المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول أول واجب على المكلف والرد على المتكلمين - آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

[عبد الله بن محمد الرميان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمَة

- ‌خطة البحث:

- ‌الباب الأول المازري والقرطبي عصرهما وحياتهما

- ‌الفصل الأول المازري عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه وولادته:

- ‌المطلب الثاني: نشأته:

- ‌المطلب الثالث: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: جلوسه للتدريس:

- ‌المطلب الرابع: تلاميذه:

- ‌المطلب الخامس: مؤلفاته:

- ‌المطلب السادس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيا: عقيدته:

- ‌المطلب السابع: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للمازري:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهميته:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته ومنهج المازري فيه:

- ‌الفصل الثاني القرطبي عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌أولًا: الحال في الأندلس:

- ‌ثانيًا: الحال في مصر:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌2).* في مصر:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته

- ‌أولًا: مولده:

- ‌ثانيا: بيئته ونشأته:

- ‌المطلب الثالث: أسرته:

- ‌المطلب الرابع: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم ورحلاته فيه:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: تلاميذه:

- ‌المطلب الرابع: مؤلفاته:

- ‌المطلب الخامس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيًا: عقيدته:

- ‌المطلب السادس: علمه وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للقرطبي:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهمية الكتاب:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته:

- ‌المطلب السادس: منهج القرطبي فيه:

- ‌الباب الثاني الإيمان والتوحيد

- ‌الفصل الأول الإيمان وما يتعلق به من مسائل

- ‌المبحث الأول تعريف الإيمان لغة وشرعًا وحكم الاستثناء فيه

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: الاستثناء في الإيمان:

- ‌المبحث الثاني الإيمان والإسلام

- ‌المبحث الثالث الكبيرة وحكم مرتكبها

- ‌المطلب الأول: تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر:

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكبيرة وتحديدها:

- ‌المطلب الثالث: حكم مرتكب الكبيرة:

- ‌الفصل الثاني توحيد الربوبية

- ‌التمهيدعلم الكلام وموقف السلف منه

- ‌المبحث الأول أول واجب على المكلف والرد على المتكلمين

- ‌المبحث الثاني معنى توحيد الربوبية وأدلته

- ‌المطلب الأول: تعريف توحيد الربوبية لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف توحيد الربوبية شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: أدلة توحيد الربوبية:

- ‌المبحث الثالث الإيمان بالقدر

- ‌المطلب الأول: تعريف القضاء والقدر لغة وشرعًا:

- ‌(أ) لغة:

- ‌(ب) تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثاني: هل يقع في القدر تغيير وتبديل أو محو وإثبات

- ‌المطلب الثالث: القضاء والقدر وفعل الأسباب:

- ‌المطلب الرابع: الاحتجاج بالقدر على المعاصي:

- ‌المطلب الخامس: أفعال العباد:

- ‌المطلب السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله:

- ‌المطلب السابع: تكليف ما لا يطاق:

- ‌المطلب الثامن: معنى الظلم:

- ‌المطلب العاشر: التحسين والتقبيح:

- ‌الفصل الثالث توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول حقيقته ومكانته

- ‌المبحث الثاني العبادة وبعض أنواعها

- ‌المطلب الأول: تعريفها وشروط صحتها:

- ‌المطلب الثاني: بعض أنواع العبادة:

- ‌المبحث الثالث نواقض التوحيدي وقوادحه

- ‌المطلب الأول: الشرك:

- ‌أنواع الشرك:

- ‌من وسائل الشرك:

- ‌المطلب الثاني: الكفر:

- ‌تعريفه لغة وشرعًا:

- ‌أنواع الكفر:

- ‌المطلب الثالث: النفاق:

- ‌أنواع النفاق:

- ‌الحكم في المنافق:

- ‌المطلب الرابع: الفسق:

- ‌المطلب الخامس: الحلف بغير الله:

- ‌المطلب السادس: الطيرة:

- ‌المطلب السابع: التبرك:

- ‌التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التبرك بالصالحين:

- ‌المطلب الثامن: السحر:

- ‌حكم إنكار السحر:

- ‌حقيقة السحر وتأثيره:

- ‌موقف القرطبي والمازري مما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سحر:

- ‌حكم الساحر:

- ‌المطلب التاسع: النشرة:

- ‌المطلب العاشر:‌‌ الرقىوالتمائم:

- ‌ الرقى

- ‌التمائم:

- ‌المطلب الحادي عشر: التنجيم

- ‌المطلب الثاني عشر: الكهانة:

- ‌تعريف الكاهن:

- ‌استمداد الكهان:

- ‌تحريم الكهانة والنهي عن إتيان الكهان:

- ‌المطلب الثالث عشر: ما جاء في كراهية بعض الألفاظ:

- ‌أ - التسمي بملك الأملاك:

- ‌ب - كلمة (لو):

- ‌ج - القول للمملوك: عبدي، وللسيد: ربي:

- ‌المطلب الرابع عشر: نسبة الحوادث إلى الدهر:

- ‌المبحث الرابع البدع والموقف من الفرق المبتدعة

- ‌المطلب الأول: ما يعصم من البدع:

- ‌1 - الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة:

- ‌2 - ذم الكلام وتقديم العقل على الشرع

- ‌3 - سلوك منهج السلف:

- ‌المطلب الثاني:‌‌ تعريف البدعةوالموقف من المبتدعة:

- ‌ تعريف البدعة

- ‌الموقف من المبتدعة:

- ‌ التحذير من التشبه بالمبتدعة:

- ‌ جواز غيبتهم:

- ‌ هجرهم:

- ‌ ترك الصلاة عليهم:

- ‌المطلب الثالث: الكلام على بعض الفرق المبتدعة:

- ‌1 - الخوارج:

- ‌سبب التسمية:

- ‌ضلالتهم وعظم الابتلاء بهم:

- ‌سبب خروجهم:

- ‌ الحكم على الخوارج:

- ‌الرد عليهم:

- ‌2 - الصوفية:

- ‌أ - الكشف الصوفي:

- ‌ب - في تقديسهم للأولياء:

- ‌ج - في الوسوسة والغلو في الزهد:

- ‌د - في الوجد والسماع:

- ‌هـ - في جهلهم بمفهوم التوكل:

- ‌3 - المعتزلة:

- ‌4 - الشيعة:

- ‌حكم الشيعة:

- ‌الرد عليهم:

- ‌5 - القدرية:

- ‌6 - المرجئة:

- ‌7 - الأشاعرة:

- ‌الفصل الرابع توحيد الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول منهجهما في أسماء الله تعالى

- ‌المطلب الأول: الاسم والمسمى:

- ‌المطلب الثاني: عدد أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثالث: معنى الإحصاء المذكور:

- ‌المطلب الرابع: طريق إثباتها:

- ‌المطلب الخامس: أقسامها:

- ‌المطلب السادس: اسم الله الأعظم:

- ‌المطلب السابع: شرح بعض أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثامن: الأسماء المزدوجة:

- ‌المطلب التاسع: ما ليس من أسماء الله:

- ‌المبحث الثاني منهجهما في صفات الله تعالى

- ‌المطلب الأول: منهج السلف في الصفات:

- ‌المطلب الثاني: منهجهما في الصفات وموقفهما من ظواهر النصوص:

- ‌التفويض:

- ‌المطلب الثالث: الشبهات العقلية التي ردوا بها الصفات:

- ‌1 - التركيب:

- ‌2).2 -الجسم:

- ‌3 - حلول الحوادث والأعراض:

- ‌4 - الجهة والتحيز:

- ‌5 - الحد:

- ‌6 - لفظ الأعضاء والأركان والجوارح:

- ‌المطلب الرابع: رمي السلف بالتشبيه والتجسيم:

- ‌المطلب الخامس: منهجهما في سائر صفات الله تعالى:

- ‌صفة العلم:

- ‌صفة القدرة:

- ‌صفة الإرادة:

- ‌صفة الكلام:

- ‌الكلام النفسي:

- ‌قولهم كلام الله ليس بحرف ولا صوت:

- ‌صفتا السمع والبصر:

- ‌صفة العلو:

- ‌صفة العزة:

- ‌صفتا العظمة والكبرياء:

- ‌وصف الله تعالى بالصورة:

