الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
توحيد الأسماء والصفات هو إفراد الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، التي وردت في الكتاب والسنة، وذلك بإثبات ما أثبته سبحانه لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريفٍ
(1)
، ولا تعطيلٍ
(2)
، ومن غير تكييف
(3)
، ولا تمثيل
(4)
، ولا تشبيه
(5)
. فنؤمن بأن الله تعالى متصفٌ بجميع صفات الكمال، ومنزه سبحانه عن جميع صفات النقص.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "توحيد الأسماء والصفات: هو الإقرار بأن الله بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، له المشيئة النافذة، والحكمة البالغة، وأنه سميع بصير، رؤوف رحيم، على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، وأنه الملك القدوس، السلام، المؤمن،
(1)
التحريف في الإصطلاح هو: تغيير النص لفظًا أو معنى، فالتحريف اللفظي مثل: نصب لفظ الجلال في قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)} ليكون التكليم من موسى، والتحريف المعنوي مثل: تحريف معنى اليدين المضافتين إلى الله تعالى إلى القوة والنعمة ونحو ذلك.
(2)
التعطيل في الاصطلاح: هو إنكار ما يجب إثباته لله تعالى من الأسماء والصفات.
(3)
التكييف هو: حكاية كيفية الصفة وأنها على هيئة كذا وكذا أو السؤال عنها بكيف.
(4)
التمثيل: هو إثبات المثيل والنظير للشيء.
(5)
التشبيه: هو إثبات المشابه للشيء والفرق بين التشبيه والتمثيل أنَّ التشبيه يقتضي المشابهة والمساواة في أكثر الصفات والتمثيل يقتضي المماثلة والمساواة من كل وجه.
وهذه التعريفات استقيتها من شرح العقيدة الواسطية للهراس ص (66 - 69) وفتح رب البرية بتلخيص الحموية لابن عثيمين ص (54، 55) والتحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية لفالح آل مهدي (2/ 6، 7).
المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، سبحان الله عما يشركون، إلى غير ذلك من الأسماء الحسنى والصفات العلى"
(1)
.
والأدلة على هذا التوحيد كثيرة من الكتاب والسنة، بل لا تخلو سورة من سور القرآن من ذكر أسماء الله وصفاته. قال تعالى:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)}
(2)
(3)
(4)
.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه يقول: "اللهم ربّ السموات، ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى،
(1)
تيسير العزيز الحميد ص (34).
(2)
سورة البقرة، الآية:255.
(3)
سورة الحشر، الآية: 23، 24.
(4)
سورة الحديد، الآية: 1 - 6.
ومنزل الإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء"
(1)
. وغيره من الأحاديث الكثيرة التي جاءت بإثبات أسمائه سبحانه وصفاته، ولذا فأهل السنة والجماعة يؤمنون بهذه الأسماء والصفات كما جاءت، وكما يليق بالله سبحانه وتعالى.
ويُعدّ هذا المبحث من أهم مباحث العقيدة وأخطرها، إذ كثر الخلط والانحراف عن المنهج السوي فيه من قبل بعض الفرق الإسلامية، حيث نشأ عن الضلال فيه معتقداتٌ باطلةٌ، وتصوراتٌ خاطئةٌ في الذات الإلهية، ولهذا اعتنى علماء السنة والجماعة بهذا التوحيد وصنَّفوا فيه المصنفات، وأفردوه بكثير من المؤلفات. ومنهجهم في هذا هو المنهج الأقوم الذي جاء في الكتاب والسنة، وأجمع عليه سلف الأمة.
قال شيخ الإسلام - مبينًا اعتقاد السلف في هذا الباب -: "الأصل في هذا الباب أن يُوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله: نفيًّا وإثباتًا، فيثبت لله ما أثبته لنفسه، وينفي عنه ما نفاه عن نفسه. وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل. وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد
(2)
لا في أسمائه ولا في آياته، فإن الله تعالى ذمَّ الذين يلحدون في أسمائه وآياته، كما قال
(1)
رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب الدعاء عند النوم ح (2713)، (17/ 39).
(2)
الإلحاد في اللغة: الميل والعدول عن الشيء. والإلحاد في أسماء الله تعالى وآياته هو العدول والميل بها عن حقائقها ومعانيها الصحيحة إلى معانٍ باطلة. انظر: شرح العقيدة الواسطية للهراس ص (70).
(1)
(2)
. فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقين: إثباتًا بلا تشبيه، وتنزيهًا بلا تعطيل، كما قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)}
(3)
فمعنى قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ردٌّ للتشبيه والتمثيل، وقوله {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ردٌّ للإلحاد والتعطيل"
(4)
.
(1)
سورة الأعراف، الآية:180.
(2)
سورة فصلت، الآية:40.
(3)
سورة الشورى، الآية:11.
(4)
الفتاوى (3/ 3).