المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: حكم مرتكب الكبيرة: - آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

[عبد الله بن محمد الرميان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمَة

- ‌خطة البحث:

- ‌الباب الأول المازري والقرطبي عصرهما وحياتهما

- ‌الفصل الأول المازري عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه وولادته:

- ‌المطلب الثاني: نشأته:

- ‌المطلب الثالث: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: جلوسه للتدريس:

- ‌المطلب الرابع: تلاميذه:

- ‌المطلب الخامس: مؤلفاته:

- ‌المطلب السادس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيا: عقيدته:

- ‌المطلب السابع: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للمازري:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهميته:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته ومنهج المازري فيه:

- ‌الفصل الثاني القرطبي عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌أولًا: الحال في الأندلس:

- ‌ثانيًا: الحال في مصر:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌2).* في مصر:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته

- ‌أولًا: مولده:

- ‌ثانيا: بيئته ونشأته:

- ‌المطلب الثالث: أسرته:

- ‌المطلب الرابع: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم ورحلاته فيه:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: تلاميذه:

- ‌المطلب الرابع: مؤلفاته:

- ‌المطلب الخامس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيًا: عقيدته:

- ‌المطلب السادس: علمه وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للقرطبي:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهمية الكتاب:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته:

- ‌المطلب السادس: منهج القرطبي فيه:

- ‌الباب الثاني الإيمان والتوحيد

- ‌الفصل الأول الإيمان وما يتعلق به من مسائل

- ‌المبحث الأول تعريف الإيمان لغة وشرعًا وحكم الاستثناء فيه

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: الاستثناء في الإيمان:

- ‌المبحث الثاني الإيمان والإسلام

- ‌المبحث الثالث الكبيرة وحكم مرتكبها

- ‌المطلب الأول: تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر:

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكبيرة وتحديدها:

- ‌المطلب الثالث: حكم مرتكب الكبيرة:

- ‌الفصل الثاني توحيد الربوبية

- ‌التمهيدعلم الكلام وموقف السلف منه

- ‌المبحث الأول أول واجب على المكلف والرد على المتكلمين

- ‌المبحث الثاني معنى توحيد الربوبية وأدلته

- ‌المطلب الأول: تعريف توحيد الربوبية لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف توحيد الربوبية شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: أدلة توحيد الربوبية:

- ‌المبحث الثالث الإيمان بالقدر

- ‌المطلب الأول: تعريف القضاء والقدر لغة وشرعًا:

- ‌(أ) لغة:

- ‌(ب) تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثاني: هل يقع في القدر تغيير وتبديل أو محو وإثبات

- ‌المطلب الثالث: القضاء والقدر وفعل الأسباب:

- ‌المطلب الرابع: الاحتجاج بالقدر على المعاصي:

- ‌المطلب الخامس: أفعال العباد:

- ‌المطلب السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله:

- ‌المطلب السابع: تكليف ما لا يطاق:

- ‌المطلب الثامن: معنى الظلم:

- ‌المطلب العاشر: التحسين والتقبيح:

- ‌الفصل الثالث توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول حقيقته ومكانته

- ‌المبحث الثاني العبادة وبعض أنواعها

- ‌المطلب الأول: تعريفها وشروط صحتها:

- ‌المطلب الثاني: بعض أنواع العبادة:

- ‌المبحث الثالث نواقض التوحيدي وقوادحه

- ‌المطلب الأول: الشرك:

- ‌أنواع الشرك:

- ‌من وسائل الشرك:

- ‌المطلب الثاني: الكفر:

- ‌تعريفه لغة وشرعًا:

- ‌أنواع الكفر:

- ‌المطلب الثالث: النفاق:

- ‌أنواع النفاق:

- ‌الحكم في المنافق:

- ‌المطلب الرابع: الفسق:

- ‌المطلب الخامس: الحلف بغير الله:

- ‌المطلب السادس: الطيرة:

- ‌المطلب السابع: التبرك:

- ‌التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التبرك بالصالحين:

- ‌المطلب الثامن: السحر:

- ‌حكم إنكار السحر:

- ‌حقيقة السحر وتأثيره:

- ‌موقف القرطبي والمازري مما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سحر:

- ‌حكم الساحر:

- ‌المطلب التاسع: النشرة:

- ‌المطلب العاشر:‌‌ الرقىوالتمائم:

- ‌ الرقى

- ‌التمائم:

- ‌المطلب الحادي عشر: التنجيم

- ‌المطلب الثاني عشر: الكهانة:

- ‌تعريف الكاهن:

- ‌استمداد الكهان:

- ‌تحريم الكهانة والنهي عن إتيان الكهان:

- ‌المطلب الثالث عشر: ما جاء في كراهية بعض الألفاظ:

- ‌أ - التسمي بملك الأملاك:

- ‌ب - كلمة (لو):

- ‌ج - القول للمملوك: عبدي، وللسيد: ربي:

- ‌المطلب الرابع عشر: نسبة الحوادث إلى الدهر:

- ‌المبحث الرابع البدع والموقف من الفرق المبتدعة

- ‌المطلب الأول: ما يعصم من البدع:

- ‌1 - الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة:

- ‌2 - ذم الكلام وتقديم العقل على الشرع

- ‌3 - سلوك منهج السلف:

- ‌المطلب الثاني:‌‌ تعريف البدعةوالموقف من المبتدعة:

- ‌ تعريف البدعة

- ‌الموقف من المبتدعة:

- ‌ التحذير من التشبه بالمبتدعة:

- ‌ جواز غيبتهم:

- ‌ هجرهم:

- ‌ ترك الصلاة عليهم:

- ‌المطلب الثالث: الكلام على بعض الفرق المبتدعة:

- ‌1 - الخوارج:

- ‌سبب التسمية:

- ‌ضلالتهم وعظم الابتلاء بهم:

- ‌سبب خروجهم:

- ‌ الحكم على الخوارج:

- ‌الرد عليهم:

- ‌2 - الصوفية:

- ‌أ - الكشف الصوفي:

- ‌ب - في تقديسهم للأولياء:

- ‌ج - في الوسوسة والغلو في الزهد:

- ‌د - في الوجد والسماع:

- ‌هـ - في جهلهم بمفهوم التوكل:

- ‌3 - المعتزلة:

- ‌4 - الشيعة:

- ‌حكم الشيعة:

- ‌الرد عليهم:

- ‌5 - القدرية:

- ‌6 - المرجئة:

- ‌7 - الأشاعرة:

- ‌الفصل الرابع توحيد الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول منهجهما في أسماء الله تعالى

- ‌المطلب الأول: الاسم والمسمى:

- ‌المطلب الثاني: عدد أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثالث: معنى الإحصاء المذكور:

- ‌المطلب الرابع: طريق إثباتها:

- ‌المطلب الخامس: أقسامها:

- ‌المطلب السادس: اسم الله الأعظم:

- ‌المطلب السابع: شرح بعض أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثامن: الأسماء المزدوجة:

- ‌المطلب التاسع: ما ليس من أسماء الله:

- ‌المبحث الثاني منهجهما في صفات الله تعالى

- ‌المطلب الأول: منهج السلف في الصفات:

- ‌المطلب الثاني: منهجهما في الصفات وموقفهما من ظواهر النصوص:

- ‌التفويض:

- ‌المطلب الثالث: الشبهات العقلية التي ردوا بها الصفات:

- ‌1 - التركيب:

- ‌2).2 -الجسم:

- ‌3 - حلول الحوادث والأعراض:

- ‌4 - الجهة والتحيز:

- ‌5 - الحد:

- ‌6 - لفظ الأعضاء والأركان والجوارح:

- ‌المطلب الرابع: رمي السلف بالتشبيه والتجسيم:

- ‌المطلب الخامس: منهجهما في سائر صفات الله تعالى:

- ‌صفة العلم:

- ‌صفة القدرة:

- ‌صفة الإرادة:

- ‌صفة الكلام:

- ‌الكلام النفسي:

- ‌قولهم كلام الله ليس بحرف ولا صوت:

- ‌صفتا السمع والبصر:

- ‌صفة العلو:

- ‌صفة العزة:

- ‌صفتا العظمة والكبرياء:

- ‌وصف الله تعالى بالصورة:

- ‌صفة الوجه:

- ‌صفة اليد:

- ‌إطلاق اليمين والشمال على يد الله تعالى:

- ‌صفة الأصابع:

- ‌صفة الرِّجْل والقَدَم:

- ‌صفة السَّاق:

- ‌صفة الاستواء:

- ‌صفة النزول:

- ‌صفتا الإتيان والمجيء:

- ‌صفة القرب والدنو:

- ‌صفة المعية:

- ‌صفتا الرضا والغضب:

- ‌صفة الفرح:

- ‌صفة الضحك:

- ‌صفة المحبة:

- ‌صفة الخلة:

- ‌صفة الغيرة:

- ‌صفة الاستحياء:

- ‌صفة الإعراض:

- ‌صفة السخرية والاستهزاء والمكر:

- ‌صفة الرحمة:

- ‌صفة الصبر:

- ‌صفة الكنف:

- ‌صفة العتب:

- ‌صفة الملل:

- ‌صفة النظر:

- ‌صفة الأذن "بمعنى الاستماع

- ‌نسبة استطابة الروائح إلى الله تعالى:

- ‌وصف الله تعالى بأنه شخص:

- ‌إطلاق لفظ "الذات" على الله تعالى:

- ‌إطلاق النفس على الله تعالى:

- ‌المبحث الثالث منهجهما في رؤية الله تعالى

- ‌رؤيته في الدنيا:

- ‌هل رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء:

- ‌رؤيته تعالى في الآخرة:

- ‌الرد على منكري الرؤية:

- ‌الباب الثالث النبوة والإمامة والصحابة

- ‌الفصل الأول النبوة

- ‌المبحث الأول تعريف النبوة والرسالة وبيان فضل الأنبياء

- ‌المطلب الأول: النبوة والرسالة والفرق بينهما:

- ‌المطلب الثاني: فضل الأنبياء ومكانتهم:

- ‌المطلب الثالث: المفاضلة بين الأنبياء:

- ‌المطلب الرابع: نبوة الخضر وحياته:

- ‌نبوته:

- ‌حياته:

- ‌المطلب الخامس: نبوة النساء:

- ‌المبحث الثاني دلائل النبوة

- ‌المطلب الأول: المعجزة والكرامة:

- ‌المطلب الثاني: معجزاته عليه الصلاة والسلام:

- ‌المبحث الثالث عصمة الأنبياء

- ‌المبحث الرابع خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس الإيمان بالملائكة والجن

- ‌المطلب الأول: الإيمان بالملائكة:

- ‌1 - تعريف الملائكة:

- ‌2 - الإيمان بالملائكة:

- ‌3 - صفاتهم:

- ‌4 - تفاضلهم:

- ‌5 - أعمالهم:

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالجن:

- ‌تعريفهم:

- ‌صفاتهم:

- ‌تكليفهم:

- ‌الفصل الثاني الإمامة

- ‌المبحث الأول حكم نصب الإمام وبما تنعقد به الإمامة

- ‌المبحث الثاني البيعة

- ‌المبحث الثالث شروط الإمام

- ‌1 - القرشية:

- ‌2 - الحرية:

- ‌المبحث الرابع واجبات الإمام وحقوقه

- ‌1).1 -واجبات الإمام:

- ‌3 - حقوق الإمام:

- ‌المبحث الخامس الموقف من الأئمة

- ‌الفصل الثالث الصحابة

- ‌المبحث الأول مكانة الصحابة وفضلهم

- ‌تفضيل الصحابة على من بعدهم:

- ‌المفاضلة بين الصحابة:

- ‌المبحث الثاني عدالتهم وعظم الطعن فيهم

- ‌المبحث الثالث الموقف مما وقع بينهم

- ‌الدفاع عن صحابة بأعيانهم:

- ‌الباب الرابع اليوم الآخر

- ‌الفصل الأول أشراط الساعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول تعريف أشراط الساعة وأقسامها

- ‌أولًا: تعريف أشراط الساعة:

- ‌ثانيا: أقسامها:

- ‌المبحث الثاني أشراط الساعة الصغرى

- ‌1 - بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - ظهور نار الحجاز:

- ‌3).3 -رفع العلم وظهور الجهل:

- ‌4 - أن تلد الأمة ربَّتها:

- ‌5 - التطاول في البنيان:

- ‌6 - عبادة الأوثان:

