المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدفاع عن صحابة بأعيانهم: - آراء القرطبي والمازري الاعتقادية

[عبد الله بن محمد الرميان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمَة

- ‌خطة البحث:

- ‌الباب الأول المازري والقرطبي عصرهما وحياتهما

- ‌الفصل الأول المازري عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه وولادته:

- ‌المطلب الثاني: نشأته:

- ‌المطلب الثالث: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: جلوسه للتدريس:

- ‌المطلب الرابع: تلاميذه:

- ‌المطلب الخامس: مؤلفاته:

- ‌المطلب السادس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيا: عقيدته:

- ‌المطلب السابع: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للمازري:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهميته:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته ومنهج المازري فيه:

- ‌الفصل الثاني القرطبي عصره وحياته

- ‌المبحث الأول عصره

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌أولًا: الحال في الأندلس:

- ‌ثانيًا: الحال في مصر:

- ‌المطلب الثاني: الحالة العلمية:

- ‌2).* في مصر:

- ‌المبحث الثاني حياته الشخصية

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته

- ‌أولًا: مولده:

- ‌ثانيا: بيئته ونشأته:

- ‌المطلب الثالث: أسرته:

- ‌المطلب الرابع: وفاته:

- ‌المبحث الثالث حياته العلمية

- ‌المطلب الأول: طلبه للعلم ورحلاته فيه:

- ‌المطلب الثاني: شيوخه:

- ‌المطلب الثالث: تلاميذه:

- ‌المطلب الرابع: مؤلفاته:

- ‌المطلب الخامس: مذهبه الفقهي وعقيدته:

- ‌أولًا: مذهبه الفقهي:

- ‌ثانيًا: عقيدته:

- ‌المطلب السادس: علمه وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث الرابع التعريف بالكتاب وبيان أهميته

- ‌المطلب الأول: تسميته:

- ‌المطلب الثاني: نسبته للقرطبي:

- ‌المطلب الثالث: تأليفه:

- ‌المطلب الرابع: أهمية الكتاب:

- ‌المطلب الخامس: مميزاته:

- ‌المطلب السادس: منهج القرطبي فيه:

- ‌الباب الثاني الإيمان والتوحيد

- ‌الفصل الأول الإيمان وما يتعلق به من مسائل

- ‌المبحث الأول تعريف الإيمان لغة وشرعًا وحكم الاستثناء فيه

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: الاستثناء في الإيمان:

- ‌المبحث الثاني الإيمان والإسلام

- ‌المبحث الثالث الكبيرة وحكم مرتكبها

- ‌المطلب الأول: تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر:

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكبيرة وتحديدها:

- ‌المطلب الثالث: حكم مرتكب الكبيرة:

- ‌الفصل الثاني توحيد الربوبية

- ‌التمهيدعلم الكلام وموقف السلف منه

- ‌المبحث الأول أول واجب على المكلف والرد على المتكلمين

- ‌المبحث الثاني معنى توحيد الربوبية وأدلته

- ‌المطلب الأول: تعريف توحيد الربوبية لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف توحيد الربوبية شرعًا:

- ‌المطلب الثالث: أدلة توحيد الربوبية:

- ‌المبحث الثالث الإيمان بالقدر

- ‌المطلب الأول: تعريف القضاء والقدر لغة وشرعًا:

- ‌(أ) لغة:

- ‌(ب) تعريفه شرعًا:

- ‌المطلب الثاني: هل يقع في القدر تغيير وتبديل أو محو وإثبات

- ‌المطلب الثالث: القضاء والقدر وفعل الأسباب:

- ‌المطلب الرابع: الاحتجاج بالقدر على المعاصي:

- ‌المطلب الخامس: أفعال العباد:

- ‌المطلب السادس: الحكمة والتعليل في أفعال الله:

- ‌المطلب السابع: تكليف ما لا يطاق:

- ‌المطلب الثامن: معنى الظلم:

- ‌المطلب العاشر: التحسين والتقبيح:

- ‌الفصل الثالث توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول حقيقته ومكانته

- ‌المبحث الثاني العبادة وبعض أنواعها

- ‌المطلب الأول: تعريفها وشروط صحتها:

- ‌المطلب الثاني: بعض أنواع العبادة:

