المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث عصمة الأنبياء - آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

[عبد الله بن محمد الرميان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمَة

- ‌خطة البحث:

- ‌الباب الأول المازري والقرطبي عصرهما وحياتهما

- ‌الفصل الأول المازري عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه وولادته:

- ‌المطلب الثاني: نشأته:

- ‌المطلب الثالث: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: جلوسه للتدريس:

- ‌المطلب الرابع: تلاميذه:

- ‌المطلب الخامس: مؤلفاته:

- ‌المطلب السادس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيا: عقيدته:

- ‌المطلب السابع: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للمازري:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهميته:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته ومنهج المازري فيه:

- ‌الفصل الثاني القرطبي عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌أولًا: الحال في الأندلس:

- ‌ثانيًا: الحال في مصر:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌2).* في مصر:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته

- ‌أولًا: مولده:

- ‌ثانيا: بيئته ونشأته:

- ‌المطلب الثالث: أسرته:

- ‌المطلب الرابع: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم ورحلاته فيه:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: تلاميذه:

- ‌المطلب الرابع: مؤلفاته:

- ‌المطلب الخامس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيًا: عقيدته:

- ‌المطلب السادس: علمه وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للقرطبي:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهمية الكتاب:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته:

- ‌المطلب السادس: منهج القرطبي فيه:

- ‌الباب الثاني الإيمان والتوحيد

- ‌الفصل الأول الإيمان وما يتعلق به من مسائل

- ‌المبحث الأول تعريف الإيمان لغة وشرعًا وحكم الاستثناء فيه

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: الاستثناء في الإيمان:

- ‌المبحث الثاني الإيمان والإسلام

- ‌المبحث الثالث الكبيرة وحكم مرتكبها

- ‌المطلب الأول: تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر:

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكبيرة وتحديدها:

- ‌المطلب الثالث: حكم مرتكب الكبيرة:

- ‌الفصل الثاني توحيد الربوبية

- ‌التمهيدعلم الكلام وموقف السلف منه

- ‌المبحث الأول أول واجب على المكلف والرد على المتكلمين

- ‌المبحث الثاني معنى توحيد الربوبية وأدلته

- ‌المطلب الأول: تعريف توحيد الربوبية لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف توحيد الربوبية شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: أدلة توحيد الربوبية:

- ‌المبحث الثالث الإيمان بالقدر

- ‌المطلب الأول: تعريف القضاء والقدر لغة وشرعًا:

- ‌(أ) لغة:

- ‌(ب) تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثاني: هل يقع في القدر تغيير وتبديل أو محو وإثبات

- ‌المطلب الثالث: القضاء والقدر وفعل الأسباب:

- ‌المطلب الرابع: الاحتجاج بالقدر على المعاصي:

- ‌المطلب الخامس: أفعال العباد:

- ‌المطلب السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله:

- ‌المطلب السابع: تكليف ما لا يطاق:

- ‌المطلب الثامن: معنى الظلم:

- ‌المطلب العاشر: التحسين والتقبيح:

- ‌الفصل الثالث توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول حقيقته ومكانته

- ‌المبحث الثاني العبادة وبعض أنواعها

- ‌المطلب الأول: تعريفها وشروط صحتها:

- ‌المطلب الثاني: بعض أنواع العبادة:

- ‌المبحث الثالث نواقض التوحيدي وقوادحه

- ‌المطلب الأول: الشرك:

- ‌أنواع الشرك:

- ‌من وسائل الشرك:

- ‌المطلب الثاني: الكفر:

- ‌تعريفه لغة وشرعًا:

- ‌أنواع الكفر:

- ‌المطلب الثالث: النفاق:

- ‌أنواع النفاق:

- ‌الحكم في المنافق:

- ‌المطلب الرابع: الفسق:

- ‌المطلب الخامس: الحلف بغير الله:

- ‌المطلب السادس: الطيرة:

- ‌المطلب السابع: التبرك:

- ‌التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التبرك بالصالحين:

