الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُحَمدٍ الهادِي إلى سُنَنِ الهُدَى
…
فَصَلِّى عَلَيهِ اللهُ والآلُ أهْلِينَا
القول الأسنى
في نظم الأسماء الحسنى
تأليف الشيخ
حسين بن علي بن حسين بن شيخ الإسلام
محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى
جَميعُ الثَّنا والحمدُ بالشكْرِ أكْملُ
…
وللهِ مَجمُوعُ الثلاثة أجعَلُ
له الحمد أغلى الحمد والشكر والثنا
…
أعَزَّ وأزْكَى ما يكونُ وأفْضَلُ
له الحمدُ حَمْدًا طيبًا ومباركًا
…
كثير فضيل حاصلٌ متحصلُ
مَلَا العَرشَ والكُرسِيَّ مَعَ الأَرْضِ والسما
…
ومِلءَ الذي بَينَ الطَرائِقِ يَفْصِلُ
وإني بحمدِ الله والشكرِ والثنا
…
لِنَيلِي مِن اللهِ الرِضَا أتَوسَّلُ
إلى الله أُهْدِي الحمدَ والشكرَ والثَّنَا
…
لَه الحمدُ مَولَانَا عليه المُعوَّلُ
وأشهد أن الله لا رَبَّ غَيرَه
…
كَريمٌ رَحِيمٌ مُرْتَجَى ويُؤَمَّلُ
وأشهدُ أَنَّ مَا رَبَّ بَلّ لَا مُدِبِّرٌ
…
سِواهُ ولَولاهُ الوُجُودُ مُعَطَّلُ
قَدِيرٌ كَرِيمٌ مُحْسِنٌ وله البَقَا
…
جَوادٌ ولِلْخَيراتِ فهو المُنَوّلُ
ومَن دُونَه عَبدٌ ذليلٌ مُدَبَّرٌ
…
مُقِلٌّ مِن الأوزارِ أو مُتَحَمِّلُ
هُوَ الله ذُو العِزِ القَدِيم إلَهنَا
…
عَزِيزٌ مُعِزٌ مَنْ لَهُ يَتَذَلَّلُ
هَوَ الواحِدُ الفردُ المهيمن ربنا
…
هو الواحدُ المَوجُودُ والمُتَفَضِّلُ
جَوادٌ كَريمٌ مُحْسنٌ دَائِمُ النَّدَى
…
وَجَودَاهُ لا تَبْلَى ولا تَتَبَدلُ
عَفُوٌ يُحبُ العفوَ مِن كُلِّ خَلْقِهِ
…
عن الجُودِ والإحسانِ لا يَتَحَوَّلُ
إذا سُئِلَ الخيراتِ أَعْطَى جَزِيلَها
…
ويَرفَعُ مَكْرْوهَ البَلا ويُزَوَّلُ
تَبارَكَ فَهْوَ اللهُ جل جلاله
…
جَوادٌ كَريمٌ كَامِلٌ لا يُمَثَّلُ
يَسِحُ من الخَيراتِ سَحًا عَلى الوَرَى
…
فَيغْنِي ويقْنِي دَائِمًا ويُحَوَّلُ
تَجِلُّ عن الأَوصَافِ عِزَّةُ ذَاتِهِ
…
أَعَزّ مِن الأَوصَافِ أَعْلَى وأكْمَلُ
إذَا أكْثَر المُثْنِي عَليه مِن الثَّنَا
…
فَذُو العَرْشِ أعْلَى في الجَلالِ وأَجْمَلُ
بِأسْمَائِهِ الحُسْنَى مَا يُؤْذِنَ الوَرَى
…
عَلَى بَعْضِ مَدْلُولاتِهَا لَو تَأمَّلُوا
…