- ‌المبحث الثالث نواقض التوحيدي وقوادحه

- ‌المطلب الأول: الشرك:

- ‌أنواع الشرك:

- ‌من وسائل الشرك:

- ‌المطلب الثاني: الكفر:

- ‌تعريفه لغة وشرعًا:

- ‌أنواع الكفر:

- ‌المطلب الثالث: النفاق:

- ‌أنواع النفاق:

- ‌الحكم في المنافق:

- ‌المطلب الرابع: الفسق:

- ‌المطلب الخامس: الحلف بغير الله:

- ‌المطلب السادس: الطيرة:

- ‌المطلب السابع: التبرك:

- ‌التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التبرك بالصالحين:

- ‌المطلب الثامن: السحر:

- ‌حكم إنكار السحر:

- ‌حقيقة السحر وتأثيره:

- ‌موقف القرطبي والمازري مما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سحر:

- ‌حكم الساحر:

- ‌المطلب التاسع: النشرة:

- ‌المطلب العاشر:‌‌ الرقىوالتمائم:

- ‌ الرقى

- ‌التمائم:

- ‌المطلب الحادي عشر: التنجيم

- ‌المطلب الثاني عشر: الكهانة:

- ‌تعريف الكاهن:

- ‌استمداد الكهان:

- ‌تحريم الكهانة والنهي عن إتيان الكهان:

- ‌المطلب الثالث عشر: ما جاء في كراهية بعض الألفاظ:

- ‌أ - التسمي بملك الأملاك:

- ‌ب - كلمة (لو):

- ‌ج - القول للمملوك: عبدي، وللسيد: ربي:

- ‌المطلب الرابع عشر: نسبة الحوادث إلى الدهر:

- ‌المبحث الرابع البدع والموقف من الفرق المبتدعة

- ‌المطلب الأول: ما يعصم من البدع:

- ‌1 - الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة:

- ‌2 - ذم الكلام وتقديم العقل على الشرع

- ‌3 - سلوك منهج السلف:

- ‌المطلب الثاني:‌‌ تعريف البدعةوالموقف من المبتدعة:

- ‌ تعريف البدعة

- ‌الموقف من المبتدعة:

- ‌ التحذير من التشبه بالمبتدعة:

- ‌ جواز غيبتهم:

- ‌ هجرهم:

- ‌ ترك الصلاة عليهم:

- ‌المطلب الثالث: الكلام على بعض الفرق المبتدعة:

- ‌1 - الخوارج:

- ‌سبب التسمية:

- ‌ضلالتهم وعظم الابتلاء بهم:

- ‌سبب خروجهم:

- ‌ الحكم على الخوارج:

- ‌الرد عليهم:

- ‌2 - الصوفية:

- ‌أ - الكشف الصوفي:

- ‌ب - في تقديسهم للأولياء:

- ‌ج - في الوسوسة والغلو في الزهد:

- ‌د - في الوجد والسماع:

- ‌هـ - في جهلهم بمفهوم التوكل:

- ‌3 - المعتزلة:

- ‌4 - الشيعة:

- ‌حكم الشيعة:

- ‌الرد عليهم:

- ‌5 - القدرية:

- ‌6 - المرجئة:

- ‌7 - الأشاعرة:

- ‌الفصل الرابع توحيد الأسماء والصفات

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول منهجهما في أسماء الله تعالى

- ‌المطلب الأول: الاسم والمسمى:

- ‌المطلب الثاني: عدد أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثالث: معنى الإحصاء المذكور:

- ‌المطلب الرابع: طريق إثباتها:

- ‌المطلب الخامس: أقسامها:

- ‌المطلب السادس: اسم الله الأعظم:

- ‌المطلب السابع: شرح بعض أسماء الله تعالى:

- ‌المطلب الثامن: الأسماء المزدوجة:

- ‌المطلب التاسع: ما ليس من أسماء الله:

- ‌المبحث الثاني منهجهما في صفات الله تعالى

- ‌المطلب الأول: منهج السلف في الصفات:

- ‌المطلب الثاني: منهجهما في الصفات وموقفهما من ظواهر النصوص:

- ‌التفويض:

- ‌المطلب الثالث: الشبهات العقلية التي ردوا بها الصفات:

- ‌1 - التركيب:

- ‌2).2 -الجسم:

- ‌3 - حلول الحوادث والأعراض:

- ‌4 - الجهة والتحيز:

- ‌5 - الحد:

- ‌6 - لفظ الأعضاء والأركان والجوارح:

- ‌المطلب الرابع: رمي السلف بالتشبيه والتجسيم:

- ‌المطلب الخامس: منهجهما في سائر صفات الله تعالى:

- ‌صفة العلم:

- ‌صفة القدرة:

- ‌صفة الإرادة:

- ‌صفة الكلام:

- ‌الكلام النفسي:

- ‌قولهم كلام الله ليس بحرف ولا صوت:

- ‌صفتا السمع والبصر:

- ‌صفة العلو:

- ‌صفة العزة:

- ‌صفتا العظمة والكبرياء:

- ‌وصف الله تعالى بالصورة:

- ‌صفة الوجه:

- ‌صفة اليد:

- ‌إطلاق اليمين والشمال على يد الله تعالى:

- ‌صفة الأصابع:

- ‌صفة الرِّجْل والقَدَم:

- ‌صفة السَّاق:

- ‌صفة الاستواء:

- ‌صفة النزول:

- ‌صفتا الإتيان والمجيء:

- ‌صفة القرب والدنو:

- ‌صفة المعية:

- ‌صفتا الرضا والغضب:

- ‌صفة الفرح:

- ‌صفة الضحك:

- ‌صفة المحبة:

- ‌صفة الخلة:

- ‌صفة الغيرة:

- ‌صفة الاستحياء:

- ‌صفة الإعراض:

- ‌صفة السخرية والاستهزاء والمكر:

- ‌صفة الرحمة:

- ‌صفة الصبر:

- ‌صفة الكنف:

- ‌صفة العتب:

- ‌صفة الملل:

- ‌صفة النظر:

- ‌صفة الأذن "بمعنى الاستماع

- ‌نسبة استطابة الروائح إلى الله تعالى:

- ‌وصف الله تعالى بأنه شخص:

- ‌إطلاق لفظ "الذات" على الله تعالى:

- ‌إطلاق النفس على الله تعالى:

- ‌المبحث الثالث منهجهما في رؤية الله تعالى

- ‌رؤيته في الدنيا:

- ‌هل رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء:

- ‌رؤيته تعالى في الآخرة:

- ‌الرد على منكري الرؤية:

- ‌الباب الثالث النبوة والإمامة والصحابة

- ‌الفصل الأول النبوة

- ‌المبحث الأول تعريف النبوة والرسالة وبيان فضل الأنبياء

- ‌المطلب الأول: النبوة والرسالة والفرق بينهما:

- ‌المطلب الثاني: فضل الأنبياء ومكانتهم:

- ‌المطلب الثالث: المفاضلة بين الأنبياء:

- ‌المطلب الرابع: نبوة الخضر وحياته:

- ‌نبوته:

- ‌حياته:

- ‌المطلب الخامس: نبوة النساء:

- ‌المبحث الثاني دلائل النبوة

- ‌المطلب الأول: المعجزة والكرامة:

- ‌المطلب الثاني: معجزاته عليه الصلاة والسلام:

- ‌المبحث الثالث عصمة الأنبياء

- ‌المبحث الرابع خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس الإيمان بالملائكة والجن

- ‌المطلب الأول: الإيمان بالملائكة:

- ‌1 - تعريف الملائكة:

- ‌2 - الإيمان بالملائكة:

- ‌3 - صفاتهم:

- ‌4 - تفاضلهم:

- ‌5 - أعمالهم:

- ‌المطلب الثاني: الإيمان بالجن:

- ‌تعريفهم:

- ‌صفاتهم:

- ‌تكليفهم:

- ‌الفصل الثاني الإمامة

- ‌المبحث الأول حكم نصب الإمام وبما تنعقد به الإمامة

- ‌المبحث الثاني البيعة

- ‌المبحث الثالث شروط الإمام

- ‌1 - القرشية:

- ‌2 - الحرية:

- ‌المبحث الرابع واجبات الإمام وحقوقه

- ‌1).1 -واجبات الإمام:

- ‌3 - حقوق الإمام:

- ‌المبحث الخامس الموقف من الأئمة

- ‌الفصل الثالث الصحابة

- ‌المبحث الأول مكانة الصحابة وفضلهم

- ‌تفضيل الصحابة على من بعدهم:

- ‌المفاضلة بين الصحابة:

- ‌المبحث الثاني عدالتهم وعظم الطعن فيهم

- ‌المبحث الثالث الموقف مما وقع بينهم

- ‌الدفاع عن صحابة بأعيانهم:

- ‌الباب الرابع اليوم الآخر

- ‌الفصل الأول أشراط الساعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول تعريف أشراط الساعة وأقسامها

- ‌أولًا: تعريف أشراط الساعة:

- ‌ثانيا: أقسامها:

- ‌المبحث الثاني أشراط الساعة الصغرى

- ‌1 - بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - ظهور نار الحجاز:

- ‌3).3 -رفع العلم وظهور الجهل:

- ‌4 - أن تلد الأمة ربَّتها:

- ‌5 - التطاول في البنيان:

- ‌6 - عبادة الأوثان:

- ‌7 - حسر الفرات عن جبل من ذهب:

- ‌8 - عودة أرض العرب مروجًا وأنهارًا:

- ‌المبحث الثالث أشراط الساعة الكبرى

- ‌1 - المهدي:

- ‌2).2 -المسيح الدجال:

- ‌3 - نزول عيسى عليه السلام:

- ‌4).4 -يأجوج ومأجوج

- ‌أصلهم:

- ‌خروجهم من السد:

- ‌5 - الخسوفات الثلاثة:

- ‌6 - الدخان:

- ‌7 - طلوع الشمس من مغربها:

- ‌8 - الدابة:

- ‌9 - النار التي تحشر الناس:

- ‌الفصل الثاني فتنة القبر وعذابه ونعيمه

- ‌المبحث الأول الروح

- ‌مستقر الأرواح بعد مفارقة الأبدان:

- ‌المبحث الثاني فتنة القبر

- ‌المبحث الثالث عذاب القبر ونعيمه

- ‌المبحث الرابع سماع الموتى

- ‌الفصل الثالث البعث والنشور

- ‌المبحث الأول النفخ في الصور

- ‌عدد النفخات في الصور:

- ‌المبحث الثاني البعث والنشور

- ‌صفة البعث والنشور:

- ‌المبحث الثالث الحشر

- ‌أرض المحشر:

- ‌المبحث الرابع الميزان

- ‌ما الذي يوزن في الميزان:

- ‌المبحث الخامس الشفاعة

- ‌أنواع الشفاعة:

- ‌المبحث السادس الحوض

- ‌وجوب الإيمان به والرد على من أنكره:

- ‌موضع الحوض:

- ‌عظم الحوض ودفع دعوى الاضطراب في أحاديث تحديده:

- ‌من يَرِدُ الحوضَ ومن يُرَدُّ عنه:

- ‌المبحث السابع الصراط

- ‌المبحث الثامن ذبح الموت

- ‌الفصل الرابع الجنة والنار

- ‌خلق الجنة والنار:

- ‌خلود الجنة والنار:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاء

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌الرسائل العلمية والمجلات:

الفصل: ‌الدفاع عن صحابة بأعيانهم:

معهما من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين- لا يقتضي تكفير إحدى الطائفتين أو تفسيقها"

(1)

.

‌الدفاع عن صحابة بأعيانهم:

تبين لنا فيما سبق المنهج السوي والموقف المرضي مما وقع بين الصحابة رضي الله عنهم وذلك لئلا يطعن أحد في نزاهتهم أويشك في صدقهم، فهم صفوة هذه الأمة، وأعلامها، وقادتها، ونقلة ملتها، فالطعن فيهم أو في أحدهم من علامات أهل البدع، ومناهج أهل الأهواء، فنأخذ جميل أفعالهم، ونقتدي بها، وهو الكثير العام، ونغض الطرف عما وقعوا فيه من الأخطاء والذنوب التي وقعوا فيها بمقتضى البشرية، فغمرت هذه الزلات في بحر الإحسان والطاعات، قال ابن قدامة:"ومن السنه، تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبتهم وذكر محاسنهم والترحم عليهم والاستغفار لهم، والكف عن ذكر مساوئهم، وما شجر بينهم، واعتقاد فضلهم ومعرفة سابقتهم"

(2)

.

