الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من يَرِدُ الحوضَ ومن يُرَدُّ عنه:
قال صلى الله عليه وسلم: "إني لبعُقْرِ حوضي أذود الناس لأهل اليمن"
(1)
قال القرطبي في شرح هذا الحديث: "يعني السابقين من أهل اليمن الذين نصره الله بهم في حياته وأظهر الدين بهم بعد وفاته، وقد تقدم أن المدينة من اليمن، وأنهم أحق بهذا الإكرام من غيرهم، لما ثبت لهم من النُّصرة والأثرة، ولذلك قال للأنصار: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض"
(2)
وأذود: أدفع، فكأنه يطرِّق لهم مبالغة في إكرامهم حتى يكونوا أول شارب كما يفعل بفقراء المهاجرين إذ ينطلق بهم إلى الجنة، فيدخلهم إلى الجنة قبل الناس كلهم"
(3)
.
وقد جاء في حديث آخر: دفع أناس عنه، حيث قال صلى الله عليه وسلم:"ألا ليُذَادنَّ رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم: ألا هَلُمَّ ألا هلُمَّ فيقال: إنهم قد بدَّلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا"
(4)
، قال القرطبي: "اختلف العلماء في تأويله فالذي صار إليه الباجي
(5)
وغيره وهو الأشبه
= الجمع بين هذه الألفاظ فقال في توجيه هذا الاختلاف: "وإذا تقرر ذلك رجع جميع المختلف إلى أنه لاختلاف السير البطيء والسريع" فتح الباري (11/ 480).
(1)
رواه مسلم في كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصفاته ح 2301 (15/ 68).
(2)
رواه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب قول النبي عليه السلام للأنصار:"اصبروا حتى تلقوني على الحوض" ح 3792 (7/ 146)، ومسلم في كتاب الزكاة باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام ح 1059 (7/ 157).
(3)
المفهم (6/ 96).
(4)
رواه مسلم في كتاب الطهارة باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء ح 249 (3/ 140).
(5)
أبو الوليد سليمان بن خلف التجيبي القرطبي الشهير بالباجي رحل كثيرًا في طلب العلم حتى برز له تصانيف كثيرة مشهورة توفي سنة (474 هـ). سير أعلام النبلاء (18/ 535)، الديباج =
بمساق الأحاديث، أن هؤلاء الذين يقال لهم هذا القول ناس نافقوا وارتدوا من الصحابة وغيرهم فيحشرون في أمة النبي صلى الله عليه وسلم
…
وعليهم سيماء هذه الأمة من الغرة والتحجيل، فإذا رآهم النبي صلى الله عليه وسلم عرفهم بالسيماء، ومن كان من أصحابه بأعيانهم فيناديهم؛ "ألا هلم" فإذا انطلقوا نحوه حيل بينهم ودينه وأُخذ بهم ذات الشمال، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم:"يارب أمتي ومن أمتي" وفي لفظ آخر: "أصحابي" فيقال له إذ ذاك: "إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، وإنهم لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم" فإذ ذاك تذهب عنهم الغرة والتحجيل ويطفأ نورهم فيبقون في الظلمات فينقطع بهم عن الورود وعن جواز الصراط، فحينئذ يقولون للمؤمنين:{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} فيقال لهم: {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا}
(1)
مكرًا وتنكيلًا ليتحققوا مقدار ما فاتهم فيعظم أسفهم وحسرتهم أعاذنا الله من أحوال المنافقين، وألحقنا بعباده المخلصين، وقال الداودي وغيره: يحتمل أن يكون هذا في أهل الكبائر والبدع الذين لم يخرجوا عن الإيمان ببدعتهم، وبعد ذلك يتلافاهم الله برحمته ويشفع لهم النبي صلى الله عليه وسلم قال القاضي عياض: والأول أظهر"
(2)
.
= المذهب ص (197).
(1)
سورة الحديد، الآية:13.
(2)
المفهم (1/ 504، 505).