المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثامن: معنى الظلم: - آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

[عبد الله بن محمد الرميان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمَة

- ‌خطة البحث:

- ‌الباب الأول المازري والقرطبي عصرهما وحياتهما

- ‌الفصل الأول المازري عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه وولادته:

- ‌المطلب الثاني: نشأته:

- ‌المطلب الثالث: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: جلوسه للتدريس:

- ‌المطلب الرابع: تلاميذه:

- ‌المطلب الخامس: مؤلفاته:

- ‌المطلب السادس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيا: عقيدته:

- ‌المطلب السابع: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للمازري:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهميته:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته ومنهج المازري فيه:

- ‌الفصل الثاني القرطبي عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌أولًا: الحال في الأندلس:

- ‌ثانيًا: الحال في مصر:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌2).* في مصر:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته

- ‌أولًا: مولده:

- ‌ثانيا: بيئته ونشأته:

- ‌المطلب الثالث: أسرته:

- ‌المطلب الرابع: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم ورحلاته فيه:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: تلاميذه:

- ‌المطلب الرابع: مؤلفاته:

- ‌المطلب الخامس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيًا: عقيدته:

- ‌المطلب السادس: علمه وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للقرطبي:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهمية الكتاب:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته:

- ‌المطلب السادس: منهج القرطبي فيه:

- ‌الباب الثاني الإيمان والتوحيد

- ‌الفصل الأول الإيمان وما يتعلق به من مسائل

- ‌المبحث الأول تعريف الإيمان لغة وشرعًا وحكم الاستثناء فيه

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: الاستثناء في الإيمان:

- ‌المبحث الثاني الإيمان والإسلام

- ‌المبحث الثالث الكبيرة وحكم مرتكبها

- ‌المطلب الأول: تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر:

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكبيرة وتحديدها:

- ‌المطلب الثالث: حكم مرتكب الكبيرة:

- ‌الفصل الثاني توحيد الربوبية

- ‌التمهيدعلم الكلام وموقف السلف منه

- ‌المبحث الأول أول واجب على المكلف والرد على المتكلمين

- ‌المبحث الثاني معنى توحيد الربوبية وأدلته

- ‌المطلب الأول: تعريف توحيد الربوبية لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف توحيد الربوبية شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: أدلة توحيد الربوبية:

- ‌المبحث الثالث الإيمان بالقدر

- ‌المطلب الأول: تعريف القضاء والقدر لغة وشرعًا:

- ‌(أ) لغة:

- ‌(ب) تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثاني: هل يقع في القدر تغيير وتبديل أو محو وإثبات

- ‌المطلب الثالث: القضاء والقدر وفعل الأسباب:

- ‌المطلب الرابع: الاحتجاج بالقدر على المعاصي:

- ‌المطلب الخامس: أفعال العباد:

- ‌المطلب السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله:

- ‌المطلب السابع: تكليف ما لا يطاق:

- ‌المطلب الثامن: معنى الظلم:

- ‌المطلب العاشر: التحسين والتقبيح:

- ‌الفصل الثالث توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول حقيقته ومكانته

- ‌المبحث الثاني العبادة وبعض أنواعها

- ‌المطلب الأول: تعريفها وشروط صحتها:

- ‌المطلب الثاني: بعض أنواع العبادة:

- ‌المبحث الثالث نواقض التوحيدي وقوادحه

- ‌المطلب الأول: الشرك:

- ‌أنواع الشرك:

- ‌من وسائل الشرك:

- ‌المطلب الثاني: الكفر:

- ‌تعريفه لغة وشرعًا:

- ‌أنواع الكفر:

- ‌المطلب الثالث: النفاق:

- ‌أنواع النفاق:

- ‌الحكم في المنافق:

- ‌المطلب الرابع: الفسق:

- ‌المطلب الخامس: الحلف بغير الله:

- ‌المطلب السادس: الطيرة:

- ‌المطلب السابع: التبرك:

- ‌التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التبرك بالصالحين:

- ‌المطلب الثامن: السحر:

- ‌حكم إنكار السحر:

- ‌حقيقة السحر وتأثيره:

- ‌موقف القرطبي والمازري مما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سحر:

- ‌حكم الساحر:

- ‌المطلب التاسع: النشرة:

- ‌المطلب العاشر:‌‌ الرقىوالتمائم:

- ‌ الرقى

- ‌التمائم:

- ‌المطلب الحادي عشر: التنجيم

- ‌المطلب الثاني عشر: الكهانة:

- ‌تعريف الكاهن:

- ‌استمداد الكهان:

- ‌تحريم الكهانة والنهي عن إتيان الكهان:

- ‌المطلب الثالث عشر: ما جاء في كراهية بعض الألفاظ:

- ‌أ - التسمي بملك الأملاك:

- ‌ب - كلمة (لو):

- ‌ج - القول للمملوك: عبدي، وللسيد: ربي:

- ‌المطلب الرابع عشر: نسبة الحوادث إلى الدهر:

- ‌المبحث الرابع البدع والموقف من الفرق المبتدعة

- ‌المطلب الأول: ما يعصم من البدع:

- ‌1 - الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة:

- ‌2 - ذم الكلام وتقديم العقل على الشرع

- ‌3 - سلوك منهج السلف:

- ‌المطلب الثاني:‌‌ تعريف البدعةوالموقف من المبتدعة:

- ‌ تعريف البدعة

- ‌الموقف من المبتدعة:

- ‌ التحذير من التشبه بالمبتدعة:

- ‌ جواز غيبتهم:

- ‌ هجرهم:

- ‌ ترك الصلاة عليهم:

- ‌المطلب الثالث: الكلام على بعض الفرق المبتدعة:

- ‌1 - الخوارج:

- ‌سبب التسمية:

- ‌ضلالتهم وعظم الابتلاء بهم:

- ‌سبب خروجهم:

- ‌ الحكم على الخوارج:

- ‌الرد عليهم:

- ‌2 - الصوفية:

- ‌أ - الكشف الصوفي:

- ‌ب - في تقديسهم للأولياء:

- ‌ج - في الوسوسة والغلو في الزهد:

- ‌د - في الوجد والسماع:

- ‌هـ - في جهلهم بمفهوم التوكل:

- ‌3 - المعتزلة:

- ‌4 - الشيعة:

- ‌حكم الشيعة:

- ‌الرد عليهم:

- ‌5 - القدرية:

- ‌6 - المرجئة:

- ‌7 - الأشاعرة:

- ‌الفصل الرابع توحيد الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول منهجهما في أسماء الله تعالى

- ‌المطلب الأول: الاسم والمسمى:

- ‌المطلب الثاني: عدد أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثالث: معنى الإحصاء المذكور:

- ‌المطلب الرابع: طريق إثباتها:

- ‌المطلب الخامس: أقسامها:

- ‌المطلب السادس: اسم الله الأعظم:

- ‌المطلب السابع: شرح بعض أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثامن: الأسماء المزدوجة:

- ‌المطلب التاسع: ما ليس من أسماء الله:

- ‌المبحث الثاني منهجهما في صفات الله تعالى

- ‌المطلب الأول: منهج السلف في الصفات:

- ‌المطلب الثاني: منهجهما في الصفات وموقفهما من ظواهر النصوص:

- ‌التفويض:

- ‌المطلب الثالث: الشبهات العقلية التي ردوا بها الصفات:

- ‌1 - التركيب:

- ‌2).2 -الجسم:

- ‌3 - حلول الحوادث والأعراض:

- ‌4 - الجهة والتحيز:

- ‌5 - الحد:

- ‌6 - لفظ الأعضاء والأركان والجوارح:

- ‌المطلب الرابع: رمي السلف بالتشبيه والتجسيم:

- ‌المطلب الخامس: منهجهما في سائر صفات الله تعالى:

- ‌صفة العلم:

- ‌صفة القدرة:

- ‌صفة الإرادة:

- ‌صفة الكلام:

- ‌الكلام النفسي:

- ‌قولهم كلام الله ليس بحرف ولا صوت:

- ‌صفتا السمع والبصر:

- ‌صفة العلو:

- ‌صفة العزة:

- ‌صفتا العظمة والكبرياء:

- ‌وصف الله تعالى بالصورة:

- ‌صفة الوجه:

- ‌صفة اليد:

- ‌إطلاق اليمين والشمال على يد الله تعالى:

- ‌صفة الأصابع:

- ‌صفة الرِّجْل والقَدَم:

- ‌صفة السَّاق:

- ‌صفة الاستواء:

- ‌صفة النزول:

- ‌صفتا الإتيان والمجيء:

- ‌صفة القرب والدنو:

- ‌صفة المعية:

- ‌صفتا الرضا والغضب:

- ‌صفة الفرح:

- ‌صفة الضحك:

- ‌صفة المحبة:

- ‌صفة الخلة:

- ‌صفة الغيرة:

- ‌صفة الاستحياء:

- ‌صفة الإعراض:

- ‌صفة السخرية والاستهزاء والمكر:

- ‌صفة الرحمة:

- ‌صفة الصبر:

- ‌صفة الكنف:

- ‌صفة العتب:

- ‌صفة الملل:

- ‌صفة النظر:

- ‌صفة الأذن "بمعنى الاستماع

- ‌نسبة استطابة الروائح إلى الله تعالى:

- ‌وصف الله تعالى بأنه شخص:

- ‌إطلاق لفظ "الذات" على الله تعالى:

- ‌إطلاق النفس على الله تعالى:

- ‌المبحث الثالث منهجهما في رؤية الله تعالى

- ‌رؤيته في الدنيا:

- ‌هل رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء:

- ‌رؤيته تعالى في الآخرة:

- ‌الرد على منكري الرؤية:

- ‌الباب الثالث النبوة والإمامة والصحابة

- ‌الفصل الأول النبوة

- ‌المبحث الأول تعريف النبوة والرسالة وبيان فضل الأنبياء

- ‌المطلب الأول: النبوة والرسالة والفرق بينهما:

- ‌المطلب الثاني: فضل الأنبياء ومكانتهم:

- ‌المطلب الثالث: المفاضلة بين الأنبياء:

- ‌المطلب الرابع: نبوة الخضر وحياته:

- ‌نبوته:

- ‌حياته:

- ‌المطلب الخامس: نبوة النساء:

- ‌المبحث الثاني دلائل النبوة

- ‌المطلب الأول: المعجزة والكرامة:

- ‌المطلب الثاني: معجزاته عليه الصلاة والسلام:

- ‌المبحث الثالث عصمة الأنبياء

- ‌المبحث الرابع خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس الإيمان بالملائكة والجن

- ‌المطلب الأول: الإيمان بالملائكة:

- ‌1 - تعريف الملائكة:

- ‌2 - الإيمان بالملائكة:

- ‌3 - صفاتهم:

- ‌4 - تفاضلهم:

- ‌5 - أعمالهم:

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالجن:

- ‌تعريفهم:

- ‌صفاتهم:

- ‌تكليفهم:

- ‌الفصل الثاني الإمامة

- ‌المبحث الأول حكم نصب الإمام وبما تنعقد به الإمامة

- ‌المبحث الثاني البيعة

- ‌المبحث الثالث شروط الإمام

- ‌1 - القرشية:

- ‌2 - الحرية:

- ‌المبحث الرابع واجبات الإمام وحقوقه

- ‌1).1 -واجبات الإمام:

- ‌3 - حقوق الإمام:

- ‌المبحث الخامس الموقف من الأئمة

- ‌الفصل الثالث الصحابة

- ‌المبحث الأول مكانة الصحابة وفضلهم

- ‌تفضيل الصحابة على من بعدهم:

- ‌المفاضلة بين الصحابة:

- ‌المبحث الثاني عدالتهم وعظم الطعن فيهم

- ‌المبحث الثالث الموقف مما وقع بينهم

- ‌الدفاع عن صحابة بأعيانهم:

- ‌الباب الرابع اليوم الآخر

- ‌الفصل الأول أشراط الساعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول تعريف أشراط الساعة وأقسامها

- ‌أولًا: تعريف أشراط الساعة:

- ‌ثانيا: أقسامها:

- ‌المبحث الثاني أشراط الساعة الصغرى

- ‌1 - بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - ظهور نار الحجاز:

- ‌3).3 -رفع العلم وظهور الجهل:

- ‌4 - أن تلد الأمة ربَّتها:

- ‌5 - التطاول في البنيان:

- ‌6 - عبادة الأوثان:

- ‌7 - حسر الفرات عن جبل من ذهب:

- ‌8 - عودة أرض العرب مروجًا وأنهارًا:

- ‌المبحث الثالث أشراط الساعة الكبرى

- ‌1 - المهدي:

- ‌2).2 -المسيح الدجال:

- ‌3 - نزول عيسى عليه السلام:

- ‌4).4 -يأجوج ومأجوج

- ‌أصلهم:

- ‌خروجهم من السد:

- ‌5 - الخسوفات الثلاثة:

- ‌6 - الدخان:

- ‌7 - طلوع الشمس من مغربها:

- ‌8 - الدابة:

- ‌9 - النار التي تحشر الناس:

- ‌الفصل الثاني فتنة القبر وعذابه ونعيمه

- ‌المبحث الأول الروح

- ‌مستقر الأرواح بعد مفارقة الأبدان:

- ‌المبحث الثاني فتنة القبر

- ‌المبحث الثالث عذاب القبر ونعيمه

- ‌المبحث الرابع سماع الموتى

- ‌الفصل الثالث البعث والنشور

- ‌المبحث الأول النفخ في الصور

- ‌عدد النفخات في الصور:

- ‌المبحث الثاني البعث والنشور

- ‌صفة البعث والنشور:

- ‌المبحث الثالث الحشر

- ‌أرض المحشر:

- ‌المبحث الرابع الميزان

- ‌ما الذي يوزن في الميزان:

- ‌المبحث الخامس الشفاعة

- ‌أنواع الشفاعة:

- ‌المبحث السادس الحوض

- ‌وجوب الإيمان به والرد على من أنكره:

- ‌موضع الحوض:

- ‌عظم الحوض ودفع دعوى الاضطراب في أحاديث تحديده:

- ‌من يَرِدُ الحوضَ ومن يُرَدُّ عنه:

- ‌المبحث السابع الصراط

- ‌المبحث الثامن ذبح الموت

- ‌الفصل الرابع الجنة والنار

- ‌خلق الجنة والنار:

- ‌خلود الجنة والنار:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاء

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌الرسائل العلمية والمجلات:

الفصل: ‌المطلب الثامن: معنى الظلم:

وأما أهل السنة فاتفقوا على عدم جواز التكليف، بما لا يطاق، وهو النوع الأول، وقد ذكر شيخ الإسلام الإجماع على ذلك

(1)

.

وأما النوع الثاني فقالوا بجواز التكليف به للاتفاق على وقوعه في الشريعة، ولكنهم خالفوا في إطلاق ذلك عليه، فمنعوه لأن مضمونه أن فعل ما لا يفعله المكلف لا يطيقه، وإن كان بعض المنتسبين إلى السنة قد أطلقه في رده على القدرية

(2)

.

‌المطلب الثامن: معنى الظلم:

لا شك أن الله سبحانه وتعالى حكمٌ عدلٌ، لا يظلم الناس شيئًا، كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}

(3)

، وكقوله تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)}

(4)

، وكقوله تعالى في الحديث القدسي:"يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلتُهُ بينكم مُحرَّمًا، فلا تظالموا"

(5)

.

ولكن ما هو الظلم الذي ينزه عنه سبحانه وتعالى؟

وقع الخلاف في معنى الظلم، بناءً على مسألة التحسين والتقبيح، على ثلاثة أقوال:

الأول: من عرَّف الظلم بأنه التصرف في ملك الغير أو مخالفة الآمر الذي تجب طاعته، فيقولون: الظلم بالنسبة لله غير ممكن الوجود.

(1)

الفتاوى (8/ 301).

(2)

المرجع السابق (8/ 298، 299).

(3)

سورة يونس، الآية:44.

(4)

سورة الأنبياء، الآية:47.

(5)

سبق تخريجه ص (206).

ص: 255

فالظلم منه ممتنع غير مقدور، كالجمع بين الضدين، ولو قدر وجوده، فإنه عدل. فلو عذَّب الله المطيعين من الأنبياء والمرسلين، ونعَّم العاصين من الكافرين والظالمين لم يكن ظالمًا؛ لأنه يتصرف في ملكه، وليس فوقه آمر حتى يخالفه.