- ‌صفة الوجه:

- ‌صفة اليد:

- ‌إطلاق اليمين والشمال على يد الله تعالى:

- ‌صفة الأصابع:

- ‌صفة الرِّجْل والقَدَم:

- ‌صفة السَّاق:

- ‌صفة الاستواء:

- ‌صفة النزول:

- ‌صفتا الإتيان والمجيء:

- ‌صفة القرب والدنو:

- ‌صفة المعية:

- ‌صفتا الرضا والغضب:

- ‌صفة الفرح:

- ‌صفة الضحك:

- ‌صفة المحبة:

- ‌صفة الخلة:

- ‌صفة الغيرة:

- ‌صفة الاستحياء:

- ‌صفة الإعراض:

- ‌صفة السخرية والاستهزاء والمكر:

- ‌صفة الرحمة:

- ‌صفة الصبر:

- ‌صفة الكنف:

- ‌صفة العتب:

- ‌صفة الملل:

- ‌صفة النظر:

- ‌صفة الأذن "بمعنى الاستماع

- ‌نسبة استطابة الروائح إلى الله تعالى:

- ‌وصف الله تعالى بأنه شخص:

- ‌إطلاق لفظ "الذات" على الله تعالى:

- ‌إطلاق النفس على الله تعالى:

- ‌المبحث الثالث منهجهما في رؤية الله تعالى

- ‌رؤيته في الدنيا:

- ‌هل رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء:

- ‌رؤيته تعالى في الآخرة:

- ‌الرد على منكري الرؤية:

- ‌الباب الثالث النبوة والإمامة والصحابة

- ‌الفصل الأول النبوة

- ‌المبحث الأول تعريف النبوة والرسالة وبيان فضل الأنبياء

- ‌المطلب الأول: النبوة والرسالة والفرق بينهما:

- ‌المطلب الثاني: فضل الأنبياء ومكانتهم:

- ‌المطلب الثالث: المفاضلة بين الأنبياء:

- ‌المطلب الرابع: نبوة الخضر وحياته:

- ‌نبوته:

- ‌حياته:

- ‌المطلب الخامس: نبوة النساء:

- ‌المبحث الثاني دلائل النبوة

- ‌المطلب الأول: المعجزة والكرامة:

- ‌المطلب الثاني: معجزاته عليه الصلاة والسلام:

- ‌المبحث الثالث عصمة الأنبياء

- ‌المبحث الرابع خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس الإيمان بالملائكة والجن

- ‌المطلب الأول: الإيمان بالملائكة:

- ‌1 - تعريف الملائكة:

- ‌2 - الإيمان بالملائكة:

- ‌3 - صفاتهم:

- ‌4 - تفاضلهم:

- ‌5 - أعمالهم:

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالجن:

- ‌تعريفهم:

- ‌صفاتهم:

- ‌تكليفهم:

- ‌الفصل الثاني الإمامة

- ‌المبحث الأول حكم نصب الإمام وبما تنعقد به الإمامة

- ‌المبحث الثاني البيعة

- ‌المبحث الثالث شروط الإمام

- ‌1 - القرشية:

- ‌2 - الحرية:

- ‌المبحث الرابع واجبات الإمام وحقوقه

- ‌1).1 -واجبات الإمام:

- ‌3 - حقوق الإمام:

- ‌المبحث الخامس الموقف من الأئمة

- ‌الفصل الثالث الصحابة

- ‌المبحث الأول مكانة الصحابة وفضلهم

- ‌تفضيل الصحابة على من بعدهم:

- ‌المفاضلة بين الصحابة:

- ‌المبحث الثاني عدالتهم وعظم الطعن فيهم

- ‌المبحث الثالث الموقف مما وقع بينهم

- ‌الدفاع عن صحابة بأعيانهم:

- ‌الباب الرابع اليوم الآخر

- ‌الفصل الأول أشراط الساعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول تعريف أشراط الساعة وأقسامها

- ‌أولًا: تعريف أشراط الساعة:

- ‌ثانيا: أقسامها:

- ‌المبحث الثاني أشراط الساعة الصغرى

- ‌1 - بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - ظهور نار الحجاز:

- ‌3).3 -رفع العلم وظهور الجهل:

- ‌4 - أن تلد الأمة ربَّتها:

- ‌5 - التطاول في البنيان:

- ‌6 - عبادة الأوثان:

- ‌7 - حسر الفرات عن جبل من ذهب:

- ‌8 - عودة أرض العرب مروجًا وأنهارًا:

- ‌المبحث الثالث أشراط الساعة الكبرى

- ‌1 - المهدي:

- ‌2).2 -المسيح الدجال:

- ‌3 - نزول عيسى عليه السلام:

- ‌4).4 -يأجوج ومأجوج

- ‌أصلهم:

- ‌خروجهم من السد:

- ‌5 - الخسوفات الثلاثة:

- ‌6 - الدخان:

- ‌7 - طلوع الشمس من مغربها:

- ‌8 - الدابة:

- ‌9 - النار التي تحشر الناس:

- ‌الفصل الثاني فتنة القبر وعذابه ونعيمه

- ‌المبحث الأول الروح

- ‌مستقر الأرواح بعد مفارقة الأبدان:

- ‌المبحث الثاني فتنة القبر

- ‌المبحث الثالث عذاب القبر ونعيمه

- ‌المبحث الرابع سماع الموتى

- ‌الفصل الثالث البعث والنشور

- ‌المبحث الأول النفخ في الصور

- ‌عدد النفخات في الصور:

- ‌المبحث الثاني البعث والنشور

- ‌صفة البعث والنشور:

- ‌المبحث الثالث الحشر

- ‌أرض المحشر:

- ‌المبحث الرابع الميزان

- ‌ما الذي يوزن في الميزان:

- ‌المبحث الخامس الشفاعة

- ‌أنواع الشفاعة:

- ‌المبحث السادس الحوض

- ‌وجوب الإيمان به والرد على من أنكره:

- ‌موضع الحوض:

- ‌عظم الحوض ودفع دعوى الاضطراب في أحاديث تحديده:

- ‌من يَرِدُ الحوضَ ومن يُرَدُّ عنه:

- ‌المبحث السابع الصراط

- ‌المبحث الثامن ذبح الموت

- ‌الفصل الرابع الجنة والنار

- ‌خلق الجنة والنار:

- ‌خلود الجنة والنار:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاء

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌الرسائل العلمية والمجلات:

الفصل: ‌المبحث الأول أول واجب على المكلف والرد على المتكلمين

‌المبحث الأول أول واجب على المكلف والرد على المتكلمين

لقد سلك كثير من المتكلمين في معرفة الله تعالى والاستدلال على وجوده طرقًا ملتوية، ما أنزل الله بها من سلطان، وليس لهم في ذلك دليل من كتاب أو سنة، أو فهم سلف الأمة. وقد ترتب على ما ذهبوا إليه من المفاسد ما لا يحصى كثرةً، وقولهم هذا راجع إلى اعتقادهم بأن معرفة الله تعالى نظرية وليست فطرية، أي لا يوجد في القلوب معرفة للخالق سبحانه قبل النظر، لذا اعتبروه أول الواجبات على العبد. قال الباقلاني:"أول ما فرض الله عز وجل على العباد النظر في آياته، والاعتبار بمقدوراته، والاستدلال عليه بآثار قدرته، وشواهد ربوبيته، لأنه سبحانه غير معلوم باضطرار، ولا مُشاهد بالحواس، إنما يُعْلَم وجوده وكونه على ما تقتضيه أفعاله، بالأدلة الظاهرة والبراهين الباهرة"

(1)

.

وقال الجويني: "أول ما يجب على العاقل البالغ باستكمال سن البلوغ أو الحُلم شرعًا القصد إلى النظر الصحيح"

(2)

.

وقد ذكر الباجوري

(3)

الأقوال في أول واجب على المكلف، ثم قال بعد ذلك في محاولة للجمع بينها: "الأصح أن أول واجب قصدًا: المعرفة، وأول واجب وسيلة قريبةً: النظر. ووسيلة بعيدة: القصد إلى

(1)

الإنصاف للباقلاني ص (22).

(2)

الإرشاد للجويني ص (25).

