الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْأَنْصَارِ}
(1)
، وقوله:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ}
(2)
إلى غير ذلك"
(3)
.
"فإنهم رضي الله عنهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنة من أمور الدين ومراعاة أحواله والتمسك بأعمال البر والخير إلى أن توفوا على ذلك، ومن وقع منهم في معصية أو مخالفة لجأ إلى التوبة، ولازمها حتى لقي الله تعالى عليها يُعلمُ ذلك قطعًا من أحوالهم من طالع سيرهم وأخبارهم"
(4)
.
"فعيشهم رضي الله عنهم لم يزل شديدًا وجهدهم جهيدًا حتى لقوا الله تعالى مؤثرين بما عندهم صابرين على شدة عيشهم، معرضين عن الدنيا وزهرتها، ولذاتها مقبلين على الآخرة، ونعيمها، وكراماتها، فحماهم الله ما رغبوا عنه، وأوصلهم إلى ما رغبوا فيه، حشرنا الله في زمرتهم، واستعملنا بسنتهم"
(5)
.
وقال المازري: "من المعلوم ضرورة تدين الصحابة رضي الله عنهم ومبادرتهم إلى الطاعات، والقرب، ورغبتهم رضي الله عنهم في الخير"
(6)
.
تفضيل الصحابة على من بعدهم:
قال صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه"
(7)
.
(1)
سورة التوبة، الآية:100.
(2)
سورة الحشر، الآية:8.
(3)
المفهم (6/ 492).
(4)
المفهم (6/ 442).
(5)
المفهم (5/ 305). وانظر: (1/ 337، 3/ 647، 4/ 242، 5/ 477).
(6)
انظر: المعلم (3/ 150).
(7)
رواه البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لو كنت متخذًا خليلًا"(ح 3673)(7/ 25)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة رضي =
هذا الحديث وما سبق ذكره عن بيان فضل الصحابة ومكانتهم يدل على تفضيل الصحابة رضي الله عنهم على كل من جاء بعدهم ففضل الصحبة لا يعادله شيء، وهذا هو الذي ذهب إليه جمهور العلماء من السلف والخلف، قال ابن تيمية:"قال غير واحد من الأئمة: أن كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أفضل ممن لم يصحبه مطلقًا"
(1)
.
وهذا هو الذي رجَّحه القرطبي عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "وددت أنَّا قد رأينا إخواننا" قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: "أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد"
(2)
. حيث قال: "قد أخذ أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله من هذا الحديث ومن قوله صلى الله عليه وسلم: "إن من ورائكم أيامًا الصبر فيهن مثل القبض على إلى جمر للعامل فيهن أجر خمسين منكم"
(3)
أنه يكون فيمن يأتي بعد الصحابة من يكون أفضل ممن كان في جملة الصحابة، وذهب معظم العلماء إلى خلاف هذا، وأن من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ورآه ولو مرة من عمره أفضل من كل من يأتي بعدُ، وأن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل، وهو الحق الذي لا ينبغي أن يصار لغيره لأمور:
أولها: مزية الصحبة ومشاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وثانيها: فضيلة السبق للإسلام.
وثالثها: خصوصية الذَّب عن حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
= الله عنهم ح 2540 (16/ 326).
(1)
الفتاوى (4/ 527).
(2)
رواه مسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء ح 249 (3/ 140).
(3)
رواه الترمذي في أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة، وابن ماجة في كتاب الفتن، باب قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ص (346) رقم الحديث (2344).
ورابعها: فضيلة الهجرة والنصرة.
وخامسها: ضبطهم للشريعة وحفظها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسادسها: تبليغها لمن بعدهم.
وسابعها: السبق في النفقة في أول الإسلام.
وثامنها: أن كل خير وفضل وعلم وجهاد ومعروف فعل في الشريعة إلى يوم القيامة فحظهم منه أكمل حظ، وثوابهم فيه أجزل ثواب؛ لأنهم سنوا سنن الخير، وافتتحوا أبوابه، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"من سنَّ في الإسلام سُنَّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"
(1)
ولا شك في أنهم الذين سنُّوا جميع السُّنن وسابقوا إلى المكارم، ولو عُدِّدت مكارمهم وفُسِّرت خواصهم وحُصرت لملأت أسفارًا، ولكلت الأعين بمطالعتها حيارى.
وعن هذه الجملة قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البزار عن جابر بن عبد الله مرفوعًا: "إن الله اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين، واختار من أصحابي أربعة - يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا - فجعلهم أصحابي" وقال: "في أصحابي كلهم خير"
(2)
وكذلك قال: "اتقوا الله في أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه"
(3)
وكفى من ذلك كله ثناء الله تعالى عليهم جملة وتفصيلًا وتعيينًا وإبهامًا، ولم يحصل شيء من ذلك لمن بعدهم، فأما استدلال المخالف بقوله صلى الله عليه وسلم:"إخواننا" فلا حجة فيه؛ لأن الصحابة قد حصل لهم من هذه
(1)
رواه مسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ح 1017 (7/ 107).
(2)
الحديث عند الطبري في صريح السنة ص (23)، ومجمع الزوائد للهيثمي (10/ 16)، وذكره أبو إسحاق الحويني في كتابه النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة ص (72). ولم أجده عند البزار كما ذكر القرطبي.
(3)
سبق تخريجه ص (740).