وقال أبو نعيم الأصبهاني: "فالواجب على المسلمين في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إظهار ما مدحهم الله تعالى به وشكرهم عليه من جميل أفعالهم وجميل سوابقهم، وأن يغضوا عما كان منهم في حال الغضب والإغفال وفرط منهم عند استزلال الشيطان إياهم

فإن الهفوة والزلل والغضب والإفراط لا يخلو منه أحد"

(3)

.

وهذا المنهج العسوي هو الذي سلكه القرطبي رحمه الله فدافع عن الصحابة عمومًا ونافح عن بعضهم على وجه الخصوص خصوصًا من

(1)

المعلم (2/ 26).

(2)

لمعة الاعتقاد ص (32).

(3)

الإمامة والرد على الرافضة ص (341، 342).

ص: 751

كان عرضة منهم لأهل البدع والأهواء.

ومن هؤلاء الذين دافع عنهم بأعيانهم:

1 -

علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

قال القرطبي في الاعتذار له عن تأخره في مبايعة الصديق رضي الله عنه: "لا يظن بعلي أنه خالف الناس في البيعة لكنه تأخر عن الناس لمانع منعه، وهو الموجدة التي وجدها حين استُبدَّ بمثل هذا الأمر العظيم، ولم يُنتظر مع أنه كان أحق الناس بحضوره وبمشورته، لكن العذر للمبايعين لأبي بكر على ذلك الاستعجال مخافة ثوران الفتنة بين المهاجرين والأنصار، كما هو معروف في حديث السقيفة، فسابقوا الفتنة، فلم يتأت لهم انتظاره لذلك، وقد جرى بينهم في هذا المجلس

(1)

من المحاورة والمكالمة والإنصاف ما يدل: على معرفة بعضهم بفضل بعض وأن قلوبهم متفقة على احترام بعضهم لبعض ومحبة بعضهم لبعض ما يَشْرَقُ به الرافضي اللعين وتُشْرِق به قلوب أهل الدين"

(2)

.

وقال في رده على الشيعة فيما نسبوه إلى علي رضي الله عنه من بغضٍ للشيخين وعداءٍ لهما، وحاشاه رضي الله عنه من ذلك: هذا الحديث

(3)

ردٌّ من علي رضي الله عنه على الشيعة فيما ينقولونه عليه من بغضه للشيخين ونسبته إياهما إلى الجور في الإمامة وأنهما غصباه، وهذا كله كذب وافتراء، عليُّ رضي الله عنه منه براء بل المعلوم من حاله معهما تعظيمه ومحبته لهما واعترافه بالفضل لهما عليه وعلى غيره

(1)

وهو ما أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة خيبر ح (4240، 4241)(7/ 564)، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا نورث ما تركنا فهو صدقة"ح 1758 (12/ 320).

(2)

المفهم (3/ 570).

(3)

وهو حديث ثناء علي على عمر رضي الله عنهما عند موته وقد سبق تخريجه ص (744).

ص: 752

وحديثه هذا ينص على هذا المعنى، وقد تقدم ثناء عليٍّ على أبي بكر رضي الله عنهما واعتذاره عن تخلفه عن بيعته وصحة مبايعته له، وانقياده له، مختارًا طائعًا سرًّا وجهرًا، وكذلك فعل مع عمر رضي الله عنهم أجمعين- وكل ذلك يكذب الشيعة والروافض في دعواهم لكن الهوي والتعصب أعماهم"

(1)

.

وكذلك رد على من نسب إلى عليٍّ رضي الله عنه الإعانة على قتل "عثمان رضي الله عنه أو التقصير في نصرته حيث قال: "بنو أمية

(2)

(1)

المفهم (6/ 252).

(2)

أرى القرطبي رحمه الله، تحامل على بني أمية وذمهم وقدح فيهم، وبالغ في ذلك ومما لا شك فيه أنهم مع ما لهم من المساوئ إلَّا أن لهم من المحامد: من نصرة الإسلام، ونشر دين الله في شتى البلاد ما لا يخفى، ولكن لقرب عهدهم بالخلافة الراشدة، بانت عيوبهم، وظهرت، كما أنَّ أكثر المصادر قد كتبت في عهد العباسيين فشحنت أكثرها بروايات مدسوسة للنيل من هؤلاء الخلفاء، والتشنيع عليهم. قال القرطبي في ذمهم بعدما ذكر فضائل آل البيت وحقوقهم: ومع ذلك فقد قابل بنو أمية عظم هذه الحقوق بالمخالفة والعقوق، فسفكوا من أهل البيت دماءهم وسبوا نساءهم وأسروا صغارهم، وخربوا ديارهم، وجحدوا شرفهم، وفضلهم، واستباحوا سبهم، ولعنهم، فخالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته، وقابلوه بنقيض مقصوده وأمنيته، فواخجلهم إذا وقفوا بين يديه، ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه. المفهم (6/ 304)، وانظر (6/ 310).

