الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثبتها إنما أراد أنه رآه بقلبه. قال شيخ الإسلام: "إن جماهير الأئمة على أنه لم يره بعينه في الدنيا .. وعلى هذا دلَّت الآثار الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأئمة المسلمين"
(1)
.
قال الشنقيطي: "التحقيق الذي دلَّت عليه نصوص الشرع أنه صلى الله عليه وسلم لم يره بعين رأسه، وما جاء عن السلف من أنه رآه: فالمراد به الرؤية بالقلب"
(2)
. وبهذا الجمع ينتفي التعارض، وتتم الموافقة بين الأدلة، ويتضح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ير ربه جل وعلا بعيني رأسه، بل كانت الرؤية قلبية، وقد قال بهذا الجمع عدد غفير من أئمة السلف رحمهم الله.
رؤيته تعالى في الآخرة:
أجمع أهل السنة والجماعة ومن وافقهم من الطوائف الأخرى على رؤية المؤمنين لربهم عز وجل في الآخرة، وأن هذا أعظم الإكرام لهم والامتنان عليهم. والأدلة على هذا كثيرة جدًّا، منها: قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}
(3)
. قال ابن الجوزي: "روى عطاء عن ابن عباس قال: إلى الله ناظرة، قال الحسن: حق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق، وهذا مذهب عكرمة ورؤية الله عز وجل حق لا شك فيها، والأحاديث فيها صحاح"
(4)
.
وقال السعدي في تفسير هذه الآية: "أي: ينظرون إلى ربهم على حسب مراتبهم، فمنهم من ينظر كل يوم بكرة وعشيا، ومنهم من ينظر كل جمعة مرة واحدة، فيتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم وجماله الباهر الذي
(1)
الفتاوى (2/ 335).
(2)
أضواء البيان (3/ 9).
(3)
سورة القيامة، الآيتان: 22، 23.
(4)
زاد المسير (8/ 161).
ليس كمثله شيء، فإذا رأوه نسوا ما هم فيه من النعيم، وحصل لهم من اللذة والسرور ما لا يمكن التعبير عنه، ونذصرت وجوههم فازدادوا جمالًا إلى جمالهم"
(1)
.
وقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)}
(2)
حيث جعل الله سبحانه أعظم عقوبة للكفار كونهم محجوبين عن رؤيته. "واحتج بالآية مالك على رؤية المؤمنين له تعالى من جهة دليل الخطاب، وإلَّا فلو حجب الكل لما أغنى هذا التخصيص، وقال الشافعي: لما حجب سبحانه قومًا بالسخط دلَّ على أن قومًا يرونه بالرضا، وقال أنس بن مالك: لما حجب عز وجل أعداءه سبحانه لم يروه تجلى جل شأنه لأوليائه حتى رأوه"
(3)
.
قال صلى الله عليه وسلم: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته"
(4)
، وقال صلى الله عليه وسلم:"إنكم سترون ربكم عيانًا"
(5)
. قال ابن القيم: "وأما الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الدالة على الرؤية فمتواترة رواها عنه أبو بكر الصديق، وأبوهريرة، وأبو سعيد الخدري و
…
فهاك سياق أحاديثهم من الصحاح والمسانيد والسنن وتلقها بالقبول والتسليم وانشراح الصدر، لا بالتحريف والتبديل، وضيق العطن ولا تكذب بها فمن كذب بها لم يكن إلى وجه ربه من الناظرين، وكان عنه يوم القيامة من
(1)
تفسير السعدي ص (985).
(2)
سورة المطففين، آية:15.
(3)
تفسير الألوسي (30/ 73).
(4)
رواه البخاري في كتاب التوحيد باب قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ح (7436)(13/ 430).
(5)
رواه البخاري في كتاب التوحيد باب قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ح (7435)(13/ 430).