الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي أمر الله تعالى بفعلها له لغير الله
…
وهو مبطل للأعمال، لهذا أشار بقوله:"من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركتُه وشرِيكَهُ"
(1)
. وهذا هو المسمى بالرياء، وهو على الجملة مبطل للأعمال"
(2)
.
وقال في موضع آخر: "المخلص في عباداته هو الذي يخلصها من شوائب الشرك والرياء، وذلك لا يتأتى له إلَّا بأن يكون الباعث له على عملها قصد التقرب إلى الله تعالى، وابتغاء ماعنده، فأما إذا كان الباعث عليها غير ذلك من أعراض الدنيا، فلا يكون عبادة، بل يكون مصيبة موبقة لصاحبها، فإماكفر، وهو الشرك الأكبر، وإما رياء وهو: الشرك الأصغر"
(3)
.
من وسائل الشرك:
لقد جاء الإسلام بالتوحيد الخالص والنهي عن الشرك والتحذير منه، وسد جميع الطرق والوسائل المؤدية إليه وحرَّمها. ومن ذلك نهيه عن الصور وتعظيمها، والبناء على القبور وتشييدها؛ لأن ذلك يؤدي إلى الشرك بالله تعالى، حيث يكون سببًا لعبادتها، كما حدث ذلك في الأمم السابقة، لذا حذَّر صلى الله عليه وسلم من ذلك، وشدَّد في النهي، فعن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة -فيها تصاوير- لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك الصُّور أولئك شرارُ
(1)
رواه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله ح (2985)(18/ 326).
(2)
المفهم (6/ 615).
(3)
المفهم (3/ 742).
الخلق عند الله يوم القيامة"
(1)
. قال القرطبي: "إنما فعل ذلك أوائلهم ليتأنسوا برؤية تلك الصور، ويتذكروا بها أحوالهم الصالحة فيجتهدون كاجتهادهم، ويعبدون الله تعالى عند قبورهم، فمضت لهم بذلك أزمان، ثم إنهم خلف من بعدهم خلف جهلوا أغراضهم ووسوس لهم الشيطان: أن آباءهم وأجدادهم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها فعبدوها. فحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك، وشدَّد النكير والوعيد على فعل ذلك، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال: "اشتدَّ غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فلا تتخذوا القبور مساجد"
(2)
أي أنهاكم عن ذلك، وقال:"لعن الله اليهود والنصارى، اتَّخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد"
(3)
وقال: "اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبد"
(4)
ولهذا بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعلوا حيطان تربته، وسدوا المداخل إليها، وجعلوها محدقة بقبره، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة -إذ كان مستقبل المصلين- فتتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا على زاوية
(1)
رواه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ح (427)(1/ 624)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها ح (528)(5/ 14).
(2)
أخرجه أحمد في مسنده (2/ 246) ومالك في الموطأ كتاب قصر الصلاة في السفر باب جامع الصلاة. وقال الألباني: رواه أحمد وابن سعد وأبو يعلى وأبو نعيم بسند صحيح وله شاهد مرسل رواه عبد الرزاق في "المصنف" وكذا ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم وإسناده قوي. انظر: تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد للألباني ص (25).
(3)
رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل ح (3453)(6/ 570) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على الصور واتخاذ الصور فيها ح (531)(5/ 16).
(4)
سبق تخريجه في الصفحة نفسها.