الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع الميزان
(1)
، وقال صلى الله عليه وسلم:"يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السموات والأرض لوسعت"
(2)
.
قال الحافظ ابن حجر: "أجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن به يوم القيامة، وأنكرت المعتزلة الميزان، وقالوا: هو عبارة عن العدل، فخالفوا الكتاب والسنة؛ لأن الله أخبر أنه يضع الموازين لوزن الأعمال ليرى العباد أعمالهم ممثلة ليكونوا على أنفسهم شاهدين"
(3)
.
وقد قال بعض أهل السنة أن الميزان بمعنى العدل والقضاء
(4)
.
والصحيح ما عليه جمهور أهل السنة وهو الذي ذهب إليه القرطبي.
ما الذي يوزن في الميزان:
اختلف أهل العلم في الذي يوزن في الميزان هل هو الأعمال أم
(1)
سورة الأنبياء، الآية:47.
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الأهوال، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2/ 619) حديث 941.
(3)
فتح الباري (13/ 548)، وقد نقله عن الزجاج.
(4)
انظر: تفسير الطبري (9/ 33)، وتفسير القرطبي (11/ 194)، وزاد المسير لابن الجوزي (3/ 130).
صحائف الأعمال أم العامل نفسه؟
(1)
.
والقرطبي قد رجَّح أن الذي يوزن هي الأعمال، ونفى وزن الأشخاص، وذلك عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن جناح بعوضة، اقرؤوا:{فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}
(2)
"
(3)
.
حيث قال: "أي: لا قيمة له ولا قدر إذ لا عمل له يوزن فإن الأعمال هي التي توزن أي: صحتها لا أشخاص العاملين، وقد قال صلى الله عليه وسلم في عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "أتعجبون من حموشة ساقيه؟ لهيَ أثقل في الميزان من أُحد"
(4)
أو كما قال. أي: الأعمال التي عمل بها أثقل في الميزان، لا أن ساقيه توضعان في الميزان، ولا شخصه، كما قد ذهب إليه بعض المتكلمين على هذه الآية، فقال: إن الأشخاص توزن"
(5)
.
وما نسبه القرطبي إلى المتكلمين قد قال به بعض أهل السنة، فالمسألة خلافية بينهم.
(1)
انظر: تفسير الطبري (9/ 33)، والتذكرة للقرطبي ص (360)، ومعارج القبول للحكمي (2/ 844).
(2)
سورة الكهف، الآية:105.
(3)
رواه البخاري في كتاب التفسير، باب {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} ح 4729 (8/ 279)، ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار ح 2785 (17/ 135).
(4)
رواه أحمد في المسند (1/ 114)، وابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الفضائل، باب ما ذكر في عبد الله بن مسعود (6/ 384)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني من طرق، وأمثل طرقها فيه عاصم بن أبي النجود، وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح (9/ 289).
(5)
المفهم (7/ 359).
والذي يترجح جمعًا بين الأقوال، وإعمالًا لجميع النصوص الواردة في ذلك ما ذهب إليه الشيخ حافظ الحكمي
(1)
رحمه الله: حيث قال: "والذي استظهر من النصوص - والله أعلم - أن العامل وعفله وصحيفة عمله - كل ذلك يوزن؛ لأن الأحاديث التي في بيان القرآن قد وردت بكل ذلك ولا منافاة بينها"
(2)
.
(1)
حافظ بن أحمد بن علي الحكمي، ولد ونشأ وتعلم في جيزان جنوب المملكة، برز من صغره وكان آية في الذكاء والحفظ حتى فاق أقرانه، ودرَّس زملاءه، تولى إدارة المعهد العلمي بصامطة حتى توفي وذلك بمكة بعد موسم الحج سنة (1377 هـ) وعمره 35 سنة رحمه الله تعالى. العلماء الذين لم يتجاوزوا سن الأشد ص (215)، معجم المؤلفين (1/ 519).
(2)
معارج القبول للحكمي (2/ 848).