الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدوثه"
(1)
.
وقال: "كل موجود ممكن محدث، وهو لا يخلو عن الحوادث، وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث"
(2)
.
وقال في نفي استواء الله على عرشه بالشبه العقلية: "ومما يعلم استحالته كون العرش حاملًا لله تعالى، وأن الله مستقر عليه كاستقرار الأجسام، إذ لو كان مجمولًا لكان محتاجًا فقيرًا لما يحمله
(3)
، وذلك ينافي وصف الإلهية إذ أخص أوصاف الإله الاستغناء المطلق"
(4)
.
وقال المازري: "الصورة تفيد التركيب، وكل مركب محدث، والباري سبحانه ليس بمحدث، فليس بمركب وما ليس بمركب فليس بمصور"
(5)
إلى غير ذلك من الشبه العقلية التي جعلوها حجة لصرف النصوص عن المراد بها، وللقدح في مذهب السلف الصالح في الإثبات وأهل السنة لا يوافقونهم على هذه الألفاظ، ولا يجعلون الطعن عليهم فيها سببًا لعدم قولهم الحق، أو التردد فيه. {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}
(6)
.
1 - التركيب:
ادَّعى الأشاعرة ومن على منهجهم أن إثبات الصفات الخبرية
(1)
المفهم (1/ 411).
(2)
المفهم (6/ 670).
(3)
أهل السنة مع إثباتهم لاستواء الله على عرشه لا يسلمون بهذه اللوازم وينكرون احتياج الله تعالى لخلقه ويثبتون استغناءه التام، وسيأتي الرد عليه عند التفصيل في هذه الصفة ص (447).
(4)
المفهم (6/ 670).
(5)
المعلم (3/ 169).
(6)
سورة الرعد، آية:17.
الذاتية لله تعالى كصفة الوجه واليد ونحوها يؤدي إلى أن يكون الله مركبًا، وما كان كذلك، فهو مستلزم للحاجة والافتقار، وهذا بناءً على قياسهم الخالق على المخلوق، وبهذا وقعوا في التشبيه والتعطيل
(1)
. ويقال في الرد عليهم:
هذا اللفظ من الألفاظ المجملة التي لبسوا بها على الناس فلابد من الاستفصال عن معناه، فيقال لهم: ماذا تريدون بلفظ المركب؟ إن أردتم به ما ركبه غيره كقوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)}
(2)
أو ما كان متفرقًا فاجتمع، كأجزاء الطعام والثوب وغيره، أو ما يقبل التفريق والانقسام. فمن ادعى أن اتصاف الله بالصفات يؤدي إلى هذا المعنى الباطل فقد كذب وافترى، أما إن قصدتم ما تميز به شيء عن شيء كالعلم عن القدرة، أو ما ركب من الذات وصفاتها، فهذا حق، لكن تسمية هذا تركيبًا اصطلاحٌ باطل، فما من موجود إلَّا ويعلم منه شيء دون شيء، والجسم الذي له صفات لا يعرف في اللغة إطلاق كونه مركبًا، فإن التفاحة التي لها لون وطعم وريح لا يعرف في اللغة إطلاق كونها مركبة من لونها وطعمها وريحها
(3)
، فحجتهم صارت مبنية على مثل هذه الألفاظ المجملة، والتزام الألفاظ الشرعية مع الاستفصال عن الإجمال الواقع في المصطلحات الحادثة هو منهج السلف، وهو المنهج الحق. ثم هم يثبتون أن الله عالمٌ قادرٌ مريدٌ، فإن كانت ذاته مركبة من هذه المعاني لزم التركيب الذي ادعوه، وإن كانت عرضية لزم الافتقار الذي ادعوه.
(1)
انظر: التبصير في الدين للإسفراييني ص (96) والملل والنحل (1/ 105).
(2)
سورة الانفطار، آية:8.
(3)
انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (5/ 144) والفتاوى (6/ 109)، والصواعق المرسلة لابن القيم (3/ 930).