الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السابع: شرح بعض أسماء الله تعالى:
تعرض القرطبي لبعض أسماء الله تعالى بالشرح والتَّوضيح في مواضع متعددة من "المفهم"، وأمَّا المازري فتعرض للقليل منها كعادته في الاختصار، وقد رتبتها هنا على حروف المعجم دون النظر لترتيب ورودها في المفهم، وهي كما يلي:
الأحد:
قال القرطبي حول هذا الاسم: "يدل على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع صفات الكمال المعظمة، وبيانه: أن الأحد والواحد وإن رجعا إلى أصل واحد لغة، فقد افترقا استعمالًا وعرفًا، وذلك: أن الهمزة من أحد منقلبة عن الواو من: وحد كما قال النابغة
(1)
:
كأنَّ رَحْلي وقد زَالَ النَّهارُ بنا
…
يوم الجليلِ على مُسْتأْنسٍ وَحِد
(2)
فهما من الوحدة، وهي راجعة إلى نفي التعدد والكثرة، غير أن استعمال العرب فيهما مختلف: فإن الواحد عندهم أصل العدد من غير تعرض لنفي ما عداه، والأحد يثبت مدلوله ويتعرض لنفي ما سواه، ولهذا أكثر ما استعملته العرب في النفي، فقالوا: ما فيها أحد ولم يكن له كفوًا أحد، ولم يقولوا هنا: واحد، فإن أرادوا الإثبات قالوا: رأيت واحدًا من الناس، ولم يقولوا هنا: أحدًا، وعلى هذا فالأحد في أسمائه تعالى مشعر بوجوده الخاص به، الذي لا يشاركه فيه غيره، وهو المعبر عنه بواجب الوجود، وربما عبَّر عنه بعض المتكلمين بأنه أخص وصفه"
(3)
.
(1)
هو زياد بن معاوية الذبياني الشهير بالنابغة الذبياني من أشهر شعراء الجاهلية كان الشعراء يعرضون عليه أشعارهم في سوق عكاظ، كان نديمًا للنعمان بن المنذر ملك الحيرة وأكثر شعره في مدحه. الأعلام (3/ 54).
(2)
قاله في مدح النعمان بن المنذر ملك الحيرة واعتذاره إليه: انظر: ديوان النابغة الذبياني ص (79).
(3)
المفهم (2/ 441).
الأول والآخر:
قال القرطبي حول هذين الاسمين: "اختلفت عبارات العلماء في هذا وأرشق عباراتهم قول من قال: الأول بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء، وقيل: الأول بالابتداء، والآخر بالإفناء، وقيل: الأول: القديم، والآخر: الباقي"
(1)
.
الباطن:
قال القرطبي: "اختلفت عبارات العلماء حوله فقيل: الباطن: بلا احتجاب، وقيل: الباطن عن الإدراكات، وقيل: الباطن الخفي اللطيف الرفيق بالخلق"
(2)
.
الجبَّار:
ذكر القرطبي هذا الاسم فقال: "الجبار: العظيم الشأن، الممتنع على من يرومه، ومنه نخلة جبارة، إذا فاقت الأيدي طولًا، يقال منه: جبَّار بين الجبرية والجبروت، ولم يأت فعَّال من أفعلت إلَّا جبَّار من أجبرت ودراك وسآر والجبروت أيضًا للمبالغة بزيادة التاء
…
وقيل: معنى الجبار: أي: المصلح من قولهم: جبرت العظم، وذلك أنه تعالى يجبر القلوب المنكسرة من أجله ويرحم عباده ويسد خلاتهم"
(3)
.
الجميل:
ذكر القرطبي هذا الاسم عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جميل يحب الجمال"
(4)
. حيث قال: "الجمال لغة هو الحسن
…
وهذا الحديث يدل
(1)
انظر: المفهم (7/ 42).
(2)
المفهم (7/ 42).
(3)
المفهم (1/ 443).
(4)
رواه مسلم في كتاب الإيمان باب تحريم الكبر وبيانه ح (91)(2/ 448).
