الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان طلوع الشمس، مخصوصًا بذلك لأنه أول تغيير هذا العالم العلوي الذي لم يشاهد فيه تغيير منذ خلقه الله تعالى، وإلى ذلك الوقت، وأما ما قبله من الآيات فقد شوهد ما يقرب من نوعه، فإذا كان ذلك، وطبع على كل قلب بما فيه من كفر وإيمان أخرج الله الدابة مُعَرِّفة لما في بواطن الناس من إيمان وكفر فتكلمهم بذلك"
(1)
.
وقال في رده على المبتدعة الذين يؤولون عامة هذه الآيات بمحض عقولهم: "مذهب أهل السنة حمل طلوع الشمس من مغربها وغيرها من الآيات على ظاهرها إذ لا إحالة فيها وهي أمور ممكنة في أنفسها، وقد تضافرت الأخبار الصحيحة بها مع كثرتها وشهرتها، فيجب التصديق بها، ولا يلتفت لشيء من تأويلات المبتدعة لها"
(2)
.
8 - الدابة:
(3)
أي: مع تمادي الناس بالعصيان وإعراضهم عن آيات الرحمن وترك النزول على حكمها بحيث لا تنفع فيهم الموعظة، ولا تردعهم التذكرة، يقول تعالى: إذا صاروا كذلك أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أي: دابة تعقل وتنطق ليعلم الناس أن ذلك آية من عند الله
(4)
. قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا: طلوع الشمس من
(1)
المفهم (7/ 242).
(2)
المفهم (1/ 373).
(3)
سورة النمل، الآيه:82.
(4)
انظر: التذكرة للقرطبي ص (785).
مغربها، والدجال، ودابة الأرض"
(1)
.
قال القرطبي عن هذه الآية: "أما الدابة فهي التي قال الله فيها: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} ذكر أهل التفسير: أنها خلق عظيم تخرج من صدع الصفا، لا يفوتها أحد تسِمُ المؤمن فينير وجهه، ويكتب بين عينيه مؤمن، وتسم الكافر فيسود وجهه، ويكتب بين عينيه كافر، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن هذه الدابة هي الجسَّاسة المذكورة في الحديث، وعن ابن عباس: أنها الثعبان الذي كان ببئر الكعبة فاختطفته العقاب
(2)
، وقد اختلف في صورتها، وفي أي موضع تخرج منه على أقوالٍ كثيرة، وليس في شيء من ذلك خبر صحيح مرفوع، قال بعض المتأخرين من المفسرين: الأقرب أن تكون هذه الدابة: إنسانًا متكلمًا يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم لينقطعوا فيهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيَّ عن بينة.
قلت -أي القرطبي-: وإنما كان هذا عند القائل الأقرب لقوله تعالى: {تُكَلِّمُهُمْ} وعلى هذا فلا يكون في هذه الدابة آية خاصة خارقة للعادة، ولا تكون من جملة العشر الآيات المذكورة في الحديث
(3)
؛ لأن وجود المناظرين والمحتجين على أهل البدع كثير فلا آية خاصة، فلا ينبغي أن تذكر مع العشر وترتفع خصوصية وجودها، فإذا وقع القول ثم: فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر الفاضل العالم الذي يحتج على أهل الأرض باسم الإنسان أو بالعالم، أو بالإمام، إلى أن يسمى
(1)
رواه مسلم في كتب الإيمان، باب بيان الزمان الذي لا يقبل فيه الإيمان ح 157 (2/ 553).
(2)
انظر: سيرة ابن هشام (1/ 193)، والتذكرة للقرطبي ص (787)، وفتح القدير للشوكاني (4/ 151).
(3)
سبق تخريجه ص (786).