الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وتجبر العثرات وتنال المكرمات وصلى الله على البشير النذير والسراج المنير وعلى آله وصحبه أجمعين.
فقد منَّ الله تعالى عليَّ بإتمام هذا البحث وبيان مسائله عرضًا ونقدًا ولا أدَّعي فيه الكمال أو الإحاطة ولكن حسبي أني بذلت فيه قصارى جهدي وكامل قوتي فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت في ذلك أو بعضه فمني ومن الشيطان، وأستغفر الله من ذلك كله، وقد كان من توفيق الله تعالى لي أن توصلت من خلال دراستي هذه إلى بعض النتائج أوجزها فيما يلي:
(1)
لقد عاش المازري النصف الثاني من القرن الخامس والثلث الأول من القرن السادس والقرطبي عاش في الربع الأخير من القرن السادس والنصف الأول من القرن السابع، وهذا الزمن ابتليت الأمة فيه بالإضطرابات والفتن وتسلط الأعداء عليها مما كان له الأثر الواضح على حياتهما خصوصًا القرطبي الذي تسببت هذه الفتن في تركه لبلده وهجرته إلى مصر حين قضى فيها بقية عمره بعد أن سقطت بلاده الأندلس في أيدي النصارى.
(2)
تبين من خلال دراسة ذلك العصر أنَّ المذهب الأشعري في الإعتقاد هو السائد خصوصًا في تلك البلاد وهذا يظهر من خلال التزام المازري والقرطبي بهذا المعتقد كما كان عليه شيوخهما ومن أخذا العلم عنهما.
(3)
المازري والقرطبي خفي معظم آثارهما ومعالم حياتهما ورغم كثرة
مؤلفاتهما إلَّا أنه لم يصل إلينا إلَّا القليل منها، إذ ضاعت عامة هذه المؤلفات وربما كان لأحداث تلك العصور أثر في هذا.
(4)
كتاب المعلم للمازري لا يعتبر في الحقيقة شرحًا لصحيح مسلم إنما هو تعليق على بعض الأحاديث فيه وإن لم يحو جميع مسائل العقيدة إلَّا أنَّ عقيدة المازري ظهرت من خلال هذا الكتاب ظهورًا واضحًا لا لبس فيه ولا غموض.
(5)
القرطبي رحمه، الله رغم إبداعه في تلخيصه لصحيح مسلم وقوته في شرحه لهذا التلخيص في كتابه "المفهم" بحيث اعتمد عليه المتقدمون من العلماء إلَّا أنَّ العجب من بقائه طوال هذه المدة في خزائن المخطوطات مع أهميته ومسيس الحاجة إليه وقد أخرج من الكتب ما لا يقاربه ولا يدانيه.
(6)
القرطبي والمازري تفقها على مذهب الإمام مالك وهو المنتشر في تلك البلاد حتى أصبحا من أعيان المذهب المالكي.
(7)
ظهر من خلال الرسالة انتساب المازري والقرطبي للمذهب الأشعري وقد كان المازري خالصًا في أشعريته لا يخرج عن مذهب الأشاعرة في جميع مسائل العقيدة ويصرح بالانتساب إليه ويدافع عنه بحماس شديد ويسمي الأشاعرة أهل السنة وأهل الحق ويضلل من خالفهم.
والقرطبي وإن كان على مذهب الأشاعرة في عامة مسائل العقيدة إلَّا أنه قد خالفهم في بعض المسائل أو خالف المشهور من مذهب الأشاعرة إذ أثبت أنَّ أول واجب على المكلف هو النطق بالشهادتين وردَّ على من قال: إن أول واجب هو النظر أو القصد إلى النظر. وكان رحمه الله شديدًا في توحيد العبادة ولم يجعل
المعجزات هي الطريق الوحيد لبيان صدق الأنبياء عليهم السلام وغيرها من المسائل التي يخالف فيها ما اشتهر عن الأشاعرة. ولكنه في مسائل الإيمان وباب الصفات على مذهب الأشاعرة لم يخرج عنه وله كلام شديد وعبارات قاسية فيمن خالف ما ذهب إليه الأشاعرة خصوصًا في إثبات صفات الله تعالى كما وردت في الكتاب والسنة وكما هو مذهب سلف الأمة واتضح هذا من خلال المباحث الخاصة بهذه المسائل مما لا يستدعي التطويل هنا بالتفصيل فيها.
(8)
تبين من خلال هذه الرسالة قوة القرطبي رحمه الله في محاربته للفرق الضالة فقد بين انحرافات الخوارج وشطحات الصوفية وردَّ على عامَّة الفرق المنحرفة وأصحاب الإعتقادات الباطلة.
(9)
ظهرت قدرة القرطبي رحمه الله في الجمع بين الأقوال المختلفة والأدلة المتعارضة كما قد ذكر ذلك من ترجم له.
وما حصرته في هذه النقاط مبسوط في مكانه والله تعالى أسأل أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن يجعلنا ممن يبحث عن الحق ويلتزم به وأن يرزقنا تعالى الإخلاص في القول والعمل، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.