- ‌المطلب الثامن: السحر:

- ‌حكم إنكار السحر:

- ‌حقيقة السحر وتأثيره:

- ‌موقف القرطبي والمازري مما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سحر:

- ‌حكم الساحر:

- ‌المطلب التاسع: النشرة:

- ‌المطلب العاشر:‌‌ الرقىوالتمائم:

- ‌ الرقى

- ‌التمائم:

- ‌المطلب الحادي عشر: التنجيم

- ‌المطلب الثاني عشر: الكهانة:

- ‌تعريف الكاهن:

- ‌استمداد الكهان:

- ‌تحريم الكهانة والنهي عن إتيان الكهان:

- ‌المطلب الثالث عشر: ما جاء في كراهية بعض الألفاظ:

- ‌أ - التسمي بملك الأملاك:

- ‌ب - كلمة (لو):

- ‌ج - القول للمملوك: عبدي، وللسيد: ربي:

- ‌المطلب الرابع عشر: نسبة الحوادث إلى الدهر:

- ‌المبحث الرابع البدع والموقف من الفرق المبتدعة

- ‌المطلب الأول: ما يعصم من البدع:

- ‌1 - الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة:

- ‌2 - ذم الكلام وتقديم العقل على الشرع

- ‌3 - سلوك منهج السلف:

- ‌المطلب الثاني:‌‌ تعريف البدعةوالموقف من المبتدعة:

- ‌ تعريف البدعة

- ‌الموقف من المبتدعة:

- ‌ التحذير من التشبه بالمبتدعة:

- ‌ جواز غيبتهم:

- ‌ هجرهم:

- ‌ ترك الصلاة عليهم:

- ‌المطلب الثالث: الكلام على بعض الفرق المبتدعة:

- ‌1 - الخوارج:

- ‌سبب التسمية:

- ‌ضلالتهم وعظم الابتلاء بهم:

- ‌سبب خروجهم:

- ‌ الحكم على الخوارج:

- ‌الرد عليهم:

- ‌2 - الصوفية:

- ‌أ - الكشف الصوفي:

- ‌ب - في تقديسهم للأولياء:

- ‌ج - في الوسوسة والغلو في الزهد:

- ‌د - في الوجد والسماع:

- ‌هـ - في جهلهم بمفهوم التوكل:

- ‌3 - المعتزلة:

- ‌4 - الشيعة:

- ‌حكم الشيعة:

- ‌الرد عليهم:

- ‌5 - القدرية:

- ‌6 - المرجئة:

- ‌7 - الأشاعرة:

- ‌الفصل الرابع توحيد الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول منهجهما في أسماء الله تعالى

- ‌المطلب الأول: الاسم والمسمى:

- ‌المطلب الثاني: عدد أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثالث: معنى الإحصاء المذكور:

- ‌المطلب الرابع: طريق إثباتها:

- ‌المطلب الخامس: أقسامها:

- ‌المطلب السادس: اسم الله الأعظم:

- ‌المطلب السابع: شرح بعض أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثامن: الأسماء المزدوجة:

- ‌المطلب التاسع: ما ليس من أسماء الله:

- ‌المبحث الثاني منهجهما في صفات الله تعالى

- ‌المطلب الأول: منهج السلف في الصفات:

- ‌المطلب الثاني: منهجهما في الصفات وموقفهما من ظواهر النصوص:

- ‌التفويض:

- ‌المطلب الثالث: الشبهات العقلية التي ردوا بها الصفات:

- ‌1 - التركيب:

- ‌2).2 -الجسم:

- ‌3 - حلول الحوادث والأعراض:

- ‌4 - الجهة والتحيز:

- ‌5 - الحد:

- ‌6 - لفظ الأعضاء والأركان والجوارح:

- ‌المطلب الرابع: رمي السلف بالتشبيه والتجسيم:

- ‌المطلب الخامس: منهجهما في سائر صفات الله تعالى:

- ‌صفة العلم:

- ‌صفة القدرة:

- ‌صفة الإرادة:

- ‌صفة الكلام:

- ‌الكلام النفسي:

- ‌قولهم كلام الله ليس بحرف ولا صوت:

- ‌صفتا السمع والبصر:

- ‌صفة العلو:

- ‌صفة العزة:

- ‌صفتا العظمة والكبرياء:

- ‌وصف الله تعالى بالصورة:

- ‌صفة الوجه:

- ‌صفة اليد:

- ‌إطلاق اليمين والشمال على يد الله تعالى:

- ‌صفة الأصابع:

- ‌صفة الرِّجْل والقَدَم:

- ‌صفة السَّاق:

- ‌صفة الاستواء:

- ‌صفة النزول:

- ‌صفتا الإتيان والمجيء:

- ‌صفة القرب والدنو:

- ‌صفة المعية:

- ‌صفتا الرضا والغضب:

- ‌صفة الفرح:

- ‌صفة الضحك:

- ‌صفة المحبة:

- ‌صفة الخلة:

- ‌صفة الغيرة:

- ‌صفة الاستحياء:

- ‌صفة الإعراض:

- ‌صفة السخرية والاستهزاء والمكر:

- ‌صفة الرحمة:

- ‌صفة الصبر:

- ‌صفة الكنف:

- ‌صفة العتب:

- ‌صفة الملل:

- ‌صفة النظر:

- ‌صفة الأذن "بمعنى الاستماع

- ‌نسبة استطابة الروائح إلى الله تعالى:

- ‌وصف الله تعالى بأنه شخص:

- ‌إطلاق لفظ "الذات" على الله تعالى:

- ‌إطلاق النفس على الله تعالى:

- ‌المبحث الثالث منهجهما في رؤية الله تعالى

- ‌رؤيته في الدنيا:

- ‌هل رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء:

- ‌رؤيته تعالى في الآخرة:

- ‌الرد على منكري الرؤية:

- ‌الباب الثالث النبوة والإمامة والصحابة

- ‌الفصل الأول النبوة

- ‌المبحث الأول تعريف النبوة والرسالة وبيان فضل الأنبياء

- ‌المطلب الأول: النبوة والرسالة والفرق بينهما:

- ‌المطلب الثاني: فضل الأنبياء ومكانتهم:

- ‌المطلب الثالث: المفاضلة بين الأنبياء:

- ‌المطلب الرابع: نبوة الخضر وحياته:

- ‌نبوته:

- ‌حياته:

- ‌المطلب الخامس: نبوة النساء:

- ‌المبحث الثاني دلائل النبوة

- ‌المطلب الأول: المعجزة والكرامة:

- ‌المطلب الثاني: معجزاته عليه الصلاة والسلام:

- ‌المبحث الثالث عصمة الأنبياء

- ‌المبحث الرابع خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس الإيمان بالملائكة والجن

- ‌المطلب الأول: الإيمان بالملائكة:

- ‌1 - تعريف الملائكة:

- ‌2 - الإيمان بالملائكة:

- ‌3 - صفاتهم:

- ‌4 - تفاضلهم:

- ‌5 - أعمالهم:

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالجن:

- ‌تعريفهم:

- ‌صفاتهم:

- ‌تكليفهم:

- ‌الفصل الثاني الإمامة

- ‌المبحث الأول حكم نصب الإمام وبما تنعقد به الإمامة

- ‌المبحث الثاني البيعة

- ‌المبحث الثالث شروط الإمام

- ‌1 - القرشية:

- ‌2 - الحرية:

- ‌المبحث الرابع واجبات الإمام وحقوقه

- ‌1).1 -واجبات الإمام:

- ‌3 - حقوق الإمام:

- ‌المبحث الخامس الموقف من الأئمة

- ‌الفصل الثالث الصحابة

- ‌المبحث الأول مكانة الصحابة وفضلهم

- ‌تفضيل الصحابة على من بعدهم:

- ‌المفاضلة بين الصحابة:

- ‌المبحث الثاني عدالتهم وعظم الطعن فيهم

- ‌المبحث الثالث الموقف مما وقع بينهم

- ‌الدفاع عن صحابة بأعيانهم:

- ‌الباب الرابع اليوم الآخر

- ‌الفصل الأول أشراط الساعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول تعريف أشراط الساعة وأقسامها

- ‌أولًا: تعريف أشراط الساعة:

- ‌ثانيا: أقسامها:

- ‌المبحث الثاني أشراط الساعة الصغرى

- ‌1 - بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - ظهور نار الحجاز:

- ‌3).3 -رفع العلم وظهور الجهل:

- ‌4 - أن تلد الأمة ربَّتها:

- ‌5 - التطاول في البنيان:

- ‌6 - عبادة الأوثان:

- ‌7 - حسر الفرات عن جبل من ذهب:

- ‌8 - عودة أرض العرب مروجًا وأنهارًا:

- ‌المبحث الثالث أشراط الساعة الكبرى

- ‌1 - المهدي:

- ‌2).2 -المسيح الدجال:

- ‌3 - نزول عيسى عليه السلام:

- ‌4).4 -يأجوج ومأجوج

- ‌أصلهم:

- ‌خروجهم من السد:

- ‌5 - الخسوفات الثلاثة:

- ‌6 - الدخان:

- ‌7 - طلوع الشمس من مغربها:

- ‌8 - الدابة:

- ‌9 - النار التي تحشر الناس:

- ‌الفصل الثاني فتنة القبر وعذابه ونعيمه

- ‌المبحث الأول الروح

- ‌مستقر الأرواح بعد مفارقة الأبدان:

- ‌المبحث الثاني فتنة القبر

- ‌المبحث الثالث عذاب القبر ونعيمه

- ‌المبحث الرابع سماع الموتى

- ‌الفصل الثالث البعث والنشور

- ‌المبحث الأول النفخ في الصور

- ‌عدد النفخات في الصور:

- ‌المبحث الثاني البعث والنشور

- ‌صفة البعث والنشور:

- ‌المبحث الثالث الحشر

- ‌أرض المحشر:

- ‌المبحث الرابع الميزان

- ‌ما الذي يوزن في الميزان:

- ‌المبحث الخامس الشفاعة

- ‌أنواع الشفاعة:

- ‌المبحث السادس الحوض

- ‌وجوب الإيمان به والرد على من أنكره:

- ‌موضع الحوض:

- ‌عظم الحوض ودفع دعوى الاضطراب في أحاديث تحديده:

- ‌من يَرِدُ الحوضَ ومن يُرَدُّ عنه:

- ‌المبحث السابع الصراط

- ‌المبحث الثامن ذبح الموت

- ‌الفصل الرابع الجنة والنار

- ‌خلق الجنة والنار:

- ‌خلود الجنة والنار:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاء

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌الرسائل العلمية والمجلات:

الفصل: ‌المبحث الثالث عصمة الأنبياء

‌المبحث الثالث عصمة الأنبياء

أرسل الله سبحانه وتعالى إلى الناس رسلًا منهم، قال تعالى:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}

(1)

. وقد بيَّن الرسل عليهم السلام لأقوامهم أنهم من البشر، كما قال تعالى:{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}

(2)

. فهم من البشر، لكن الله تعالى من عليهم فجعلهم خير البشر، ووضعهم في المكانة العليا من الكمال البشري، فحفظهم تعالى مما لا يليق بمكانتهم، ولا يتناسب مع رسالتهم. وهذا لا يتنافى مع بشريتهم التي بمقتضاها يحتاجون إلى الطعام والشراب، ويصيبهم ما يصيب البشر من الأمراض والأسقام والابتلاء والموت، قال لقرطبي:"الأنبياء من البشر يجوز عليهم من الأمراض والآلام، والغضب، والضجر، والعجز، والسحر، والعين، وغير ذلك ما يجوز على البشر"

(3)

.

وقال المازري: "النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من أن يكذب على الله، أو يفسد ما يبلغه عنه، وهو مع هذا غير معصوم من الأمراض، وما يكون من بعض عوارضها، مما لايعود بنقص في منزلته، ولا فساد فيما مهد من شريعته"

(4)

.

