الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَقَدْ كَانَ أقْوَامٌ مِنَ النَّاسِ قَبلَنا
…
يَعافُونَ مِنْهُنّ الحَلالَ المُحَلَّلا
فَلِلَّهِ دارٌ مَا أَحَثّ رَحِيلَها
…
وَما أَعرَضَ الآمَالَ فيها وَأَطْوَلا
أَبَى المَرْءُ إِلَاّ أَنْ يَطُولَ اغْترارُهُ
…
وَتَأبَى بِهِ الحالاتُ إِلَاّ تَنَقّلا
إِذَا أمّلَ الإِنْسَانُ أَمْرًا، فَنَالَهُ
…
فَمَا يَبْتَغي فَوْقَ الذي كَانَ أَمّلا
وَكَمْ من ذَلِيلٍ عَزّ مِنْ بَعد ذِلّةٍ
…
وَكَمْ من رَفِيعٍ صارَ في الأَرْض أَسفَلا
وَلَمْ أَرَ إِلا مُسْلمًا في وَفاتِهِ
…
وَإنْ أَكثَر الباكِي عَلَيهِ، وَأعْوَلا
وَكَمْ مِن عَظِيمِ الشّأنِ في قعرِ حُفرةٍ
…
تَلَحّفَ فيها بالثَّرى، وَتَسَرْبَلا
أَيَا صاحِبَ الدّنْيا وَثِقْتَ بِمَنْزِلٍ
…
تَرَى المَوْتَ فِيْه، بالعِبادِ مُوَكَّلا
تُنافِسُ في الدّنْيا لِتَبلُغَ عِزّها
…
وَلَسْتَ تَنَالُ العِزّ حتى تُذَللَاّ
إذا اصْطَحَب الأقوامُ كَانَ أَذَلُّهُم
…
لأصحابِهِ نَفَسًا، أَبَرَّ وَأَفْضَلا
وَمَا الفَضْلُ في أَنْ يُؤثِرَ المَرءُ نَفْسَهُ
…
وَلكِنَّ فَضْلَ المَرْءِ أَنْْ يَتَفَضّلا
انْتَهَى
آخر: هذه قَصِيْدَةٌ وعْظِيَّةُ ألق لها سمعك وحظر قَلْبَكَ وتَدَبَّرهَا.
يا مَن يريدُ طَريقةً تُدْنيه مِنْ
…
ربَّ العبادِ بصالحِ الأعْمَالِ
وتُقيمُه للإستقَامةِ بعدُ في الْـ
…
أَحوالِ والأَعْمَالِ والأَقوالِ
وكذاكِ تُوصِلُهُ إليها إنْ يَكُنْ
…
ذَا هِمَّةٍ لِمَوَاقِعِ الأَفضالِ
هِيَ أَنْ تُرِدْ تَحْصِيلَهَا شَيئانِ أَمَّا
…
الأَوَّلُّ المَقْصُودُ في الأَمثالِ
حِفظُ الخَواطِرِ بِالحِراسةِ ثم كُنْ
…
حَذِرًا مِنَ التَّفْرِيطِ وَالإِهمالِ
بلْ لا تَكُونُ مَعَ الخَواطِرِ غَافِلاً
…
مُسْترسلاً في مُدَّةِ الإِمهالِ
أوْ مُؤْثِرًا كُلَّ الفَسَادِ بِأسْرِهِ
…
منهَا يَجِيءُ وَلَيْسَ ذَا إِشْكَالِ
…
ولأَنَّها لِلنَّفْسِ والشَّيطانِ بَذْ
…
رٌ في القُلوبِ بِغَيرِ مَا إِقلالِ
فإذا تمكَّنَ بَذْرُهَا مِنْ أَرْضِهَا
…
بِالسَّقْي من ذِي الفاجِرِ المُجْتَالِ
إذا قَدْ يَصيرُ بِسَقْيهَا مُتَعاهِدًا
…
والعَبْدُ في الغَفَلاتِ عَنْ ذِي الحَالِ
حَتَّى تَصِيْرَ إِذَا إرَادَتٌ كَذا
…
حَتَّى تَصِيْرَ عَزَائِمُ الأفعالِ
وَيَظَلُّ يَسْقِيهَا وَيُدْمِنُ سَقْيها
…
حَتَّى تُغِلَّ بَأَخْبَثِ الأَعْمالِ
هَيْهَاتَ إِنَّ الدَّفعَ وهي خَوَاطِرٌ
…
لَوْ كَانَ ذَاكَ بِأَيسرِ الأَحْوَالِ
فَهُنَاكَ يَصْعُب دَفْعُها مِن بَعدِ أن
…
صَارَتْ هُنَاكَ إِرَادَةَ الأَعمالِ