على أن الجميل من أسماء الله تعالى، وقال بذلك جماعة من أهل العلم، إلَّا أنهم اختلفوا في معناه فقيل: معناه معنى الجليل، قاله القشيري، وقيل: معناه ذو النور والبهجة، أي: مالكهما، قاله الخطَّابي، وقيل: جميل الأفعال بكم والنظر إليكم، فهو يحب التجمل منكم في قلة إظهار الحاجة إلى غيره، قاله الصيرفي، وقال: الجميل: المنزه عن النقائص الموصوف بصفات الكمال الآمر بالتجمل له بنظافة الثياب والأبدان والنزاهة عن الرذائل والطغيان"
(1)
.
وقال المازري عن هذا الاسم عند شرحه للحديث السابق: "أُطلق في هذا الحديث تسمية الباري تعالى جميلًا ويحتمل أن يكون سماه بذلك لانتفاء النقص عنه؛ لأن الجميل منا من حسنت صورته، ومضمون حسن الصورة انتفاء النقائص والشين عنها، ويحتمل أن "جميل" ها هُنَا بمعنى مجمل أي محسن"
(2)
.
الحق:
عند شرح القرطبي لقوله صلى الله عليه وسلم في دعائه لربه: "أنت الحق ووعدك الحق
…
"
(3)
، قال: "أي واجب الوجود وأصله: من حق الشيء إذا ثبت ووجب ومنه: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ}
(4)
{وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي}
(5)
أي ثبت ووجب، وهذا الوصف لله تعالى بالحقيقة والخصوصية لا ينبغي لغيره إذ وجوده لنفسه فلم يسبقه عدم ولا يلحقه عدم، وما عداه مما يقال
(1)
المفهم (1/ 288).
(2)
المعلم (1/ 203).
(3)
رواه البخاري في كتاب التهجد باب التهجد بالليل ح (1120)(3/ 5) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه ح (769)(5/ 290).
(4)
سورة الزمر، الآية:19.
(5)
سورة السجدة، الآية:13.
عليه هذا الاسم مسبوق بعدم ويجوز عليه لحاق العدم، ووجوده من موجده لا من نفسه، وباعتبار هذا المعنى كان أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد
(1)
:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
(2)
…
..................
وإليه الإشارة بقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)}
(3)
"
(4)
.
الحكيم: قال القرطبي: "الحكيم: المحكم للأمور أو الكثير الحكمة"
(5)
.
الخبير:
قال القرطبي: "الخبير: العليم بخبرة الأمور، أي: بواطنها وما يختبر منها"
(6)
.
الرب:
قال القرطبي عن هذا الاسم عند قوله صلى الله عليه وسلم: "أنت رب السموات والأرض ومن فيهن
…
"
(7)
: "أي مصلحهما ومصلح من فيهما، مأخوذ
(1)
لبيد بن ربيعة بن عامر العامري من الشعراء المخضرمين قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وحسن إسلامه توفي سنة (41 هـ) وعمره كما قيل يزيد على (150 سنة) فهو من المعمَّرين. أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير (4/ 482) الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر (3/ 392).
(2)
تتمة البيت: وكل نعيم لا محالة زائل. وقد أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة باب أيام الجاهلية ح (3841)(7/ 183).
(3)
سورة القصص، الآية:88.
(4)
المفهم (2/ 398).
(5)
المفهم (1/ 405).
(6)
المفهم (1/ 404).
(7)
وهو قوله عليه السلام "أنت الحق
…
" سبق تخريجه ص (417).
من الربّة، وهي: نبتٌ تصلحُ عليه المواشي، يقال: ربَّ يربُّ ربًّا، فهو رابٌّ، وربٌّ، وربَّى يربِّي تربية: فهو: مُربّ، قال النَّابغة:
* وربَّ عليه اللهُ أحسَنَ صُنْعَهُ
(1)
*
وقال آخر:
يَرُبُّ الذي يأتي من الخير إنه
…
إذا فعل المعروف زاد وتمَّما
(2)
والربُّ أيضًا: السَّيد. فيكون معناه: أنه سيدُ من في السموات والأرض، والرب: المالك أي: هو مالكهما، ومالك من فيهما"
(3)
.