(3)

إبراهيم بن محمد الباجوري أو البيجوري الشافعي الأشعري شيخ الأزهر في زمنه توفي سنة (1277 هـ). معجم المؤلفين (1/ 57)، هدية العارفين (5/ 41).

ص: 187

النظر وبهذا يجمع بين الأقوال الثلاثة"

(1)

.

وهذا القول هو الذي عليه عامة الأشاعرة، وقد أخذوه عن المعتزلة. قال أبو جعفر السمناني

(2)

: "إن هذه المسألة بقيت في مقالة الأشعري من مسائل المعتزلة وتفرع عليها أن الواجب على كل أحد معرفة الله بالأدلة الدالة عليه، وأنه لا يكفي التقليد في ذلك"

(3)

.

ويترتب على قولهم هذا إخراج لعامة المسلمين من الإسلام، بل تكفير لسلف الأمة وَخَلَفِها، وقد بيَّنوا أن هذه الطريقة لا يعرفها كل أحد، فجعلوا الإيمان بالله والدخول في دينه لا يستطيعه إلَّا من رسخ في العلم بزعمهم. ولهذا لما عدَّد شارح "الجوهرة" المطالب السبعة التي يتوصل بها إلى إثبات وجود الله تعالى قال:"وهذه المطالب لا يعرفها إلَّا الراسخون في العلم" ثم قال: "قال السنوسي

(4)

: وبها ينجو المكلف من أبواب جهنم السبعة"

(5)

.

فانظر كيف جعل السنوسي عاقبة ترك هذه المطالب على المكلف سواء كان من العوام أو من العلماء الراسخين في العلم، وانظر كيف اعترف الباجوري بأنه لا يعلمها إلَّا الراسخون في العلم، فيكونون على هذا هم الناجين فقط دون من سواهم، ويكون العوام وهم أكثر المسلمين ليسوا بناجين من النار، بل حتى العلماء الذين ليسوا براسخين في العلم،

(1)

تحفة المريد على جوهرة التوحيد للباجوري ص (38).

(2)

هو محمد بن أحمد بن محمد السمناني القاضي الحنفي أحد المتكلمين لازم القاضي أبا بكر الباقلاني حتى برز في علم الكلام، كان حامل لواء الأشعرية في زمنه توفي سنة (444 هـ).

سير أعلام النبلاء (17/ 651)، البداية والنهاية (12/ 68).

(3)

نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (13/ 361).

(4)

محمد بن يوسف السنوسي سبقت ترجمته ص (69).

(5)

تحفة المريد للباجوري ص (42).

ص: 188

وهذا تحجير لواسع، وتضييق لرحمة الله، وابتداع لقول لم يسبقوا إليه"

(1)

.

ولا شك أن في الكتاب والسنة تعريفًا للناس بخالقهم بطرق سهلة ميسرة لا تخفى على أحد، ولا تحتاج لرسوخ في العلم، ودقةٍ في النظر، مع ما في فِطَرِ الناس من معرفة لله تعالى. والرسول صلى الله عليه وسلم ما أمر الناس بالفظر أو طلب منهم ذلك، أو سأل من دخل في الإسلام عنه، إنما كانت الدعوة إلى الشهادتين فمن فعل ذلك دخل في الإسلام وحكم له به.

قال ابن تيمية: "والنبي صلى الله عليه وسلم لم يدع أحدًا من الخلق إلى النظر ابتداءً ولا إلى مجرد إثبات الصانع، بل أول ما دعاهم إليه الشهادتان، وبذلك أمر أصحابه

(2)

.

وقال ابن حزم: "وقال سائر أهل الإسلام: كل من اعتقد بقلبه اعتقادًا، لا يشك فيه، وقال بلسانه: لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله وأن كل ما جاء به حق وبرئ من كل دين سوى دين محمد صلى الله عليه وسلم فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك"

(3)

.

وقال أبو المظفر السمعاني

(4)

: "إنما أنكرنا طريقة أهل الكلام على ما أسسوا فإنهم قالوا: أول ما يجب على الإنسان النظر المؤدي إلى معرفة الباري. وهذا قول مخترع لم يسبقهم إليه أحد من السلف وأئمة الدين ولو

(1)

منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله الخالق، عبد اللطيف محمد نور (1/ 316).