وَهُو المفرِّطُ حَيْثُ كَانَتْ خَاطِرًا
…
شَيْئًا ضَعِيفًا غَيْرَ ذِي إحْمَالِ
مِثلَ الشرارة هانَ مِنها بدؤُها
…
والشأْنُ كلُّ الشأْنِ في الإِهمالِ
حَتَّى إذَا عَلقتْ هَشِيمًا يَابسًا
…
وتمكَّنتْ مِنْ ذَاكِ بِالإِشعالِ
عَجَز المفرِّطُ بعدُ عنْ إطفائِها
…
يَا خَيْبَةَ المتَكَاسِلِ البَطَّالِ
* * *
فإذا أَردتَ طريقةً في حِفْظِها
…
إذ كُنْتَ ذا حِرْصٍ وَذَا إِقبالِ
فاسمعْ إِذَن أَسْبَابَ موصلةً إلى
…
تلكَ الطريقِ بِأَوضحِ الأَقوالِ
عِلْمٌ بربكَ جازمٌ مِنْ أَنَّه
…
بِالاطلاعِ ولَيْسَ ذَا إهمالِ
لِلْقَلْبِ بالنظرِ الذِي هو وصفُه
…
والعلمِ بالخطراتِ في الأَحوالِ
وكذا الحَياء مِنَ الإِله فإنَّهُ
…
سَبَبٌ لَهَا بِالحفظِ والإِكمالِ
وكذاكَ إِجلالٌ لَهُ مِنْ أنْ يُرَى
…
في بيتِه المخلوقِ للإِجلالِ
كالحبِّ والتعظيمِ جل جلاله
…
تلكَ الخَواطِرُ تَحضُّ بالأغلالِ
وكذاكَ إيثارٌ لَهُ سُبْحانَه
…
وهُوَ الغَنيُّ فَجَلَّ عنْ أَمثالِ
عَنْ أَنْ يُسَاكنَ قلبَكَ المَربُوبَ غير
…
الحُب للمعبودِ ذِي الإِفْضَالِ
فَتَظَلَّ تَسْتَعِرُ اسْتِعَارًا يَأْكلُ الإ
…
يْمَانَ مِنْ حُبٍّ وَمِنْ إِجلالِ
مَعَ كُلِّ ما فِي القلبِ مِنْ خَيْرٍ فَيَذْ
…
هَبُ جُمْلَةً وَالعَبْدُ في إِغْفالِ
وكَذَا مِنَ الأَسبابِ عِلْمُكَ إِنَّمَا
…
تِلكَ الخَواطِرُ غَيْرُ ذِي إِشكالِ
كالحَبِّ يُلقَى لِلطُّيُورِ لِصَيْدِهَا
…
والعَبْدُ مَقْصُودًا لِذِي الأَحبالِ
يَصْطَادهُ الشيطانُ في فَخِّ الرَّدَى
…
والطُّعْمُ فيه خَواطِرُ الإِضلالِ
وكَذَا مِن الأَسباب عِلْمُك أنَّها
…
وخَواطِرِ الأَعمالِ وَالأَقوالِ
…
كالحبِّ والإِيْمانِ لَنْ يَتَلاقيَا
…
في القلبِ إلا كَالْتِقَا الأَبطالِ
بَلْ إِنَّ دَاعِي الحُبِّ ثُمَّ إِنَابَة
…
ضِدَّ الخَواطرِ فاسْتَمِعْ لِمَقَالِ
مِنْ كلِّ وَجْهٍ وَالقِتَال فَقَائِمٌ
…
حَتَّى يكونَ الضدُّ ذَا إِذْلالِ
لَوْ كَانَ قَلبُكَ ذَا حَيَاةٍ ضَرَّهُ
…
أَلمُ المُصَابِ فَصَارَ ذَا إِقْبَالِ
لكنَّ قَلْبَكَ في البَطَالَةِ غَافِلٌ
…
مَا كَانَ ذا هَمٍ وَذَا إِشْغَالِ
وكذَا مِنَ الأَسبابِ تَعْلمُ أنها
…
بَحْرٌ عَميقٌ مِنَ بُحُورِ خَيَالِ
والقلبُ يَفْرَقُ بَعْدَ مَا يَدْخُلْ بِهِ
…
وَيَتَيِهُ ثُمَّ بِظُلْمةِ الأَهوالِ
فَيَظَلُّ يَطْلُبُ لِلْخَلاصِ فَلَمْ يَجِدْ
…
مِنْ ذَاكَ نَهْجًا يُنْج مِنْ أَوْبَالِ
أَوَ مَا تَرى أَنَّ الخَوَاطِرَ كلَّمَا
…
غَلبَتْ لِقَلبِكَ صَارَ ذَا إِذْلالِ