وهذا هو قول الجهمية وعامة الأشاعرة، ومن تابعهم من بعض أتباع مالك والشافعي وأحمد

(1)

.

الثاني: قول المعتزلة، وهو أن الظلم مقدور لله عز وجل، ولكنه منزه عنه لقبحه، ولكنهم يجعلون الظلم الذي حرَّمه الله، وتنزَّه عنه نظير الظلم من الآدميين بعضهم لبعض، فشبَّهوه في الأفعال ما يحسن منها وما لا يحسن بعباده، فضربوا له من أنفسهم الأمثال، ولذلك فهم يسمون مشبهة الأفعال. فالله عندهم عدل لا يظلم؛ لأنه لم يرد وجود شيء من الذنوب، لا الكفر، ولا الفسوق، بل العباد يفعلون ذلك بغير مشيئته، فليس بخالق لأفعال العباد؛ لأنه لو كان خالقًا لها، ثم عاقب عليها، لكان ظالمًا للعباد

(2)

.

وقد ذكر القرطبي القولين السابقين، وارتضى القول الأول الذي عليه عامة الأشاعرة، وأعرض عن القول الثالث الذي عليه أهل السنة، فلم يذكره ولم يشر إليه، حيث قال: "اتفق العقلاء على أن الظلم على الله تعالى مُحال، وإنما اختلفوا في الطريق، فالقائلون بالتحسين والتقبيح عقلًا يقولون: يستحيل عليه لقبحه، ومن لا يقول بذلك يقولون: يستحيل عليه لاستحالة شرطه في حقه تعالى، وذلك أن الظلم إنما يتصور في حق

(1)

انظر منهاج السنة (3/ 29). وجامع الرسائل رسالة في كون الرب عادلًا وتنزهه عن الظلم (1/ 121).

(2)

انظر إنعام الباري في شرح حديث أبي ذر الغفاري لابن تيمية (29 - 44).

ص: 256

من حدَّت له حدود، ورسمت له مراسم، فمتى تعداها كان ظالمًا، والله تعالى هو الذي حدَّ الحدود، ورسم الرسوم، إذ لا حاكم فوقه، ولا حاجز عليه، ولا يجب عليه حكم، ولا يترتب عليه حق، ولا يتصور الظلم في حقه"

(1)

.

وقال أيضًا: "الظلم لا يتصور من الله تعالى، فإن الكل خلقه وملكه، لا حجر عليه ولا حكم، فلا يتصور في حقه الظلم لاستحالة شرطه"

(2)

.

وبيَّن أنَّ لله تعالى أن يعذب من غير تكليف، كالصبي والمجنون، ولا يكون ظالمًا، موافقًا للأشاعرة فيما ذهبوا إليه، حيث قال: ثم لله تعالى أن يعذب من شاء ابتداءً من غير تكليف، من صبي أو مجنون، أو غير ذلك، بحكم المالكية، وأنه لا حجر عليه، ولا حكم، فلا يكون ظالمًا بشيء من ذلك إن فعله"

(3)

.

وكذلك المازري أخذ بهذا القول موافقًا عامة الأشاعرة على ذلك حيث قال: الظلم مستحيل منه سبحانه وتعالى جده؛ لأنه إنما يكون إذا تعديت الحدود وتجوَّزت المراسم، والباري جلَّت قدرته ليس فوقه أحد يحد له حدًّا، أو يرسم له رسمًا، حتى يكون متجاوزًا لذلك ظالمًا، ولا فوقه من يستحق أن يطيعه حتى يحلل له الحلال ويحرِّم عليه الحرام، ولكن تحريم الشيء يقتضي المنع منه، والكف عنه، فسمي الباري سبحانه تقدسه عن الظلم بهذا اللفظ، فقال "حرَّمت على نفسي""

(4)

.

(1)

المفهم (6/ 552).

(2)

المفهم (6/ 662).

(3)

المفهم (6/ 678). وانظر أيضًا (6/ 212).

(4)

المعلم (3/ 165) وانظر أيضًا (3/ 198، 199).