أما بالنسبة لعصمة الأنبياء: فالإجماع قد انعقد على عصمتهم

(1)

سورة آل عمران، الآية:164.

(2)

سورة إبراهيم، الآية:11.

(3)

المفهم (5/ 570).

(4)

المعلم (2/ 234).

ص: 680

- عليهم السلام من الكذب أو الخطأ في التبليغ. قال ابن تيمية: "فالأنبياء صلوات الله عليهم معصومون فيما يخبرون به عن الله سبحانه، وفي تبليغ رسالاته باتفاق الأمة، ولهذا وجب الإيمان بكل ما أوتوه"

(1)

.

فلا خلاف في عصمتهم في تحمل الرسالة والتبليغ عن الله تعالى فلا ينسون شيئًا مما أوحاه الله إليهم، ولا يكتمون شيئًا، قال تعالي:{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}

(2)

، وقال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)}

(3)

.

قال الشنقيطي: "واعلم أن جميع العلماء أجمعوا على عصمة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم في كل ما يتعلق بالتبليغ"

(4)

.

قال القرطبي: "الأنبياء معصومون عما يناقض دلالة المعجزة من معرفة الله تعالى، والصدق والعصمة عن الغلط في التبليغ، وعن هذا المعنى عبر الله تعالى بقوله:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ}

(5)

من حيث البشرية: يجوز عليهم ما يجوز عليهم ومن حيث الخاصية النبوية: امتاز عنهم وهو الذي شهد له العلي الأعلى بأن بصره ما زاغ وما طغى وبأن فؤاده ما كذب ما رأى، وبأن قوله وحي يوحى وأنه ما ينطق عن الهوى"

(6)

.

وقال المازري: "الأنبياء عليهم السلام معصومون من الكذب فيما طريقه البلاغ عن الله سبحانه، قل ذلك أو جل؛ لأن المعجزة تدل

(1)

الفتاوى (10/ 289).

(2)

سورة المائدة، الَاية:67.

(3)

سورة النجم، الآيتان:4.

(4)

أضواء البيان (4/ 105).

(5)

سور الكهف، الآية:110.

(6)

المفهم (5/ 570)، وانظر: المفهم (6/ 167).

ص: 681

على صدقهم في ذلك"

(1)

.

وأما المعاصي: فالكبائر لا شك أنهم في عصمة منها، وأما الصغائر التي لا تزري بمكانتهم: فقد وقع الخلاف فيها بين أهل العلم، فذهب بعض العلماء إلى عصمتهم من الصغائر؛ لأن القول بوقوعهم فيها ينافي الاقتداء بهم والأمر بمتابعتهم إذ كيف يصح متابعتهم على المعصية؟

(2)

.

وذهب عامة العلماء إلى جواز وقوع الصغائر، منهم من دون إصرار عليها، ولا ملازمة لها، وقد جاءت النصوص في إثبات وقوع ذلك من الأنبياء ومعاتبة الله تعالى لهم. قال تعالى:{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}

(3)

وموسى عليه السلام لما قتل القبطي، قال الله تعالى عنه:{قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ}

(4)

، وداود عليه السلام قال الله تعالى عنه:{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (25)}

(5)

ففي مسارعتهم إلى التوبة وإنابتهم إلى ربهم زيادة في حسناتهم، ورفعة في درجاتهم.

وأما القول بأن الوقوع في الصغائر يقدح بالتأسي فليس بصحيح، إذ التأسي يكون فيما يُقرّون عليه، كما أن النسخ جائز فيما يبلغون من الأمر والنهي، وليس تجويز ذلك مانعًا من وجوب الطاعة؛ لأن الطاعة تجب فيما لم ينسخ، فعدم النسخ يقرر الحكم، وعدم الإنكار يقرر الفعل،

(1)

المعلم (3/ 131).

(2)

منهم: ابن الجوزي والحافظ ابن حجر وغيرهما. انظر: فتح الباري (11/ 105).

