المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الخامس: الحلف بغير الله: - آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

[عبد الله بن محمد الرميان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمَة

- ‌خطة البحث:

- ‌الباب الأول المازري والقرطبي عصرهما وحياتهما

- ‌الفصل الأول المازري عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه وولادته:

- ‌المطلب الثاني: نشأته:

- ‌المطلب الثالث: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: جلوسه للتدريس:

- ‌المطلب الرابع: تلاميذه:

- ‌المطلب الخامس: مؤلفاته:

- ‌المطلب السادس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيا: عقيدته:

- ‌المطلب السابع: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للمازري:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهميته:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته ومنهج المازري فيه:

- ‌الفصل الثاني القرطبي عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌أولًا: الحال في الأندلس:

- ‌ثانيًا: الحال في مصر:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌2).* في مصر:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته

- ‌أولًا: مولده:

- ‌ثانيا: بيئته ونشأته:

- ‌المطلب الثالث: أسرته:

- ‌المطلب الرابع: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم ورحلاته فيه:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: تلاميذه:

- ‌المطلب الرابع: مؤلفاته:

- ‌المطلب الخامس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيًا: عقيدته:

- ‌المطلب السادس: علمه وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للقرطبي:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهمية الكتاب:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته:

- ‌المطلب السادس: منهج القرطبي فيه:

- ‌الباب الثاني الإيمان والتوحيد

- ‌الفصل الأول الإيمان وما يتعلق به من مسائل

- ‌المبحث الأول تعريف الإيمان لغة وشرعًا وحكم الاستثناء فيه

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: الاستثناء في الإيمان:

- ‌المبحث الثاني الإيمان والإسلام

- ‌المبحث الثالث الكبيرة وحكم مرتكبها

- ‌المطلب الأول: تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر:

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكبيرة وتحديدها:

- ‌المطلب الثالث: حكم مرتكب الكبيرة:

- ‌الفصل الثاني توحيد الربوبية

- ‌التمهيدعلم الكلام وموقف السلف منه

- ‌المبحث الأول أول واجب على المكلف والرد على المتكلمين

- ‌المبحث الثاني معنى توحيد الربوبية وأدلته

- ‌المطلب الأول: تعريف توحيد الربوبية لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف توحيد الربوبية شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: أدلة توحيد الربوبية:

- ‌المبحث الثالث الإيمان بالقدر

- ‌المطلب الأول: تعريف القضاء والقدر لغة وشرعًا:

- ‌(أ) لغة:

- ‌(ب) تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثاني: هل يقع في القدر تغيير وتبديل أو محو وإثبات

- ‌المطلب الثالث: القضاء والقدر وفعل الأسباب:

- ‌المطلب الرابع: الاحتجاج بالقدر على المعاصي:

- ‌المطلب الخامس: أفعال العباد:

- ‌المطلب السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله:

- ‌المطلب السابع: تكليف ما لا يطاق:

- ‌المطلب الثامن: معنى الظلم:

- ‌المطلب العاشر: التحسين والتقبيح:

- ‌الفصل الثالث توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول حقيقته ومكانته

- ‌المبحث الثاني العبادة وبعض أنواعها

- ‌المطلب الأول: تعريفها وشروط صحتها:

- ‌المطلب الثاني: بعض أنواع العبادة:

- ‌المبحث الثالث نواقض التوحيدي وقوادحه

- ‌المطلب الأول: الشرك:

- ‌أنواع الشرك:

- ‌من وسائل الشرك:

- ‌المطلب الثاني: الكفر:

- ‌تعريفه لغة وشرعًا:

- ‌أنواع الكفر:

- ‌المطلب الثالث: النفاق:

- ‌أنواع النفاق:

- ‌الحكم في المنافق:

- ‌المطلب الرابع: الفسق:

- ‌المطلب الخامس: الحلف بغير الله:

- ‌المطلب السادس: الطيرة:

- ‌المطلب السابع: التبرك:

- ‌التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التبرك بالصالحين:

- ‌المطلب الثامن: السحر:

- ‌حكم إنكار السحر:

- ‌حقيقة السحر وتأثيره:

- ‌موقف القرطبي والمازري مما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سحر:

- ‌حكم الساحر:

- ‌المطلب التاسع: النشرة:

- ‌المطلب العاشر:‌‌ الرقىوالتمائم:

- ‌ الرقى

- ‌التمائم:

- ‌المطلب الحادي عشر: التنجيم

- ‌المطلب الثاني عشر: الكهانة:

- ‌تعريف الكاهن:

- ‌استمداد الكهان:

- ‌تحريم الكهانة والنهي عن إتيان الكهان:

- ‌المطلب الثالث عشر: ما جاء في كراهية بعض الألفاظ:

- ‌أ - التسمي بملك الأملاك:

- ‌ب - كلمة (لو):

- ‌ج - القول للمملوك: عبدي، وللسيد: ربي:

- ‌المطلب الرابع عشر: نسبة الحوادث إلى الدهر:

- ‌المبحث الرابع البدع والموقف من الفرق المبتدعة

- ‌المطلب الأول: ما يعصم من البدع:

- ‌1 - الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة:

- ‌2 - ذم الكلام وتقديم العقل على الشرع

- ‌3 - سلوك منهج السلف:

- ‌المطلب الثاني:‌‌ تعريف البدعةوالموقف من المبتدعة:

- ‌ تعريف البدعة

- ‌الموقف من المبتدعة:

- ‌ التحذير من التشبه بالمبتدعة:

- ‌ جواز غيبتهم:

- ‌ هجرهم:

- ‌ ترك الصلاة عليهم:

- ‌المطلب الثالث: الكلام على بعض الفرق المبتدعة:

- ‌1 - الخوارج:

- ‌سبب التسمية:

- ‌ضلالتهم وعظم الابتلاء بهم:

- ‌سبب خروجهم:

- ‌ الحكم على الخوارج:

- ‌الرد عليهم:

- ‌2 - الصوفية:

- ‌أ - الكشف الصوفي:

- ‌ب - في تقديسهم للأولياء:

- ‌ج - في الوسوسة والغلو في الزهد:

- ‌د - في الوجد والسماع:

- ‌هـ - في جهلهم بمفهوم التوكل:

- ‌3 - المعتزلة:

- ‌4 - الشيعة:

- ‌حكم الشيعة:

- ‌الرد عليهم:

- ‌5 - القدرية:

- ‌6 - المرجئة:

- ‌7 - الأشاعرة:

- ‌الفصل الرابع توحيد الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول منهجهما في أسماء الله تعالى

- ‌المطلب الأول: الاسم والمسمى:

- ‌المطلب الثاني: عدد أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثالث: معنى الإحصاء المذكور:

- ‌المطلب الرابع: طريق إثباتها:

- ‌المطلب الخامس: أقسامها:

- ‌المطلب السادس: اسم الله الأعظم:

- ‌المطلب السابع: شرح بعض أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثامن: الأسماء المزدوجة:

- ‌المطلب التاسع: ما ليس من أسماء الله:

- ‌المبحث الثاني منهجهما في صفات الله تعالى

- ‌المطلب الأول: منهج السلف في الصفات:

- ‌المطلب الثاني: منهجهما في الصفات وموقفهما من ظواهر النصوص:

- ‌التفويض:

- ‌المطلب الثالث: الشبهات العقلية التي ردوا بها الصفات:

- ‌1 - التركيب:

- ‌2).2 -الجسم:

- ‌3 - حلول الحوادث والأعراض:

- ‌4 - الجهة والتحيز:

- ‌5 - الحد:

- ‌6 - لفظ الأعضاء والأركان والجوارح:

- ‌المطلب الرابع: رمي السلف بالتشبيه والتجسيم:

- ‌المطلب الخامس: منهجهما في سائر صفات الله تعالى:

- ‌صفة العلم:

- ‌صفة القدرة:

- ‌صفة الإرادة:

- ‌صفة الكلام:

- ‌الكلام النفسي:

- ‌قولهم كلام الله ليس بحرف ولا صوت:

- ‌صفتا السمع والبصر:

- ‌صفة العلو:

- ‌صفة العزة:

- ‌صفتا العظمة والكبرياء:

- ‌وصف الله تعالى بالصورة:

- ‌صفة الوجه:

- ‌صفة اليد:

- ‌إطلاق اليمين والشمال على يد الله تعالى:

- ‌صفة الأصابع:

- ‌صفة الرِّجْل والقَدَم:

- ‌صفة السَّاق:

- ‌صفة الاستواء:

- ‌صفة النزول:

- ‌صفتا الإتيان والمجيء:

- ‌صفة القرب والدنو:

- ‌صفة المعية:

- ‌صفتا الرضا والغضب:

- ‌صفة الفرح:

- ‌صفة الضحك:

- ‌صفة المحبة:

- ‌صفة الخلة:

- ‌صفة الغيرة:

- ‌صفة الاستحياء:

- ‌صفة الإعراض:

- ‌صفة السخرية والاستهزاء والمكر:

- ‌صفة الرحمة:

- ‌صفة الصبر:

- ‌صفة الكنف:

- ‌صفة العتب:

- ‌صفة الملل:

- ‌صفة النظر:

- ‌صفة الأذن "بمعنى الاستماع

- ‌نسبة استطابة الروائح إلى الله تعالى:

- ‌وصف الله تعالى بأنه شخص:

- ‌إطلاق لفظ "الذات" على الله تعالى:

- ‌إطلاق النفس على الله تعالى:

- ‌المبحث الثالث منهجهما في رؤية الله تعالى

- ‌رؤيته في الدنيا:

- ‌هل رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء:

- ‌رؤيته تعالى في الآخرة:

- ‌الرد على منكري الرؤية:

- ‌الباب الثالث النبوة والإمامة والصحابة

- ‌الفصل الأول النبوة

- ‌المبحث الأول تعريف النبوة والرسالة وبيان فضل الأنبياء

- ‌المطلب الأول: النبوة والرسالة والفرق بينهما:

- ‌المطلب الثاني: فضل الأنبياء ومكانتهم:

- ‌المطلب الثالث: المفاضلة بين الأنبياء:

- ‌المطلب الرابع: نبوة الخضر وحياته:

- ‌نبوته:

- ‌حياته:

- ‌المطلب الخامس: نبوة النساء:

- ‌المبحث الثاني دلائل النبوة

- ‌المطلب الأول: المعجزة والكرامة:

- ‌المطلب الثاني: معجزاته عليه الصلاة والسلام:

- ‌المبحث الثالث عصمة الأنبياء

- ‌المبحث الرابع خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس الإيمان بالملائكة والجن

- ‌المطلب الأول: الإيمان بالملائكة:

- ‌1 - تعريف الملائكة:

- ‌2 - الإيمان بالملائكة:

- ‌3 - صفاتهم:

- ‌4 - تفاضلهم:

- ‌5 - أعمالهم:

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالجن:

- ‌تعريفهم:

- ‌صفاتهم:

- ‌تكليفهم:

- ‌الفصل الثاني الإمامة

- ‌المبحث الأول حكم نصب الإمام وبما تنعقد به الإمامة

- ‌المبحث الثاني البيعة

- ‌المبحث الثالث شروط الإمام

- ‌1 - القرشية:

- ‌2 - الحرية:

- ‌المبحث الرابع واجبات الإمام وحقوقه

- ‌1).1 -واجبات الإمام:

- ‌3 - حقوق الإمام:

- ‌المبحث الخامس الموقف من الأئمة

- ‌الفصل الثالث الصحابة

- ‌المبحث الأول مكانة الصحابة وفضلهم

- ‌تفضيل الصحابة على من بعدهم:

- ‌المفاضلة بين الصحابة:

- ‌المبحث الثاني عدالتهم وعظم الطعن فيهم

- ‌المبحث الثالث الموقف مما وقع بينهم

- ‌الدفاع عن صحابة بأعيانهم:

- ‌الباب الرابع اليوم الآخر

- ‌الفصل الأول أشراط الساعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول تعريف أشراط الساعة وأقسامها

- ‌أولًا: تعريف أشراط الساعة:

- ‌ثانيا: أقسامها:

- ‌المبحث الثاني أشراط الساعة الصغرى

- ‌1 - بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - ظهور نار الحجاز:

- ‌3).3 -رفع العلم وظهور الجهل:

- ‌4 - أن تلد الأمة ربَّتها:

- ‌5 - التطاول في البنيان:

- ‌6 - عبادة الأوثان:

- ‌7 - حسر الفرات عن جبل من ذهب:

- ‌8 - عودة أرض العرب مروجًا وأنهارًا:

- ‌المبحث الثالث أشراط الساعة الكبرى

- ‌1 - المهدي:

- ‌2).2 -المسيح الدجال:

- ‌3 - نزول عيسى عليه السلام:

- ‌4).4 -يأجوج ومأجوج

- ‌أصلهم:

- ‌خروجهم من السد:

- ‌5 - الخسوفات الثلاثة:

- ‌6 - الدخان:

- ‌7 - طلوع الشمس من مغربها:

- ‌8 - الدابة:

- ‌9 - النار التي تحشر الناس:

- ‌الفصل الثاني فتنة القبر وعذابه ونعيمه

- ‌المبحث الأول الروح

- ‌مستقر الأرواح بعد مفارقة الأبدان:

- ‌المبحث الثاني فتنة القبر

- ‌المبحث الثالث عذاب القبر ونعيمه

- ‌المبحث الرابع سماع الموتى

- ‌الفصل الثالث البعث والنشور

- ‌المبحث الأول النفخ في الصور

- ‌عدد النفخات في الصور:

- ‌المبحث الثاني البعث والنشور

- ‌صفة البعث والنشور:

- ‌المبحث الثالث الحشر

- ‌أرض المحشر:

- ‌المبحث الرابع الميزان

- ‌ما الذي يوزن في الميزان:

- ‌المبحث الخامس الشفاعة

- ‌أنواع الشفاعة:

- ‌المبحث السادس الحوض

- ‌وجوب الإيمان به والرد على من أنكره:

- ‌موضع الحوض:

- ‌عظم الحوض ودفع دعوى الاضطراب في أحاديث تحديده:

- ‌من يَرِدُ الحوضَ ومن يُرَدُّ عنه:

- ‌المبحث السابع الصراط

- ‌المبحث الثامن ذبح الموت

- ‌الفصل الرابع الجنة والنار

- ‌خلق الجنة والنار:

- ‌خلود الجنة والنار:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاء

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌الرسائل العلمية والمجلات:

الفصل: ‌المطلب الخامس: الحلف بغير الله:

أصحاب النار فسَّاقًا، قال تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ}

(1)

.

الثاني: فسق لا يخرج من الملة، وهو الوقوع في المعاصي، والتجرؤ عليها، حيث سمى الله تعالى الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بالشهداء بأنهم فاسقون، وهم لم يخرجوا من الإسلام بذلك، قال تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)}

(2)

.

قال القرطبي مبينًا الفسق بنوعيه: هو في الشرع خروج مذموم بحسب المخروج منه، فإن كان إيمانًا فذلك الفسق كفرًا، وإن كان غير إيمان فذلك الفسق معصية"

(3)

.

‌المطلب الخامس: الحلف بغير الله:

إن من الأعمال الشركية الحلف بغير الله تعالى لما فيه من تعظيم للمحلوف به. والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده فلا يحلف إلَّا بالله وذاته وصفاته

(4)

. قال صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك"

(5)

.

وقد جعل القرطبي الحلف بغير الله كفرًا أو كبيرة من كبائر الذنوب، وذلك حسب قصد الحالف وذلك عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم:"من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبًا فهو كما قال -وفي رواية: متعمدًا-"

(6)

.

(1)

سورة السجدة، الآية:20.

(2)

سورة النور، الآية:4.

(3)

المفهم (1/ 107).

(4)

انظر: نيل الأوطار للشوكاني (9/ 114).

(5)

أخرجه أحمد في المسند (1/ 125) والترمذي في أبواب النذور والأيمان، باب (8)، والحاكم في المستدرك (1/ 65)، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (5/ 69) برقم (2042).

(6)

رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام ح (6652) =

ص: 298

حيث قال: "قوله: "كاذبًا متعمدًا" يحتمل أن يريد به النبي صلى الله عليه وسلم من كان معتقدًا لتعظيم تلك الملة المغايرة لملة الإسلام، وحينئذ يكون كافرًا حقيقة

وأما إن كان الحالف بذلك غير معتقد لذلك فهو آثم مرتكب كبيرة، إذ قد نسبه في قوله لمن يعظم تلك الملة ويعتقدها فغلظ عليه الوعيد بأن صيَّره كواحد منهم مبالغة في الردع والزجر"

(1)

.

وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالآباء إذ المقصود تعظيمهم بذلك، وهو نهيٌّ عن الحلف بالآباء وغيرهم إذ الحلف لا يكون إلَّا بالله فهو المستحق للتعظيم، قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم"

(2)

قال القرطبي: "إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالآباء لما فيه من تعظيمهم بصيغ الأيمان؛ لأن العادة جارية بأن الحالف منَّا إنما يحلف بأعظم ما يعتقده كما بيناه وإذا كان ذلك: فلا أعظم عند المؤمن من الله تعالى فينبغي ألا يحلف بغيره، فإذا حلف بغير الله فقد عطم ذلك الغير بمثل ما عظَّم به الله تعالى، وذلك ممنوع منه، وهذا الذي ذكرناه في الآباء جارٍ في كل محلوف به غير الله تعالى وإنما جرى ذكر الآباء هنا؛ لأنه هو السبب الذي أثار الحديث حين سمع النبي صلى الله عليه وسلم عمر يحلف بأبيه، وقد شهد لهذا المعنى قوله: "من كان حالفًا فلا يحلف إلَّا بالله" وهذا حصر، وعلى ما قررناه فظاهر النهي التحريم، ثم هذا النهي وإن كان ظاهره التحريم فيتحقق فيما

= (11/ 546)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل النفس ح (110)(2/ 479).