ص: 257

والصحيح في هذه المسألة ما عليه عامة أهل السنة وهو أن حقيقة

الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وهذا الذي حرَّمه الله على نفسه مثل

أن يترك حسنات المحسن، فلا يجازيه عليها، أو يعاقب البريء على ما لم

يفعل من السيئات، ونحو ذلك من الأفعال التي يُنزَّه عنها الرب -سبحانه

وتعالى- لقسطه وعدله، وهو قادر عليها، وإنما استحق الحمد والثناء؛

لأنه ترك هذا الظلم وهو قادر عليه، وكما أن الله منزِّه عن صفات النقص

والعيب فهو أيضًا منزه عن أفعال النقص والعيب

(1)

.

المطلب التاسع: الواجب على الله تعالى:

خالف المعتزلة جماهير المسلمين في مسألة وجوب شيء على الله

تعالى، وذلك بناءً على قولهم بالتحسين والتقبيح العقليين حيث أوجبوا

على الله أمورًا وحرموا عليه أخرى بمحض عقولهم قياسًا لله تعالى على

عباده. حيث أوجبوا عليه رعاية مصالح العباد وثوابهم على الطاعة،

ومعاقبتهم على المعصية وسموا ذلك عدلًا

(2)

.

وجماهير المسلمين من أهل السنة وغيرهم قالوا: لا يجب على الله

شيء، بل له أن يفعل مايشاء ويحكم مايريد.

وقال ابن القيم رحمه الله في النونية:

ماللعباد عليه حق واجب

هو أوجب الأجر العظيم الشان

كلا ولاعمل لديه ضائع

إن كان بالإخلاص والإحسان

إن عذبوا فبعد له أونعموا

فبفضله والحمد للمنان

(3)

(1)

انظر الفتاوى لابن تيمية (18/ 145)، مفتاح دار السعادة لابن القيم (2/ 107)، القضاء والقدر للمحمود ص (188).

(2)

الملل والنحل للشهرستاني (1/ 45)، والفتاوى لابن تيمية (8/ 91).

(3)

القصيدة النونية المسماة "الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية"، مع شرحها للشيخ=

ص: 258

قال الشيخ محمد خليل هراس

(1)

في شرح هذه الأبيات: "في هذه الأبيات الثلاثة بيان لمذهب أهل السنة في أنه ليس للعباد حق واجب على الله وأنه مهما يكن من حق فهو الذي أحقه، وأوجبه ولذلك لا يضيع عنده عمل قام على الإخلاص والمتابعة، فإنهما الشرطان الأساسيان لقبول الأعمال فإذا توفرا في عمل ما كان مقبولًا بمقتضى وعده سبحانه وإيجابه واستحق صاحبه الأجر المقدر له، فهو إن عذب العباد فبعدله، فإنه لا يجزي على السيئة إلَّا سيئة مثلها، فلا يظلم أحدًا مثقال ذرة، وإن أنعم وأثاب فبفضله، فله الحمد أولًا وآخرًا"

(2)

.

والقرطبي نصر هذا القول ورد على المعتزلة فيما ذهبوا إليه، فقال:"إن الله تعالى الفعال لما يريد القادر على ما يشاء لا يتوجه عليه وجوب ولا حق ولا يثبت عليه لوم ولا حكم، وأما على أصول أهل البدع القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين، وما يتولد على ذلك من الأصول الفاسدة من التجويز والتعديل والإيجاب على الله تعالى فلا يلتفت إليها ولا يعرج عليها لظهور فسادها"

(3)

.

وقال المازري في شرحه لحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: "قوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ: "هل تدري ما حق العباد على الله؟ "

(4)

يحتمل

= محمد خليل هراس (2/ 91).

(1)

محمد خليل هراس المصري عالم قضى حياته في التعليم والتأليف والدفاع عن العقيدة السلفية توفي سنة (1395 هـ). انظر: مقدمة شرحه للعقيدة الواسطية، تحقيق علوي السقاف ص (41).

(2)

المرجع السابق (2/ 92).

(3)

المفهم (6/ 212)، وانظر أيضًا (6/ 216).

(4)

الحديث أخرجه البخاري في كتاب اللباس باب إرداف الرجل خلف الرجل ح (5967)(10/ 412). ومسلم في كتاب الإيمان باب الدليل على: أنَّ من مات على التوحيد دخل =

ص: 259