وقال في موضع آخر: "أصل "ربٌّ": اسم فاعل من ربَّ الشيء: إذا أصلحه وقام عليه ثم إنه يقال على السيد والمالك"
(4)
.
الرفيق:
قال القرطبي عن هذا الاسم وذلك عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق"
(5)
: "الرفيق: هو كثير الرفق، وهو اللينُ، والتسهيل، وضده العنف، والتشديد، والتصعيب، وقد يجيء الرفق بمعنى الإرفاق، وهو: إعطاء ما يرتفق به قال أبو زيد: يقال: رفقت به وأرفقته بمعنى: نفعته، وكلاهما صحيح في حق الله تعالى إذ هو الميسر والمسهل لأسباب الخير والمنافع كلها، والمعطي لها، فلا تيسير إلَّا بتيسيره، ولا منفعة إلَّا بإعطائه وتقديره، وقد يجيء الرفق أيضًا بمعنى: التِّمهل في الأمر والتَّأني
(1)
قاله النابغة عندما أخبر بمرض النعمان بن المنذر وهو كما في ديوانه:
ورب عليه الله أحسن فضله
…
وكان على البرية ناصرا
انظر: ديوان النابغة ص (119).
(2)
لم أقف عليه.
(3)
المفهم (2/ 397).
(4)
المفهم (7/ 42).
(5)
رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق ح (2593). (16/ 383).
فيه يُقال منه: رفقت الدابة أرفقها رفقًا: إذا شددت عضدها بحبل لتبطئ في مشيها وعلى هذا فيكون الرفيق في حق الله تعالى بمعنى: الحليم فإنه لا يعجل بعقوبة العصاة، بل يمهل ليتوب من سبقت له السعادة، ويزداد إثمًا من سبقت له الشقاوة وهذا المعنى أليق بالحديث، فإنه السبب الذي أخرجه وذلك أن اليهود سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السَّام عليك ففهمتهم عائشة رضي الله عنها فقالت: بل عليكم السَّامُ واللعنة، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث"
(1)
.
وقال المازري: إن لم يرد في الشريعة بإطلاقه سوى هذا ففي قبوله خلاف
(2)
ويحتمل أن يكون قوله "رفيق" يفيد صفة فعل وهو ما يخلقه سبحانه من الرفق لعباده"
(3)
.
السلام:
قال القرطبي: "السَّلام من أسمائه تعالى الحسنى، وهو السالم من النقائص، وسمات الحدث
(4)
، وقيل: المسلم عباده، وقيل: المسلم عليهم في الجنة، كما قال:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ}
(5)
"
(6)
.
وقال في موضع آخر: "السلام اسم من أسماء الله تعالى كما قال تعالى: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ}
(7)
ومعناه في حق الله تعالى: أنه
(1)
المفهم (6/ 576).
(2)
هذا بناء على قول الأشاعرة في قبول أخبار الآحاد.
(3)
انظر: المعلم (3/ 167).
(4)
هذه حجة المبتدعة في نفي صفات الله الفعلية كالنزول إلى السماء الدنيا والمجيء بزعم أن ذلك من صفات وسمات المحدثات.
(5)
سورة الزمر، الآية:73.
(6)
المفهم (2/ 34).
(7)
سورة الحشر، الآية:23.
المنزه عن النقائص والآفات التي تجوز على خلقه
…
المسلِّم لمن استجار به من جميع المخلوقات"
(1)
.
السِّيد:
لم يجزم القرطبي بأن هذا من أسماء الله وذلك عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقل العبد: "ربي" وليقل: "سيدي""
(2)
. حيث قال: "إنما فرَّق بينهما لأن الرب من أسماء الله المستعملة بالاتفاق، واختلف في السيد هل هو من أسماء الله تعالى أم لا؟ فإذا قلنا: ليس من أسمائه فالفرق واضح، إذ لا التباس ولا إشكال يلزم من إطلاقه، كما يلزم من إطلاق الرَّبِّ، وإذا قلنا: إنه من أسمائه فليس في الشهرة والاستعمال كلفظ "الرب" فيحصل الفرق بذلك وأما من حيث اللغة
…
فالسيد من السؤدد، وهو التقدم يقال: ساد قومه: إذا تقدمهم"
(3)
.
