الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاصة بهما خلقهما الله تعالى عليها، كما قال صلى الله عليه وسلم:"لم أر جبريل على صورته التي خُلق عليها غير مرتين"
(1)
والبحث عن كيفية ذلك التمثيل ليس وراءه تحصيل والواجب التصديق بما جاء من ذلك، ومن أنكر وجود الملائكة والجن وتمثُّلهم في الصور فقد كفر"
(2)
.
4 - تفاضلهم:
الملائكة عليهم السلام متفاوتون في الرتبة والدرجة فأفضلهم جبريل عليهم السلام، وهو أعظم الملائكة وهو الذي ينزل بالوحي على الرسل عليهم السلام، قال القرطبي: سمي جبريل عليه السلام بالناموس لأن الله تعالى خصه بالوحي وعلم الغيب"
(3)
.
قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
وجبريلُ رسُولُ الله فينا
…
ورُوحُ القُدسِ ليس له كفاءُ
(4)
قال القرطبي: أي: لا يقاومه أحد ولا يماثله وروح القدس: هو جبريل عليه السلام والقدس: الطهارة"
(5)
.
ومن الملائكة الذين فضلهم الله تعالى وقدمهم ميكائيل وإسرافيل عليهما السلام وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يفتتح صلاته بقوله: "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض
…
"
(6)
.
(1)
رواه البخاري في كتاب التفسير باب (1) ح (4855)(8/ 472)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب معنى قوله عز وجل:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)} ح 177 (3/ 10).
(2)
المفهم (6/ 172).
(3)
المفهم (1/ 379).
(4)
ديوان حسان بن ثابت (1/ 18) وفيه: وجبريل أمين الله فينا
…
(5)
المفهم (6/ 429).
(6)
رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه ح 770 (6/ 303).
قال القرطبي في شرحه لهذا الحديث: "خص هؤلاء الملائكة بالذكر تشريفًا لهم؛ إذ بهم ينتظم هذا الوجود؛ إذ قد أقامهم الله تعالى في ذلك"
(1)
.
ويرى القرطبي تفاضل الملائكة بعد ذلك بحسب مراتبهم في السماء، فأفضلهم حملة العرش، ثم الذين في السماء السابعة، ثم الذين في السماء السادسة، وهكذا، استنباطًا من قوله صلى الله عليه وسلم: "ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه إذا قضى أمرًا سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا، ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال فيستخبر بعض أهل السموات بعضًا حتى يبلغ الخبر إلى السماء الدنيا
…
"
(2)
.
حيث قال في شرح هذا الحديث: "فيه دليل على أن حملة العرش أفضل الملائكة، وأعلاهم منزلة، وأن فضائل الملائكة على حسب مراتبهم في السموات
…
فعلوم الملائكة بالكائنات يستفيده بعضهم من بعض إلَّا حملة العرش فإنهم يستفيدون علومهم من الحق سبحانه فهم المبدؤون بالإعلام أولًا ثم إن ملائكة كل سماء تستفيد من التي فوقها"
(3)
.
وأما تفاضل الملائكة وصالحي البشر فهو محل نزاع بين أهل العلم، والقرطبي ذكر المسألة، وأشار إلى الخلاف ولم يرجح، وذلك عند قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي فيما يرويه عن ربه عز وجل: "إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأٍ خير
(1)
المفهم (2/ 400).
(2)
رواه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان ح 2229 (14/ 476).
(3)
المفهم (5/ 638).
منهم"
(1)
، حيث قال:"هذا ظاهر في تفضيل الملائكة على بني آدم، وهو أحد القولين للعلماء، وللمسألة غور ليس هذا موضع ذكره"
(2)
.
ومع فضل الملائكة عليهم السلام ومكانتهم إلَّا أنهم لا يعلمون الغيب إلَّا إذا اطلعهم الله تعالى عليه كما قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)}
(3)
.
فالقرطبي عند شرحه لحديث الإسراء، وفيه: أن الملائكة عندما يستفتح جبريل عليه السلام كل سماء ويقول معي محمد يقولون وقد بعث إليه؟
(4)
. قال: "هو استفهام من الملائكة عن بعث النبي صلى الله عليه وسلم وإرساله إلى الخلق، وهذا يدل على أنهم لم يكن عندهم علم من وقت إرساله
(5)
.
وقال أيضًا: "الملائكة تستخرج ما عند الله تعالى من علم حال النطفة فتقول: يارب ما الرزق؟ ما الأجل؟ فيقضي ربك ما شاء أي: يظهر من قضائه وحكمه للملائكة ما سبق به علمه وتعلقت به إرادته فيكتب الملك من اللوح المحفوظ ثم يخرج بالصحيفة فيُطْلعُ اللهُ تعالى بسبب تلك الصحيفة من شاء من الملائكة الموكلين بأحواله على ذلك ليقوم كل بما عليه من وظيفته حسب ما سطر في صحيفته"
(6)
.
(1)
سبق تخريجه ص (573).
(2)
المفهم (7/ 7). وانظر: التفصيل في هذه المسألة في كتاب "مباحث الفاضلة في العقيدة" للدكتور محمد بن عبد الرحمن الشظيفي ص (354).
(3)
سورة البقرة، الآيتان: 31، 32.
(4)
رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات وفرض الصلوات ح 162 (2/ 567).
(5)
المفهم (1/ 389).
(6)
انظر: المفهم (6/ 654).