- ‌7 - حسر الفرات عن جبل من ذهب:

- ‌8 - عودة أرض العرب مروجًا وأنهارًا:

- ‌المبحث الثالث أشراط الساعة الكبرى

- ‌1 - المهدي:

- ‌2).2 -المسيح الدجال:

- ‌3 - نزول عيسى عليه السلام:

- ‌4).4 -يأجوج ومأجوج

- ‌أصلهم:

- ‌خروجهم من السد:

- ‌5 - الخسوفات الثلاثة:

- ‌6 - الدخان:

- ‌7 - طلوع الشمس من مغربها:

- ‌8 - الدابة:

- ‌9 - النار التي تحشر الناس:

- ‌الفصل الثاني فتنة القبر وعذابه ونعيمه

- ‌المبحث الأول الروح

- ‌مستقر الأرواح بعد مفارقة الأبدان:

- ‌المبحث الثاني فتنة القبر

- ‌المبحث الثالث عذاب القبر ونعيمه

- ‌المبحث الرابع سماع الموتى

- ‌الفصل الثالث البعث والنشور

- ‌المبحث الأول النفخ في الصور

- ‌عدد النفخات في الصور:

- ‌المبحث الثاني البعث والنشور

- ‌صفة البعث والنشور:

- ‌المبحث الثالث الحشر

- ‌أرض المحشر:

- ‌المبحث الرابع الميزان

- ‌ما الذي يوزن في الميزان:

- ‌المبحث الخامس الشفاعة

- ‌أنواع الشفاعة:

- ‌المبحث السادس الحوض

- ‌وجوب الإيمان به والرد على من أنكره:

- ‌موضع الحوض:

- ‌عظم الحوض ودفع دعوى الاضطراب في أحاديث تحديده:

- ‌من يَرِدُ الحوضَ ومن يُرَدُّ عنه:

- ‌المبحث السابع الصراط

- ‌المبحث الثامن ذبح الموت

- ‌الفصل الرابع الجنة والنار

- ‌خلق الجنة والنار:

- ‌خلود الجنة والنار:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاء

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌الرسائل العلمية والمجلات:

الفصل: ‌المطلب الثالث: حكم مرتكب الكبيرة:

وقيل: كل معصية يقدم عليها المرء من غير استشعار خوف ولا ندم كالمتهاون بارتكابها والمتجرئ عليها اعتيادًا فما أشعر بهذا الاستخفاف والتهاون فهو كبيرة. وممن قال بهذا أبو حامد الغزالي

(1)

.

وقيل: كل ذنب كبر وعظم عظمًا، يصح معه أن يطلق عليه اسم الكبيرة، وَوصفَ بكونه عظيمًا على الإطلاق. وقاله ابن الصلاح

(2)

.

وقد ذكر القرطبي تعريفًا جيدًا لها إذ قال: "كل ذنب أطلق عليه بنص كتاب أو سنة أو إجماع أنه كبيرة أو عظيم، أو أخبر فيه بشدة العقاب، أو علق عليه الحد، أو شدد عليه النكير، فهو كبيرة. وهذا الكلام في غير ما قد ورد بالنص الصريح فيه أنه كبيرة من الكبائر أو أكبر الكبائر"

(3)

.

وقد اختار هذا التعريف الحافظ ابن حجر، وارتضاه، فقال:"ومن أحسن التعاريف قول القرطبي في المفهم"

(4)

ثم ساق التعريف السابق.

‌المطلب الثالث: حكم مرتكب الكبيرة:

أجمع أهل السنة والجماعة على أن مرتكب الكبيرة الغير مستحل لها لا يكفر بذلك، بل ينقص إيمانه ولا يذهب بالكلية، بل يقولون مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته.

والنصوص من الكتاب والسنة قد تضافرت على ذلك.

فمن الكتاب: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}

(5)

.

(1)

شرح مسلم للنووي (2/ 444).

(2)

المرجع السابق (2/ 445).

(3)

المفهم (1/ 283).

(4)

فتح الباري (12/ 19).

(5)

سورة النساء، الآية:48.

ص: 169

قال ابن جرير: "وقد أبانت الآية أن كل صاحب كبيرة ففي مشيئة الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه عليه، ما لم تكن كبيرته شركًا بالله"

(1)

.