الصمد:
ذكر القرطبي هذا الاسم مع اسم الله تعالى "الأحد" وذلك عند قوله صلى الله عليه وسلم: "قل هو الله أحد، تعدل ثلث القرآن"
(4)
قال القرطبي: "اشتملت على اسمين من أسمائه تعالى يتضمنان جميع أوصاف كماله تعالى لم يوجدا في غيرها من جميع السور وهما: "الأحد" و"الصمد"
…
أما الصمد: فهو المتضمن لجميع أوصاف الكمال فإن الصمد هو الذي انتهى سؤدده بحيث يُصْمَدُ إليه في الحوائج كلها أي: يقصد ولا يصح ذلك تحقيقًا إلَّا
(1)
المفهم (5/ 485).
(2)
سبق تخريجه ص (353).
(3)
المفهم (5/ 554) وقد جاء في اسم السيد قوله صلى الله عليه وسلم "السيد الله تبارك وتعالى" رواه أبو داود في كتاب الأدب باب كراهية التمادح، وأحمد في المسند (4/ 24) وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري ص (97). برقم (155).
(4)
سبق تخريجه ص (140).
ممن حاز جميع خصال الكمال حقيقة وذلك لا يكمل إلَّا الله تعالى فهو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، فقد ظهر أن لهذين الاسمين من شمول الدلالة على الله تعالى وصفاته، ما ليس لغيرهما من الأسماء، وأنهما ليسا موجودين في شيء من سور القرآن، فظهرت خصوصية هذه السورة بأنها تعدل ثلث القرآن
(1)
.
الطيب:
قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله طيِّبٌ لا يقبلُ إلَّا طيِّبًا"
(2)
. قال القرطبي: "إن الله طيِّب أي: منزه عن النقائص والخبائث فيكون بمعنى القدوس، وقيل: طيب الثناء ومستلذ الأسماء عند العارفين بها، وعلى هذا: فطيب: من أسمائه الحسنى، ومعدودٌ في جملتها المأخوذة من السنة كالجميل والنظيف
(3)
على قول من رواه ورآه
(4)
.
الظاهر:
قال القرطبي: "اختلفت عبارات العلماء فيه فقيل: الظاهر بلا اقتراب وقيل: الظاهر بالآيات، وقيل: الظاهر: الغالب"
(5)
.
العزيز:
قال القرطبي متحدثًا عن مصدر هذا الاسم وهو "العزة": "العزة:
(1)
المفهم (2/ 441).
(2)
رواه مسلم في كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها ح (1015)(7/ 104).
(3)
الصحيح أنه لم يرد فيه حديث صحيح إنما جاء في حديث ضعيف قوله: "إنَّ الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة
…
". رواه الترمذي في كتاب الأداب، باب ما جاء في النظافة وقال: حديث غريب وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ص (234) برقم (1616).
(4)
المفهم (3/ 58).
(5)
انظر المفهم (7/ 42).
القوة والغلبة ومنه: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23)}
(1)
أي غلبني ويقال أيضًا: عزَّ الشيء إذا قل، فلا يكاد يوجد مثله يعزُّ عزًّا وعزازة، وعزَّ يعزّ عِزة إذا صار قويًّا بعد ضعف وذلةٍ. فعزة الله تعالى قهره للجبابرة وقوته الباهرة"
(2)
.
العلي:
قال القرطبي: "العلي: ذو العلو وهو الرفعة المعنوية في حقه تعالى لا المكانية
(3)
"
(4)
.
وقال في موضع آخر: "العلي: أي العلي شأنه"
(5)
.
القدوس:
قال القرطبي: "القدوس من القدس، وهي الطهارة، والقدس: السطل الذي يستقى به، ومنه: البيت المقدَّس أي: المطهر"
(6)
.