فَفِي اسْمِهِ «ربُّ» مُدَبِّرُ خَلْقَهُ
…
وفي «اللهِ» مَعْنَىً لِلْعِبادَةِ يَشْمَلُ
وفي اسْمِهِ «اللهُ» الإِلهُ إشَارَةٌ
…
إلى أنَّه المَعْبُودُ والنِّدُ يَبْطُلُ
وفي اسْمِهِ «الغَفَّارُ» يَغْفِرُ لِلْوَرَى
…
إذا انْتَقَلُوا عن غَيهِم وتَنَقَّلُوا
وفي اسْمِهِ «القَاضِي» فَيَقْضِي بِمَا يَشَاء
وفي «قَادِرِ» ما شَاءَ رَبُّكَ يَفْعَلُ
…
وفي اسْمِهِ «الأعْلَى» عُلُوُّ جَلَالِهِ
…
وفي اسْمِهِ «الصَّبَارُ» يُمْلِي وَيُمْهِلُ
وفي اسْمِهِ «الفَّعَالُ» يَفْعَلُ مَا يَشَاه
…
حَكِيمٌ فَلا عَمَّا يَدَبِّرُ يُسْألُ
وفي اسْمِهِ «الجَبَّارُ» يَجْبُر كَسْرَنَا
…
ولِلعُسْرِ باليُسْرَينِ فِينَا يُبَدِّلُ
وفي اسْمِهِ «الجَبَّارُ» رِفْعَةُ ذَاتِهِ
…
وَأخْذٌ عَلَى العَاصِي شَدِيدٌ ومُعْضِلُ
وفي اسْمِهِ «المُعْطِي» الكَريم دَلَالَةٌ
…
عَلَى أنَّهُ يُعْطِي دَوَامًا ويَبْذِلُ
وفي اسْمِهِ «السَّتَارُ» أسْتَارُهُ الَّتِي
…
عَلَى أَكْثَر العَاصِينَ تُرْخَى وتُسْدَلُ
وفي اسْمِهِ «البَاقِي» دَليلٌ بَقَائِهِ
…
جَدِيدًا وأنَّ الخَلْقَ يَبْلَى ويُسْمَلُ
وفي اسْمِهِ «القَيُومُ» أهْدَى دَلَالَةً
…
عَلَى أنَّهُ عَن خَلْقِهِ لَيسَ يَغْفُلُ
وفي اسْمِ «عَزْيزٍ» عِزَّةٌ مُسْتَمِرَّةٌ
…
بِهَا يُهْلِكُ العَاصِي لَهُ ويُنَكِّلُ
وفي «ناصرٍ» نَصْرُ لِمَنْ شَاء إذْ يَشَا
…
ومَن لا يَشَا يَبْقَى حَسِيرًا وَيُخْذَلُ
وفي اسْمِهِ «الهادِي» فَيَهْدِي إلى الهُدَي
…
ويَهْدِي إلى النَّهْدَينِ في المَهْدِ أَطْفُلُ
وفي اسْمِهِ «الكَافِي» الوَكِيل وفي اسْمِهِ
…
«حَسيبٍ وَكيلٌ» أنَّهُ لَيسَ يُهْمِلُ
وفي اسْمِهِ «الرحمنِ» رَحْمَتهُ الوَرَى
…
وفي اسْمِهِ «ربِّ» عَلَيهِ التَّوكُلُ
وفي اسْمِهِ «القَاضِي» فَيَقْضِي بِمَا يَشَا
…
ويَقْضِي غَدًا بَينَ البَرايَا فَيَعْدلُ
وفي اسْمِهِ «الخلَاّقُ» لَمْ يَخْلُقِ الوَرَى
…
سِوَاهُ «جَوَادٌ» دَائمٌ لَيسَ يَغْفُلُ
وفي اسْمِهِ «البارِي» بَرَى كُلَّ خَلْقِهِ
…
وَألْطَافُه تَتْرَى دَوَامًا وَتَنْزِلُ
«عَليمٌ» فَلا يَخْفَي عَليهَ مِن الوَرَى
…
ولَو غَابَ في شِقِّ من الأَرضِ خَرْدَلُ
