الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: تعريفها وشروط صحتها:
إن توحيد الألوهية هو إفراد الله تعالى بالعبادة، وقد وضَّح القرطبي معنى العبادة فقال:"أصل العبادة الخضوع والتذلل، وسميت وظائف الشرع على المكلفين عبادات؛ لأنهم يلتزمونها ويفعلونها خاضعين متذللين لله تعالى"
(1)
.
والعبد الذي خضع لله تعالى، واستسلم، يسعى لأن تكون عبادته وفق ما أمر الله تعالى به لتوافق مرضاة الله، فتكون سببًا لنجاته.
والعبادة الصحيحة المقبولة عند الله تعالى لابد لها من شرطين أساسيين هما: الإخلاص لله تعالى، والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، وقال قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}
(2)
، وقال تعالى:{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}
(3)
.
وقد بيَّن القرطبى أن الإخلاص شرطٌ في صحة جميع العبادات فقال: "الإخلاص شرطٌ في جميع العبادات، لقوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} ، والإخلاص مصدر من أخلصت العسل وغيره، إذا صفيته وأفردته من شوائب كدره، أي: خلَّصته منها. فالمخلص في عباداته هو الذي يخلصها من شوائب الشرك والرياء، وذلك لا يتأتي له إلَّا بأن يكون الباعث على عملها قصد التقرب إلى الله تعالى، وابتغاء ما عنده، فأما إذا كان الباعث عليها غير ذلك من أعراض الدنيا، فلا يكون عبادة، بل يكون مصيبة موبقة لصاحبها، فإما كفر وهو:
(1)
المفهم (1/ 181).
(2)
سورة البينة، الآية:5.
(3)
سورة الزمر، الآية:3.
الشرك الأكبر، وإما رياء وهو: الشرك الأصغر"
(1)
.
وأما المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم فهو المبلغ عن ربه-سبحانه. وقد قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}
(2)
، وقال صلى الله عليه وسلم:"من أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليسَ فيه فهو رَدٌّ"
(3)
.
قال القرطبي: "سنة الله تعالى في العبادة أنها لا تتلقى إلَّا من جهة الأنبياء"
(4)
.
ولا شك أن هذا إقفالٌ لباب الابتداع في الدين، فلا عبادة صحيحة إلَّا ما جاءت عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}
(5)
.
قال الفضيل بن عياض
(6)
: "أخلصه وأصوبه، فإنه إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقْبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يُقْبَل حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص إذا كان لله، والصواب إذا كان على السنة"
(7)
.
(1)
المفهم (3/ 742).
(2)
سورة الحشر، الآية:7.
(3)
رواه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود ح (2697)(5/ 355)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور ح (1718)(12/ 257).
(4)
المفهم (3/ 574).
(5)
سورة الملك، الآية:2.
(6)
هو فضيل بن عياض بن مسعود التميمي أبو علي الإمام القدوة الزاهد العابد المشهور توفي سنة (187 هـ). تهذيب التهذيب (3/ 399)، صفة الصفوة (2/ 237).
(7)
مدارج السالكين لابن القيم (1/ 83).