الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أصناف الكتب ما فاق به من قبله، قال المراكشي:"ولم يزل -يعني يوسف بن عبد المؤمن- يجمع الكتب من أقطار الأندلس والمغرب، ويبحث عن العلماء، وخاصة أهل النظر، إلى أن اجتمع له منهم ما لم يجتمع لملك قبله ممن ملك المغرب"
(1)
.
ولذا أصبحت الأندلس من أعظم بلاد المسلمين في الحركة العلمية، مما جعل العلماء وطلبة العلم يقصدونها لهذا الغرض، خصوصًا قرطبة، وهي بلد القرطبي التي تميزت بذلك، واشتهرت فصارت مدينة العلم في بلاد الأندلس، قال المقري عنها:"هي أكثر بلاد الأندلس كتبًا، وأشد الناس اعتناءً بخزائن الكتب" (
2).
* في مصر:
وإذا نظرنا إلى مصر، حيث قضى فيها أبو العباس بقية عمره، رأيناها قد ازدهرت بالعلم، واكتظت بالعلماء، فالنكبات التي توالت على بلاد المسلمين جعلت عددًا كبيرًا من العلماء يرحلون إليها، ويستقرون فيها، منهم أبو العباس القرطبي، وتلميذه القرطبي المفسر، وابن مالك النحوي
(3)
وغيرهم. خصوصًا بعد سقوط عامة بلاد الأندلس في يد النصارى، وسقوط غالب بلاد المسلمين في يد التتار، وبهذا انتقل النشاط العلمي من المشرق والمغرب إلى مصر.
(1)
المعجب ص (311).
(2)
نفح الطيب (1/ 462).
(3)
جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الأندلسي، نحوي أديب، مقرئ، رحل من الأندلس إلى المشرق، من آثاره "الألفية في النحو"، "مختصرات الشاطبية"، توفي بدمشق سنة (672 هـ). البداية والنهاية (13/ 283)، . إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين عبد الباقي اليماني ص (320).
إضافة إلى حرص العلماء على تعويض الخسارة العلمية التي لحقت بالأمة الإسلامية من آثار غزو التتار لبلاد الإسلام وإتلافهم لنتاجهم العلمي. فانتشرت المدارس في عهد الأيوبين وبعدهم، قال ابن خلكان:"ولما ملك السلطان صلاح الدين الديار المصرية لم يكن بها شيء غير المدارس"
(1)
.
فبلغت المدارس في القاهرة وحدها سنة (600 هـ) ثلاث عشرة مدرسة، ثم تضاعف هذا العدد في زمن المماليك
(2)
.
إضافة إلى كثرة المكتبات الزاخرة بأمهات الكتب في شتى فنون المعرفة، ولا غرابة في ذلك إذا كان الحكام يشجعون على العلم، ويهتمون بنشره، وتقريب أهله.
قال المقريزي
(3)
عن الملك الكامل: "وكان يحب أهل العلم، ويؤثر مجالستهم، وشغف بسماع الحديث النبوي
…
وكان يناظر العلماء، وعنده مسائل غريبة من فقه ونحو يمتحن بها، فمن أجاب قدَّمه وحظي عنده"
(4)
.
وبالجملة فالحالة العلمية في هذا العصر تميزت بالازدهار والنشاط وكثرة المكتبات ودور العلم.
وأعظم ما يدل على هذه الحركة العلمية كثرة العلماء الأعلام في
(1)
وفيات الأعيان (7/ 206).
(2)
القاهرة وتاريخها وآثارها، د. عبد الرحمن زكي، ص (73).
(3)
أحمد بن علي بن عبد القادر المصري، المشهور بابن المقريزي، مؤرخ محدث، فقيه، حنفي، له مؤلفات كثيرة، منها:"الخبر عن البشر"، "كتاب النقود" توفي بالقاهرة سنة (845 هـ). الضوء اللامع (2/ 21)، شذرات الذهب (9/ 370).
(4)
السلوك لمعرفة دول الملوك (1/ 258).
هذا العصر، سواء في المشرق أو المغرب، وغزارة نتاجهم العلمي الذي حُفِظ لنا، فمنهم:
ابن الجوزي
(1)
توفي سنة (597 هـ)، والفخر الرازي
(2)
توفي سنة (606 هـ)، وابن قدامة المقدسي
(3)
توفي سنة (620 هـ)، وابن الأثير الجزري توفي سنة (630 هـ)، وابن الصلاح توفي سنة (643 هـ)، والمنذري توفي سنة (656 هـ)، والعز بن عبد السلام
(4)
، توفي سنة (660 هـ)، وابن مالك النحوي توفي سنة (672 هـ)، والقرطبى المفسر توفي سنة (672 هـ)، والنووي توفي سنة (676 هـ) وغيرهم.
(1)
عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي البغدادي، الحنبلي، أبو الفرج بن الجوزي، الإمام، الحافظ، الواعظ، صاحب التصانيف الكثيرة، من آثاره:"زاد المسير في علم التفسير"، "تلبيس إبليس"، "منهاج القاصدين"، توفي سنة (597 هـ) .. سير أعلام النبلاء (21/ 365)، طبقات الحفاظ ص (502)، ترجمة (1065).
(2)
محمد بن عمر بن الحسن البكري الطبرستاني الرازي الشافعي المشهور بالفخر الرازي، مفسر متكلم، أصولي من أئمة الأشاعرة الذين تأثروا بالفلسفة والاعتزال، قيل: إنه رجع في آخر حياته إلى مذهب السلف. من آثاره "شرح الأسماء الحسنى"، "أسرار التنزيل وأنوار التأويل"، توفي سنة (606 هـ). طبقات المفسرين للداوودي (1/ 215)، والبداية والنهاية (13/ 60).
(3)
عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الدمشقي الحنبلي، فقيه، مجتهد من أعيان الحنابلة، من مصنفاته "المفتي" في الفقه الحنبلي، "البرهان في علوم القرآن"، توفي بدمشق سنة (620 هـ). سير أعلام النبلاء (22/ 165)، البداية والنهاية (13/ 107).
(4)
عبد العزيز بن عبد السلام بن القاسم السلمي الدمشقي، الشافعي، الشهير بالعز بن عبد السلام، شيخ الشافعية في عصره، المجاهد، الصدَّاع بالحق، من آثاره:"التفسير"، "القواعد الكبرى والصغرى"، توفي في مصر سنة (660 هـ)، البداية والنهاية (13/ 249)، الأعلام (4/ 21).