(2)

درء تعارض العقل والنقل (8/ 6).

(3)

الفصل في الملل والنحل (4/ 29).

(4)

هو منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني مفسر أُصولي متكلم، له عدة مصنفات منها:"منهاج أهل السنة" توفي سنة (489 هـ). طبقات المفسرين للأدنه وي ص (145)، البداية والنهاية (12/ 164).

ص: 189

أنك تدبرت جميع أقوالهم وكتبهم لم تجد هذا في شيء منها منقولًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من الصحابة رضي الله عنهم، وكذلك من التابعين بعدهم"

(1)

.

والرد على هؤلاء من وجهين:

أولًا: أن معرفة الله تعالى ليست نظرية، بل فطرية، وسيأتي بيان ذلك.

ثانيًا: أن أول الواجبات على العبد النطق بالشهادتين، كما جاءت بذلك النصوص من الكتاب والسنة.

قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}

(2)

، وقال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}

(3)

.

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حينما بعثه إلى اليمن: "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسُولُ الله

"

(4)

. وقوله صلى الله عليه وسلم: "أمرتُ أن أقاتل الناسَ حتى يشهدُوا أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا رسُولُ الله

"

(5)

.

وهذا متفق عليه بين السلف، كما تبين من النصوص السابقة. والقرطبي رحمه الله نصر قول أهل السنة والجماعة في هذه المسألة،

(1)

الحجة في بيان المحجة للأصبهاني (2/ 120).

(2)

سورة النحل، الآية:36.

(3)

سورة الأنبياء، الآية:25.

(4)

رواه البخاري كتاب التوحيد باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى ح (7372)(13/ 359). ومسلم في كتاب الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام ح (19)(1/ 310).

(5)

رواه البخاري في كتاب الإيمان باب قتال الناس حتى يقولوا لا إله إلَّا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ح (22)(1/ 325).

ص: 190

وخالف الأشاعرة ومن وافقهم في قولهم هذا، حيث قال بعد ذكره لأركان الإيمان: مذهب السلف وأئمة الفتوى من الخلف، أن من صدق بهذه الأمور تصديقًا جزمًا لا ريب فيه، ولا تردد ولا توقف كان مؤمنًا حقيقة وسواء كان ذلك عن براهين ناصعة، أو عن اعتقادات جازمة.

على هذا انقرضت الأعصار الكريمة، وبهذا صرحت فتاوى أئمة الهدى المستقيمة حتى حدثت مذاهب المعتزلة المبتدعة، فقالوا: إنه لا يصح الإيمان الشرعي، إلَّا بعد الإحاطة بالبراهين العقلية والسمعية وحصول العلم بنتائجها ومطالبها ومن لم يحصل إيمانه كذلك، فليس بمؤمن ولا يجزئ إيمانه بغير ذلك وتبعهم على ذلك جماعة من متكلمي أصحابنا كالقاضي أبي بكر، وأبي إسحاق الإسفراييني، وأبي المعالي في أول قوليه، والأول هو الصحيح، إذ المطلوب من المكلفين ما يقال عليه: إيمان كقوله تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}

(1)

، {وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}

(2)

.

والإيمان: هو التصديق لغة وشرعًا، فمن صدق بذلك كله ولم يجوز نقيض شيء من ذلك، فقد عمل بمقتضى ما أمره الله به، على نحو ما أمره الله تعالى ومن كان كذلك فقد تقصَّى عن عهدة الخطاب، إذ قد عمل بمقتضى السنَّة والكتاب، ولأنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعده حكمُوا بصحَّة إيمان كلّ من آمن وصدق بما ذكرناه، ولم يفرقوا بين من آمن عن برهان، أو عن غيره، ولأنهم لم يأمروا أجلاف العرب بترديد النظر ولا سألوهم عن أدلَّة تصديقهم، ولا أرجؤوا إيمانهم حتى ينظروا وتحاشوا

(1)

سورة النساء، آية:136.

(2)

سورة الفتح، آية:13.

