَتْ
تَطَرَّبُ نَفْسي نحْوَ دُنيا دَنِيَّةٍ
…
إلى أيِّ دَارٍ وَيْحَ نَفْسي تَطَرَّبَتْ
وأُحْضِرَتِ الشُّحَّ النُّفوسُ فَكُلُّها
…
إذا هِيَ هَمَّتْ بالسَّماحِ تَجَنَّبَتْ
لَقَدْ غَرَّتِ الدُّنْيا قُرونًا كَثيرَةً
…
وأَتْعَبَتِ الدُّنْيا قُرُوُنًا وأنْصَبَتْ
هِي الدّارُ حادي الْمَوْتِ يَحْدو بأهْلِها
…
إذا شَرَّقَتْ شَمْسُ النِّهارِ وَغَربَتْ
بُليتُ مِنَ الدُّنْيا بِغُولٍ تَلَوَّنَتْ
…
لَها فِتَنٌ قَدْ فَضَّضَتْها وَذَهَّبَتْ
وما أعْجَبَ الآجالَ في خُدَعاتِها
…
ومَا أعْجَبَ الأرْزاقَ كَيْفَ تَسَبَّبَتْ
رَأيتُ بَغيضَ النَّاسِ مَنْ لا يُحِبُّهُمْ
…
يَفُوزُ بِحبِّ النَّاسِ نَفْسٌ تَحَبَّبَتْ
وقال رحمه الله:
حِيَلُ الْبِلَى تَأْتِي عَلَى المُحْتَالِ
…
ومَسَاكِنُ الدُّنْيَا فَهُنَّ بَوَالِ
شُغِلَ الأُلى كَنَزوا الْكُنوزَ عنِ التُّقى
…
وَسَهَوا بِباطِلِهِمْ عَنِ الآجَالِ
سَلِّم على الدُّنْيا سَلامَ مُودَّعٍ
…
وارْحَلْ فَقَدْ نُودِيتَ بالتِّرْحالِ
ما أَنْت يَا دُنْيا بِدَارِ إِقَامَةٍ
…
مَا زِلْتِ يَا دُنْيا كَفَيءِ ظِلالِ
وَخُفَفْتِ يَا دُنْيا بِكُلّ بَلِيِّةٍ
…
وَمُزِجْتِ يَا دُنْيَا بِكُلِّ وَبَالِ
قَدْ كُنْتِ يَا دُنْيا مَلَكْتِ مَقادَتِي
…
فَقَرَيْتِيني بوَساوِس وَخَبَالِ
حَوَّلْتِ يَا دُنْيا جَمَالَ شَبِيْبَتِي
…
قُبْحًا فَماتَ لِذَاكَ نُورُ جَمَالِي
غَرَسَ التَّخَلُّصُ مِنْكِ بَيْنَ جَوانِحِي
…
شَجَرَ القَنَاعَةِ والقَنَاعةُ مَالِي
الآنَ أَبْصَرْتُ الضَلالَةَ وَالْهُدَي
…
والآنَ فِيْكَ قَبِلْتُ مِن عُذَّالِي
وَطَوَيْتُ عَنْكِ ذُيولَ بُرْدَيْ صَبْوَتِي
…
وقَطَعْتُ حَبْلَكِ مِن وِصَالِ حِبَالِي
وَفَهِمْتُ مِن نُوَبِ الزَّمانِ عِظَاتِهَا
…
وَفَطِنْتُ لِلأَيَامِ وَالأَحْوَالِ
وَمَلَكْتُ قَوْدَ عِنانِ نَفْسِي بالهُدى
…
وَطَوَيْتُ عَن تَبْعِ الهَوَى أَذْيَالِي
وتَنَاوَلْتْ فِكْري عَجَائِبُ جَمَّةٌ
…
بِتَصَرُّفٍ فِي الحالِ بَعْدَ الحالِ
لَمَّا حَصَلْتُ عَلى القَنَاعَةِ لمْ أَزَلْ
…
مَلِكًا يَرى الإِكْثارَ كالإِقْلالِ
إِنَّ القَنَاعَةَ بِالْكِفَافِ هِيَ الْغِنَى
…
والْفَقْرُ عَيْنُ الفَقْرِ في الأَمْوَالِ
مَنْ لمْ يَكُنْ في اللهِ يَمْنَحُكَ الْهَوَى
…
مَزَجَ الْهَوَى بِمَلالَةٍ وَثِقالٍ
وَإذا ابْنُ آدَمَ نالَ رِفْعَةَ مَنْزِلٍ
…
قُرِنَ ابْنُ آدَمَ عِنْدَها بسِفَالِ
وَإذا الفَتَى حَجَبَ الهَوَى عَن عَقْلِه
…
رَشَدَ الفَتَى وَصَفَا مِن الأَوْجَالِ
وإذا الفتى خبط الأمور تعسفا
…
حمد الحرام وذم كل حلال
وَإذا الفَتَى لَزِمَ التَّلَوُّنَ لَمْ يَجِدْ
…
أَبَدًا لَهُ، في الوَصْلِ طعمَ وِصَالِ