«حَسيبٌ» فَيُحْصِي كُلَّ شَيءٍ وفي الذِي
…
جَرَى بَينَنَا يَومَ القِيَامةِ يَفْصِلُ
«خَبِيرٌ» فَيَقْضِي مَا يَشَاءُ وكُلَّ مَا
«
…
قَضَاه مَضَى حَتْمًا ولا يَتَفتَّلُ
«لَطِيفٌ» بِألَطْافٍ كثرٍ وبَعْضُها
…
يُرَى ظَاهرًا بَينَ الوَرَى يَتَخَلَّلُ
«سَمِيعٌ» فَلَا صَوتٌ خَفيٌ يَفُوتُهُ
…
وَإنْ دَقَّ جِدًا واخْتَفَى لَيسَ يُشْكِلُ
و «برٌ» يُحبُّ البِرَّ يَرْفَعُ أَهْلَهُ
…
عَلَى النَّاسِ في يَومِ الجَزَاءِ يُفَضِّلُ
«حَكِيمٌ» فَيَقْضِي مَا يَشاءُ بِحِكْمَةٍ
…
«حَليمٌ فلا يَخْشَي فَواتًا فَيُعْجِلُ
…
«كَبِيرٌ جَليلٌ مَاجِدٌ وَاجِدٌ» لَهُ
…
مِن الجُودِ والإِحسانِ مَا لَيسَ يُجْهَلُ
«ودودٌ رُحِيمٌ» بالمطِيعِ مِن الوَرَى
…
فَمَنْ جَاءَهُ يَمْشِي أَتَاهُ يُهْرْوِلُ
وفي اسْمِهِ «التوابِ» يَقْضِي بِتَوبَةٍ
…
لِمَنْ تَابَ صِدْقًا يَسْتَجِيبُ وَيَقْبَلُ
وفي «أحَدٍ» سُبْحَانَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ
…
نَظِيرٌ ولا مِثْلٌ بِهِ يَتَمَثَّلُ
وفي «صَمَدٍ» سُبْحَانَه يَصْمُدُ الوَرَى
…
إِليهِ جَمِيعًا أَصمدٌ لَيسَ يَأْكُلُ
وفي اسْمِهِ «الأعْلَى» كَمالُ عُلُوه
…
أَعَزَّ وَأَعْلَى مَا يَكُونُ وَأكْمَلُ
وفي اسْمِهِ «المُعْطِي» يُغْيِثُ إِغَاثَةً
…
بِهَا كَرْبُ مَن يَدْعُو بِهِ يَتَحَلَّلُ
وفي اسْمِ «مُجَيبٍ» يَسْتَجِيبُ لِمَنْ دَعَا
…
وَيُعْطِي لِمَنْ شَا مَا يَشَا حِينَ يُسْأَلُ
وفي كُلِّ اسْمٍ لِلْإِلهِ دِلالةٌ
…
وفيها مَعَانِي جُودِهِ لَو تَأمَّلُوا
وفي كُلِّ فردٍ لَو أُحيطَ بِعلْمهِ
…
مَعَانٍ وَلَكَنْ مَنْ لَهَا يَتَوَصَّلُ
يَبْيَنُ وَيَبْدُو بالتَّأمُلِ بَعْضُهَا
…
تَأمُّلُ مَن في عِلْمِهَا مُتَوَغِّلُ
يَبِينُ لِمَنْ يَتْلُو الكتابَ مُرَتِلاً
…
وَمُدَّبِرًا آيَاتِهِ يَتَعَقَّلُ
هُوَ اللهُ فَوقَ العرشِ عَالٍ عَلَى الوَرَى
…
عَليه اسْتَوى كَيفَ اسْتَوى لَيسَ يُعْقَلُ
أَبانَ لَنَا فِي الذِكْرِ عِلْمَ اسْتَوائِهِ
…
عَلَى عَرْشِهِ والكَيفُ يَخْفَى وَيُجْهَلُ
وَمن قَالَ في كيفَ اسْتَوى فَهْوَ كَاذِبٌ
…
عَلَى اللهِ فِيمَا قَالَه مُتَقَوِّلُ
وَمذْهبُنَا: أنْ لا نُشَّبِهَ رَبَّنا