ص: 191

عن إطلاق الكفر على أحد منهم، بل سموهم المؤمنين والمسلمين، وأجروا عليهم أحكام الإيمان والإسلام؛ ولأن البراهين التي حررها المتكلمون ورتبها الجدليون إنما أحدثها المتأخرون ولم يخض في شيء من تلك الأساليب السلف الماضون فمن المحال والهذيان أن يشترط في صحة الإيمان ما لم يكن معروفًا ولا معمولًا به لأهل ذلك الزمان، وهم من هم فهمًا عن الله وأخذًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبليغًا لشريعته وبيانًا لسُنَّته وطريقته"

(1)

.

وبيَّن في موضعٍ آخر فساد ما ذهبوا إليه، وخطورة ما يترتب عليه، فقال: "ولو لم يكن في الكلام شيءٌ يُذَمُّ به إلَّا مسألتان، هما من مبادئه، لكان حقيقًا بالذم، وجديرًا بالترك.

إحداهما: قول طائفة منهم: إن أول الواجبات الشك في الله تعالى.

والثانية: قول جماعة منهم: إن من لم يعرف الله تعالى بالطرق التي طرقوها، والأبحاث التي حرروها فلا يصح إيمانه وهو كافر.

فيلزمهم على هذا تكفير أكثر المسلمين، من السلف الماضين، وأئمة المسلمين، وأن من يبدأ بتكفيره أباه وأسلافه، وجيرانه، وقد أُورد على بعضهم هذا فقال: لا يُشَنَّع علي بكثرة أهل النار

ومن شك في تكفير من قال: إن الشك في الله تعالى واجب، وأن معظم الصحابة والمسلمين كفار، فهو كافر شرعًا، أو مختل العقل، وضعًا إذ كل واحدة منها معلومة الفساد بالضرورة الشرعية، الحاصلة بالأخبار المتواترة القطعية، وإن لم يكن كذلك، فلا ضروري يصار إليه في الشرعيات ولا العقليات"

(2)

.

ولا شك أن من ذهب إلى هذا القول ليس له حجة في ذلك، وما

(1)

المفهم (1/ 145).

(2)

المفهم (6/ 693).

ص: 192

تمسكوا به في حديث معاذ لا يسلم لهم، بل هو حجة عليهم، وقد بيَّن القرطبي هذا فقال:"قوله: "فإذا عرفوا الله فأخبرهم". أي: إن أطاعوا بالنطق بذلك أي: بكلمتي التوحيد كما قال في الرواية الأخرى: "فإن هم أطاعوا بذلك فأعلمهم" فسمى الطواعية بذلك والنطق به: معرفة؛ لأنه لا يكون غالبًا إلَّا عن المعرفة، وهذا الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم به معاذًا هو الدعوة قبل القتال التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بها أمراءه، وقد اختلف في حكمها على ما يأتي في الجهاد، وعلى هذا فلا يكون في حديث معاذ حجة لمن تمسك به من المتكلمين، على أن أول واجب على كل مكلف معرفة الله تعالى بالدليل والبرهان، بل هو حجة لمن يقول: إن أول الواجبات التلفظ بكلمتي الشهادة مصدقًا بها"

(1)

.

قال الشوكاني

(2)

رحمه الله رادًّا على المتكلمين في قولهم في هذه المسألة، مبينًا ما يترتب عليها من النتائج الفاسدة:"فيا لله العجب من هذه المقالة التي تقشعر لها الجلود، وترجف عند سماعها الأفئدة، فإنها جناية على جمهور هذه الأمة المرحومة وتكليف لهم بما ليس في وسعهم ولا يطيقونه، وقد كفى الصحابة الذين لم يبلغوا درجة الاجتهاد ولا قاربوها، الإيمان الجملي، ولم يكلفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أظهرهم بمعرفة ذلك، ولا أخرجهم عن الإيمان بتقصيرهم عن البلوغ إلى العلم بذلك بأدلته"

(3)

.

(1)

المفهم (1/ 181).

(2)

محمد بن علي الشوكاني الإمام العالم المجتهد أكثر من التصنيف منها: "فتح القدير" في التفسير، "نيل الأوطار" في فقه الحديث، وغيرها كثير توفي سنة (1250 هـ). معجم المؤلفين (3/ 541)، الأعلام (6/ 298).

(3)

إرشاد الفحول ص (393).

ص: 193