قَدْ أورثَتْهُ وَسَاوِسًا ذَلَّ بِهَا
…
حَتَّى اغْتَدى بالغَيرِ ذُو إِشْغالِ
عَزلَتهُ عَنْ سُلطَانِه وَمحِلِّهِ
…
عَنْ ذِي المَحَلِ المُشمَعِلِّ العَالِ
وعَلَيه أَفسدَتْ الرَّعَايَا كُلَّهَا
…
فالملكُ والسلطانُ في اضْمِحْلالِ
ورَمَتْهُ في الأَسرِ الطويلِ مُتَبَّلاً
…
بِيَدِ الهَلاكِ يُجَرُ بِالأَغْلالِ
* * *
*
…
* * *
وإذَا عَلِمْتَ بأَنَّ هَذا كُلَّهُ
…
في الخَاطر النَّفْسيِّ ذِي الإِضلالِ
فَخَواطِرُ الإِيْمانِ في قَلْبِ الفَتَى
…
لِلْخَيْر أَصْلٌ لَيْسَ ذَا إِشْكَالِ
فَمَتَى بَذَرْتَ خَواطِرَ الإِيْمانِ في
…
أَرْضِ القُلوبِ بِغَيْرِ ما إِهْمَالِ
مِنْ خَشْيِةٍ وَمَحبَّةٍ وَإِنَابَةٍ
…
وَكَذَا رَجَاءِ ثَوَابِ ذِي الإِفْضَالِ
وكذَلكَ التَّصديقُ بِالوَعْدِ الذِي
…
تَرْجُوْهُ مِنْه بِصَالِحِ الأَعْمَالِ
وَسَقَيْتَها مُتَكَرِّرًا مُتَعَاهِدًا
…
وَحَفِظْتَهَا بِالحِفْظِ والإِكْمَالِ
فهناكَ تُثْمرُ كُلَّ فِعْلٍ طيِّبٍ
…
مِنْ صَالِحَاتِ القولِ وَالأَفْعَالِ
وَهُنَاكَ تملأُ قَلْبَه الخَيراتُ والـ
…
ـطَّاعَاتُ لِلْمَعْبُودِ ذِي الإِجْلَالِ
وَهُنَاكَ السُلْطانُ في سُلْطَانِهِ
…
قَدْ يَسْتَقرُّ بِأَكْمَلِ الأَحْوالِ
وكَذَا رَعِيَّتُهُ اسْتِقَامَةُ رَغْبَةٍ
…
بَعْدَ اسْتَقَامَتِه مِنَ الإِضلالِ
* * *
واعْلَمْ بأنْ لا بُدَّ مِنْ شَرْطَيْن لا
…
تَغْتَرَّ بِالإِغفالِ وَالإِهمالِ
أَنْ لا تَكُونَ لِوَاجبٍ أَوْ سُنَّةٍ
…
بِالتَّركِ ذُوْ عَجْزٍ وَذُوْ إِغْفَالِ
…
أوْ تَجْعَل الأَضَّدادَ مَوْضِعَ خَشْيَةِ
…
الرَّحمنِ مِنْ حُبٍّ ومِنْ إِجْلالِ
* * *
هَذَا وثَانِي ذَيْنِكَ الشَّيئَينِ إِنْ
…
رُمْتَ المقالَ فَخُذْهُ بالإِجمالِ
صِدْقُ التَّأهُّبِ للقَاءِ فإنَّه
…
مِنْ أَبْلَغِ الأَسْبَابِ وَالأَعْمالِ
فَمَتَى اسْتَعدَّ وكَانَ هَذَا شَأْنَه
…
والشأْنُ كُلُّ الشأْنِ في الإِقبالِ
انْحَلَّتْ الدُّنيا جَمِيْعًا وانْجَلَتْ
…
عَنْ قَلْبه فاشْتَاقَ لِلْتَّرْحَالِ
وهُنَاكَ يُخْبِتُ قَلبُه للهِ جَلَّ
…
اللهُ عن ندٍ وعَنْ أمْثَالِ
وغَدَا بِهِمَّتِهِ مُنِيْبًا عَاكِفًا
…
بِالقَولِ وَالأَعْمالِ والأَحْوالِ
وهُنَاكَ يُحدثُ هِمَّةً أُخرى بِها
…
يَرْجُو الفلاحَ بِموقِفِ الأَهْوالِ
فَتَكُونُ نِسْبَةُ قَلْبِه فِيها إلى الـ
…
أُخْرَى كَهَاذِي الدَّارِ بِالأَطفالِ
أَوَ لَيْسَ بَطْنُ الأُم كَانَ حجَابَهَا
…
لِلْجِسْمِ في الدُّنيا بلا إِشكالِ
فَكَذَا حِجَابُ القلبِ كَانَ هُوَ الهَوى
…
والنَّفْسُ مِنْ أَحراه بالإِضلالِ
* * *