الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بدابة، وهذا خروج عن عادة الفصحاء، وعن تعظيم العلماء
(1)
، وليس ذلك دأب العقلاء، فالأولى ما قاله أهل التفسير، وأما كيفية صفتها وخلقتها، وبماذا تكلمهم فالله أعلم بذلك"
(2)
.
وأحسن القرطبي في رده للأقوال التي لا دليل عليها إذ أمور الغيب لا تحكم فيها العقول.
9 - النار التي تحشر الناس:
وهي آخر أشراط الساعة وهي نار تخرج من اليمن من "قعر عدن" تسوق الناس إلى محشرهم. قال صلى الله عليه وسلم: في بيان الآيات العشر التي تكون قبل الساعة: "وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم".
قال القرطبي "قوله: "آخر ذلك النار تخرج من اليمن" وقال فيما تقدم: "من قعر عدن"
(3)
وقال في رواية: "من أرض الحجاز" قال القاضي: فلعلهما ناران تجتمعان لحشر الناس، أو يكون ابتداء خروجها من اليمن وظهورها من الحجاز"
(4)
.
وأما كيفية حشرها للناس فقد قال صلى الله عليه وسلم: "يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين، واثنان على بعير وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشُر بقيتهم النار تبيت معهم حيث باتوا وتقيل
(1)
وقد نقل القرطبي المفسر هذا الكلام عن شيخه ولم ينسبه إليه (التذكرة ص 786)، ولذا نقله المتأخرون عنه ونسبوه إليه، ورأيت من هذا شيئًا كثيرًا في مسائل العقيدة، فلشهرة القرطبي المفسر التي فاق بها شيخه وانتشار تفسيره خصوصًا عند المتأخرين وبقاء تراث شيخه العلمي رهن الحبس طوال هذه القرون أدَّى إلى نسبة كثير من أقوال أبي العباس إلى تلميذه أبي عبد الله، والله يؤتي فضله من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
(2)
المفهم (7/ 240)، وانظر:(7/ 242).
(3)
وهو من بعض ألفاظ الحديث السابق.
(4)
المفهم (7/ 241).
معهم حيث قالوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا"
(1)
.
قال القرطبي: "الطرائق الأحوال المختلفة، والفرق المتفرقة، ومنه قوله تعالى:{كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11)}
(2)
أي: فرقًا مختلفة قال القاضي: هذا الحشر هو في الدنيا قبل قيام الساعة، وهو آخر أشراطها
…
ويدل على أنها قبل يوم القيامة قوله: "فتقيل معهم حيث قالوا، وتمسي معهم حيث أمسوا وتصبح معهم حيث أصبحوا"
…
وعلى هذا فيكون معنى راغبين في لقاء الله وفي ثوابه وهؤلاء هم المؤمنون الذين وسموا باسم الإيمان، وراهبين: أي خائفين يعني بهم الكفار الذين وسموا باسم الكفر، وذلك إذا طبع على كل قلبٍ بما فيه عند طلوع الشمس من مغربها، وإذا خرجت دابة الأرض فنفخت في وجوه الناس ما تسم في وجه المؤمن مؤمن، وفي وجه الكافر كافر"
(3)
.
(1)
رواه البخاري في كتاب الرقاق، باب الحشر ح 6522 (11/ 384)، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا، وبيان الحشر يوم القيامة ح 2861 (17/ 200).
(2)
سورة الجن، الآية:11.
(3)
المفهم (7/ 153).