الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فنسأل الله أن يهلكهم ويبدد جمعهم"
(1)
.
ولذا فقد ساهم في شحذ الهمم للوقوف أمام هؤلاء الأعداء، وصدهم عن بلاد الإسلام، وبيَّن تعين الجهاد في ذلك الوقت لقهر الأعداء، وكثرة الاستيلاء، حيث قال:"وقد يكون الجهاد في بعض الأوقات أفضل من سائر الأعمال، وذلك وقت استيلاء العدو وغلبته على المسلمين، كحال هذا الزمان، فلا يخفى على من له أدنى بصيرة أن الجهاد اليوم أوكد الواجبات، وأفضل الأعمال، لما أصاب المسلمين من قهر الأعداء وكثرة الاستيلاء شرقًا وغربًا، جبر الله صدعنا وجدد نصرنا"
(2)
.
أولًا: الحال في الأندلس:
ما مضى حال الأمة الإسلامية عامة، حيث أُصيبت بهذا المصاب العظيم.
وأما إذا خصصنا بلاد الأندلس بالحديث، حيث قضى فيها القرطبي حياته الأولى، فوُلدَ ونَشأ، وتعلم فيها.
فقد عاش القرطبي حياته في عهد دولة الموحدين التي أسسها عبد الله بن تومرت، حيث خرج على المرابطين سنة (515 هـ) وسقطت مراكش عاصمة ملكهم على يد خليفته عبد المؤمن بن علي سنة (541 هـ).
ثم زحف إلى الأندلس فاستولى على ملكهم هناك وأصبحت قرطبة عاصمة دولة الموحدين في الأندلس، ومنطلق جيوشهم.
(1)
المفهم (7/ 248).
(2)
المفهم (1/ 276).
وقد سيطر الموحدون على بلاد الأندلس، وصدوا هجمات النصارى، وخاضوا معهم عدة معارك.
وكانت ولادة أبي العباس القرطبي في عهد يوسف بن عبد المؤمن، الذي حكم أكثر من عشرين سنة (558 - 580 هـ)
(1)
ثم جاء بعده ابنه يعقوب المنصور
(2)
، واستمر حكمه حتى سنة (595 هـ)، وقد خاض مع النصارى معركة "الأرك" سنة (591 هـ)
(3)
، وانتصر فيها انتصارًا ساحقًا، وقتل وأسر أعدادًا كبيرة من النصارى.
ثم جاء بعده ابنه محمد الناصر الذي حكم حتى توفي سنة (610 هـ)
(4)
بعد هزيمته سنة (609 هـ) في معركة "العقاب"
(5)
الشهيرة مع النصارى، والتي كانت سببًا في ضعفه وتمزق جيوشه، ثم وفاته حسرة بعد المعركة بزمن يسير.
وقد خلف ابنه يوسف المنتصر حيث تولى الحكم وهو صغير، مما جعل الممالك التابعة له لا تخضع له ولا تدين له بالطاعة حتى توفي سنة (620 هـ)
(6)
.
فتولى بعده عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن لعدة شهور، ثم عبد الله بن يعقوب المنصور، ثم إدريس بن يعقوب، فتوالى الملوك واحدًا بعد الآخر، لا يستقر الملك لأحد إلَّا مدة قصيرة، مما أضعف هذه
(1)
دولة الإسلام في الأندلس، عصر المرابطين والموحدين، محمد عبد الله عنان ص (10).
(2)
المرجع السابق ص (140).
(3)
المرجع السابق ص (196).
(4)
المرجع السابق ص (249).
(5)
المرجع السابق ص (282).
(6)
المرجع السابق ص (328).