القيُّوم أو القيَّام:
قال القرطبي: "قيَّام على المبالغة من "قام بالشيء" إذا هيأ له ما يحتاج إليه ويقال: "قيُّوم" و"قيَّام" و"قيِّم" وقرأ عمر "الله لا إله إلَّا هو الحي القيَّام"
(7)
وعلقمة
(8)
: القيم. وقال قتادة: هو القائم بتدبير خلقه.
(1)
سورة ص، الآية:23.
(2)
المفهم (1/ 443).
(3)
هذا على مذهبه في نفي علو الله تعالى وسيأتي تفصيله.
(4)
المفهم (1/ 405).
(5)
المفهم (5/ 639).
(6)
المفهم (2/ 91).
(7)
سورة البقرة، الآية: 255 وهي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} .
(8)
علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الإمام الحافظ فقيه العراق من كبار التابعين ومن أخص أصحاب ابن مسعود وأشدهم له ملازمة توفي سنة (62 هـ). حلية الأولياء (2/ 98). تذكرة =
وقال الحسن: القائم على كل نفس بما كسبت. وقال ابن جبير: الدائم الوجود. وقال ابن عباس: الذي لا يحول ولا يزول"
(1)
.
الكبير:
قال القرطبي عن هذا الاسم: الكبير: الكبير سلطانه"
(2)
.
اللطيف:
قال القرطبي: "اللطيف: الكثير اللطف وهو في حق الله تعالى: رفقه بعباده وإيصاله لهم ما يصلحهم بحيث لا يشعرون كما قال: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ}
(3)
وأصله: من اللطف في العمل وهو الرفق فيه وضده العنف والاسم منه: اللطف بتحريك الطاء يقال: جاءتنا لطفة من فلان أي هدية"
(4)
.
الله:
قال القرطبي وهو يتحدث عن أقسام أسماء الله تعالى من جهة دلالتها: "فمنها ما يدل على الذات مجردة كاسم الله تعالى على قول من يقول: إنه علم غير مشتق
(5)
وهو الخليل وغيره؛ لأنه يدل على الوجود
= الحفاظ للذهبي (1/ 48).
(1)
المفهم (2/ 397).
(2)
المفهم (5/ 639).
(3)
سورة يوسف، الآية:100.
(4)
المفهم (1/ 404).
(5)
الخلاف في لفظ الجلالة هل هو مشتق أو غير مشتق؟ خلاف مشهور وقد رجح ابن القيم رحمه الله أنه مشتق ومعنى كونه مشتقًا أنه دال على صفة له تعالى وهي الإلهية كسائر أسماء الله الحسنى كالعليم والقدير والغفور وغيرها، فإنها مشتقة من مصادرها. انظر بدائع الفوائد لابن القيم (1/ 18، 19) وتفسير القرطبي (1/ 72)، وتفسير ابن كثير (1/ 18، 19). وتيسير العزيز الحميد ص (28).
الحق الموصوف بصفات الجلال والكمال دلالة مطلقة غير مقيدة بقيد؛ ولأنه أشهر أسمائه حتى تعرف كل أسمائه به فيقال: الرحمن: اسم الله ولا يقال الله اسم الرحمن؛ ولأن العرب عاملته معاملة الأسماء الأعلام في النداء، فجمعوا بينه وبين ياء النداء، ولو كان مشتقًّا لكانت لامه زائدة، وحينئذ لا يجمع بينه وبينها في النداء، كما لا تقول العرب: يا لحارث، ولا يا لعباس، ولاستيفاء المباحث علم الاشتقاق"
(1)
.
المقدِّم والمؤخِّر:
قال القرطبي عن هذين الاسمين عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت المقدم وأنت المؤخر"
(2)
: "أي: المقدم لمن شئت بالتوبة والولاية والطاعة، والمؤخر لمن شئت بضد ذلك، والأولى: أنه تعالى مقدِّم كل مقدَّم في الدنيا والآخرة، ومؤخِّر كل مؤخَّر في الدنيا والآخرة"
(3)
.
وقال في موضع آخر عن هذين الاسمين: "أي: تقدِّم من تشاء فتجعلهم أنبياء وأولياء وعلماء وفضلاء وتؤخِّر من شئت فتجعله فرعون وأبا جهل، أو تملِّك الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وعلى الجملة فكل تقديم وتأخير منه"
(4)
.