(3)

سورة طه، الآيتان: 121، 122.

(4)

سورة القصص، الآيتان: 15، 16.

(5)

سورة ص، الآيتان: 24، 25.

ص: 682

والأصل عدم كل منهما

(1)

.

وقد جعل شيخ الإسلام هذا القول أحد قولين متطرفين في مسألة العصمة، حيث قال: "واعلم أن المنحرفين في مسألة العصمة على طرفي نقيض كلاهما مخالف لكتاب الله من بعض الوجوه: قوم أفرطوا في دعوى امتناع الذنوب، حتى حرفوا نصوص القرآن المخبرة بما وقع منهم من التوبة من الذنوب ومغفرة الله لهم ورفع درجاتهم بذلك، وقوم أفرطوا في أن ذكروا عنهم ما دلَّ القرآن على براءتهم منه وأضافوا إليهم ذنوبًا وعيوبًا نزههم الله عنها، وهؤلاء مخالفون للقرآن، ومن اتبع القرآن على ما هو عليه من غير تحريف كان من الأمة الوسط مهتديًا إلى الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين

(2)

.

فالقول الوسط في هذه المسألة هو أن الصغائر يجوز وقوعها من الأنبياء، ولكنهم لا يُقرّون عليها، ويسارعون بالتوبة منها، ولذا لم يذكر الله تعالى عن نبي شيئًا من ذلك إلَّا مقرونًا بالتوبة منه، وتوبة الله عليه.

وهذا ما ذهب إليه القرطبي حيث قال: "اختلف الناس في عصمة الأنبياء من الذنوب اختلافًا كثيرًا، والذي ينبغي أن يقال: إن الأنبياء معصومون مما يناقض مدلول المعجزة عقلًا، كالكفر بالله تعالى والكذب عليه، والتحريف في التبليغ والخطأ فيه، ومعصومون من الكبائر، وعن الصغائر التي تزري بفاعلها، وتحط منزلته، وتسقط مروءته إجماعًا

واختلف أئمتنا في وقوع الصغائر منهم، فمن قائل: بالوقوع ومن قائل: بمنع ذلك، والقول الوسط في ذلك: أن الله تعالى قد أخبر بوقوع ذنوب من بعضهم ونسبها إليهم وعاتبهم عليها وأخبروا بها عن نفوسهم وتنصلوا

(1)

الفتاوي لابن تيمية (15/ 148، 10/ 293).

(2)

الفتاوي (15/ 150).

ص: 683

منها، واستغفروا وتابوا وكل ذلك ورد في مواضع كثيرة لا تقبل التأويلات بجملتها، وإن قبل ذلك آحادها لكن الذي ينبغي أن يقال: إن الذي أضيف إليهم من الذنوب ليس من قبيل الكبائر، ولا مما يزري بمناصبهم على ما تقدم ولا كثر منهم وقوع ذلك، وإنما تلك الأمور التي وقعت منهم، وعوتبوا عليها يخف أمرها بالنسبة إلى غيرهم، وإنما عُدِّدَتْ عليهم، وعوتبوا عليها بالنسبة إلى مناصبهم وعلو أقدارهم

فهم وإن كانوا قد شهدت النصوص بوقوع ذنوب منهم، فلم يخل ذلك بمناصبهم، ولا قدح ذلك في رتبتهم، بل قد تلافاهم واجتباهم وهداهم، ومدحهم وزكَّاهم، واختارهم، واصطفاهم، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين إلى يوم الدين، والكلام على هذه المسألة تفصيلًا يستدعي تطويلًا، وفيما ذكرناه كفاية والله الموفق للهداية

(1)

.

وقال المازري: "أما الكبائر: فهو عليه السلام معصوم منها إجماعًا، وأما الصغائر: فإن المجيزين لوقوعها من الرسل يمنعون أن تضاف إليه صلى الله عليه وسلم على جهة الانتقاص

(2)

.

(1)

المفهم (1/ 435، 434).

(2)

المعلم (2/ 24).

ص: 684