الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفسها المسميات، فإذا قال الإنسان: نار أحرقت لسانه، إذ لو اقتصروا على أن الاسم مراد به المسمى لكان ذلك هو الحق. وكذلك من قال: الاسم غير المسمى فيكون اسم الشيء مباينًا له، وهذا باطل، فالخالق سبحانه أسماؤه من كلامه، وليس كلامه بائنًا عنه"
(1)
.
المطلب الثاني: عدد أسماء الله تعالى:
قال صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعةً وتسعين اسمًا، من حَفِظَهَا دخل الجنة، واللهُ وتر يحب الوتر"
(2)
.
وقد اختلف العلماء في هذا العدد المذكور، هل المراد به الحصر، بحيث إن أسماء الله لا تزيد على هذا العدد أم إنها أكثر من ذلك، لكن اختصت هذه بأن من أحصاها دخل الجنة؟
ذهب جمهور العلماء إلى أن هذا العدد لا يُفيد الحصر، إذ أسماؤه تعالى لا تحد بعدد قلة سبحانه أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها أحد كما قال صلى الله عليه وسلم:"أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك"
(3)
. قال ابن كثير: "الأسماء الحسنى غير منحصرة في تسعة وتسعين"
(4)
، وقال ابن القيم: "الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد، فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم
(1)
انظر: الفتاوى لابن تيمية (6/ 207) وبدائع الفوائد لابن القيم (1/ 22).
(2)
رواه البخاري في كتاب التوحيد، باب إنَّ لله مائة اسم إلَّا واحدة ح (7392)(13/ 389).
ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب في أسماء الله تعالى: ح (2677)(7/ 17).
(3)
أخرجه أحمد في مسنده (1/ 391) وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 383) حديث (199).
(4)
تفسير ابن كثير (2/ 258).
الغيب عنده، فلا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل"
(1)
، وقال النووي: "اتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى
…
فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء"
(2)
.
والقرطبي وافق جمهور العلماء فيما ذهبوا إليه من عدم حصر أسماء الله تعالى بهذا العدد ولا بغيره، حيث قال عند شرحه للحديث السابق:"ليس المقصود حصر الأسماء فيما ذكر وهذا كقول القائل: لزيد مائة دينار أعدَّها للصدقة، لا يفهم من هذا: أنه ليس له مال غير المائة دينار، وإنما يُفهم أن هذه المائة هي التي أعدها للصدقة لا غيرها، وقد دلَّ على أن لله أسماء أُخر ما قدمناه من قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك بكل اسم سميت به نفسك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك"
(3)
، وقوله:"فأحمده بمحامد لا أقدر عليها إلَّا أن يلهمنيها الله"
(4)
"
(5)
.
قال ابن القيم: "وتلك المحامد تفي بأسمائه وصفاته"
(6)
.
وقال ابن تيمية: "والصواب الذي عليه جمهور العلماء أن قول النبي صلى الله عليه وسلم-في الحديث السابق- معناه أن من أحصى التسعة والتسعين من أسمائه دخل الجنة، وليس مراده أنه ليس له إلَّا تسعة وتسعون اسمًا"
(7)
.
(1)
بدائع الفوائد (1/ 174).
(2)
شرح النووي لصحيح مسلم (17/ 8).
(3)
سبق تخريجه ص (404).
(4)
رواه البخاري في كتاب التفسير، باب "رؤية ممن حملنا مع نوح " ح (4712)(8/ 247).
ومسلم في كتاب الإيمان باب أدنى أهل الجنة منزلة ح (194)(3/ 66).
(5)
المفهم (7/ 16).
(6)
بدائع الفوائد (1/ 176).
(7)
درء تعارض العقل والنقل (3/ 332).