المحيي والمميت:
قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت"
(5)
. قال القرطبي:
(1)
المفهم (7/ 15).
(2)
رواه البخاري في كتاب الدعوات، باب الدعاء للمشركين ح (6398)(11/ 200) ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل ح (2719)(17/ 43).
(3)
المفهم (7/ 48).
(4)
المفهم (2/ 403).
(5)
سبق تخريجه ص (403).
"المحيي المميت من أسمائه تعالى، ومعنى ذلك: أن الله تعالى إنما سمى نفسه بأسمائه الحسنى؛ لأن معانيها ثابتة في حقه، وواجبة له، فكل ما ظهر في الوجود من الآثار إنما هي صادرة عن تلك المقتضيات، فكل إحياء في الدنيا والآخرة: إنما هو صادر عن قدرته على الإحياء، وكذلك القول في الإماتة، وفي الرحمة والملك وغير ذلك من المعاني التي تدل عليها أسماؤه، فكأنه قال: باسمك المحيي أحيا وباسمك المميت أموت، وكذلك القول في سائر الأسماء الدالة على المعاني"
(1)
.
الملك:
قال القرطبي: ""الملك": من له المُلْكُ و"المالك": من له المِلْك والمِلكُ أمدحُ، والمالك أخصُّ وكلاهما واجبٌ لله تعالى
(2)
.
نور السموات والأرض:
قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض"
(3)
قال القرطبي: "أي: مُنوِّرُها في قول الحسن دليله قراءة علي رضي الله عنه: "الله نَوَّر السَّموات"
(4)
بفتح النون والواو مشددة، قال ابن عباس: هادي أهلهما. ومجاهد: مُدبِّرهما. وقيل: هو المنزه في السموات والأرض من كل عيب من قول العرب: امرأة نوارة، أي: مبرأة من كل ريبة، وقيل: هو اسم مدح يقال: فلان نورُ البلد وشمس الزمان، كما قال النابغة:
(1)
المفهم (7/ 40).
(2)
المفهم (5/ 455).
(3)
وهو أول الحديث الذي قال فيه عليه السلام "أنت الحق .. " سبق تخريجه ص (417).
(4)
سورة النور، الآية: 35 والآية هي: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} .
فإنك شمسُ والملوك كواكبُ
…
إذا طَلَعتْ لم يبدُ منهن كوكبُ
(1)
وقال آخر:
إذا سار عبد الله في مرو ليلةً
…
فقد سار فيها نورها وجمالها
(2)
وقال أبو العالية
(3)
: "مزيِّن السموات بالشمس والقمر والنجوم، ومزيِّن الأرض بالأنبياء والأولياء والعلماء"
(4)
.
وقال في موضع آخر: "فأما اسم الله تعالى "النور" فمعناه: أنه هاد من ظلمات الجهالات كما أن النور المحسوس هاد في محسوس الظلمات، وقيل معناه: أنه منوِّر السموات والأرض وخالق الأنوار فيهما"
(5)
.
الوتر:
قال صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا من حفظها دخل الجنة، والله وتر يحب الوتر"
(6)
.
(1)
قاله النابغة الذبياني في مدحه للنعمان بن المنذر ملك الحيرة واعتذاره إليه. انظر: ديوان النابغة الذبياني ص (54).
(2)
ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة عبد الله بن المبارك وقال: قال عمار بن الحسن يمدح ابن المبارك:
إذا سار عبد الله في مرو ليلة
…
فقد سار منها نورها وجمالها
إذا ذكر الأحبار في كل بلدة
…
فهم أنجم فيها وأنت هلالها
سير أعلام النبلاء (8/ 391).
(3)
أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي البصري الإمام الحافظ المقريء المفسر أحد أئمة التابعين وأعلامهم من أعلم الناس بعد الصحابة بالقرآن توفي سنة (90 هـ) وقيل (93 هـ).
تهذيب التهذيب (1/ 610). معرفة القراء الكبار (1/ 60).
(4)
المفهم (2/ 396).
(5)
المفهم (1/ 408).
(6)
سبق تخريجه ص (404).