الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصلحه وقام عليه، ثم إنه يقال على السيد والمالك"
(1)
.
المطلب الثاني: تعريف توحيد الربوبية شرعًا:
هو الإقرار بأن الله تعالى رب كل شيء ومالكه، وخالقه، ورازقه، وأنه المحيي والمميت، النافع الضار، المتفرد بإجابة الدعاء عند الاضطرار الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، القادر على ما يشاء ليس له في ذلك شريك، ويدخل في ذلك الإيمان بالقدر
(2)
.
قال ابن القيم: "فهو رب كل شيء وخالقه، والقادر عليه، لا يخرج شيء عن ربوبيته، وكل من في السموات والأرض عبدٌ له في قبضته، وتحت قهره"
(3)
.
وهذا هو الذي قرره القرطبي رحمه الله وأشار إليه في أكثر من موضع حيث قال: "إن الله تعالى يفعل ما يريد ويحكم في خلقه بما يشاء فلا مدخل لعقولنا في أفعاله، ولا معارضة لأحكامه، بل يجب علينا الرضا والتسليم، فإن إدراك العقل لأسرار أحكام الربوبية قاصر سقيم"
(4)
.
وقال أيضًا: "الإيمان بالله هو التصديق بوجوده تعالى، وأنه لا يجوز عليه العدم، وأنه تعالى موصوفٌ بصفات الجلال والكمال
…
وأنه واحد، صمد، فرد، خالق جميع المخلوقات، متصرف فيها بما يشاء من التصرفات، يفعل في ملكه ما يريد، ويحكم في خلقه ما يشاء"
(5)
.
(1)
المفهم (42/ 7).
(2)
تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ ص (33).
(3)
مدارج السالكين (1/ 34).
(4)
المفهم (6/ 216).
(5)
المفهم (1/ 144).
وهذا التوحيد هو أساس أنواع التوحيد الأخرى؛ لأن الخالق المالك الرازق المدبر هو المستحق للعبادة والخضوع، وهو المستحق لأوصاف الجلال والكمال.
وقد زعم أهل الكلام ومن وافقهم أن هذا التوحيد هو الذي جاءت به الرسل، وأُنزلت لأجله الكتب، فأطالوا في إثباته، وتوسعوا في تقريره.
قال شارح الطحاوية في تعريفه لتوحيد الربوبية: "الإقرار بأنه خالق كل شيء، وأنه ليس للعالم صانعان متكافئان في الصفات والأفعال، وهذا التوحيد حق لا ريب فيه، وهو الغاية عند كثير من أهل النظر والكلام، وطائفة من الصوفية، وهذا التوحيد لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة من بني آدم، بل القلوب مفطورة على الإقرار به أعظم من كونها مفطورة على الإقرار بغيره من الموجودات"
(1)
.
ولا شك أن التوحيد الذي جاءت بالدعوة إليه الرسل هو توحيد العبادة، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}
(2)
.
وهو الذي أنكره كفار قريش، فما نفعهم إيمانهم بتوحيد الربوبية -مع كفرهم بتوحيد الألوهية- كما قال تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ
(1)
شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (1/ 25).
(2)
سورة النحل، الآية:36.