الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القَصِيدَةُ الزَّينَبِيَّة
ضرَمَتْ حِبَالَكَ بَعد وصلك زينبُ
…
والدَّهر فيه تصرُّمٌ وتقلُّبُ
واستنفرتْ لَمّا رأتك وطالما
…
كانت تحن إلى لقاك وترهبُ
فدع الصبا فلقد عداك زمانه
…
وازهدْ فعمرك منه ولَّى الأطيب
ذهب الشباب فما له من عودةٍ
…
وأتى المشيب فأين منهُ المهربُ
ضيف ألم إليك لم تحفل به
…
فترى له أسفًا ودمعًا يُسكَبُ
دع عنك ما قد فات في زمن الصِّبا
…
واذكُر ذُنُوبَكَ وابكها يا مُذنِبُ
واخش مُناقشة الحساب فإنَّهُ
…
لا بُد يُحصَى ما جنيتَ ويكتبُ
لم يَنْسَهُ الملكانِ حين نسيتهُ
…
بل أثبتاه وأنت لاهٍ تلعبُ
والروحُ فيكَ وديعةً أُودعِتَها
…
سترُدُّها بالرغم منك وتُسلبُ
وغُرور دُنياك التي تسعى لها
…
دارٌ حقيقتُها متاعٌ يذهبُ
والليل فاعلم والنهار كلاهما
…
أنفاسنا فيها تُعدُّ وتُحسبُ
وجميعُ ما حصلته وجمعته
…
حقًّا يقينًا بعد موتك يُنهَبُ
تبًا لدار لا يدومُ نعيمها
…
ومشيدها عما قليلَ يَخْرَبُ
فاسمع هُديتَ نصائحًا أولاكها
…
بَرُّ نصوح عاقل متأدبُ
صحب الزمان وأهله مستبصرًا
…
ورأى الأمور بما تئوب وتعقبُ
أهدى النصيحة فاتَّعظ بمقالِهِ
…
فهو التقيُّ اللَّوذَعِيُّ الأدرب
لا تأمن الدهرَ الصروفَ فإنَّه
…
لا زال قِدْمًا للرجال يُهذْبُ
وكذلك الأيان في غصَّاتِها
…
مضضٌ يذِلُّ له الأعزُّ الأنجبُ
فعليك تقوَى اللهِ فالزمها تَفزْ
…
إنَّ التقيَّ هو البَهيُّ الأهيبُ
واعمل لطاعته تَنلْ منه الرضا
…
إنَّ المطيعَ لربِه لمقرَّبُ
فاقنع ففي بعض القناعة راحةٌ
…
واليأس مما فات فهو المطلبُ
وإذا طمعت كُسيت ثوب مذلةٍ
…
فلقد كُسي ثوب المذلة أشعبُ
وألقِ عدوَّك بالتحية لا تكن
…
منه زمانك خائفًا تترقَّبُ
واحذره يومًا إنْ أتى لك باسمًا
…
فالليث يبدو نابه إذ يغضبُ
إنَّ الحقودَ وإنْ تقادم عهده
…
فالحقدُ باقٍ في الصدورِ مُغيٍّبُ
وإذا الصديق رأيته متعلقًا
…
فهو العدو وحقه يتجنَّبُ
لا خير في ود امرئ متملقٍ
…
حلو اللسان وقلبه يتلهَّبُ
يلقاك يحلف إنَّه بك واثقٌ
…
وإذا توارى عنك فهو العقربُ
يعطيك من طرف اللِّسان حلاوةً
…
ويروغ منك كما يروغ الثعلبُ
واختر قرينك واصطفيه تفاخرًا
…
إن القرين إلى المقارن يُنسَبُ
إنَّ الغنيَّ من الرجال مكرم
…
وتراه يُرجى ما لديه ويُرهَبُ
ويُبشُّ بالترحيب عند قدومهِ
…
ويُقام عند سلامهِ ويُقَرَّبُ
والفقر شين للرجال فإنهُ
…
يُزْرَى به الشهمُ الأديبُ الأنسبُ
واخفض جناحك للأقارب كلَّهمْ
…
بتذلل واسمح لهم إنْ أذنبوا
ودع الكذوب فلا يكن لك صاحبًا
…
إنَّ الكذُوبَ لبئس خِلاُّ يُصْحَبُ
وذر الحسودَ ولو صفا لك مرةً
…
أبعدْه عن رؤياك لا يُستَجلَبُ
وزنِ الكلام إذا نطقت ولا تكن
…
ثرثارةً في كل نادٍ تَخْطُبُ
واحفظ لسانك واحترز من لفظه
…
فالمرء يسلم باللسانِ ويَعطِبُ
والسرَّ فاكتمْه ولا تنطق به
…
فهو الأسير لديك إذ لا يُنشَبُ
واحرص على حفظ القلوب من الأذى
…
فرجوعها بعد التنافر يَصعُبُ
إنَّ القلوبَ إذا تنافرَ وُدها
…
شِبْهُ الزُّجاجة كسرُها لا يُشْعَبُ
وكذاك سر المرء إنْ لم يطوِهِ
…
نشرته ألسنة تزيد وتكذبُ
لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليس بزائدٍ
…
في الرزق بل يُشْقِي الحَريص ويُتعِبُ
ويظلُّ ملهوفًا يروم تحيلاً
…
والرزق ليس بحيلةٍ يُسَتجْلَبُ
كم عاجزٍ في النَّاسِ يُؤتى رزقه
…
رغدًا ويُحرمَ كيِّسٌ ويَخَيِّبُ
أدِّ الأمانة والخيانة فاجتنِبْ
…
واعدل ولا تظلم يطيبُ المكسَبُ
وإذا بليتَ بنكبةٍ فاصبِرْ لها
…
من ذا رأيتَ مُسلَّمًا لا يُنكَبُ
وإذا أصابك في زمانك شدَّةٌ
…
وأصابَك الخطبُ الكرِيهُ الأصعَبُ
فادعُ لربك إنه أدنى لِمنْ
…
يدعوه من حبل الوريد وأقربُ
…
كنْ ما استطعت عن الأنام بمعزل
…
إنَّ الكثير من الورى لا يُصحبُ
واجعل جليسك سيدًا تحظى به
…
حَبرٌ لبيبٌ عاقلٌ متأدبُ
واحذر من المظلوم سهمًا صائبًا
…
واعلم بأنَّ دعاءَهُ لا يُحْجَبُ
وإذا رأيتَ الرزقَ ضاق ببلدةٍ
…
وخشيتَ فيها أنْ يَضيق المكسبُ
فارحل فأرض الله واسعة الفضا
…
طولاً وعرضًا شرقها والمغربُ
* * *