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}

(2)

.

وقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}

(3)

.

قال السعدي

(4)

: "الإيمان والأخوة الإيمانية لا يزولان مع وجود الاقتتال كغيره من الذنوب الكبائر التي دون الشرك وعلى ذلك مذهب أهل السنة والجماعة"

(5)

.

ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه: "بايعوني على أن لا تُشْركوِا بالله شيئًا، ولا تسْرِقوا ولا تَزْنُوا ولا تَقْتلُوا أولادَكُم ولا تأتوا ببهتانٍ تفترونهُ بين أيديكم وأرجُلِكُم ولا تعصُوا في معرُوف، فمنْ وفَّى منكُم فأجْرُهُ على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعُوقِب في الدنيا فهو كفَّارةٌ له، وإن أصابَ من ذلك شيئًا ثم سَتَرَهُ الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنهُ وإن شاء

(1)

تفسير الطبري (4/ 129).

(2)

سورة البقرة، الآية:178.

(3)

سورة الحجرات الآية: 9.

(4)

الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي أحد أعلام القرن الرابع عشر الهجري، له "تفسير القرآن""والقول السديد في مقاصد التوحيد" وغيرها من المصنفات التي زادت على أربعين مصنفًا توفي في عنيزة بالقصيم سنة (376 اهـ) معجم المؤلفين (1/ 122)، الأعلام (3/ 340).

(5)

تفسير السعدي ص (879).

ص: 170

عاقبهُ" فبايعناه على ذلك

(1)

.

وحديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثُمَّ مات على ذلك إلا دخل الجنة قلتُ: وإن زَنَى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرَق. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق على رغم أنْفِ أبي ذرٍّ"

(2)

.

والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وهذا هو الذي عليه جماهير العلماء خلافًا للمبتدعة من الخوارج الذين قالوا بكفر مرتكب الكبيرة والمعتزلة الذين جعلوه في الدنيا بمنزلة بين المنزلتين، فليس بمؤمن ولا كافر، وفي الآخرة خالد مخلد في جهنم، والمرجئة الخالصة الذين قالوا لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة.

قال الطحاوي

(3)

: "ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله"

(4)

.

وقال الإمام أحمد: "والكف عن أهل القبلة ولا تكفر أحد منهم

(1)

أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الإيمان باب بايعوا على أن لا تشركوا بالله شيئًا ح / 18 (1/ 81).

(2)

أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب من كان آخر كلامه لا إله إلا الله ح (1237)، (3/ 132) واللفظ من كتاب اللباس باب الثياب البيض ح (5827)، (29410) ومسلم في كتاب الإيمان باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة ح (92)، (2/ 452).

(3)

أحمد بن محمد الطحاوي الحنفي أبو جعفر إمام حافظ، له عدة مصنفات، منها:"معاني الآثار"، وشرح مشكل الآثار" وغيرها. توفي سنة (322 هـ). سير أعلام النبلاء (15/ 27)، طبقات الحفاظ ص (355)، ترجمة (768).

(4)

الطحاوية مع شرحها لابن أبي العز (2/ 432).

ص: 171

بذنب ولا تخرجه من الإسلام"

(1)

.

وقد بوَّب البخاري في صحيحه بقوله: "باب المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلَّا بالشرك"

(2)

.

وقال أبو عثمان الصابوني

(3)

مقررًا عقيدة السلف: "ويعتقد أهل السنة أن المؤمن وإن أذنب ذنوبًا كثيرة، صغائر وكبائر، فإنه لا يكفر بها، وإن خرج من الدنيا غير تائب منها ومات على التوحيد والإخلاص، فإن أمره إلى الله عز وجل، إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة

وإن شاء عاقبه وعذبه مدة بعذاب النار وإذا عذبه لم يخلد فيها"

(4)

.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيانه لمذهب أهل السنة: "وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر

ولا يسلبون الفاسق الملي اسم الإيمان بالكلية ولا يخلدونه في النار

ويقولون هو مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته"

(5)

.

وقد نهج القرطبي منهج أهل السنة في هذه المسألة فقرر ما ذهبوا إليه من عدم تكفير مرتكب الكبيرة فعند شرحه لحديث: "من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة"

(6)

. قال: "من المعلوم من الشرع المجمع عليه من أهل السنة أن من مات على ذلك فلابد له من دخول الجنة، وإن

(1)

السنة للإمام أحمد ص (72).