وَإِذا تَوَازَنَتِ الأُمُورِ لِفَضْلِهَا
…
فَالدّينُ مِنْها أَرْجَحُ الْمِثقْالِ
أَمْسَتْ رِياضُ هُداكَ مِنْكَ خَوالِيًا
…
وَرِياضُ غَيِّكَ مِنْكَ غَيْرُ خَوالِ
قَيِّدْ عَنْ الدُّنْيا هَواكَ بِسَلْوَةٍ
…
وَاقْمَعْ نَشاطَكَ فِي الْهَوَى بِنَكالِ
وَبِحَسْبِ عَقْلِكَ بالزَّمانِ مُؤدِّبًا
…
وَبِحَسْبِهِ بِتَقَلُّبِ الأَحْوالِ
بَرِّدْ بيأسِكَ عَنْكَ حَرَّ مَطَامِعٍ
…
قَدَحَتْ بِعَقْلِكَ أَثْقَبَ الأَشْعَالِ
قاتِلْ هَواكَ إِذَا دَعاكَ لِفِتنَةٍ
…
قاتِلْ هَواكَ هُناكَ كُلَّ قِتالِ
إِنْ لَمْ تَكُنْ بَطَلاً إِذَا حميَ الوَغَي
…
فَاحْذَرْ عَلَيْكَ مَوَاقِفَ الأَبْطَالِ
اخْزُنْ لِسَانَكَ بالسُّكوتِ عَنِ الخَنَا
…
وَاحْذَرْ عَلَيْكَ عَوَاقِبَ الأَقْوَالِ
وإذا عَقَلْتَ هَوَاكَ عَن هَفَوَاتِهِ
…
أَطْلَقْتَهُ مِن شِيْنِ كُلِّ عِقَالِ
وإذا سَكَنْتَ إِلى الهُدَى وَأَطَعْتَهُ
…
أُلْبِسْتَ حِلَّةَ صَالحِ الأَعْمَالِ
وإذا طَمِعْتَ لَبِسْتَ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ
…
إِنَّ المَطَامِعَ مَعْدِنُ الإِذْلالِ
وإذا سَحَبْتَ إِلى الهَوَى أَذْيَالَهُ
…
كَسَبَتْ يَداكَ مَوَدَّةَ الجُهَالِ
وإذا حَلَلْتَ عَنْ اللِّسانِ عِقَالَهُ
…
أَلقَاك مِن قِيْلٍ عَلَيْكَ وَقَالِ
وإذا ظَمِئْتَ إِلى التُّقَى أَسْقَيْتَهُ
…
مِنْ مَشْرَبٍ عَذْبِ المَذاقِ زُلالِ
وإذا ابْتُليتَ بِبَذْلِ وَجْهِكَ سَائِلاً
…
فَابْذُلْهُ لِلْمُتَكَرّمِ المِفْضَالِ
إِنَّ الْكَريمَ إِذَا حَباكَ بِوَعْدِهِ
…
أَعْطَاكَهُ سَلِسًا، بِغَيرِ مِطالِ
مَا اعْتاضَ باذِلُ وَجْهِهِ بِلِسانهِ
…
عِوَضًا وَلَوْ نالَ الْغِنَى بِسُؤالِ
وإذا السُّؤالُ مَعَ النَّوالِ قَرَنْتَهُ
…
رَجَحَ السُّؤالُ وَخَفَّ كُلُّ نَوالِ
عَجَبًا عَجِبْتُ لِمُوْقِنٍ بِوَفَاتِهِ
…
يَمْشِيِ التَّبَخْتُرَ مِشْيَةَ المُخْتَالِ
رَجِّ العُقُولَ الصَّافِياتِ فإنها
…
كَنْزُ الكُنُوزِ وَمَعْدِنُ الإِفْضَالِ
صَافِ الكِرَامَ فإنهم أَهْلُ النُّهَى
…
وَاحْذَرْ عَلَيْكَ مَوْدَةَ الأَنْذَالِ
صِلْ قاطِعيكَ وَحَارِمِيكَ وَأَعْطِهِم
…
وإذا فَعَلْتَ فَدُمْ بِذاكَ وَوالِ
وَالْمَرءُ لَيْسَ بِكامِلٍ في قَوْلِهِ
…
حَتَّى يُزَيِّنَ قَوْلَهُ بِفَعالِ
ولَرُبَّما ارْتَفَعَ الوَضِيعُ بِفِعِلهِ
…
وَلَرُبَّما سَفَلَ الرَّفيعُ العَالِي
كَمْ عِبْرَةٍ لِذَوي التَّفَكُّرِ والنُّهَى
…
في ذا الزَّمانِ وَذَا الزَّمَانِ الخَالِي
كَمْ مِن ضَعِيْفِ الْعَقْلِ زَيَّنَ عَقْلَهُ
…
مَا قَدْ رَعَى وَوَعَى مِنَ الأَمْثَالِ
كَمْ مِنْ رِجالٍ في الْعُيونِ وَمَا هُمُ
…
في الْعَقْلِ إِنْ كَشَفَّتَهُم بِرِجالِ