الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه هو حكم الله، وأنه يعمل بفقتضاه وأنه لا يحتاج في ذلك إلى كتاب ولا سنة، فقد أثبت لنفسه خاصة النبوة، فإن هذا نحو مما قاله رسوله:"إن روح القدس نفث في روعي"
(1)
.
وقد سمعنا عن بعض الممخرقين المتظاهرين بالدين، أنه قال: أنا لا آخذ عن الموتى، وإنما آخذ عن الحي الذي لا يموت، وإنما أروي عن قلبي عن ربي، ومثل هذا كثير، نسأل الله الهداية والعصمة، وسلوك طريق سلف هذه الأمة، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله"
(2)
.
وقال في موضع آخر: "وقد شاهدت بعض الممخرقين وسمعنا منهم أنهم يعرضون عن القواعد الشرعية، ويحكمون بالخواطر القلبية، يقول: الشاهد المتصل بي أعدل من الشاهد المنفصل عني، وهذه مخرقة أبرزتها زندقة يقتل صاحبها، ولا يستتاب، من غير شك ولا ارتياب"
(3)
.
ب - في تقديسهم للأولياء:
رفع رموز الصوفية أنفسهم ودعوا الجهال والغوفاء إليهم وزعموا أن لهم ولاية خاصة ومكانة عند الله عالية.
قال القرطبي مبينا عظم الابتلاء بهؤلاء في زمنه: "قد اغتر كثير من الجُهَّال بالأعمال، فلاحظوا أنفسهم بعين استحقاق الكرامات، وإجابة
(1)
رواه الطبراني في المعجم الكبير (8/ 166) وأبو نعيم في الحلية (10/ 27) وقال - ابن كثير: أخرجه - ابن حبان في صحيحه، انظر تفسير - ابن كثير (1/ 117) لكني لم أجده في صحيح - ابن حبان كما ذكرا بن كثير وقال العجلوني عندما ذكر حديث "اطلبوا الحوائج بعز الأنفس" رواه ابن عساكر بسند ضعيف لكن يقويه ما رواه الطبراني وأبو نعيم ثم ذكر الحديث. كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الحديث على ألسنة الناس (1/ 155).
(2)
المفهم (6/ 217).
(3)
المفهم (5/ 154).
الدعوات، وزعموا أنهم ممن يتبرك بلقائهم، ويغتنم صالح دعائهم، وأنهم يجب احترامهم وتعظيمهم فيتمسح بأثوابهم، وتقبل أيديهم، ويرون أن لهم المكانة عند الله بحيث ينتقم لهم ممن تنقصهم في الحال، وأن يؤخذ من أساء الأدب عليهم من غير إمهال، وهذه كلها نتائج الجهل العميم، والعقل غير المستقيم، فإن ذلك إنما يصدر من جاهل معجب بنفسه، غافل عن جرمه وذنبه، مغتر بإمهال الله عز وجل له عن أخذه، ولقد غلب أمثال هؤلاء الأنذال في هذه الأزمان، فاستتبعوا العوام، وعظمت بسببهم على أهل الدين المصائب والطوام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وهذه نفثات مصدور وإلى الله عاقبة الأمور"
(1)
.
وقد ألزم الصوفية كل تابع لهم بأن يتخذ له شيخًا يلازمه، ولا يأخذ إلَّا عنه، ويطيعه طاعة عمياء، وإن أمره بالسوء والفحشاء، وشعارهم في ذلك قولهم:"كن بين يدي شيخك كالميت بين يدي الغاسل"
(2)
وقد بيَّن القرطبي انحراف الصوفية في هذا الجانب عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف"
(3)
حيث قال: "هذا الحديث يرد حكاية حكيت عن بعض مشايخ الصوفية، وذلك أن مريدًا له قال يومًا: قد حمي التنور، فماذا أصنع؟ فتغافل عنه، فأعاد عليه القول فقال له: ادخل فيه، فدخل المريد في التنور، ثم إن الشيخ تذكر فقال: الحقوه كان قد عقد على نفسه ألَّا يخالفني، فلحقوه فوجده في التنور لم تضره النار.
(1)
المفهم (7/ 375).
(2)
الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق ص (319).
(3)
رواه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض، والأحكام ح (7257)(13/ 245)، ومسلم في كتاب الإجازة، باب وجوب طاعة الأمراء من غير معصية وتحريمها في المعصية ح (1840)(12/ 469).