…
وأنْ لا نَقْلْ: كَيفَ اسْتَوَى أَو نُعِطِّلُ
وأشْهدُ أَنَّ اللهَ لَيسَ كَمِثْلِهِ
…
لَهُ العِزُّ والتَّدبِيرُ والحُكْمُ والعُلُو
وأشْهَدُ أَنَّ «الأوَّلُ» اللهُ وَحْدَه
…
وَ «آخِرُ» يَبْقَى سَرْمَدًا يَتَبَتَّلُ
هُو اللهُ مُبْسُوطُ اليَدَينِ كِلَاهُمَا
…
تَسِحُ مِن الإِحسانِ سَحَّاءَ وتَهْطُّلُ
إذا وَعَدَ المَوعُودَ أنْجَزَ وَعْدَهُ
…
سَرِيعًا بِلَا رَيبٍ ولا شَكَّ يَحْصُلُ
«قَرِيبٌ مُجِيبٌ» يَسْتَجِيبُ لِمَنْ دَعَا
…
«جَوَادٌ» إذا أعْطَى العَطا يَتَجَزَّلُ
يَسِحُ مِن الإحسانِ سَحًا عَلَى الوَرَى
…
«وَهُوبٌ، جَوادٌ، مُحْسنٌ» مُتَفَضِّلُ
تَبَارَكَ لا يُحصَي عَلَى ذَاتِهِ الثَّنَا
…
وَلَو بِالثَّنَا كُلُ الخَلائِق أَجْمَلُوا
إذا كَانَ شُكْرُ العَبْدِ نَعْمَاهُ نِعْمَةً
…
فأينَ يُطَاقُ الشُكْرُ مِن أَينَ يَحْصُلُ
فَسُبْحَانَ مَن كُلُ الوَرَى سَجَدُوا لَهُ
…
إذا سَبَّحُوا أَو كَبَّرُوهُ وَهَلَّلُوا
قَضَى الله أَنْ لا يَعْبُدُ الخَلْقُ غَيرهُ
…
وأنْ لَا بِهِ شيءٌ وإنْ جَلَّ يَعْدِلُ
«عَلِيمٌ» بأحْوَالِ الوَرَى وبِمَا جَرَى
…
ومَا لَيسَ يَجْرِي لَو جَرَى كَيفَ يَحْصُلُ
…
«لَطِيفٌ» فَلا يَخْفَى عَلِيهِ مِن الوَرَى
…
خَفِيٌّ ولَا يَنْسَى وَلَا الربُّ يَذْهَلُ
لَهُ تُرْفَعُ الأَعْمَالُ في كُلِّ لَحْظَةٍ
…
بِأيدِي كِرامٍ كَاتِبينَ وتُحْمَلُ
عَلَيهِ اعْتَمادِي واتْكَالِي وَرَغْبَتِي
…
وَإِصْلاحُ شأْنِي مُجْمَلٌ وَمُفَصَّلُ
تَعَالَى فَأخْلَاقُ البَرايَا بِمَا قَضَي
…
وقَدَّرَهُ مِن أيِّ شَكْلٍ تَشَكَّلُوا
فَمِنْهُمْ مُنِيبٌ مُسْتَجِيبٌ لِرَبِهِ
…
صَبُورٌ عَلَى الضَّرَا لَهَا يَتَحَمَّلُ
يُجِبُّ اكْتِسَابَ الصَّالِحَاتِ مِن التُّقَى
…
ومِن زِينَةِ الدُّنْيَا مُقِلٌ مُقَلِّلُ
مُطْيعٌ سِرِيعٌ في أَوَامِرِ رَبِّهِ
…
مُنِيبٌ إلى مَعْبُودِهِ مُتَذَلِّلُ
كَثِيرُ البُكَا مِن خَشْيَةِ اللهِ رَبَّهِ
…
مَفَاصِلهُ يُخْشَيى عَلَيها تَفَصَّلُ
لَه في النَّدَى رَوضُ وَفِي الجُودِ مَنْهَلٌ
…
ومِنْ ذَا إلى ذَا دَائِمًا يَتَنَقَّلُ
إِذا جئْتَهُ تَبْغِي النَّدَىَ وَجَدْتَهُ
