الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: مميزاته ومنهج المازري فيه:
قد سبق بيان أن المازري لم يقصد تأليف هذا الكتاب، إنما كان من إملائه لتلاميذه، ولا شك أن ما يلقى على الطلاب في الدرس يختلف عن التأليف من وجوه كثيرة لا تخفى.
ومع أن المعلم على طريقة الإملاء في الدروس إلَّا أنه تميز بميزات واختص بفرائد لم تكن لغيره من الشروح، لغزارة علم مؤلفه، وذكائه، ودقة استنباطه.
ومن خلال النقاط التالية يتبين ميزات هذا الكتاب، ومنهج المازري فيه:
• الكتاب لا يعتبر شرحًا لصحيح مسلم بمعنى استيعابه لجميع أحاديث الصحيح، وشرحه لها شرحًا وافيًا.
إنما هو تعليق على بعض الأحاديث وعادة ما يكتفى بالتعليق على حديث أو حديثين في الباب، ولا يكون التعليق أيضًا عبارة عن شرح لهذا الحديث الذي اختاره، إنما يذكر من الحديث الجزء الذي يكون عليه التعليق.
• لم يلتزم المازري بترتيب الأحاديث في تعليقه حسب ما هو في صحيح مسلم، بل يقدم ويؤخر في ذلك
(1)
.
قال القاضي عياض: وكان في المعلم تقديم وتأخير عن ترتيب كتاب مسلم
(2)
.
• إذا ذكر الحديث أو جزءًا منه لا يذكر في الغالب جميع الفوائد المتعلقة
(1)
انظر أمثلة لذلك في: المعلم (1/ 132)، والحديث بإفريقية (2/ 562).
(2)
إكمال المعلم (1/ 73).
به، إنما يقتصر على إيضاح غامض، أو استنباط فائدة، أو تعليق يسير، أو تفسير لغريب، وقد يتوسع أحيانًا عند مناقشته لمسألة، أو انتصاره لقول.
• لم يتعرض المازري لمقدمة صحيح مسلم بالشرح، إنما علَّق على ثمانية مواضع فقط من المقدمة بالاختصار الذي عرف به المعلم
(1)
.
• اهتم المازري بإيراد الألفاظ المختلفة لروايات صحيح مسلم سواء بالسند أو المتن
(2)
.
- كما اهتم المعلم بالمسائل العقدية والأصولية والفقهية- كما تبين سابقًا-، اهتم أيضًا بالحديث وعلومه، وفي الكتاب تعليقات نفيسة في هذا الباب
(3)
.
واهتم كذلك بالمباحث اللغوية اهتمامًا واضحًا بحيث لا يخلو تعليق على حديث من فوائد لغوية نافعة
(4)
.
- تميز الكتاب بالنقل عن مصادر ضاع بعضها، فلم يصل إلينا، ولذا يعتبر هذا توثيقًا لها، وحفظًا لما نقل منها
(5)
.
(1)
انظر: المعلم (1/ 182).
(2)
انظر على سبيل المثال: المعلم (1/ 186، 187، 193، 301) وهي كثيرة.
(3)
انظر على سبيل المثال: المعلم (1/ 182، 183، 184، 185).
(4)
انظر على سبيل المثال: المعلم (1/ 183، 186، 189، 214) وهي كثيرة جدًّا تكاد تكون في كل صفحة من المعلم وأحيانًا يستروح ويطيل في ذلك بحيث يذكر فوائد لغوية لا تتعلق بشرح الحديث، ولكن وردت للمناسبة كما قال عند تعليقه على قول ورقة بن نوفل للرسول عليه الصلاة والسلام عن جبريل "هذا الناموس": قال المطرز قال ابن الأعرابي لم يأت في الكلام فاعول لام الفعل سين إلَّا الناموس والجاسوس والجاروس والفاعوس والبابوس والداموس والقاموس والقابوس والعاطوس والفانوس والجاموس. فالناموس: صاحب سر الخير. والجاسوس: صاحب سر الشر، والجاروس: الكثير الأكل، والقاعوس: الحية. والبابوس: الصبي الرضيع. المعلم (1/ 218).
(5)
المقدمة تحقيق إكمال المعلم (1/ 39).
- تميز بتتبعه لميلاد كثير من أقوال مالك في الحديث والمسألة من قبل أن تكون مذهبًا، ويشير إلى وقت ميلادها مما يجعل منه ثروة في تقييم المذهب
(1)
.
على أن المُعلم مهما وجد فيه من قصور، أو خلل، أو نقص، فيشفع له أنه لم يعد أصلًا، ويوضع كتأليف يعد له بحيث تجمع له المراجع، وتحرر فيه الأقوال، وتُراجع فيه المسائل وتدقق.
وكذلك لم يكن شرحًا لصحيح مسلم، إنما تعليق على بعض أحاديث الصحيح، وإذا ظهرت هذه الصورة لم يعتمد عليه كشرح لصحيح مسلم، وقد اعتذر القاضي عياض عن المازري فيما يُوردُ على كتابه من نقد حيث قال:"والعذر بيِّن فإن كتاب "المُعْلم" لم يكن تأليفًا استجمع له مؤلفه، وإنما هو تعليق ما تضبطه الطلبة من مجالسه وتتلقفه وكدات الألباء"
(2)
.
(1)
المرجع السابق.
(2)
المرجع السابق (1/ 72).