(2)

صحيح البخاري، كتاب الإيمان فتح الباري (1/ 106).

(3)

إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني، إمام في الحديث، متبع للسنة، واعظ مفسر، من العلماء العبَّاد الزُّهَّاد، توفي سنة (447 هـ). طبقات المفسرين للأدنة وي ص (118)، تاريخ دمشق (9/ 3).

(4)

عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص (276).

(5)

العقيدة الواسطية ضمن الفتاوى (3/ 151).

(6)

رواه مسلم في كتاب الإيمان باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ح (93، 2/ 453).

ص: 172

جرت عليه قبل ذلك أنواع من العذاب والمحنة

وهذا معلوم ضروري من الدين مجمع عليه من المسلمين"

(1)

.

وقال أيضًا: "من لقي الله تعالى مرتكب كبيرة ولم يتب منها فهو في مشيئة الله تعالى التي دل عليها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}

(2)

.

وقد جاءت الأحاديث الكثيرة الصحيحة المفيدة بكثرتها حصول العلم القطعي أن طائفة كثيرة من أهل التوحيد يدخلون النار ثم يخرجون منها بالشفاعة أو بالتفضل المعبر عنه بالقبضة في الحديث الصحيح

(3)

أو بما شاء الله"

(4)

.

وقال: "مذهب أهل الحق أن لا يكفر أحد من المسلمين بارتكاب كبيرة ما عدا الشرك"

(5)

.

وقد ردَّ على المكفرة بالذنوب من المعتزلة والخوارج وبين تخريج الأحاديث التي تدل بظاهرها على ما ذهبوا إليه فقال في شرحه لحديث أبي هريرة: "ولا يزني الزَّاني حين يزني وهو مؤمن"

(6)

: "ظاهر هذا الحديث حجة للخوارج والمعتزلة وغيرهم ممن يخرج من الإيمان بارتكاب الكبائر غير أن أهل السنة يعارضونهم بظواهر أولى منها كقوله عليه الصلاة

(1)

المفهم (1/ 290).

(2)

سورة النساء، الآية:48.

(3)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب معرفة طريق الرؤية ح (183، 3/ 30).

(4)

المفهم (1/ 199).

(5)

المفهم (1/ 300).

(6)

رواه البخاري في كتاب الأشربة باب قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} ح/ 5578 (10/ 33)، ومسلم في كتاب الإيمان باب نقصان الإيمان بالمعاصي ح (57، 2/ 401).

ص: 173

والسلام في حديث أبي ذر: "من مات لا يشركُ بالله شيئًا دخل الجنة وإن زنى وإن سرَقَ"

(1)

وكقوله في حديث عبادة بن الصامت: "ومن أصاب شيئًا من -ذلك يعني من القتل والسرق والزنى- فعوقب فهو كفارة له، ومن لم يعاقب فأمره إلى الله إن شاء عفا وإن شاء عذبه"

(2)

ويعضد هذا قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}

(3)

.

ونحو هذا في الأحاديث كثيرة، ولما صحت هذه المعارضة تعين تأويل تلك الأحاديث الأول وما في معناها وقد اختلف العلماء في ذلك فقال حبر القرآن عبد الله بن عباس: إن ذلك محمول على المستحل لتلك الكبائر وقيل معنى ذلك: إن مرتكب تلك الكبائر يسلب عنه اسم الإيمان الكامل أو النافع الذي يفيد صاحبه الانزجار عن هذه الكبائر وقال الحسن: يسلب عنه اسم المدح الذي سمي به أولياء الله المؤمنون ويستحق اسم الذم الذي سمي به المنافقون والفاسقون

وكل هذه التأويلات حسنة والحديث قابل لها وتأويل ابن عباس هذا أحسنها"

(4)

.

ولا شك أن حديث عبادة بن الصامت صريح في رد مذهب المكفرة بالذنوب، وقد قال عند شرحه:"وهذا تصريح بأن ارتكاب الكبائر ليس بكفر؛ لأن الكفر لا يغفر لمن مات عليه بالنص والإجماع، وهو حجة لأهل السُّنَّة على المكفرة للذُّنوب وهم الخوارج وأهل البدعة"

(5)

.