…
رَحْيَبًا خَصِيبًا بِالنَّدى يَتَهَلَّلُ
يُبَادِرُ في المَعْرُوفِ مَهْمَا أَتَيتَهُ
…
كَأنَّكَ تُعْطِيهِ الذِي أَنْتَ تَسْألُ
يُجِبُّ اكْتَسَابَ المَالِ وَالجُودُ عِنْدَهُ
…
أَعَزُّ مِن الدُّنْيَا جَمِيعًا وَأفْضَلُ
تَقِيُّ نَقِيُّ العِرْضِ مَصْحُوبُهُ النَّدَى
…
زَهِيٌّ بَهِيٌ إنْ تَكَلَّمَ مِقْوَلُ
جَرِيءٌ عَلَى الأَعْدَا قَرِيبٌ مِن النَّدَى
…
سَرِيعٌ إلى الهَيجَا يَقُولُ وَيَفْعَلُ
قَرِيبٌ النَّدى والجُودِ مَا حَلَّ حَلَّهُ
…
وأنْ يَرْتَحِلْ يَتْبَعْهُ حَالاً ويَرْحَلُ
جَمِيعُ صِفَاتِ الجُودِ مُسْتَوجِبٌ لَهَا
…
مِن الأصْلِ في أصْلِ النَّدَى مُتَأصِّلُ
وفي الناسِ مَن يَبْذُلْ لِدُنْيَاهُ دِينَهُ
…
ويَرضَى بِذَا عن ذا بَدِيلاً يُبَدَّلُ
يَنَالُ بِهِ مَالاً وجَاهًا ورِفْعَةً
…
ويَشْقَى ويَرْدَى في المعَادِ وَيَسْفُلُ
وَفِي الناسِ مَن ظُلْمُ الوَرَى عَادةٌ لَهُ
…
وَيَنْشُرُ أَعْذَارًا بهَا يَتَأوَّلُ
جَرِيءٌ عَلَى أَكْلِ الحَرامِ ويَدَّعِي
…
بأنَّ لَهُ في حِلَّ ذلك مَحمَلُ
فَيَا آكِلَ المَالَ الحرامَ أَبِنْ لَنَا
…
بأي كتابٍ حِلُّ مَا أَنْتَ تَأْكُلُ
ألَمْ تَدْرِ أنَّ الله يَدْرِي بِمَا جَرَى
…
وبَينَ البَرايا فِي القَيِامَةِ يَفْصِلُ
حَنَانِيكَ لَا تَظْلِمْ فإنَّكَ مَيِّتٌ
…
وبالموتِ عَمَّا قَدْ تَوَلَّيتَ تُسْألُ
وتُوقَفُ لِلْمَظْلُومِ يَأْخُذٌ حَقَّهُ
…
فَيَأْخُذُ يَومَ العَرْضِ مَا كُنْتَ تَعْمَلُ
وَيأخذُ من وزرِ لمنْ قَد ظَلَمْتَهُ
…
فَيَأْخُذُ يَومَ العَرْضِ مَا كُنت تَعْمَلُ
فَيَأْخُذُ مِنْكَ اللهُ مَظْلَمَةَ الذِي
…
ظَلَمْتَ سَرِيعًا عَاجِلاً لا يُؤَجَّلُ
تَفِرُّ من الخَصْمِ الذِي قَدْ ظَلَمْتَهُ
…
وأنْتَ مَخْوفٌ مُوجَفُ القَلْبِ مُوجَلُ
…
تَفِرُّ فَلا يُغْنِي الفِرَارُ مِن القَضَا
…
وأن تتوجَّل لا يفيد التوجُّل
فَيَقْتَصُ مِنْكَ الحقَ مَنْ قَدْ ظَلَمْتَهُ
…
بِلَا رَأْفَةٍ كَلَاّ ولا مِنْكَ يَخْجَلُ
وفي الناسِ أَهلُ البِرِ والصِّدق والوَفَا
…
وَللعدْلِ أَهْلٌ يَعْدِلُونَ إِذَا وَلُوا
وفي الناسِ مَن بِالكِبْرِ يَسْتَحْقِرُ الوَرَى
…
