الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سئل: أي الناس أعلم؟ قال: أنا، فعتب الله عليه العتب: أدنى الغضب"
(1)
. وهذا إثبات لهذه الصفة بمعناها وهو أدنى الغضب.
والمازري ذكر هذه الصفة لكنه أوَّلها على منهجه في ذلك حيث قال: "قوله: "عتب الله عليه" فيشبه أن يراد به أنه لم يرض قوله شرعًا ودينًا وأما العتب بمعنى الموجدة وتغير النفس فلا يجوز على الله سبحانه"
(2)
.
وهذا عتب المخلوق وأما الخالق سبحانه فلا يشبه بخلقه إنما يثبت له من الصفات ما جاءت به النصوص دون تشبيه كما هو مذهب السلف.
صفة الملل:
وقد جاء وصف الله تعالى بهذا في الحديث الصحيح الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: "عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل حتى تملوا"
(3)
.
قال القرطبي عند شرحه لهذا الحديث: "ظاهره محال على الله تعالى، فإن الملال: فتور عن تعب وألم عن مشقة وكل ذلك على الله تعالى محال، وإنما أطلق هنا على الله تعالى على جهة المقابلة اللفظية مجازًا، كما قال:{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ}
(4)
و {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ}
(5)
ووجه مجازه: أنه تعالى لما كان يقطع ثواب عمل من ملَّ
= مصنفات منها "نتائج الأفكار""الإعلام فيما أبهم في القرآن من الأسماء الأعلام" توفي سنة (581 هـ)، البداية والنهاية (12/ 339)، سير أعلام النبلاء (21/ 152).
(1)
المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث للمديني (2/ 400).
(2)
المعلم (3/ 136).
(3)
رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب أحب الدين إلى الله أدومه ح (43)(1/ 124).
ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب أمر من نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أن يرقد ح (785)(6/ 320).
(4)
سورة آل عمران، آية:54.
(5)
سورة البقرة، آية:194.
من العمل وقطعه. عبر عن ذلك بالملل من باب تسمية الشيء باسم سببه"
(1)
.
وقال المازري: "الملالة التي بمعنى السآمة لا تجوز على الله تعالى، وقد اختلف في تأويل هذا الحديث فقيل: إنما ذلك على معنى المقابلة أي لا يدع الجزاء حتى تدعو العمل، وقيل: "حتى" ههنا بمعنى الواو فيكون قد نفى عنه جلت قدرته الملل، فيكون التقدير لا يمل وتملون وقيل: حتى بمعنى حين"
(2)
.
ونحن نقول: الملال الذي هو فتور عن تعب وألم عن مشقة محال على الله تعالى كما قال القرطبي، ولكن هذا لا يقوله أهل السنة فإثباتهم لملل الله تعالى كما جاء به النص لا يستلزم تشبيهه بملل المخلوق، الذي هو صفة نقص تقتضيه طبيعته والله سبحانه منزه عن النقص إنما إذ أطلق ذلك على الله تعالى فهو صفة كمال لا نقص فيها.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم
(3)
: "فإن الله لا يمل حتى تملو" من نصوص الصفات وهذا على وجه يليق بالباري لا نقص فيه كنصوص
(1)
المفهم (413).
(2)
المعلم (1/ 305).
(3)
هو الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب فهو من أحفاد المجدد محمد بن عبد الوهاب ولد في الرياض سنة (1311 هـ) وقرأ على والده وعلى علماء نجد في زمنه حتى برز وفاق أقرانه وقد فقد بصره قبل البلوغ لكن لم يثنه ذلك عن طلب العلم حتى أصبح من أكبر علماء الأمة في عصره تولى العديد من الأعمال الكبيرة فهو رئيس القضاة والمشرف على تعليم البنات مع رئاسة المعاهد العلمية والجامعة الإسلامية والإشراف على الأئمة والدعاة والمرشدين إلى غيرها من الأعمال الكثيرة من مصنفاته: "رسالة في تحكيم القوانين" وغيرها، توفي رحمه الله سنة (1389 هـ). علماء نجد خلال ثمانية قرون للبسام (1/ 242) إتحاف النبلاء بسير العلماء لراشد الزهراني ص (77).