الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(464 هـ) وما تبع ذلك من طمعهم في بقية البلاد المجاورة.
وهذا ما حصل إذا احتلوا المهدية عاصمة الدولة الصنهاجية بعد القيروان سنة كثير من العلماء وتفرقهم في البلاد، إذ هذا الخوف والحياة المضطربة لا تساعد على تدوين تراجم لهؤلاء العلماء في ذلك البلد، وما دون من ذلك فهو عرضة للضياع والتلف في هذه الاضطرابات، إضافة إلى تفرق العلماء أو هجرتهم، أو اختفائهم مما أدى إلى غموض حياتهم.
قال الدكتور الحسين شواط عن ذلك الزمن وأثره في شح مصادر ترجمة المازري: "فاتصلت الحروب، وعمَّت الفوضى، وتجرأ العدو على بلاد إفريقية بعد أن افتكَّ صقلية، ووصل الأمر إلى استيلائه على المهدية نفسها عاصمة البلاد، بعد خراب القيروان، وضعفت الحياة العلمية، وتفرَّق أكثر العلماء في الأمصار، ولم تتهيأ أسباب التدوين لتواريخ من بقي بها من أهل العلم، ويسهل على الناظر في كتب طبقات الأفارقة مثل "شجرة النور الزكية" و"معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان" أن يلاحظ قلة العلماء في طبقة المازري، وفي الطبقة التي قبله والطبقة التي بعده، ولم تعد الحياة العلمية لتلك الربوع إلَّا بعد سنة 555 هـ"
(1)
.
المطلب الأول: اسمه ونسبه وولادته:
هو الإمام العلم العلَّامة أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر
(2)
(1)
منهجية فقه الحديث عند القاضي عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم، للدكتور حسين محمد شواط ص (104).
(2)
اتفقت المصادر على أن جده عمر إلا ما كان من الحميري حيث قال: محمد بن علي بن إبراهيم التميمي المازري، صاحب "المعلم بفوائد مسلم". الروض المعطار في خبر الأقطار، محمد عبد المنعم الحميرى ص (521)
المازري
(1)
المالكي.
لم ينص أحدٌ على تاريخ ولادته، لكن اتفقوا على أنه تُوفي سنة (536 هـ) وحدَّد أكثرهم عمره حين وفاته بثلاث وثمانين سنة، فتكون ولادته بناءً على ذلك سنة (453 هـ).
وقد ذكر الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب
(2)
أن ولادته سنة (443 هـ)
(3)
.
وقد ردَّ ذلك الشيخ النيفر فقال: "ولم أظفر إلى اليوم بمستند يدعم ما جاء به، إذ لم يذكر أحد أنه عاش نيفًا وتسعين سنة حتى إن ما خالف فيه
(1)
نسبة لمازر بفتح الزاي. معجم البلدان، ياقوت الحموي (5/ 40).
وهي مدينة في جزيرة صقلية، وصفها الحميري فقال: مدينة بجزيرة صقلية
…
مدينة مشهورة على الساحل الموازي لإفريقية
…
وهي مدينة شامخة فاضلة، لا مثال لها في شرف المحل، إليها الانتهاء في جمال الهيئة والبناء، وما اجتمع فيها من المحاسن لم يجتمع في غيرها، وأسوارها حصينة شاهقة، وديارها حسنة، وبها أزقة واسعة، وشوارع وأسواق عامرة بالتجارات
…
وبساتين وجنات طيبة، يُسافَر إليها من جميع الآفاق
…
ومن مفاخرها أن منها الفقيه الإمام أبا عبد الله محمد بن علي بن إبراهيم التميمي المازري
…
نزيل المهدية. الروض المعطار ص (25).
وقد نُسب إليها عدد من العلماء، منهم: صاحب الترجمة، ومحمد بن مسلم المازري، ومحمد بن أبي الفرج المازري المعروف بالذكي الصقلي. انظر: شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف ص (125).
(2)
حسن حسني بن صالح بن عبد الوهاب الصمادحي، بحاثة مؤرخ، أديب، معاصر، ولد في تونس، وبها نشأ، تعلم فيها، وفي باريس، تولى مناصب في تونس كبيرة، منها عاملًا على المهدية وغيرها، ووزيرًا للدولة وعضوًا في العديد من المجامع، له عدة مؤلفات، منها:"خلاصة تاريخ تونس"، و"مجمل تاريخ الأدب التونسي"، أكب على المطالعة والبحث آخر عمره حتى توفي سنة (1388 هـ). الأعلام (2/ 187).
(3)
مجلة لواء الإسلام، العدد الثامن، ربيع الثاني (1368 هـ) ص (23).
ابن قنفذ
(1)
غيره من أنه قارب التسعين - أي توفي في حدود سبع أو ثمان وثمانين - لا يوافق ما ذكره الأستاذ عبد الوهاب، فالمصادر كلها مطبقة على أنه لم يبلغ التسعين، فضلًا عن تجاوزها، ولهذا لا يصح أنه ولد سنة 443 هـ)
(2)
.
وأمَّا مكان ولادته فهو موضع اختلاف بين المترجمين، فذهب البعض إلى أنه ولد في مازر؛ لأنه نسب إليها، ومن ترجموا له قالوا: أصله من مازر
(3)
، أو: الساكن بالمهدية
(4)
، أو مستوطن المهدية
(5)
. مما يدل على أنه انتقل إليها ولم يكن من أهلها، وهو مفهوم كلام ابن فرحون
(6)
، وإليه مال النيفر حيث قال:"ولا يمكن أن يكون من مواليد المهدية لما ذكر عن ابن فرحون وعياض وغيرهما، ثم إنه ليس هناك ما يدل على أنه من مواليد إفريقية، بل الذي يدل عليه كلام ابن فرحون وعياض وغيرهما أنه من مواليد مازر، حيث قال: أصله من مازر، ولو كان أبوه هو المهاجر لقال: أصل أبيه من مازر، وكذلك لم يقل القاضي عياض واستوطن أبوه المهدية، وهو أعرف الناس به للمعاصرة"
(7)
.
(1)
أحمد بن حسن بن علي بن قنفذ القسطنيني، له كتاب "الوفيات" من سنة (11 هـ حتى 807 هـ) توفي سنة (810 هـ). معجم المؤلفين (1/ 120).
(2)
مقدمة المعلم (1/ 23).
(3)
الديباج المذهب ص (374).
(4)
فهرس ابن عطية ص (132).
(5)
الغنية فهرس شيوخ القاضي عياض ص (132).
(6)
إبراهيم بن نور الدين أبو الحسن علي بن محمد بن فرحون المدني المالكي، تولى قضاء المدينة، رحل إلى مصر والشام، له عدة مؤلفات، توفي بالمدينة سنة (799 هـ). شذرات الذهب (8/ 608)، الدرر الكامنة (1/ 48). ومرجع كلامه في الديباج المذهب ص (374).
(7)
مقدمة المعلم (1/ 24).