(1)

سبق تخريجه ص (171).

(2)

سبق تخريجه ص (171).

(3)

سورة النساء، الآية:48.

(4)

المفهم (1/ 247).

(5)

المفهم (5/ 142).

ص: 174

وكذلك حديث الشفاعة أيضًا، حيث قال فيه:"وهذا الحديث ردٌّ على الخوارج والمعتزلة حيث حكمُوا بخلود أهل الكبائر في النار وأنهم لا يخرجون منها أبدًا"

(1)

.

وحمل جميع ما يرد من هذه الأحاديث الدالة بظاهرها على تكفير أهل الكبائر على هذه المحامل مع تخريج كل حديث بما يناسب سياقه، وقد قال عند شرحه لحديث:"لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه"

(2)

بعد أن بين مفهوم الحديث على ضوء معتقد أهل السنة والجماعة قال: "وعلى هذا القانون ينبغي أن يحمل ما في هذا الباب مما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم إن فاعله لا يدخل الجنة مما ليس بشرك للأدلة المتقدمة ولما يأتي في أحاديث الشفاعة"

(3)

.

والمازري أيضًا وافق أهل السنة بقولهم هذا ورد على الخوارج والمعتزلة والمرجئة فيما ذهبوا إليه، وإن كان نسب هذا القول إلى الأشعرية، فقال عند شرحه لحديث:"من مات وهو يعلمُ أنَّهُ لا إله إلَّا الله دخل الجنة"

(4)

: "اختلف الناس فيمن عصى من أهل الشهادتين فقالت المرجئة: "لا تضره المعصية مع الإيمان، وقالت الخوارج: تضره المعصية ويكفر بها، وقالت المعتزلة يخلد في النار إذا كانت معصيته كبيرة ولا يوصف بأنه مؤمن ولا كافر ولكن يوصف بأنه فاسق. وقالت

(1)

المفهم (1/ 452).

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان باب تحريم إيذاء الجارح (46)(2/ 376).

(3)

المفهم (1/ 228) وانظر على سبيل المثال (1/ 199، 201 ، 228، 245، 247، 254، 256، 257، 289، 299، 310، 347، 354، 3/ 725، 40/ 60، 6/ 527، 607).

(4)

رواه مسلم في كتاب الإيمان باب الدليل على أنَّ من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا ح / 26 (1/ 331).

ص: 175

الأشعرية: بل هو مؤمن وإن لم يغفر له وعذب، فلابد من إخراجه من النار وإدخاله الجنة وهذا الحديث حجة على الخوارج والمعتزلة. وأما المرجئة فإن احتجت بظاهره على صحة ما قالت به قلنا: محمله على أنه غُفِرَ له وأُخرِجَ من النار بالشفاعة ثم أدخل الجنة فيكون المعنى في قوله: "دخل الجنة" أي دخلها بعد مجازاته بالعذاب وهذا لابد من تأويله لما جاءت به ظواهر كثيرة من عذاب بعض العصاة، فلابد من تأويل هذا الحديث على ما قلناه لئلا تتناقض ظواهر الشرع"

(1)

.

وبين في شرحه لمثل هذه الأحاديث أنها لا تحمل على ظاهرها بمعزل عن الأحاديث الأخرى المبينة لها دفعًا لمذهب الخوارج فقال عند شرحه لحديث: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"

(2)

: "قيل معنى مؤمن أي آمن من عذاب الله ويحتمل أن يحمل على أن معناه: أن يكون مستحلًا لذلك، وقد قيل: معناه أي كامل الإيمان، وهذا على قول من يرى أن الطاعات تسمى إيمانًا. وهذه التأويلات تدفع قول الخوارج أنه كافر بزناه، وقول المعتزلة أن الفاسق الملّيّ لا يسمى مؤمنًا تعلقًا من الطائفتين بهذا الحديث، وإذا احتمل ما قلناه لم تكن لهم فيه حجة"

(3)

.

(1)

المعلم (1/ 194).

(2)

سبق تخريجه ص (173).

(3)

المعلم (1/ 197) وانظر أيضًا (1/ 198، 199، 200).

ص: 176