وقال أيضًا: "فيزيد -بن معاوية- واكثر ولاته ومن بعده من خلفاء بني أمية هم الذين يصدق عليهم أنهم "دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها" فإنهم لم يسيروا بالسواء ولا عدلوا في القضاء، يدل على ذلك تصفح أخبارهم، ومطالعة سيرهم، ولا يعترض على هذا بمدة خلافة عمر بن عبد العزيز بأنها كانت خلافة عدل لقصرها، وندورها في بني أمية، فقد كانت سنتين وخمسة أشهر، فكان هذا الحديث لم يتعرض لها، والله تعالى أعلم" المفهم (4/ 56).

قال شيخ الإسلام: "بنو مروان لم يقتلوا على الإطلاق أحدًا من بني هاشم لا آل علي ولا آل العباس، إلَّا زيد بن عليب المصلوب بكناسة الكوفة، وابنه يحيى ولا سبىَ أهل البيت أحد ولا سُبي منهم أحد انظر: الفتاوى (27/ 481).

ص: 753

كانوا يسبون عليًّا وينتقصونه وذلك كان منهم لما وقر في أنفسهم من أنه أعان على قتل عثمان، وأنه أسلمه لمن قتله، بناءً منهم على أنه كان بالمدينة، وأنه كان متمكنًا من نصرته، وكل ذلك ظن كذب، وتأويل باطل، غطَّى التعصب منه وجه الصواب، وقد قدمنا أن عليًّا رضي الله عنه أقسم بالله أنه ما قتله ولا مالا على قتله ولا رضيه، ولم يقل أحد من النقلة قط ولا سُمع من أحد أن عليًّا كان مع القتلة ولا أنه دخل معهم الدار عليه. وأما ترك نصرته فعثمان رضي الله عنه أسلم نفسه ومنع نصرته كما ذكرناه في بابه ومما تشبثوا به أنهم نسبوا عليًّا إلى ترك أخذ القصاص من قتلة عثمان، وإلى أنه منعهم منهم، وأنه قام دونهم، وكل ذلك أقوال كاذبة أنتجت ظنونًا غير صائبة ترتب عليها ذلك البلاء كما سبق به القضاء"

(1)

.

ووجه القرطبي ذم العباس لعلي رضي الله عنهما عندما شكاه إلى عمر بما يتناسب مع مكانة الصحابة رضي الله عنهم

(2)

.

2 -

معاوية رضي الله عنه:

تعرض معاوية رضي الله عنه لطعن الشيعة وذمهم، وليسوا ممن يؤخذ منهم، لكن ربما تأثر بقولهم بعض المنتسبين للسنة، فلم يحسنوا الظن بمعاوية رضي الله عنه قال القرطبي في الثناء على معاوية- رضي الله عنه والدفاع عنه فيما نسب إليه من لعن علي وذمه: "يبعد على معاوية أن يصرح بلعن علي وسبه، لما كان معاوية موصوفًا به من الفضل والدين،

= وقال أيضًا: ويزيد لم يأمر بقتل الحسين ولم يظهر الرضا به. منهاج السنة (8/ 141).

وقال: "وأعظم ما نقمه الناس على بني أمية شيئان أحدهما: تكلمهم في علي، والثاني: تأخير الصلاة عن وقتها" منهاج السنة (8/ 239).

(1)

المفهم (6/ 272).

(2)

انظر: المفهم (3/ 561).

ص: 754

والحلم وكرم الأخلاق، وما يروى عنه من ذلك، فأكثره كذب لا يصح

أما التصريح باللعن وركيك القول، مما اقتحمه جهال بني أمية وسفلتهم فحاش معاوية منه، ومن كان على مثل حاله من الصحبة والدين والفضل والعلم"

(1)

.