(1)

المفهم (1/ 312).

(2)

رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم ح (6646)، (11/ 538) ومسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله ح (1646)(11/ 116) ولفظه "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت" وفي رواية عند مسلم "فلا يحلف إلَّا بالله".

ص: 299

إذا حلف بملة غير الإسلام، أو بشيء من المعبودات دون الله تعالى، أو ما كانت الجاهلية تحلف به كالدمى والدماء والأنصاب، فهذا لا يشك في تحريمه، وأما الحلف بالآباء والأشراف ورؤوس السلاطين وحياتهم ونعمهم وما شاكل ذلك، فظاهر هذا الحديث يتناولهم بحكم عمومه ولا ينبغي أن يختلف في تحريمه وأما ما كان معظمًا في الشرع مثل: النبي صلى الله عليه وسلم والكعبة والعرش والكرسي وحرمة الصالحين، فأصحابنا يطلقون على الحلف بها الكراهية وظاهر الحديث وما قدمناه من النظر في المعنى يقتضي التحريم"

(1)

.

وما ذهب إليه القرطبي رحمه الله من تحريم ذلك كله والاقتصار على الحلف بالله تعالى هو الصحيح من كلام أهل العلم.

قال ابن تيمية رحمه الله: والصواب الذي عليه عامة علماء المسلمين سلفهم وخلفهم أنه لا يحلف بمخلوق لا نبي ولا غير نبي، ولا مَلَكٍ من الملائكة، ولا مَلِكٍ من الملوك، ولا شيخ من الشيوخ، والنهي عن ذلك نهي تحريم عند أكثرهم، كمذهب أبي حنيفة وغيره، وهو أحد القولين في مذهب أحمد"

(2)

.

وأمَّا الحلف بالألفاظ المبهمة المراد بها اسم الله تعالى كقوله: "والذي نفسي بيده" وما شابهها من الألفاظ فهو جائز. قال القرطبي عنه: "هو قسم بالله تعالى، أي: والذي هو مالك نفسي، أو قادر عليها، ففيه دليل: على أن الحلف بالألفاظ المبهمة والمراد بها: اسم الله تعالى يمين جائزة حكمها حكم الأسماء الصريحة"

(3)

.

(1)

المفهم (4/ 621).

(2)

الفتاوى (27/ 349).

(3)

المفهم (4/ 160).

ص: 300

لكن من حلف بغير الله تعالى بالآباء، أو الأصنام، أو غيرها، فهل عليه كفارة في ذلك، قال بذلك بعض أهل العلم، وقد بين القرطبي رأيه في هذه المسألة، ورجَّح عدم الكفارة فقال: قد تقرر أن اليمين بذلك -أي الطواغيت والآباء- محرم ومع ذلك فلا كفارة فيه، عند الجمهور لأجل الحلف بها، ولا لأجل الحنث فيها، أما الأول فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال:"من قال: واللات والعزى فليقل: لا إله إلَّا الله"

(1)

ولم يذكر كفارة ولو كانت لوجب تبيينها لتعين الحاجة لذلك وأما الثاني فليست بيمين منعقدة ولا مشروعة فيلزم بالحنث فيها الكفارة"

(2)

.

فالكفارة إذا هي قول لا إله إلَّا الله، وقد كان الحلف بها يجري على ألسنتهم من غير قصد، وذلك لما نشأوا عليه من تعظيم الأصنام والحلف بها.

قال القرطبي: "ولما نشأ القوم على تعظيم تلك الأصنام وعلى الحلف بها، وأنعم الله عليهم بالإسلام بقيت تلك الأسماء تجري على ألسنتهم من غير قصد للحلف بها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من نطق بذلك أن يقول بعده: لا إله إلَّا الله تكفيرًا لتلك اللفظة وتذكيرًا من الغفلة وإتمامًا للنعمة"

(3)

.

وإذا تبين حرمة الحلف بغير الله تعالى مطلقًا فقد يستشكل ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه إن صدق"

(4)

.

