الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مفطورون على أن لا يتوجهوا إلا إلى جهة العلو، ومنها: أن القبلة ما يستقبله الإنسان بوجهه أما ما يرفع الإنسان إليه يده أو رأسه أو بصره، فهذا باتفاق الناس لا يسمى قبلة، ومعلوم أن مستقبل القبلة يستدبر ما يقابلها، أما الداعي فإنه لا يكون مستقبلًا للسماء مستدبرًا للأرض، بل يكون مستقبلًا لبعض الجهات، إلى غيرها من الأوجه.
فتبين من هذه الأوجه وغيرها سلامة احتجاج السلف على العلو بما فطر الناس عليه من رفع أيديهم إلى السماء عند الدعاء والحاجة
(1)
.
فالحاصل أن الحق ما دلت عليه النصوص الكثيرة وشهد به العقل والفطرة وأجمع عليه سلف الأمة من أن الله تعالى له العلو المطلق من كل وجه علو الشأن وعلو القهر وعلو الذات
(2)
.
صفة العزة:
صفة ذاتية ثابتة لله تعالى بالكتاب والسنة، قال تعالى:{فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)}
(3)
، وقال تعالى:{إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}
(4)
وقال تعالى: {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}
(5)
. وقال صلى الله عليه وسلم: "العز إزاره والكبرياء رداؤه فمن ينازعني عذَّبته"
(6)
، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم:"اللهم إني أعوذ بعزتك"
(7)
قال
(1)
موقف ابن تيمية من الأشاعرة للمحمود (3/ 1247، 1248).
(2)
وقد جاءت مصنفات كاملة خصصت لهذه الصفة مثل "إجتماع الجوش الإسلامية لغزو المعطلة والجهمية" لابن القيم، "العلو للعلي الغفار" للذهبي و "العلو" لابن قدامة وغيرها.
(3)
سورة النساء، آية:139.
(4)
سورة يونس، آية:65.
(5)
سورة فاطر، آية:10.
(6)
رواه مسلم في كتاب البر والصلة باب تحريم الكبر ح (2620)(16/ 411).
(7)
رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل ح (2716) =
الشيخ الغنيمان: "والعزة من صفات ذاته تعالى التي لا تنفك عنه، فغلب بعزته وقهر بها كل شيء، وكل عزة حصلت لخلقه فهي منه"
(1)
.
قال القرطبي في إثبات صفة العزة لله تعالى: "العزة: القوة والغلبة، ومنه:{وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23)}
(2)
أي: غلبني ويقال أيضًا: عز الشيء إذا قلَّ، فلا يكاد يوجد مثله يعزُّ عزًّا وعزازة وعزَّ يعز عِزة إذا صار قويًّا بعد ضعف وذلة، فعزة الله تعالى قهره للجبابرة وقوته الباهرة، وهو مع ذلك عديم المثل والنظير:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
(3)
"
(4)
.
وقال في موضع آخر: "العز والعظمة والكبرياء من أوصاف الله تعالى الخاصة به التي لا تنبغي لغيره، فمن تعاطى شيئًا منها أذله الله تعالى وصغَّره وحقَّره وأهلكه كما قد أظهر الله تعالى من سننه في المتكبرين السابقين واللاحقين"
(5)
.
والعزة التي هي صفة من صفات الله تعالى تكون بمعنى الامتناع على من يرومه من أعدائه وتكون بمعنى القهر والغلبة، وتكون بمعنى القوة والصلابة، وهذه المعاني ثابتة لله تعالى، وقد أشار ابن القيم إلى هذه المعاني في نونيته فقال:
وهو العزيز فلن يُرام جنابه
…
أنّى يُرام جنابُ ذي السلطان
وهو العزيز القاهر الغلاب لم
…
يغلبه شيءٌ هذه صفتان
= (17/ 41).
(1)
شرح كتاب التوحيد، من صحيح البخاري للغنيمان (1/ 147).
(2)
سورة ص، آية:23.
(3)
سورة الشورى، آية:11.
(4)
المفهم (1/ 443).
(5)
المفهم (1/ 276).