وَيَطْغَى إن اسْتَغْنَى إذا يَتَمَوَّلُ
فَخُورٌ إذا وَلَاّهُ مَولاهُ نِعْمَةً
…
مَرُوحٌ وَمُخْتَالٌ بِهَا يَتَبَهْلَلُ
شَحِيحٌ ولَو عَمَّنْ يَعُولُ بِنَفْسِهِ
…
بأَدْنَى قَليلٍ نَاقِصِ القَدْرِ يَبْخَلُ
حَسُودٌ عَدُوُّ الجُودِ والبَذْلِ والنَّدَى
…
يَصُدُّ عن الخَيَراتِ عَنْهَا يُخَذِّلُ
جَبَانٌ عن الأعْدَا بَعِيدٌ مِن النَّدَى
…
جَمُوعٌ مَنُوعٌ في الخَنَا مُتَوَغِّلُ
جَمِيعُ خِصَالِ الشَّرِ مُسْتَصْحِبٌ لَهَا
…
وعَن كُلِّ أسْبَابِ المَعَزّةِ أَعْزَلُ
وفي الناسِ مَن لَا يَملأُ البَحْرُ بَطْنَهُ
…
فَقِيرُ فُؤادٍ دَائِمًا يَتَسَّوَّلُ
وفي الناس من يُغرِي الوَرَى بِلِسَانِهِ
…
وبَينَ البَرايَا لِلنَّمِيمَةِ يَحْمِلُ
يَرَى أنَّ في حَمْلِ النَّمِيمَةِ مَكْسَبًا
…
تَراهُ بها بَينَ الوَرَى يَتأكَّلُ
وَفي الناس أفَّاكٌ حَيُولٌ مُخَادِعٌ
…
غَشُومٌ ظَلُومٌ مَاكِرٌ مُتَحَيِّلُ
وَكُلٌ سَيأْتِي فَرْعُهُ مِثْلَ أصْلِهِ
…
وعن مِثْلِ شَكْلِ الأصْلِ لَا يَتَحَوَّلُ
فَأهْلُ النَّدَى والجُودِ لا يَبْرَحُ النَّدَى
…
مَعَ الجُودِ فِيما أنْسَلُوا يَتَسَلَسَلُ
ونَسْلُ شِرارِ الناسِ في الشَّرِ وَالرَّدَى
…
عَلَى سُنَنِ الآباءِ أرْدَى وأرْذَلُ
عَلَى سُنَنِ الآبا وأخْلاقِ مَن مَضَى
…
وإنْ مُتَّعَتْ تِلك النُسُولُ وأطْوَلُ
فَنَسْلُ جَبِانٍ أو بَخِيلٍ كَمِثْلِهِ
…
ونَسْلُ الزَّكِي الفَحْلِ أزْكَى وأَفْحَلُ
جَنىَ الكَرْمِ يَأتِي طَيِّبًا مِثْلَ أصْلِهِ
…
ويَأْتي جَنَاءُ الحَنْظَلِيَّةِ حَنْظَلُ
وَأُوصِي بِتَقْوَى الله كُلَّ مُكَلَّفٍ
…
إليهَا أفِيئُوا أيها الناسُ أقّبِلُوا
وَعُضُّوا عَلَيهَا بالنَّواجِذِ إنَّهَا
…
هُدَى اللهِ يَهْدَي لِلْخَلائِق فاقْبَلُوا
خُذُوا بالهُدَي أخْذًا قَويًا فإنَّهُ
…
نَجَاةٌ ومَنْ يَأخُذُ بِهِ لا يُضَلَّلُ
وأدُوا فُرُوضَ الديِن بَعْدَ أدَائِهَا
…
كَوَامِلَ في أوقَاتِهَا وتَنَفَّلُوا
عَلَيكُم بِتَقْوَى اللهِ لَا تَتْرُكُونَها
…
فإنَّ التُقَى أقْوَى وَأَولَى وأَعْدَلُ
لِباسُ التُّقَى خَيرُ الملابِسِ كُلِّهَا
…
وأَبْهَى لِبَاسِ في الوُجُود وَأجْمَلُ
فَمَا أَحْسَنَ التَّقْوَى وأَهْدَى سَبِيلَهَا