(1)

رواه البخاري في كتاب التفسير باب {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} ح (4860)(8/ 478)، ومسلم في كتاب الأيمان، باب من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلَّا الله ح (1647)(11/ 117).

(2)

المفهم (4/ 624).

(3)

المفهم (4/ 626).

(4)

رواه مسلم في كتاب الإيمان، بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام ح (11) =

ص: 301

وما ورد في القرآن من القسم بغير الله تعالى.

وقد أورد القرطبي هذا الاستتشكال وأجاب عليه فقال: فإن قيل كيف يحكم بتحريم الحلف بالآباء والنبي صلى الله عليه وسلم قد حلف بذلك لما قال: "أفلح وأبيه إن صدق" وكيف يحكم بتحريم الحلف بغير الله، وقد أقسم الله تعالى بغيره فقال:{وَالضُّحَى (1)} ، {وَالشَّمْسِ} ، {وَالْعَادِيَاتِ} ، {وَالنَّازِعَاتِ} ، وغير ذلك مما في كتاب الله تعالى من ذلك؟

(1)

.

وقد أجاب عن ذلك فقال: قوله: "وأبيه" الرواية الصحيحة التي لا يعرف غيرها، هكذا بصيغة القسم بالأب، وقال بعضهم: إنما هي "والله" وصحفت بأن قصرت اللامان فالتبست بأبيه، وهذا لا يلتفت إليه؛ لأنه تقدير يخرم الثقة برواية الثقات الأثبات، وإنما صار هذا القائل إلى هذا الاحتمال لما عارضه عنده من نهيه صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالآباء حيث قال:"لا تحلفوا بأبائكم من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت"

(2)

.

وينفصل عن هذا من وجهين:

أحدهما: أن يقال: إن هذا كان قبل النهي عن ذلك.

والثاني: أن يكون ذلك جرى على اللسان بحكم السبق من غير قصد للحلف به كما جرى منه: تربت يمينك، وعَقْرى حلقى

(3)

وهذه عادة عربية بشرية لا مؤاخذة عليها ولا ذم يتعلق بها

(4)

.

= (1/ 283).

(1)

المفهم (4/ 622).

(2)

سبق تخريجه ص (299).

(3)

عقرى: أي عقرها الله وأصابها بعقر في جسدها و"حلقى" أي: أصابها وجع في حلقها وهو دعاء يجري على لسان العرب ولا يعنونه.

(4)

المفهم (1/ 160).

ص: 302

وأما عن قسم الله تعالى بتلك الأمور من وجهين:

أحدهما: أن المقسم به محذوف تقديره: ورب الضحى ورب الشمس ونحو ذلك، قاله أكثر أئمة المعاني.

وثانيهما: أن الله تعالى يقسم بما يريد، كما يفعل ما يريد. إذ لا حكم عليه ولا حاكم فوقه، ونحن المحكوم عليهم، وقد أبلغنا حكمه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم:"من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت" و"من كان حالفًا فلا يحلف إلَّا بالله" فيجب الانقياد والامتثال لحكم ذي العزة والجلال

(1)

.

والمازري قد قرَّر تحريم الحلف بغير الله تعالى، وأجاب عن الاستشكال الذي سبق ذكره وذلك عند تعليقه على قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم"، حيث قال:"هذا لئلا يشرك في التعظيم بالقسم غير الله سبحانه، وقد قال ابن عباس: لأن أحلف بالله فآثم أحب إليَّ من أن أضاهي، فقيل معناه: الحلف بغير الله، وقيل معناه: الخديعة، يرى أنه حلف وما حلف، وقد قال ابن عباس أيضًا: أن أحلف بالله مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر. ولهذا ينهى عن اليمين بسائر المخلوقات، ولا يعترض على هذا بقوله صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه إن صدق" لأنه لا يراد بها القسم، وإنما هذا قولٌ جارٍ على ألسنتهم

وقوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)} (قيل معناه: ورب التين والزيتون) أو يكون المراد به التنبيه على ما فيها من العجائب والمنة بهما عليهم، ولا يراد بهما القسم، ولو سلَّمنا أن المراد بهما القسم من غير حذف وإضمار لم يبعد أن يكون الباري سبحانه يقسم بهما ويمنعنا من القسم بهما، وتعظيم الباري جلت قدرته للأشياء بخلاف تعظيمنا لها؛ لأن كل حق بالإضافة إلى حقه

(1)

المفهم (4/ 622).

ص: 303