الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب
(1)
.
الثاني: أن يخبره بما يطرأ ويكون في أقطار الأرض، وما يخفى مما قرب أو بعد، وهذا لا يبعد وجوده، ونفت هذا كله المعتزلة وبعض المتكلمين وأحالوه، ولا استحالة، ولا بعد في وجود مثل هذا، لكنهم بعد يكذبون والنهي عام في تصديقهم والسماع منهم.
الثالث: التخمين والحرز، وهذا يخلق الله فيه لبعض الناس شدة قوة، لكن الكذب في هذا الباب أغلب قال: ومن هذا الباب العرافة وصاحبها عراف، وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها، وقد يعتضد بعض أهل هذا الفن في ذلك بالزجر والطرق والنجوم وأسباب معتادة في ذلك، وهذا الفن هي العيافة -بالياء- وكلها ينطلق عليها اسم الكهانة"
(2)
.
تحريم الكهانة والنهي عن إتيان الكهان:
قد جاءت النصوص في تحريم الكهانة والنهي عن إتيان الكهان وتصديقهم، قال القرطبي: "سؤالهم عن غيب ليخبروا به حرام وما يأخذون على ذلك حرام، ولا خلاف فيه؛ لأنه حلوان الكاهن المنهي عنه. قال أبو عمر: ويجب على ولي الحسبة أن يقيمهم من الأسواق وينكر
(1)
وقال في موضع آخر مبينًا منع ذلك بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم: كانت الكهانة في الجاهلية في كثير من الناس شائعة فاشية وكان أهل الجاهلية يترافعون إلى الكهان في وقائعهم وأحكامهم
…
وإنما كان الكاهن يتمكن من التكهن بواسطة تابعة من الجن وذلك أنَّ الجني كان يسترق السمع فيخطف الكلمة من الملائكة فيخبر بها وليه فيتحدث بها ويزيد معها مئة كذبة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم أرسلت الشهب على الجن فلم يتمكنوا مما كانوا يتمكنون منه قبل ذلك فانقطعت الكهانة لئلا يجر ذلك إلى تغيير الشرع ولبس الحق بالباطل لكنها وإن كانت قد انقطعت فقد بقي في الوجود قوم يتشبهون بأولئك الكهان فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أتباعهم. المفهم (2/ 139).
(2)
المفهم (5/ 632).
عليهم أشد النكير، ولا يدع أحدًا يأتيهم لذلك، وإذا ظهر صدق بعضهم في بعض الأمور فليس ذلك بالذي يخرجهم عن الكهانة، فإن تلك الكلمة إما خطفة جني، أو موافقة قدر، ليغتر به بعض الجهال. ولقد انخدع كثير من المنتسبين للفقه والدين فجاؤوا إلى هؤلاء الكهنة والعرَّافين فبهرجوا عليهم بالمحال، واستخرجوا منهم الأموال، فحصلوا من أقوالهم على السراب والآل
(1)
، ومن أديانهم على الفساد والضلال"
(2)
.
وقال أيضًا: "نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن اتباعهم؛ لأنهم كذبة ممخرقون مبطلون ضالون مضلون، فيحرم إتيانهم والسماع منهم، وقد كثر هذا النوع في كثير من نساء الأندلس، وكثير من رجال غير الأندلس، فليحذر من الإتيان إليهم والسماع منهم"
(3)
.
وعند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرَّافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا"
(4)
. قال: "العرَّاف: هو الحازي والمنجم الذي يدعي الغيب، وهذا يدل على أن إتيان العرافين كبيرة، وظاهره أن صلاته في هذه الأربعين تحبط وتبطل"
(5)
.
وقل المازري: "نهاهم صلى الله عليه وسلم عن إتيان الكهان؛ لأنهم يجرهم ذلك إلى تغيير الشرائع ثم يلبسون عليهم"
(6)
.
(1)
الآل الباطل انظر: القاموس المحيط للفيروزآبادي ص (1243).
(2)
المفهم (5/ 633).
(3)
المفهم (2/ 140).
(4)
رواه مسلم في كتاب السلام باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان ح (2230)(14/ 478).
(5)
المفهم (5/ 635) وقد جاء الوعيد هنا بعد قبول الصلاة وجاء برواية أخرى بالتكفير وفيه تقييد الكفر بتصديقه فيكون من صدقة وقع عليه الكفر ومن سأله ولم يصدقه لم تقبل صلاته أربعين يومًا. انظر تيسير العزيز الحميد ص (409).
(6)
المعلم (1/ 275).