…
بِهَا يَنْفَعُ الإنْسَانَ مَا كَانَ يَعْمَلُ
فَيَا أيُهَا الإِنْسَانُ بادِرْ إلى التُقَى
…
وَسَارِع إلى الخَيراتِ مَا دُمْتَ مُهْمَلُ
…
وَأكْثرْ مِن التَّقْوَى لِتَحْمِدَ غِبَّهَا
…
بِدَارِ الجَزَا دَارٌ بِها سَوفَ تَنْزِلُ
وقدَِّمْ لِمَا تَقْدَمْ عَلَيهِ فَإنَّما
…
غَدًا سَوفَ تُجْزَى بالذِي أنْتَ تَفْعَلُ
وأحْسِنْ ولا تُهْمِلْ إذَا كُنْتَ قَادرًا
…
فَدَارُ الفَنَا الدُّنْيَا مَكَانَ التَّرحُّلُ
وسَارِعْ إلى الخَيراتِ لا تُهْمِلَنَّهَا
…
فإنَّكَ إنْ أَهْمَلْتَ مَا أنْتَ مُهْمِلُ
ولَكِنْ سَتُجْزَي بالذِي أنْتَ عَامِلٌ
…
وَعَمَّا مَضَى مِن كُلِّ مَا نِلْتَ تُسْألُ
فَلا تُلْهِكَ الدُّنْيَا فَرَبُّك ضَامِنٌ
…
لِرِزْقِ البَرايَا ضَامِنٌ مُتَكَفِّلُ
فَمَنْ آثَرَ الدُنْيَا جَهُولُ وَمَنْ يَبعْ
…
لآُخْرَاهُ بالدنيا أَضَلُ وأَجْهَلُ
فَلذَّاتُها والعِزُّ والجَاهُ والغِنَى
…
بأضدَادِهَا عَمَّا قَلِيلِ تَبَدَّلُ
فَمَنْ عَاشَ في الدنيا وإنْ طَالَ عُمْرُهُ
…
فلا بدَُّ عَنْهَا رَاغِمًا سَوفَ يُنْقَلُ
وَينزِلُ دَارًا لا أَنيسَ لَهُ بِهَا
…
لِكُلِ الوَرَى رَجْعًا مَعَادُ ومُوئِلُ
وَيبقَى رَهِينًا في التُرابِ بما جَنَى
…
إِلَى بَعْثِهِ مِن أَرْضِهِ حينَ يَنْسِلُ
يُهَالُ بأهوالِ يَشِيبُ ببَعْضِهَا
…
ولا هَولاً إلا بَعْدَهُ الهولُ أهْوَلُ
وفي البعث بعد الموتِ نَشْرُ صَحائِفٍ
…
ومِيزانُ قِسْطٍ طَائِشٍ أو مُثَقَّلُ
وحَشْرٌ يَشِيبُ الطِفْلُ مِن عُظْمِ هَولهِ
…
ومِنْهُ الجبالُ الراسياتُ تَزَلْزَلُ
ونارٌ تَلَظَى في لَظَاهَا سَلَاسِلٌ
…
يُغَلُّ بِهَا الفُجَّارُ ثم يُسَلْسَلُوا
شَرابُ ذَوِي الإِجْرامِ فِيهَا حَمِيمُهَا
…
وَزقُّومُها مَطْعُومُهُمْ حِينَ يَأكلُوا
حَمِيمٌ وغسَّاقٌ وآخرُ مِثْلُهُ
…
مِن المُهْلِ يَغْلِي في البُطُونِ ويَشْعلُ
يَزِيدُ هَوَانًا مَنْ هَوَاهَا فَلا يَزَلْ
…
إلى قَعْرِهَا يَهْوِي دَوَامًا ويَنْزِلُ
وفي نِارهِ يَبْقَى دَوامًا مُعَذَّبًا
…
يَصِيحُ ثُبُورًا وَيلَه يَتَوَلْوَلُ
عليها صراطٌ مَدْحَضٌ ومَزَلَّةٌ
…
عليه البَرايَا في القِيَامةِ تُحْمَلُ
