الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوصف بالعلو. وأما التحيز العدمي -فهذا قد يطلقونه- كما هو الشأن في العالم، فقد يقولون إن العالم متحيز -أي ليس داخلًا في عالم آخر- وعليه فإن الحيز هنا أمر عدمي، والعدم ليس بشيء، فإذا كان كذلك، فإن الله تعالى بهذا الاعتبار منحاز عن خلقه"
(1)
.
ولكن يجب إطلاق كلمة العلو والاستواء لا هذا اللفظ الذي لم يرد في الكتاب أو السنة، إنما أرادوا بإطلاقه نفي ما ثبت لله سبحانه وتعالى من علوه على خلقه واستوائه على عرشه، ونزوله إلى سمائه الدنيا تعالى الله تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.
وقولهم هذا بدعوى تنزيه الله تعالى أوقعهم بضد هذا التنزيه الذي ادعوه إذ هذا التنزيه المزعوم جعلهم يقولون: بأنه لا داخل العالم ولا خارجه، فجمعوا بهذا بين النقيضين إذ يستحيل أن يكون الموجود لا داخل العالم ولا خارجه، وما ثم إلَّا الخالق والمخلوق، والمخلوق هو العالم، فإذا قيل ليس داخل العالم لزم أن يكون خارجه
(2)
.
ويلزم من قولهم هذا تشبيه الله تعالى بالممتنعات والمعدومات؛ لأنها يصدق عليها: لا داخل العالم ولا خارجه، فيكونون قد فروا من شيء توهموه شرًّا، إلى ما هو أشرُّ منه
(3)
.
5 - الحد:
الحد من الألفاظ المحدثة المحتملة للحق والباطل، ولذا نقل عن السلف إثباته ونفيه.
(1)
انظر: نقض أساس التقديس (2/ 117، 119) ودرء تعارض العقل والنقل (1/ 253، 254).
(2)
انظر: التدمرية لابن تيمية ص (36) وشرح النونية للهراس (1/ 176، 177).
(3)
انظر: التدمرية ص (61، 64).
قيل لعبد الله بن المبارك: كيف تعرف الله عز وجل؟ قال: على العرش بحد
(1)
.
وورد إثبات هذا اللفظ عن الدارمي وغيره
(2)
،
وقد أنكره بعض السلف ولم يروا إطلاقه، وجاء عن الإمام أحمد إثبات الحد ونفيه
(3)
.
والصحيح أنه لا تعارض بين القولين، إذ النافي نفى المعاني الباطلة، والمثبت قصد إثبات ما تنفيه المعطلة، والرد على الجهمية القائلين بالحلول.
قال شيخ الإسلام: "ولما كان الجهمية يقولون ما مضمونه إن الخالق لا يتميز عن الخلق فيجحدون صفاته التي تميز بها، ويجحدون قدره .. فبين ابن المبارك أن الرب سبحانه على عرشه مباين لخلقه منفصل عنه، وذكر الحد؛ لأن الجهمية كانوا يقولون. ليس له حد، وما لا حد له لا يباين المخلوقات، ولا يكون فوق العالم؛ لأن ذلك مستلزم للحد"
(4)
.
وقال عن الروايتين الواردتين عن الإمام أحمد: "حيث نفاه نفى تحديد الحادِّ له، وعلمه بحده، وحيث أثبته أثبته في نفسه، ولفظ الحد يقال على حقيقة المحدود، صنفة أو قدرًا، أو مجموعهما، ويقال على العلم والقول الدال على المحدود"
(5)
.
(1)
رد الدارمي على المريسي (1/ 224).
(2)
المرجع السابق.
(3)
انظر: أساس التقديس لابن تيمية (1/ 430، 433).
(4)
المرجع السابق (1/ 443).
(5)
المرجع السابق (2/ 174).