وكذلك المازردي دافع عن هذا الصحابي الجليل فقال: "معاوية من عدول الصحابة وأفاضلهم وما وقع من الحروب بينه وبين علي وما جرى بين الصحابة من الدماء فعلى التأويل والاجتهاد

(2)

.

3 -

عائشة رضي الله عنها:

نال عائشة رضي الله عنها ما نال غيرها من الصحابة الكرام رضي الله عنهم من الشيعة أهل الكذب والافتراء، عندما أولوا إتمامها في السفر على أنها كانت في سفر معصية، فقال القرطبي مدافعًا عنها: هذا باطل قطعًا فإنها كانت، اتقى لله وأخوف وأطوع من أن تخرج في سفر لا يرضاه الله تعالى، وهذا التأويل عليها من أكاذيب الشيعة المبتدعة وتشنيعاتهم عليها {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}

(3)

وإنما خرجت رضي الله عنها مجتهدة محتسبة في خروجها تريد أن تطفئ نار الفتنة ثم خرجت الأمور عن ضبطها وأقل درجاتها أن تكون ممن قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر"

(4)

"

(5)

.

(1)

المفهم (6/ 278). وانظر: (4/ 53).

(2)

المعلم (3/ 139).

(3)

سورة النور، الآية:16.

(4)

رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، ح 7352 (13/ 330)، ومسلم في كتاب الأقضية باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ ح 1716 (12/ 254).

(5)

المفهم (2/ 327).

ص: 755

4 -

فاطمة بنت قيس رضي الله عنها:

دافع القرطبي رحمه الله عن هذه الصحابية الجليلة ممن اتهمها بسلاطة اللسان، وإيذاء الجيران، حيث قال: "إنما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة أن تخرج من البيت الذي طلقت فيه لما ذكره مسلم في الرواية الأخرى من أنها خافت على نفسها من عورة منزلها، وفيه دليل على أن المعتدة تنتقل لأجل الضرورة وهذا أولى من قول من قال: إنها كانت لسنة تؤذي زوجها وأحماءها بلسانها، فإن هذه الصفة لا تليق بمن اختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبه وابن حبه

(1)

وتواردت رغبات الصحابة عليها حين انقضت عدتها، ولو كانت على مثل تلك الحال لكان ينبغي ألا يُرغب فيها ولا يُحرص عليها أيضًا: فلم يثبت بذلك نقل مسند صحيح

ويا للعجب كيف يجترئ ذو دين أن يقدم على غيبة مثل هذه الصحابية التي اختارها النبي صلى الله عليه وسلم لحبه ابن حبه لسبب خبر لم يثبت وأعجب من ذلك قول بعض المفسرين في قوله تعالى: {وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}

(2)

إنها نزلت في فاطمة لأنها كانت فيها بذاذة لسان وأذى للأحماء وهذا لم يثبت فيه نقل ولا يدل عليه نظر فذكر ذلك عنها ونسبته إليها غيبة أو بهتان

(3)

.

وقال أيضًا: ويغفر الله تعالى لسعيد بن المسيب ما وقع فيه حيث قال في هذه الصحابية المحتارة: تلك امرأة فتنت الناس إنها كانت لسنة فوضِعَت على يد ابن أم مكتوم وروى عنه أيضًا أنه قال: تلك امرأة استطالت على أحمائها فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتقل فلقد أفحش في القول

(1)

وهو أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما.

(2)

سورة الطلاق، الآية:1.

(3)

المفهم (4/ 269).

ص: 756

واغتابها ولابد لها معه من موقف بين يدي الله تعالى

(1)

.

وقد دافع أيضًا عن كثير من الصحابة رضي الله عنهم مما قد ينسب إليهم أو يفهم خطأ عنهم مما لا يليق بهم ولا يتناسب مع مكانتهم: كأبي بكر

(2)

وسعيد بن زيد

(3)

، وأبي هريرة

(4)

، وغيرهم

(5)

رضي الله عنهم.

(1)

المفهم (4/ 278).

(2)

انظر: المفهم (6/ 254).

(3)

انظر: المفهم (4/ 536).

(4)

انظر: المفهم (4/ 379، 450).

(5)

انظر: المفهم (7/ 379).

ص: 757