وَفيها كلاليِبٌ تَعَلَّقُ بالوَرَى
…
فهذا نَجَا منها وهَذَا مُخَرْدَلُ
فلا مُجْرٍمٌ يَفْدِيهِ مَا يَفْتَدِي بِهِ
…
وإنْ يَعْتَذِرُ يَومًا فلا العُذْرُ يُقْبَلُ
فَهَذَا جَزَاءُ المُجْرِمِينَ عَلَى الرَّدى
…
وهذا الذي يومَ القِيَامةِ يَحْصُلُ
أعوذُ بِربِّي مِن لَظَى وعَذابِها
…
ومِن حَالِ مَن يَهْوَي بِها يَتَجَلْجَلُ
ومِن حالِ مَن في زَمْهَرِيرٍ مُعَذَّبٌ
…
ومَنْ كَانَ بالأَغْلَالِ فِيها مُكَبَّلُ
وجناتُ عدنٍ زُخْرِفَتْ ثم أُزْلفَتْ
…
لِقَومٍ على التَّقوى دوامًا تَبَتَّلوُا
بِها كُلُ مَا تَهْوى النفوسُ وتَشْتَهِي
…
وقُرَّةَ عَينٍ لَيسَ عَنْهَا تَرَحُّلُ
…
ملابسهم فيها حرير وسندس
…
واستبرق لا يعتريهِ التنحلُ
ومأكولهم من كل ما يشتهونَه
…
ومن سلسبيلٍ ُربهم يتسلسلُ
وأزواجهم حور حِسان كواعب
…
على مثل شكل الشمس بل هنَّ أشكل
يُطافُ عليهم بالذي يَشتهونَه
…
إذا أكلوا نوعًا بآخر بدِّلوا
بها كل أَنواع الفواكه كلها
…
وسكانها مهما تمنوه يحصلُ
فواكهها تدنو إلى من يريدها
…
تناولها عند الإرادة يسهلُ
وأنهارها الألبان تجري وأعسل
…
وخمر وماء سلسبيل معسلُ
يقال لهم: طبتم سلمتم من الأذى
…
سلام عليكم بالسلامة فادخلوا
بأسباب تقوى الله والعملِ الذي
…
يحب إلى جنات عدن توصلوا
إذا كان هذا والذي قبله الجزا
…
فحق على العينين بالدمع تهملُ
وحق على من كان بالله مؤمنًا
…
يقدم له خيرًا ولا يتعللُ
وإن يأخذ الإنسان زادًا من التقوى
…
ولا يسأم التقوى ولا يتململُ
وإن أمام الناس حشرًا وموقفًا
…
ويومًا طويلاً ألف عام وأطولُ
فيا لك من يوم على كل مبطل
…
فظيع وأهوال القيامة تعضلُ
تكون به الأطوادُ كالعهن أو تكن
…
كثيبًا مهيلاً أهيلاً يتهلهلُ
به ملة الإسلام تقبل وحدها
…
وأما غيرها مِن أَي دِينٍ فَيَبْطِلُ
بِهِ يُسْأَلُونَ النَّاسَ مَاذا عَبَدْتمُوا
…
وماذا أَجبتم من دَعَا وهو مُرْسَلُ
حِساب الذي ينقاد عرضٌ مُخَفَّفٌ
…
ومن لَيسَ منقادًا حِسابٌ مُثَقَّلُ
ومِن قبلِ ذَا فالموتُ يأتيكَ بَغتة
…
وهيَّاتَ لا تدري مَتَى الموتُ يَنْزِلُ
كُؤئوسُ المنايا سَوفَ يَشْربُها الوَرَى
…
عَلَى الرَّغْمِ شُبَّانٌ وشِيبٌ وَأَكْهُلُ